وائل قنديل: الانقلاب يحرق مصر من أجل هذا العشوائي
13/05/2016
قال الكاتب الصحفي وائل قنديل: إنه ليس صحيحا أن الانقلابي عبد
الفتاح السيسي يرفض العشوائيات، أو يعتبرها مظهرا لا يليق بمصر، في الوقت
الذي يعتبره الكثير حاكما عشوائيا يقود سلطة عشوائية، يريد شعبه كله من
العشوائيين.وأضاف قنديل- خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الجمعة- أنه طبقا لتعريف العشوائية بأنها المناطق التي أقيمت بالمخالفة للقوانين واللوائح المنظمة للتخطيط والبناء، وغير متوفر فيها الخدمات المطلوبة، فنجد أن كل ما سبق ينطبق حرفيا على عبد الفتاح السيسي ونظامه، فقد أقيمت سلطته بالمخالفة للقوانين، بكل معاني المخالفة، وتأسست على أرضٍ ليست أرضه، بل استولى عليها بقوة السلاح وبطش البلطجة، ولكي يبني فوقها ارتكب مجموعة من الجرائم، شملت القتل والحرق والإبادة والتعذيب، ومصادرة الممتلكات والحريات.
وأكد أن السيسي هدم بناء ديمقراطيا سليما من الناحية القانونية والإجرائية، وبنى فوق أنقاضه هذه السلطة القبيحة الشائهة، بمساعدة الغير وتمويله، مؤكدا أن كل ما يفعله السيسي عشوائي، يشيد قصورا من الوهم، ويحفر قنوات من الأكاذيب، يتحدّث عن القوة، وهو يتسوّل بضعفه وهشاشته، ويردّد كلاما عن التنمية، وهو يهدم ما تبقى من ملامح دولة، وصفها هو شخصيا بأنها "شبه دولة".
وأشار إلى أن "العشوائية تضرب بجذورها في مجال حركته السياسية، فلا مبادئ مستقرّة، ولا قيم محترمة تحكم حركته، هو مع "أهل الأرز" ما دام متدفقا، وضدهم إذا توقف الضخ، مع السعودية وضدّها، ومع إيران وضدّها، يومئ لأتباعه بمهاجمة أمريكا التي ترتعد خوفا من قوته، ثم فجأةً يدلي بأحاديث يعلن فيها أنه لا يستطيع البعد عن واشنطن، حتى لو أعطته واشنطن ظهرها، غير أنه وللإنصاف، لديه ثابت وحيد لا يحيد عنه، هو الحفاظ على الرضا الصهيوني، وكأن شعاره بات "ماذا يفيد الجنرال إذا كسب العالم وخسر إسرائيل؟".
وقال قنديل: إن دبلوماسيته تكذب كما تتنفس، وليس آخر هذه الأكاذيب وقوف وزير خارجيته أمام الصحافة الأمريكية ليردّد روايةً مغلوطةً ومزيفةً عن اقتحام نقابة الصحفيين، واختطاف اثنين من محرّريها المعتصمين، غير أنهم لا يكذبون بحرفية جوبلز والآلة النازية، وإنما هم عشوائيون في أكاذيبهم أيضا، قائلا: "إنه يتحرك بعقلية الديليفري، حيث التوصيل لمن يطلب، ومن يدفع، والمواقف طازجة وساخنة، يوما بيوم، إذ تمارس السياسة بالقطعة، كما يفعل عمال الأجرة اليومية، فالبوصلة هي إيراد آخر النهار، لا فرق بين العمل في بناء دار عبادة، أو طلاء دار مناسبات، أو بيتٍ للتجميل، أو بيت لأي شيء آخر".
وأضاف أن استماتتهم في محاولة تقنين أوضاعهم العشوائية تدفعهم إلى إشعال الحرائق في كل ما هو أصيل وشرعي، ولأنه يعاني مشكلةً مع ماضٍ قريبٍ ملوثٍ بالدماء وانعدام القيمة وضآلة القامة، في وطنٍ هيمن عليه، بأساليب إجرامية، فقد قرّر أن ينسف الماضي بكل ما فيه، ويفتتح وطنا جديدا، بعاصمةٍ جديدة، يحمل اسمه، ويحرق تاريخه، ويبدأ العالم من اللحظة التي حكم فيها، موضحا أنه ليس غريبا، إذن، أن تتكشف الحقائق عن أنه كان وراء حرق المجمع العلمي، بوثائقه التاريخية وخرائطه الجغرافية، كما يحرقون غرفة التخطيط في مبنى محافظة القاهرة التي تحوي تاريخ مصر والعاصمة بالكامل، قائلا: "إنهم يحرقون التاريخ ويحرقون الجغرافيا، كي لا يبقى هنالك فرق بين العشوائي والحقيقي، ليصير العشوائي لاحقا هو السيد".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق