الثلاثاء، 24 مايو 2016

الهجوم على "الإعلام".. حشو خطابات "السيسي"



 الهجوم على "الإعلام".. حشو خطابات "السيسي"


24/05/2016
لم يفاجئنا "السيسي" في خطابه، اليوم، وهو يهاجم الإعلام المصري، معبرا عن امتعاضه من مانشيت "منورة يا حكومة"، متهما الإعلام بصناعة أزمة الطالب الإيطالي، كما هاجمه من قبل في تغطيته لغرق مدينة الإسكندرية، وأزمة السجادة الحمراء، ومنعه من تناول أزمة تيران وصنافير، وحظر النشر في قضية عمرو بدر ومحمود السقا، وطالبه بإبراز إنجازات الدولة.

فعلى الرغم من أن الإعلام منذ "انقلاب 3 يوليو" يتجاهل تماما نقل غضب الشارع ويقلل منه ويحاصره ويفتته ويزرع الشقاق بين لبناته، إما بدافع الخوف من بطش النظام أو العمل لمصلحته، إلا أن السيسي ما ينفك مدافعا عن هذا النوع من الإعلام، ولا يخفي غيظه وتربصه من أي عنوان ينتقده ولو تلميحا.

حشو مجالس

كان آخر تعليق للرئيس على أداء الإعلام، خلال فعاليات افتتاح توسعات مصنع "موبكو" للبتروكيماويات اليوم في دمياط، عندما قاطع "السيسي" المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، خلال استعراض إستراتيجية القطاع في إطار برنامج الحكومة، وما تم إنجازه خلال العامين الماضيين، موجهًا رسالة للإعلام: "إحنا بنقدم نفسنا للعالم إزاي والإعلام بيقدم الوضع في مصر إزاي"، مضيفا "المشروعات دي ما ينفعش تتناقش في جورنال.. أو أمام ميكروفون.. دي دولة.

"شيزوفرنيا التعريض"


وكما يفسر النفسيون تعليقات السيسي على الإعلام، فإن الطبيب النفسي للسيسي د. أحمد عكاشة يرى أن الأنانية العدوانية وراء عدم إظهار إنجازات السيسي في الإعلام!.

ويؤكد- في حوار تلفزيوني مع برنامج "الحياة اليوم"- بأن "إنجازات السيسي والمشروعات الضخمة التي حققها لا تأخذ حقها في الإعلام.

ومن زواية واحدة، ينطلق مؤنس زهيري، الصحفي والكاتب بصحيفتي "الوطن" وبوابة "روز اليوسف"، مؤيدا لـ"عكاشة" النفسيين، فقال: "السيسي" يقول لوزير البترول قول علشان الإعلام يعرف، لم أعهد رئيسا لدولة يعاني من الإعلام كما يعاني ذلك المقاتل، نحن أمام رئيس إعلامه يعمل ضده".

وقبل ساعتين فقط، يستعرض عبد الرحيم علي، رئيس تحرير موقع "البوابة نيوز"، المنحاز للانقلاب، رؤية السيسي المخالفة لحديث طبيبه النفسي، فيقول "علي": السيسي يُحيي المصريين على صلابتهم في الأزمات، ويؤكد: الإعلام صوت مصر أمام العالم، وأهل الشر يحاولون العبث في عقول المصريين".

خوف واصطفاف

هجوم "السيسي" المستمر على الإعلام لم يرض بعض أذرعه الإعلامية أو الذين كانوا من مؤيديه، فالروائي علاء الأسواني قال، في تغريدة عبر حسابه الشخصي على تويتر: إن "تعامل السيسي مع وسائل الإعلام وانزعاجه الشديد من توجيه عبارات انتقاد له أمر عجيب جدًّا.

وأضاف "السيسي يغضب عندما يوجه الإعلام له أقل نقد لكنه لا ينزعج عندما يشتم هذا الإعلام المعارضين له ويخونهم"، مضيفا أن "حرية الإعلام عند الجنرال تساوي حرية المديح".

وترى المذيعة عزة الحناوي، الموقوفة والمحولة للتحقيق بسبب تعليقات من نحو ذلك: "السيسي" يخاف من الإعلام ويأمر بعدم انتقاد الحكومة في ماسبيرو". ومن نفس المطبخ يرى جابر القرموطي- تعليقا على انتقاد عبد الفتاح السيسي للإعلام- أنه "ممكن معاك حق في أداء الإعلام، ولكني قدام رئيس أداؤه صفر".

في حين أن الإعلامي المؤيد للانقلاب حمدي قنديل، قال خلال لقاء على قناة "النهار": إن "السيسي" وجه كلمة غريبة لوسائل الإعلام، عندما دعا إلى "اصطفاف الإعلام، وهذه الكلمة قد تكون جيدة من الناحية العسكرية، ولكنها غير موفقة عندما نتحدث عن وسائل الإعلام".

"محدش يتكلم"

خرج "السيسي" يوما على عشيرته من ممثلي "فئات المجتمع المصري" في أبريل الماضي، ليعلق على تناول الإعلام لأزمة الجزيريتن: "أنا خدت الضربة في صدري، أنا خدت الضربة بجد بجد"، مضيفا "محدش من الإعلام يتكلم تاني على الجزيرتين".

وفي نفس الخطاب، انتقد "السيسي" أداء الإعلام وتناوله لقضية الطالب الإيطالي، قائلا: «إن ما نشر في الإعلام المصري في هذه القضية يخوّف»، مضيفا: «إحنا اللي بنعمل كده في نفسنا، وإحنا اللي صنعنا مشكلة الطالب الإيطالي»، مضيفا أن ترويج وسائل الإعلام للأكاذيب والادعاءات، هو من صنع الأزمة الحقيقية في مقتل الشاب الإيطالي"، زاعما أن "حرية التعبير مكفولة للجميع".

كما تناول قضية سد النهضة، محملا الإعلام المسؤولية عن خطأ في التعامل مع القضية، قائلًا: "اوعوا تكونوا فاكرين إن تعاملكم مع سد النهضة كان في مصلحتنا بالعكس أبدًا، ولكنكم عشان جوه مصر فأنتم مش عارفين إحنا اتأذينا أد إيه".

"إنتوا بتعذبوني"

وأدمن السيسي حشو خطاباته بعبارات تخاطب الإعلام على نحو "انتوا بتعذبوني"، "محدش يأخد كلام غيري مني"، "محدش يسأل حد غيري"، والعبارة الشهيرة "ما يصحش كدة".

ففي الندوة التثقيفية للقوات المسلحة على مسرح الجلاء في نوفمبر 2015، انتقد الإعلام في تناوله لأزمة غرق الإسكندرية، خاصة الهجوم الشخصي عليه بأنه ترك الأزمة وجلس مع مسؤولي شركة سيمينز الألمانية، قائلا: "عيب مايصحش كدا، بحس الناس دي ولا عارفة أي حاجة، هو القطاع دا مفيهوش كارثة ولا إيه، المرة الجاية هشتكيكم للشعب".

وأضاف "لازم نتعامل بوعي، مايصحش كده إحنا بنتجاوز في كل حاجة، إنتوا بتعذبوني إني جيت وقفت هنا".

السجادة الحمراء


ووجهت العديد من وسائل الإعلام الغربية كـ"الديلي ميل" انتقادات للسيسي بسبب السجادة الحمراء التي كانت معدة له في افتتاح إسكان محدودي الدخل، ووصلت قيمتها 143 ألف جنيه إسترليني.

ورغم محدودية الانتقاد من وسائل الإعلام الموالية له، وهي المعنية في أغلب خطاباته عن الإعلام، إلا أن خطابه كان ساخرا فلم ينف وجودها كما فعلت حكومته، وإنما أثبتها بشكل غير مباشر، فقاطع كامل الوزير، مدير الإدارة الهندسية للقوات المسلحة: "ما جبتليش سجادة حمراء ليه، السجادة لونها أزرق ليه؟.

صحفي "قديم"

ويتقمص "السيسي" في خطابه مع الإعلام أدوار المفكرين والصحفيين، رغم ركاكة لغته وتدني أسلوبه، ففي ملف الخطاب الديني، يزور الكلية الحربية في أبريل 2015، وينتقد بقوله "التناول الإعلامي بهذه الطريقة ليس في مصلحة تلك القضية، الخطاب الدينى لن يتم إصلاحه بين يوم وليلة ولا بهذه الطريقة"، وهو ما يراه مراقبون حشوا للكلام، قائلا للإعلام: "متضغطوش على الناس في بيوتها وتخوفوها، لأن مفيش أغلى من الدين".

المدهش أنه في الصيف الماضي تصاعدت أزمة الكهرباء بشكل كبير، فخاطب "السيسي" المعالجة، وهو مصطلع إعلامي يريد أن يظهر من خلاله الإلمام بالقضية، فيقول: "الإعلام يتحدث عن الأزمة بكلمات مثل "منورة يا حكومة"، متعجبا من تلك الطريقة قائلا: "هي المعالجة كده"، و"هي الأمور دى مكنتوش متوقعينها ولا إيه".

مطالبة بالكتمان

وفي منتصف يونيو 2015، وخلال كلمة "السيسي" عقب حفل "إفطار الأسرة المصرية" الذي نظمته رئاسة الجمهورية، قال "السيسي": "ينبغي على وسائل الإعلام أن تتعامل بحرص وهي تنقل أخبار الشهداء، موضحًا أن وسائل الإعلام لم تكن تنقل كل تفاصيل الشهداء الذين يسقطون في حرب الاستنزاف مع إسرائيل في نهاية الستينات، رغم أنه كان يسقط كل يوم شهداء، لكن لم يكن أحد يعرف، اليوم لو سقط شهيد واحد، كل مصر بتحس به، وليه تأثير على كل المصريين، وروحهم المعنوية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق