زوجة المعتقل "أحمد كمال": في عين ابني سؤال: " لماذا أبي رهن الاعتقال؟
31/05/2016
"سلام على أشخاص لم يسكن بأجوافهم طعام ليلاً أو نهار.. سلام عى ساكني
غرف دهنت بالموات.. سلام على سقياهم -وإن رحلوا- سقاهم ربي شرابا طهورا"،
عبرات ودموع استهلت بها "رحاب رجب" زوجة الدكتور الأسير "أحمد كمال محمد
السيد"، حوارها مع "الحرية والعدالة".
تسرد "رحاب" مراحل الظلم التي مرّ بها زوجها طبيب المخ والأعصاب،
بداية من تلفيق اتهام له بتشكيل خلية " كتائب حلوان"، مروراً بالقبض عليه
من عيادته الخاصة في منتصف 2014م.
كلمات زاد من مرارتها مستجدات القضية، وملابسات الاعتقال وحقيقة
الانتهاكات التي تعرض لها الزوج الطبيب، في مقبرة "الموت" أو سجن "العقرب"،
والتي ضمت 214 مظلوماً آخر كل جريرتهم رفضهم للانقلاب العسكري!
البداية..
* كيف بدأت مسيرة الصمود مع زوجك الدكتور الأسير "أحمد كمال محمد السيد"؟
- تمسك "رحاب" طرف الحديث، وتتمالك دموعها رويدا رويداً بشق الأنفس..
وتقول: "بداية هي المرة الثامنة على التوالي التي تؤجل فيها محكمة جنايات
القاهرة، يوم الثلاثاء الماضي 24 مايو 2016 م محاكمة زوجي و215 معتقلاً
عشوائياً لجلسة 25 يونيو القادم، أما عن الاتهامات الموجهة لهم فهي: "تشكيل
مجموعات مسلحة في غضون الفترة من 14 أغسطس 2013، وحتى 2 فبراير 2015
وتنفيذ عمليات عدائية ضد أفراد وضباط الشرطة".
وتابعت: "الغريب وليس بغريب هو ما أمرت به المحكمة في الجلسة من ضبط
وإحضار شهود الإثبات وهم من ضباط الشرطة! بعد تخلفهم عن الحضور فى الجلسة
المنعقدة يوم الثلاثاء وكالعادة استمعت النيابة العامة لأمر إحالة
المعتقلين وقي المقابل أنكر المعتقلون التهم جميعها وقالوا بتلفيقها".
وأضافت: زوجي تم اعتقاله من عيادته الخاصة وإخفاؤه قسرياً بشكل مهين
وزج باسمه في أول الكشوف بأسماء المتهمين بالقضية في افتراءات لا تصدق تقول
باستهدفه لأبراج ومحولات الكهرباء وهو طبيب المخ والأعصاب!
* ما السرّ وراء التشديد على زوجك وباقي المعتقلين في العقرب؟
- تقول "رحاب": "توالت التصعيدات منذ تولي مجدي عبد الغفار وزارة
الداخلية واشتدت الإجراءات بالتزامن مع تغيير رئيس مصلحة السجون كلها،
واستبداله باللواء حسن السوهاجي، ففي يوم الثلاثاء 10 مارس 2015 م حيث عقد
اجتماع امني موسع بالعقرب وأصدرت عده إجراءات علي أثره ومنها: ترحيل بعض
المعتقلين لجهة غير معلومة، تجريف لزنزانات المعتقلين بالكامل إفراغ
زنزانته من كل ما فيها من أغطية وملابس وطعام وكتب لمن يدرس منهم، الاعتداء
على كل من يعترض من المعتقلين وإدخالهم غرف التأديب".
وتابعت:" كما منع إدخال الأطفال إلى مكان الزيارة برغم إحضارهم
لشهادات الميلاد، فاضطرت الأمهات لتبادل الجلوس مع الأطفال لحين انتهاء
الزيارة، كما قصرت مدة الزيارة إلى خمس دقائق، وأعطت التعليمات بإبلاغ
المحامين أنها إجراءات دائمة وليست مؤقتة".
* هل يملك عوائل المعتقلين ثقافة حقوقية تيسر لهم مقاضاة وشكاية ميلشيات السجون؟
- ترد "رحاب" بنبرة مؤكدة: "تنص القاعدة 37 من القواعد النموذجية
للقوانين والحريات علي يسمح للسجين في ظل الرقابة الضرورية بالاتصال بأسرته
وبذوي السمعة الحسنة من أصدقائه علي فترت منتظمة بالمراسلة وبتلقي
الزيارات على السواء، اما ما يحدث بالعقرب امتهان لحقوق الإنسان تغلق
الزيارة في "ونجات" ويفتحها في "ونجات"، كل يوم يسلب منك حق جديد".
وتضيف : "أتذكر أول مرة سمح لي فيها بالزيارة، وضع احد رجال الإدارة
الطعام في كيس حقير، قائلاً لزملاء مهنته بعملية التفتيش: ضع بالكيس ما
يكفي إطعام شخص منفرد، أتذكر هيئة زوجي بالزيارة الثانية بعد مرور 5 شهور
ووزنه في نقصان وعلى وجه شحوب".
وتابعت: "أتذكر هيئتهم المتعبة حزناً علي أصدقاهم الموتي في الداخل من
الإهمال الطبي، وملابسهم الصفراء لقلة النظافة ومنع كامل لدخول الملابس
إليهم، سنة ونص أري فيها زوجي من وراء الزجاج، نسمع عن الانتهاكات من ضرب
وسحل وصعق واختطاف بأماكن احتجاز أخري ولا نستطيع الوقوف وراء تفاصيل ما
حدث لهم في دقيقتان، فقط نري أثار الإهانة علي وجوههم ونعلم أن المزيد منها
تخفي في ذاكراتهم، سجن شديد الحراسة أشبه باختفاء قسري دائم للمسجونين؟
* عفواً سيدة "رحاب" هل من الممكن نقل صورة أوضاع المعتقلين إلى القارئ؟
- بمرارة وكأنها تنقل جبلا من مكانه خرجت الكلمات بصعوبة بالغة،
وقالت: "أجسادهم أصبحت نحيلة جدا، ووجوهم تعلوها ابتسامة مقهورة لا تتغير
ولا تنسى، وجع ومرار في القلوب، نظام أفقد كل معاني الإنسانية، مؤكدة أن
الحرية حق وفرض".
وتابعت: رسم براء "ابني الوحيد" والذي لم يتجاوز الخمس سنوات رسمة كأي
صغير وأراد أن يدخل بها لأبيه ولكن منعوه، صرخ وبكى حتي أصيب قلبي باليأس
كيف يسكن الطبيب المجتهد في زنزانة قذرة، يرتدي ثوباً من الخيش، أين قانون
الدولة، أحمد محبوب ومرضى عيادته يبادلونه الاحترام، أرى في عين ابني سؤالا
لا يجد له إجابة: لماذا أبي رهن الاعتقال وكيف لأبي بعد أن كان مصدر فخر
لي أن يتحول بين ليله وضحاها لمجرم!
بابا في عربية الترحيلات!
* سمعنا عن إضراب المعتقلين في عنبر H4 هل من الممكن أن تعطينا فكرة عما حدث؟
- لمعت عيناها بتحد يعكس الصمود الذي يتدفق في روح السيدة "رحاب"،
وقالت: لم يكن الإضراب زوبعة بفنجان، فقد تكسرت أقدامنا ونحن واقفين
لاستخراج تصريح، فتك بأجساد المعتقلين المرض والإدارة لم تسارع في نجدتهم
أو حتي تسمح لنا بنجدتهم ودخول الأدوية، المعركة بالعقرب لأ يقودها إلا
هؤلاء القابعون بالسجون، فقط ابتهلوا ألا يموت الناس كالأنعام.
وتساءلت عن تحركات نقابة الأطباء لحماية أبناءها المعتقلين، مطالبة
بعمل كشوفات دورية علي السجون ورفع الوضع الصحي للمعتقلين لجهات حقوق
الإنسان ومحاسبة المتورطين في التنكيل بأطباء لا ذنب لهم سوي أنهم من صفوة
العقول التي أنجبتها مصر، إحنا وصلنا لمرحلة الإبادة الجماعية داخل السجون.
وطالبت السيدة "رحاب" أهالي المعتقلين بالدخول في إضراب جزئي عن
الطعام، وتبدأ إعلان تضامنها مع المعتقلين في ضغط إعلامي يرهق نظام مستبد
خاصة وإننا في مرحلة جديدة ولابد من التعامل معها بما يليق بجرم العسكر.
* سيدة "رحاب" من هو الدكتور "احمد كمال" طبيب المخ والأعصاب؟
- تبسمت في مرارة وشرد بصرها في ماضيها، وقالت :" فصيح القول والفعل،
كتابة الشعر عنده هواية، أحبها لي ما وصف بها حالته قائلاً: فلتخبري
الأحفاد عني بأنني**ما هنت يوما أو وضعت سلاحي..لو فاضت الروح لربي
عزيزة**فبني خلفي يستمد كفاحي.. يا للبراء.. يشب في أرض الألى**باعوا
الديار إلى الكذوب ال"ضاحي".. فيقول حين يرى الهوان بأهله**"أمحا من الأرض
الخلافة ماحي؟!..ويهب منتصبا كسهم كنانة**ليرد إلينا الأرض.. يبرئ ساحي!!..
فلترضعيه اليوم قوت كرامة**والموعد الجنات.. خير مراح".
* وانتقلنا بالسؤال إلى والدة الدكتور "أحمد كمال"، وسألناها عنه فقالت.
- "احمد في نظري عملاق استمد منه صمودي وقوتي، أتذكر يوم ميلاده
جيداً، كنت أتمناه بفارغ الصبر، ولدت فرأيتك وسيما مبتسما وسعدت بضمك، أدعو
الله يثبته ومن معه ويحرسهم بعينه التي لا تنام ويضعكم في حماه انه ولي
ذلك والقادر عليه سبحانه.
وتضيف : "حفيدي براء يتصرف بنفس أسلوبه عندما كان في مثل عمره، أحبه
كثيرا وأحب أسلوبه وأشاكسه وألعب معه ويناديني (أدية) وأنا أحب اسمي كما
يقوله.
وتختم الأم كلماتها بلوعة الشوق إلى فرج الله، وتقول: "هو قطعة من
قلبي فلذة كبدي نور عيني صغيري كما أراه منذ الصغر وحتي أصبح رجلا، أتوق
لرؤياه الآن هو بعيدا عني بالمقاييس الكونية، قريب مني بمقياس محبتي، وان
سجنوك لا تجزع يا بني لقيد فان السجن نيشان المقاوم وان عز النصير فلا
تبالي كفاك الله يا رجل العزائم".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق