د. أحمد الكمار: غرق مراكب الفوسفات في النيل كارثة
25/04/2015
اليورانيوم في الفوسفات المصري
بقلم: أحمد عبد العزيز الكمار
في
مقال نُشر بجريدة الوطن بتاريخ 8 مارس 2014 قال د. أحمد عبد العزيز
الكمار: إن من يملك مفاتيح التكنولوجيا لا يهتم بالمواد الأولية،
فالمتخلفون لديهم الاستعداد لبيع المواد الخام في كل وقت وبأرخص الأسعار،
تماما كما نفعل نحن الآن، وحذر من نقل خام الفوسفات بمراكب في النيل من
السباعية والمحاميد، وعندما يغرق أحد هذه المراكب، يكون أثره خطيرا على
الأحياء المائية النيلية وعلى ماء الشرب.
- اليورانيوم الموجود في صخور الفوسفات سريع الذوبان حتى مع ماء المطر
- احتواء صخور الفوسفات على اليورانيوم القابل بنسبة للذوبان السريع يجعل هذه الصخور مصدرا للتلوث الإشعاعي
- عند غرق مراكب الفوسفات في النيل تصبح المياه ملوثة إشعاعيًا
-
وينقل خام الفوسفات بمراكب في النيل من السباعية والمحاميد وعندما يغرق
أحد هذه المراكب، يكون أثره خطيرا على الأحياء المائية النيلية وعلى ماء
الشرب
وإلى نص المقال:
منذ
الثلاثينات من القرن الماضي، يتم استغلال خام الفوسفات المصري وتصديره
كخام أولي، تم الاستغلال بداية بواسطة شركات إيطالية في القصير وإنجليزية
في سفاجا، وبعد الثورة قامت الشركات الوطنية الحكومية بدور الاستكشاف
والاستغلال والتصدير من مناطق البحر الأحمر ووادي النيل بين أدفو جنوباً
وقنا شمالاً.
واعتمدت الشركات الوطنية علي الأسلوب السهل في بيع الخام علي صورته
الأولية، دون تصنيع أو استخلاص النواتج الجانبية منه، وعلي رأسها
اليورانيوم.
لم
يستثن من هذه القاعدة إلا خام فوسفات المحاميد-السباعية غرب، أي على الضفة
الغربية للنيل، واحتياطياتها أقل كثيراً مما في الضفة الشرقية للنيل.
واعتمد مصنع فوسفات أبوزعبل على تلك الخامات في المحاميد-السباعية غرب،
وهي ليست الأعلي نسبياً في محتوي اليورانيوم، فهي تحتوي على حوالي 50 جزء
في المليون، في المتوسط.
ويحتوي الفوسفات المصري ما بين 20 و177 جزء في المليون من اليورانيوم.
وعلي
العموم يمكن القول أن النشاط الإشعاعي للفوسفات الرسوبي في كافة أنحاء
العالم، وليس مصر علي الخصوص، مرجعة إلى اليورانيوم وليس الثوريوم، والذي
دائما تركيزه أقل من اليورانيوم.
كما
أن اليورانيوم يتواجد في صخور الفوسفات على حالتين للأكسدة: هما الرباعي
والسداسي، والأخير نسبته تصل إلى حوالي 60% من اليورانيوم الكلي للفوسفات.
هذه
النسبة العالية من اليورانيوم السداسي سريعة الذوبان، حتي مع ماء المطر أو
أي حمض ولو بتركيز منخفض يمكن أن يذيب هذا اليورانيوم السداسي، حتي أن بعض
الأبحاث تحدثت عن إمكانية فصل اليورانيوم من الفوسفات بواسطة عصير
الليمون.
الواقع
أن عصير الليمون هو في الأساس حمض ستريك، ويستطيع أن يذيب اليورانيوم
السداسي، ولكنه لن يحرك النصف الأخر الرباعي التكافؤ من اليورانيوم.
واحتواء
صخور الفوسفات على اليورانيوم القابل بنسبة غير قليلة للذوبان السريع، هو
ما يجعل هذه الصخور مصدر للتلوث الإشعاعي في كثير من الأحيان.
وينقل
خام الفوسفات بمراكب في النيل من السباعية والمحاميد في صعيد مصر، إلى
إنشاص أو كفر الزيات، وعندما يغرق أحد هذه المراكب، فذلك أمر شديد الخطورة
على الأحياء المائية النيلية وعلى ماء الشرب بطبيعة الحال.
حدث ذلك كثيراً، بل وميناء الشحن يكثر التلوث بالفوسفات حوله، ولكن الحياة تسير دون أن يشكل ذلك هاجس ولو طفيف لأحد.
عندما
يصنع خام الفوسفات، يتم تحويله إلى حمض الفوسفوريك، الذي يتم تحويله بعد
ذلك إلى سماد ثنائي أمونيوم الفوسفات، أو يدخل حمض الفوسفوريك في العديد من
الصناعات خاصة الغذائية.
فقط
للتذكرة، فإن سعر خام الفوسفات عندما كان 100 دولار للطن في أخر عام 2013،
وكان سعر الطن من السماد السابق الذكر حوالي 1200 دولار للطن، في نفس
الفترة الزمنية.
لو
افترضنا، أننا بدافع وطني قررنا تصنيع حمض الفوسفوريك محليا، بدلاً من
سياسة تصدير الخام بأرخص سعر، فلن نستطيع تسويقه، إلا بعد تنقيتة من
اليورانيوم، والذي يسهل الكشف عنه بأجهزة صغيرة وعالية الحساسية.
قد يدور في خاطر البعض، لماذا لا نستخدم صخور الفوسفات مباشرة، أو بعد طحنها كسماد يضاف للأرض الزراعية مباشرة، وهذا
بالطبع لن يجدي نفعا، لأن الفوسفور يتواجد داخل معدن اسمه الأباتيت، لا
يستطيع النبات إستخلاص الفسفور منه، ولذلك يجب أن نحول الصخر إلى الصورة
التي يمكن للنبات الإستفادة منها.
والحمد
لله أن خلق خام الفوسفات غير صالح بذاته للتسميد، لأنه كان سيطلق محتواه
من اليورانيوم مع أول دورة للري، ليصبح المحصول مشعاً.
إذن
تصنيع حمض الفوسفوريك يعني بالنسبة لنا، الحصول علي أرباح أعلي، وامتلاك
ناصية تكنولوجيا ليست بالتأكيد جديدة، ولكنها تفتح أبواب لا حصر لها
للتصنيع، وتعني أيضا تشغيل عدد أكبر من العمالة الفنية المتخصصة، والتي
يمكن تصديرها فيما بعد.
وبعد
كل ما سبق، سيمكننا ذلك من استخلاص اليورانيوم، والذي يمكننا من بناء
المفاعلات النووية لتوليد الطاقة، كل مليون طن من حمض الفوسفوريك يتم
تصنيعا محليا، نحصل علي منتج جانبي من اليورانيوم مقداره 30 طنا، علي أقل
تقدير.
هل
يستطيع تصنيع حمض الفوسفوريك أن يسد احتياجنا المستقبلي من اليورانيوم
الذي نحتاجه لبناء المفاعلات النووية لتوليد الطاقة؟، الإجابة هي نعم وبكل
تأكيد.
إذا
صنعنا كل ما نصدره من خام الفوسفات نستطيع الاكتفاء باليورانيوم اللازم
لمفاعل بنفس قدرة المفاعل المزمع بناءه في الضبعة، بعد ثلاث سنوات.
يتخوف
البعض من أن قدرتنا على إنتاج الفوسفات الخام قد تتضاءل بمرور الزمن، ولا
نستطيع الوفاء باحتياجات التصنيع، وهذا وهم يجافي الواقع، فنحن نملك
احتياطيا مؤكدا وقابلا للتشغيل يقدر بمليارات الأطنان، واسألوا أهل الذكر
إن كنتم لا تعلمون.
ثم
بفرض أن الخام سينضب، وهذا يقيناً غير وارد، فعلينا أن نعلم أن الهند وهي
من أكبر مصدري ومصنعي حمض الفوسفوريك في العالم، لا تملك في أراضيها خامات
مناسبة للفوسفات.
إن
من يملك مفاتيح التكنولوجيا لا يهتم بالمواد الأولية، فالمتخلفون لديهم
الاستعداد لبيع المواد الخام في كل وقت وبأرخص الأسعار، تماما كما نفعل نحن
الآن.
المنتجات الجانبية لتصنيع حمض الفوسفوريك، ليست فقط يورانيوم، ولكن هناك أيضا الفلور والعناصر الأرضية النادرة، وهذه الأخير غالية الثمن لدخولها في كافة الصناعات التكنولوجية الحديثة.
منذ
سبعينات القرن الماضي، ونحن نعلم أن فوسفات أبو طرطور يحتوي علي نسب عالية
وغير اعتيادية من الأرضيات النادرة، بيد أن ما قابل أبو طرطور من تعثر
وسوء إدارة، أنسي الجميع مثل هذه الإيجابيات.
***
تعرف على الكاتب: أحمد عبد العزيز الكمار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق