الاثنين، 23 مايو 2016

مشروع الضبعة النووي.. كارثة وفساد في الصفقة

مشروع الضبعة النووي..  كارثة وفساد في الصفقة

المشروع النووي
23/05/2016

خبراء ومتخصصون في الشأن النووي والاقتصادي يحذرون من قدرة السلطات الحالية على إدارة مشروع ضخم بحجم المشروع النووي ويؤكدون أن الإهمال فيه سوف يتسبب في كارثة غير مسبوقة، فيما يحذر آخرون من الجانب الاقتصادي في الاتفاقية والتي تبلغ 25 مليار دولار قرضا من روسيا الاتحادية وهو القرض الأكبر في تاريخ البلاد وسوف تتحمل أعباءه الأجيال القادمة في ظل مشروعات مماثلة في تركيا بنفس الإنتاج وأكثر تطورا تكلفتها تقل بحوالي 9 مليارات دولار ما يثير شكوكا كبيرة حول الفساد من وراء هذه الصفقة الضخمة وغير المسبوقة في تاريخ البلاد.

التكلفة 30 مليار دولار
وحول تكلفة المشروع، يؤكد الدكتور إبراهيم العسيري، مستشار وزير الكهرباء وهيئة المحطات النووية وكبير مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق، أن قيمة التعاقد الذي وقعته مصر منذ أيام مع شركة روس آتوم، المملوكة للحكومة الروسية، لأنشاء محطة الضبعة النووية، والتي تبلغ 25 مليار دولار، يعد رقما مبالغا فيه.

وأضاف العسيري، في تصريحات صحفية أن كوريا الجنوبية تنفذ في الإمارات 4 مفاعلات نووية قدرتها 5600 ميجا وات، استغرق البناء فيهم 5 سنوات، وسيتم افتتاح أول مفاعل منها بداية العام المقبل، بمدة زمنية أقل من التي يستغرقها الانتهاء من مشروع الضبعة النووي.
وتابع أن قرض الـ 25 مليار دولار ليس تكلفة المشروع الاجمالية، لكنه سيغطي تكلفة 85% من قيمة المشروع، فيما ستتحمل الدولة المصرية تكاليف الـ 15% المتبقية، مما يعني أن القيمة الاجمالية للمشروع تقارب الـ 30 مليار دولار، وتحديدا 29.4117 مليار دولار.

مشروع تركي مماثل بـ21 مليارا فقط
المثير للدهشة أن تركيا بصدد إنشاء مشروع نووي مماثل تماما يتكون من أربع وحدات، السعة الإجمالية لكل منها 1200 ميجاواط، بقدرة إنتاج مجتمعة 4800 ميجاواط، وسيتم إنشاؤه على أربع مراحل بأموال ذاتية تصل إلى 21 مليار دولار فقط، تبدأ الأولى منها بعد إتمام استخراج كل التراخيص اللازمة، ويتوقع تفعيل أول وحدة خلال سبع سنوات إضافة إلى أن المحطات التي تعاقدت معها تركيا أكثر تطورا من تلك التي تعاقد عليها السيسي، وسيبلغ عمر تشغيل المحطة ستين عاما. بينما وقّعت مصر الاتفاقية بشأن تقديم قرض تصدير حكومي من حكومة روسيا الاتحادية إلى الحكومة المصرية لإنشاء محطة طاقة نووية في جمهورية مصر العربية، وذلك بقيمة 25 مليار دولار أميركي. إضافة إلى 15% أخرى يتحملها الجانب المصري ما يعني أن تكلفة المشروع تصل إلى 30 مليار دولار.

مفاعل قديم
من المفارقات أيضا أن المفاعلات التي تم التعاقد عليها لمصر هي من الجيل الثالث بلاس (Generation III+) في حين أن مفاعلات الجيل الرابع (generation IV) سوف تدخل الخدمة بحلول عام 2020. فروسيا تقوم حاليا ببناء المفاعل (BN-1200) في مقاطعة سفردلوفسك وهو من الجيل الرابع، وكان مقررا تشغيله عام 2017 وتأجل لعام 2020 لمزيد من التجارب، وسوف تبلغ تكلفة الكيلووات الناتج من هذا المفاعل 2.2 سنت فقط. وطبقا لبنود الاتفاقية بين مصر وروسيا، سوف يتم تشغيل المفاعلات المتعاقد عليها على مراحل بين عامي 2020 و2022، أي أن بعضها سيبدأ العمل بعد سنتين من دخول مفاعلات الجيل الرابع الخدمة، مما يعني أن مصر تعاقدت على مفاعلات سوف تكون قديمة بمجرد تشغيلها.

قيود في السداد وخراب بيوت
المشروع يهدف في مرحلته الأولى فقط إنشاء نحو 4 وحدات لإنتاج الطاقة تشمل قدرة كل منها نحو 1200 ميجاوات بقدرة إنتاج مجتمعة 4800ميجاواط، إلا أن الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل الاستثماري بجامعة القاهرة دكتور مصطفى النشرتي قال في تصريحات صحفية أنه على الرغم من أهمية القرض الروسي في تمويل المشروع النووي، غير أنه سيمثل عبئًا شديدًا للأجيال القادمة، لافتًا إلى أن القرض يلزم الحكومة بالسداد على 22 عامًا، وبالتالي فالخاسر الوحيد هو الأجيال القادمة والتي تتحمل تكلفة السداد.


ورغم أن الخبير الاقتصادي والمساعد السابق للمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي دكتور فخري الفقي يقر بأهمية المشروع إلا أنه يحذر من القيمة الضخمة للقرض والتي تلزم مصر بسدادها معتبرا ذلك هو العائق الوحيد في هذا المشروع على حد تصريحاته.
وأوضح "الفقي" أن القرض الروسي يعادل أكثر من نصف إجمالي الدين الخارجي لمصر، وبالتالي فهناك تخوفات من تحمل الدولة أعباء القرض من الموازنة العامة، مؤكدًا أن بناء محطة الضبعة النووية أصبح أمرًا ضروريًا للغاية، خاصة في ظل تراجع إنتاجية السد العالي من الكهرباء.

ويعتبر القرض الذي وافق عليه قائد الانقلاب هو الأكبر في تاريخ مصر، حيث ذكرت الاتفاقية التي وقعت عليها وزارتي المالية المصرية والروسية، على استخدام الطرف المصري للقرض لمدة 13 عامًا، وذلك خلال الفترة من "2016 حتى 2028"، في صورة دفعات على سنوات متتالية، وذلك على أن يدفع الطرف المصري فائدة على القرض بمعدل 3% سنويًا، وتستحق الفائدة على أساس يومي بداية من استخدام كل مبلغ من القرض وحتى تاريخ السداد النهائي لكل مبلغ من مبالغ أصل القرض، كما يسري سداد آخر دفعة من الفائدة بالتزامن مع السداد النهائي لأصل القرض.
كما اشترطت الاتفاقية على أنه في حالة عدم سداد أي من الفوائد المذكورة خلال 10 أيام عمل، يحتسب المبلغ على أنه متأخرات، ويخضع لفائدة قيمتها 150% من معدل الفائدة الأساسي، كما اشترطت أنه في حالة عدم سداد أي دفعة من أصل القرض أو الفائدة المذكورة خلال 10 أيام عمل يحتسب المبلغ على أنه متأخرات، ويخضع لفائدة قيمتها 120%، وأعطت الاتفاقية، في حالة عدم دفع المتأخرات، أو فوائدها، خلال 90 يومًا، الحق للجانب الروسي بشكل منفرد في تعليق أي استخدام آخر للقرض.
احتمالية تجميد المشروع
من جانبها فجرت الدكتورة بسنت فهمي عضو برلمان العسكر والخبيرة الاقتصادية مفاجأة بأن هناك احتمالية لعدم استكمال المشروع النووي، نظرا لوجود بعض العقبات الخارجية التي قد تواجه المشروع، مثل رفض بعض الدول لإشراف روسيا على المشروع، نتيجة وجود صراعات بين العديد من الدول في الغرب».

وأشارت فهمي في تصريحات صحفية إلى أن «هذا المشروع سيتم عرضه على البرلمان خلال الأيام القادمة، وقد يتم تجميد المشروع في الفترة الراهنة نظرا لما تمر به البلاد من أزمة اقتصادية طاحنة، فضلا عن تراجع قيمة الجنيه المصري في مقابل الدولار، إلى جانب ما تعانيه البلاد من دين خارجي يزيد على الـ 50 مليار دولار، ما يجعل هذا الدين بمثابة عبء جديد يضاف إلى الأعباء التي تعاني منها مصر».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق