بـ قانون «الخدمة المدنية».. خطة السيسي للتخلص من مليون موظف
07/07/2017
كشفت مصادر مطلعة بالحكومة عن توجهات عبدالفتاح السيسي، رئيس الانقلاب، للتخلص من مليون موظف بالجهاز الإداري للدولة، مشيرة إلى أن قانون "الخدمة المدنية" الذي تم إقراره مؤخرًا، يسمح للحكومة بإحالة من يصل إلى سن الخمسين إلى "المعاش المبكر".
وفي تقرير لها بعدد اليوم الخميس، نشرت صحيفة "الوطن"، الموالية لحكومة الانقلاب، تحقيقا موسعا، أكدت فيه أن قانون الخدمة المدنية الجديد رقم 81 لسنة 2016، ولائحته التنفيذية، أتاح خروج موظفى الجهاز الإدارى للدولة مبكرا للمعاش بمجرد بلوغهم سن 50 عاما، رغبةً من الحكومة فى التخلص من أعباء الموظفين البالغ عددهم 6.4 ملايين موظف يتقاضون ما يقرب من ثُلث مصروفات الموازنة العامة للدولة كل عام.
ومن أجل تشجيع موظفى الجهاز الإدارى على الخروج لـ«المعاش المبكر»، سعت حكومة الانقلاب إلى ضمان احتفاظهم بامتيازات الخارجين للمعاش ببلوغ السن القانونية، حيث نصت المادة 70 من الباب الثامن فى قانون الخدمة المدنية على ما يلى: للموظف الذى جاوز سن الخمسين أن يطلب إحالته للمعاش المبكر ما لم يكن قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية، ويتعين على الوحدة الاستجابة لهذا الطلب، وفى هذه الحالة تُسوى حقوقه التأمينية على النحو الآتى:
1 - إذا لم يكن قد جاوز سن الخامسة والخمسين، وتجاوزت مدة اشتراكه فى نظام التأمين الاجتماعى 20 عاما ومضى على شغله الوظيفة أكثر من سنة، فيعتبر مُرقَّى إلى الوظيفة التالية لوظيفته من اليوم السابق على تاريخ إحالته للمعاش، وتُسوى حقوقه التأمينية بعد ترقيته على أساس مدة اشتراكه فى نظام التأمين الاجتماعى مضافا إليها 5 سنوات.
2- إذا كان قد جاوز سن الخامسة والخمسين، وجاوزت مدة اشتراكه فى التأمينات الاجتماعية 20 عاما فتُسوى حقوقه التأمينية على أساس مدة اشتراكه فى التأمينات الاجتماعية مضافا إليها المدة الباقية لبلوغه السن المقررة لانتهاء الخدمة أو خمس سنوات أيهما أقل. ولا يجوز تعيين من يُحال للمعاش المبكر وفقا لأحكام هذه المادة فى أى من الوحدات الخاضعة لأحكام هذا القانون.
وقال مصدر مسئول فى وزارة التخطيط، رفض الكشف عن اسمه، إن «الحكومة تعتزم تفريغ جيش موظفى الدولة من محتواه، بعد أن قاربوا على الـ7 ملايين موظف، وهم يمثلون فائضا عن الحاجة الحقيقية للجهاز الإدارى للدولة، ويشكلون عبئا على موازنة الدولة كل عام».
وأضاف المصدر أنه «يوجد فى مصر موظف لكل 13 مواطنا، فى حين أن النسبة المثالية هى موظف لكل 80 مواطنا»، لافتا إلى أن «الحكومة تعتزم تطبيق تجربة على غرار التجربة الفرنسية التى تقضى بدخول موظف جديد للجهاز الإدارى مقابل خروج 10 موظفين للمعاش».
وأوضح المصدر أنه «يخرج للمعاش سنويا ما يقارب الـ190 ألف موظف لبلوغهم السن القانونية للتقاعد، وهذا يعنى أنه خلال 5 سنوات سيخرج للمعاش نحو مليون موظف تقريبا بشكل قانونى».
من جانبها، أقرت الدكتورة هالة السعيد، وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى بحكومة الانقلاب، بـ«عدم حاجة الجهاز الإدارى للدولة إلى هذا العدد الهائل من الموظفين».
كارثة "المعاش المبكر"
وتكشف تجربة الأفواج السابقة التي رضيت بالمعاش المبكر عن كارثة كبرى؛ حيث ينخفض الدخل إلى الثلث تقريبا، ما يضع الموظف المحال إلى المعاش المبكر وأسرته أمام اختبار قاس في ظل ظروفٍ لا ترحم، وأسعارٍ تشتعل كل يوم.
أما المكافأة التي يحصل عليها، فإنها تهدر في زواج ابنه أو ابنته، أو دفع ديون سابقة لم يتمكن من سدادها، أو شراء شقة تمليك بدلا من نار الإيجار، ولكن يبقى دخله منخفضا، لا يكفل له حياة كريمة.
تجربة مريرة
يحكي بيومى عبدالرحيم، سبعينى، أنه أحيل إلى المعاش المبكر قبل نحو 20 عاما، حيث كان أحد عمال شركة «إسكو للغزل والنسيج»، ليبدأ رحلته ضمن مجموعة كبيرة من أولئك الذين خرجوا قبله وبعده، وهو فى الخمسين من عمره، وليظل تاريخ إحالته على المعاش محفورا فى ذهنه حتى الآن: «خرجت فى شهر 11 سنة 1998، وقتها خدت 24 ألف جنيه مكافأة نهاية الخدمة، وطبعا دى كانت مكافأة غير مرضية، وكانت تعتبر كلام فارغ»، معاش ضئيل تقاضاه «بيومى» بعدما أحيل إلى المعاش، حيث كان يتقاضى 230 جنيها شهريا، الأمر الذى أثر عليه سلبا بصورة كبيرة: «خروجى معاش مبكر أثر علىّ وعلى أسرتى جدا، سواء فى مصاريف البيت أو حتى نفسيا».
ويشير إلى أن مكافأة نهاية الخدمة أنفق معظمها على زواج ابنه، وعاش «بيومى» بعد ذلك حياة تدبير وتقشف، وساعده فى ذلك زوجته التى وصفها بـ«المدبرة».
وتقدم "بيومي" ورفاقه بمجموعة من الدعاوى القضائية من أجل رفع قيمة المعاش الشهرى الذى يتقاضونه، وبعد أن جاء الحكم القضائى لصالحهم، وارتفع معاشهم إلى 900 جنيه عام 2005، حتى وصل تدريجيا إلى 2500 جنيه حاليا، إلا أن ذلك لم يغير انطباعه عن «المعاش المبكر» الذى حفر فى رأسه، بأنه تجربة مريرة أو بطالة من نوع جديد، لها تداعيات كارثية على الموظف والصناعة الوطنية، حتى باتت مصر تستورد كل شيء، بعد أن سرّحت عمالها بالمعاش المبكر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق