الاثنين، 13 أبريل 2015

هشام الهبيشان يكتب: الحرب على اليمن والبداية لتنفيذ مشروع أمريكا لتقسيم السعودية

هشام الهبيشان * يكتب: الحرب على اليمن والبداية لتنفيذ مشروع أمريكا لتقسيم السعودية

هشام الهبيشان يكتب: الحرب على اليمن والبداية لتنفيذ مشروع أمريكا لتقسيم السعودية
يقرأ بعض المتابعين أن العدوان السعودي – الأمريكي الأخير على اليمن ستكون نهايته كما يتحدثون هو تقسيم السعودية، والمفارقة العجيبة هنا أن من يحرك ملفات هذا التقسيم في السعودية هم أصدقاء وحلفاء النظام السعودي "إنهم صناع القرار الأمريكي" إنهم من يخططون ويدرسون الخطط على الأرض ويتنبئون بالنتائج ثم ينفذون على الأرض مخطط عملياتهم، وهذا ما أكدت عليه قبل عدة شهور مجلة "فانيتي فير" الأمريكية وقالت إن كلا من المستشار في "معهد واشنطن" دينيس روس والمؤرخ الأمريكي دافيد فرومكين والباحثين الأميركيين كينيث بولاك ودانييل بايمان تحدثوا وبشكل علني عن وجوب تقسيم السعودية"، ويشاركهم بكل هذا بالطبع كل من المسيحيين المتصهينين برنارد لويس ونوح فيلدمان .
هذه الأسماء بالأعلى هي جزء من اللوبي "المسيحي المتصهين" الموجود بأمريكا  وهم أيضا جزء من راسمي السياسة التقسيمية للمنطقة العربية والأقليم ويطلق عليهم تسمية" صانعي الخرائط الأنغلوسكونيين "وبنبذة مختصرة عن هذه الأسماء "دينيس روس" هو المستشار في "في معهد واشنطن" وهو المهندس الخفي لسر غزو العراق والمؤرخ الأمريكي "دافيد فرومكين" وهو مهندس احتلال أفغانستان ومروج نظرية "صراع الحضارات" وتأثيرها على أمريكا، والباحثان "كينيث بولاك" ودانييل بايمان "، يعتبران من أعمدة البيت الأبيض لرسم وبناء سيناريوهات التخطيط للمستقبل الأمريكي وشكل العالم الجديد بعد ما يسمى بحصد نتائج "الربيع العربي" وضبط فكرة "صراع الحضارات" ضمن مفهوم التبعية لأمريكا، وبالطبع فنوح فيلدمان وبرنارد لويس ليسا بحاجة إلى التعريف عنهما.
هذا الكلمات بالأعلى ليست كلاما "عاطفيا أو رومانسيا عابرا" بل هي موثقة بأدلة، والدليل الأكثر وضوحًا هو ما جاء ونشر قبل عدة شهور بصحيفة "الغارديان" البريطانية وتقول فيه الصحيفة، إن جميع صانعي الخرائط الأنغلوسكونيين يتفقون فيما يخص السعودية بأنه يجب ألّا تبقى موحدة "موضحة أن "فكرة دمقرطة الشرق الأوسط" قد ترسخت بثبات في رؤوس الاستراتيجيين الأمريكيين، وإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تنأى بنفسها عن السعوديين، والزمن يمارس لعبته ضد البيت السعودي، وأضافت الصحيفة حينها أن السعودية تأمل أن تسقط سورية حيث بسقوطها تهزم إيران عندئذ يمكن أن تصبح السعودية دولة إقليمية كبرى لكن هذا الهدف بعيد المنال، مشيرة إلى أن النهج الذي تتبعه السلطات السعودية يمكن أن يحمل إليها مفاجآت "كارثية" مؤكدة أن حالة الفوضى سوف تضرب السعودية وذلك بسبب أفعال القمع التي تنفذها السلطات وتفشي الفساد والاعتقالات الجماعية.
فاليوم يبدو واضحا ومن خلال بعض الأحاديث والتحليلات التي بدأت تخرج إلى العلن من مراكز وأبحاث الدراسات في أمريكا أن هناك فعلا مشروعا أمريكيا جديدا بدأ برسم سياسات جديدة للتعامل مع الملف السعودي، والواضح أكثر أن هناك اليوم دعوات صريحة داخل دوائر صنع القرار الأمريكي  تدعو وبصراحة لاختيار الفترة الأنسب والوقت المناسب للانقضاض على السعودية  والتي من المتوقع  حسب الرؤية الأمريكية أن تخرج من حرب اليمن بصورة  أكثر ضعفا وهشاشة، والمطلوب هو تقسيمها إلى دويلات طائفية وديمغرافية، وبالطبع هذا الموضوع بدأ يلقى رواجًا واضحًا داخل دوائر صنع القرار الأمريكي .
السعوديون وببعض دوائرهم الرسمية بدورهم يعلمون كل هذه التفاصيل، وهم انفسهم يعرفون ومتيقنون من ذلك فهم يعرفون ما معنى أن يظهر للعلن مخطط كهذا جل القائمين عليه هم من صناع القرار الأمريكي وهولاء صناع القرار الأمريكي هم أنفسهم من كان لهم الدور الأكبر برسم سيناريوهات غزو العراق وأفغانستان والتحرك بليبيا وبسورية، وهم من يرسمون الآن خطوط واتجاهات ما يسمى "بالربيع العربي" وهم أنفسهم الآن  من يرسمون شكل العالم الجديد، ولكن بهذه المرحلة يبدو أن النظام السعودي الجديد مازال يمارس مزيدًا من المغامرات والمقامرات التي سترتد إفرازاتها ونتائج إسقاطاتها على السعودية حتما بالقادم من الأيام ومنها تأثيرات وارتدادات الحرب العدوانية الأخيرة على اليمن على الداخل السعودي، وبالتزامن مع هذه المغامرات والمقامرات السعوية باليمن وغيرها، بدأت تطفو على السطح زيادة  ملحوظة بحجم الانتقادات بالغرب لدور السعودية بتمويل الجماعات المتطرفة والدليل هنا ما جاء في مقال للكاتب ريتشارد نورتن تايلور انتقد فيه بيع السلاح البريطاني لإسرائيل والسعودية، معتبرا أن المملكة تصدر ما وصفه بـ"المذهب الوهابي" معتبرا إياه "أكثر المذاهب معاداة للتسامح، رابطا بين ممارسات الحركة الوهابية في السابق وتدمير جماعة "داعش" للأضرحة بالعراق .
فاليوم من الواضح  أن حجم الخطر الذي يواجه السعودية والقادم إليها من حلفائها بأمريكا، يبدو أنه لم يغير إلى الآن برؤية النظام السعودي لطبيعة تعامله مع معظم ملفات المنطقة وملفات الداخل السعودي كذلك، فتصرفات ومغامرات النظام السعودي الجديدة تظهر أن النظام السعودي لم يدرك للآن حجم المخاطر للمشروع الأمريكي الذي يستهدف السعودية اليوم، فهذا المشروع الأمريكي الذي يستهدف ويدفع السعودية  اليوم إلى الانزلاق  نحو مستنقعات سترهق السعوديين وستزيد من  تفكك بنية المجتمع والداخل السعودي، هدفها هو توفير المناخ الخصب لتنفيذ فصول مشروعها التقسيمي بالسعودية؛ حيث تقدم ماكس سينجر مؤسس معهد هدسون منذ سنوات بخطة للمسؤولين بوزارة الدفاع الأمريكية تتلخص في تقسيم السعودية عبر إقامة جمهورية إسلامية شرق البلاد تضم حقول البترول فقط، مع الإبقاء على حكومة ملكية في باقي السعودية يحكمها الأمراء الشباب الذين يحظون بدعم أمريكي، على أن تكون هذه الحكومة الملكية عرضة للسقوط بعد وقف الدعم عنها، والواضح اليوم أن فصول هذه الخطة بدأت تطبق تدريجيًّا في السعودية.
ختاما، إن حديث الرئيس الأمريكي الأخير لصحيفة "نيويورك تايمز " والذي قال فيه "إن أكبر خطر يتهدد دول الخليج ليس التعرض لهجوم من إيران، وإنما السخط داخل بلادهم، بما في ذلك سخط الشبان الغاضبين والعاطلين عن العمل والإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم"، حديث أوباما  يأتي هذه المرة بنبر وصيغة مختلفة كليا عن أحاديث سابقة، وهذه هي المرة الأولى تقريبا التي يتطرق بها مسؤول أمريكي رفيع إلى  ضغوطات ومشاكل الداخل السعودي تحديدا، وهذا ما يؤكد قطعا أن هناك صراعا خفيا يدور ومن خلف الكواليس بين أركان الإدارة الأمريكية وصناع القرار الأمريكي، حول سبل التعاطي مع الملف السعودي بالقادم من الأيام، والسؤال هنا هل سيستفيق السعوديون من غفوة التاريخ حتى وإن كانت استفاقتهم متأخرة  قبل وقوعهم فريسة سهلة للمشاريع الأمريكية التدميرية بالمنطقة، نترك كل هذه التساؤلات والتكهنات للقادم من الأيام لعلها تعطينا إجابات واضحة عن موقف النظام السعودي مستقبلآ من المشاريع الأمريكية التي تستهدف السعودية .....

-----------------------------------
*كاتب وناشط سياسي – الأردن .
hesham.awamleh@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق