الجمعة، 13 مايو 2016

التليفزيون الالماني دويتشه فيله: أطفال الشوارع .. شوكة في حلق النظام

  التليفزيون الالماني دويتشه فيله: أطفال الشوارع .. شوكة في حلق النظام

دويتشه فيله أطفال الشوارع شوكة في حلق النظام
13 مايو , 2016 
 
 
6 شباب ممثلون مسرحيون، تتراوح أعمارهم ما بين ال19 وـ25عاما، ما عدا محمد يحي الذي يبلغ 33 عاما، إلتقوا جميعا في ورشة مكثفة لمدة عام في جمعية النهضة العلمية والثقافية (الجيزويت) ثم قرروا العمل معا وطافوا محافظات مصر بعروض مختلفة ضمن ما يسمى بـ"مسرح الشارع" ثم انتقلوا لتنفيذ الفكرة عبر تصويرها في فيديوهات قصيرة.

من النقد الاجتماعي إلى السياسي
نظم الشبان الستة عدة مهرجانات في شكل "اسكتشات اجتماعية ساخرة" في قرى فقيرة في عدد من المحافظات، "كان لا يتعدى حضور الفعالية منها 150 أو 200 شخص، ففكرنا في رفع عدد ونقوم بما تقوم به فعاليات أخرى، فبدأت بتصوير أول فيديو ونال إعجاب الناس"، بحسب محمد عادل أحد أعضاء الفرقة ومنسقها في لقاء إذاعي سابق له قبل أن يتم إلقاء القبض عليه.
وكان الفيديو الأول لهم في شهر يناير الماضي بعنوان براعم الإيمان ينتقدون فيه الجمود وعدم التجديد في إذاعة القرآن الكريم.
 


يجتمع الشباب في أحد الشوارع ويمسك أحدهم بكاميرا هاتف لتصوير مقطع فيديو بطريقة "السيلفي" لعدة دقائق، يتحدثون فيه عن موروثات اجتماعية وتناقضات المجتمع بطريقة ساخرة، وتطورت لتطرح قضايا سياسية يعتبرها البعض "خطا أحمر" كمطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسي بشكل غير مباشر بالرحيل في الفيديو الأخير، إن كان بشكل غير مباشر.
 

تقول ريهام الدسوقي شقيقة محمد دسوقي الشهير بـ"سوري" أحد أعضاء الفرقة "أي موضوع أصبح مرتبطا بالسياسة، فمثلا الحديث عن عدم وجود وظائف أمر سياسي، الوضع كله ساخر.. وكلنا في خطر، ولم يعد أحد بعيدا عن منطقة الخطر خاصة بعد حملات الاعتقال العشوائي على الشباب في المقاهي قبيل مظاهرات جمعة الأرض المعارضة لتنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية".
 

وتؤكد دسوقي لـدويتشه فيله أن "كل أعضاء الفرقة مستقلون سياسيا وفنيا ولم ينضموا لأي تيار سياسي أبدا"، لكن لديهم آراؤهم ككل الشباب، وهم يعبرون عنها بشكل عفوي وساخر، وأشارت إلى أن بعض القنوات الفضائية عرضت عليهم إنتاج برامج ساخرة، لكنهم رفضوا رغم أن معظمهم ينحدر من أوساط فقيرة، وذلك حفاظا على فكرة المسرح المستقل ولأن سقف الحرية في البرامج سيكون أقل بكثير مما يريدونه.
و"سوري" شقيق ريهام لا يزال يدرس الموسيقى في عامه الثاني بكلية التربية النوعية في جامعة عين شمس، وحصل على منحة في باريس بعد نيله هذا العام، من المركز الثقافي الفرنسي، جائزة أفضل إخراج عن أفضل عمل مسرحي، والذي نفذ من خلال نفس أعضاء فرقة أطفال الشوارع، ومن المقرر أن يسافر إلى فرنسا نهاية هذا العام، لكنه الآن يواجه السجن.
 

وتقول ريهام "معظم أعضاء الفرقة يدرسون وامتحانات شقيقي بعد أقل من 5 أيام، لكنه صدر قرار بحبسهم 15 يوما".
 


"السيسي رئيسي"
 

في الفيديو الأخير "السيسي رئيسي" يتقمص الأعضاء أدوار مؤيدي السلطة، عبر ترديد كل منهم عبارة شائعة في أوساط مؤيدي السيسي، مثل: "ولا يوم من أيامك يا مبارك"، "اللي بيقولوا ارحل دول عيال فرافير"، و"يا بني احلق شعرك، وبعد كده تعالى اتكلم في السياسة"، "تحيا مصر 3 مرات"، ثم ينتقل الاسكتش للتعبير عن اعتقال مجموعة الأفراد، حيث ينفون التهم الموجهة إليهم، فأحدهم يقول للمحقق: "إخوان مين يا بيه أنا أساسا بتاع نسوان".
 

والثاني: "يا بيه تمويل إيه وفلوس إيه أنا مش لاقي آكل أصلا!"، وغيرها من العبارات التقليدية المعروفة! ثم يعبر أحدهم عن خوفه مما سيحدث له من انتهاكات داخل السجن. فيضطرون إلى أن يغنوا، بخوف ورهبة، أغنيتهم عن إنجازات "السيد الرئيس" بما يتضمن اعترافاً منهم بأن سعر الجنية سيعاود الارتفاع وأن التفريعة الجديدة للقناة ليست تفريعة، وأنها تحقق مكاسب على عكس ما يزعم "المغرضون"، وأن الجزيرتين "ملك أصيل للسعودية".
وفي ستاند أب كوميدي سابق في أحد الفيديوهات والذي كان عبارة عن لحن "أصله ماعداش على مصر" مع تغيير في الكلمات التي أصبحت: "أصله ماعداش على مصر.. إلا جزيرتين.. يا حبيبتي يا مصر.. إلا جزيرتين".
يقول محمد عادل أحد أعضاء الفرقة إن فيديوهاتنا تعتمد على أقوال الناس أنفسهم.. لا نقول فيها إضافة خاصة بنا.. ما نفعله هو مجرد تجميع لما يتم ترديده من الناس، نضعه بترتيب معين يجعل الناس تتساءل كيف يحدث هذا بدون أن ندري".
وأضاف عادل: "نحن مجرد عارضين لفكرة بسيطة صغيرة وهي أن أي حد يمكنه أن يكون محللا أو ناقدا مؤديا أو معارضا.. وأي 5 أو 6 يمكنهم التعبير عن رأيهم.. فقط عليهم أن يمسكوا الموبايل ويقولون ما يريدون بطريقتهم".
أما الناقد الفني مصطفى وافي مدرب فرقة مسرح شارع، فيرى أن شباب فرقة أطفال الشوارع استطاعوا الوصول إلى الشباب من جيلهم، بسرعة ودمجوا ما بين مهارات تعلموها من مسرح الشارع وتنفيذها بفيديوهات بطريقة جذابة وفعالة.
 


وقال وافي هناك "تضييق عام، على سبيل المثال تم قتل الفن ميدان بعدما كان قد انتشر.. وأنا كنت أقوم بعمل نحو 100 عرض في الشارع على مدار العام لكنها تقلصت إلى 10 عروض حاليا.. وعندما تغلق المساحات العامة فالنظام ليس في حالة احتياج للقبض على الشباب، مشيرا إلى ما يحدث سيخيف الناس أن تتفاعل مع مسرح الشارع، كما سيعيق الشباب أن تدخل إلى هذه المنطقة".
 

"أفرجو عن الضحك"
 

وألقت قوات الأمن القبض على أصغر أعضاء الفرقة عز الدين خالد فجر السبت 7 مايو من منزله قبل أن يتم في وقت لاحق إلقاء القبض على الخمسة الآخرين، مما أثار حملة استنكار وإدانة واسعة في مصر ضد اعتقال أعضاء الفرقة.
ودشن نشطاء صفحة على فيسبوك بعنوان "افرجو عن الضحك Freedom for laughter" وأصدروا بيانا وقع عليه عدد كبير من المثقفين والنشطاء من بينهم وزير الثقافة الأسبق عماد أبو غازي والروائي علاء الأسواني ورئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان المصري محمد أنور السادات.
وقال البيان "يستمر تصاعد المناخ المعادي لحرية الإبداع والتعبير في مصر عبر الملاحقة والقبض المتكرر على المبدعين والكتاب والتنويريين، حتى وصل إلى درجة "مناهضة الضحك" بالقبض على فرقة "أطفال شوارع" الساخرة يوم الأثنين 9 مايو، ووجهت إليهم تهم تندرج تحت بنود قانون الإرهاب، في محاولة تستهدف "منع الضحك"، وما يتبعها من حرية الإبداع والتعبير الفني - بشكل خاص- والتعبير عن الرأي بشكل عام في مصر، وكأنها رسالة من النظام بتكميم الأفواه، الذي يصل إلى حد منع السخرية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق