الأربعاء، 29 أبريل 2015

الابنودي شاعر الإنسانية.. عنصري وقاتل! بقلم: أ. د. حلمي محمد القاعود

الابنودي شاعر الإنسانية.. عنصري وقاتل!
بقلم: أ. د. حلمي محمد القاعود
 
الأبنودي.. مع الاعتذار لمحاسن موتاكم

جلال الموت يلزم المرء أن يصمت أويسكت عن التعليق على ما اقترفه الميت من أخطاء وخطايا خاصة إذا كان من المشاهير، بل يقف لمرور الجنازة وفقا لتعاليم نبينا – صلى الله عليه وسلم – حين وقف عندما مرت جنازة يهودي. وعندما استنكر ذلك بعض الصحابة أخبرهم النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – أنها نفس أو أنها من أهل الأرض ( انظر : صحيح مسلم، باب الجنائز ).
والمشكل في واقعنا العام أن بعض السادة الذين يملكون مكبرات الصوت في الفضائيات والصحافة ومجالات التعبير الأخرى لا يلتزمون بفضيلة الصمت والسكينة، بل يفتحون أبواقهم على آخرها ليؤلهوا الميت التابع لقريش( تبت يدا أبي لهب وتب) ، ويضعونه على عرش التقديس والعبادة من دون الله، بالإضافة إلى فتح المدفعية الثقيلة ضد الخصوم الفكريين انتقاصا وتحقيرا وتسفيها.
دأب النظام العسكري الحاكم منذ 1952 على تجنيد نفر من المثقفين يدافعون عن وجوده، ويبررون هزائمه، ويسوغون إخفاقاته، ويصفقون لطغيانه، ويرقصون على إيقاع استبداده، بل يقودون الطبل خانه تهويشا وخداعا ونفاقا، وفي المقابل يحصلون على بعض الفتات الذي يمثل بالنسبة لهم مغنما كبيرا، فيحضرون مهارجه، وينعمون بجوائزه، ويحظون بشهرة إعلامية في وسائطه التي لا تكف عن الكذب والتدليس والتشويش.
يسمونهم أحيانا مثقفي النظام، أو مثقفي السلطة، أو مثقفي الحظيرة، أو مثقفي البيادة، لا تهمّ الأسماء، ولكنهم سعداء بوظيفتهم المنافية للثقافة الرفيعة والأخلاق الكريمة. والمفارقة أنهم يحدثونك عن المثقف الملتزم، والمثقف العضوي، والمثقف صاحب الضمير، مع أنهم متأكدون أن لا صلة بينهم وبين واحد من هؤلاء !.

حين مات مؤخرا كاتب أغان سطحية ينتمي إلى الحظيرة الثقافية، قامت مناحة لم تتوقف حتى ساعة كتابة هذه السطور، وأعلن النظام الانقلابي العسكري عن سرادق كبير لتلقي العزاء ( من أموال الكادحين والفقراء بالطبع !)، وتسابقت الصحف والفضائيات والمواقع الإلكترونية الموالية للبيادة في تدشين حملة النواح والتعديد والإشادة والتنافس في إطلاق الألقاب والصفات الفخمة على الميت.
حين يموت المثقفون الشرفاء النبلاء الذين يعيشون لقيمهم ووطنهم وشعبهم لا تتحدث عنهم الحظيرة، ولا تذكرهم الصحف، ولا تشير
إليهم!.

هذا أمر طبعي في نظام تقوم فيه حظيرة للمثقفين يتأبى على الانضمام إليها الشرفاء والأحرار والمحترمون. الحظائريون يحظون بالدعاية الفجة، والشرفاء يذهبون في صمت مهيب.
المشكل المزعج أن بعض الناس لا يكفيه أن تتحرك الطبل خانة لتشييع الراحل السلطوي. يريدون من الشرفاء أن يشاركوا أيضا في المناحة، وإذا بدا لبعض القراء أن يعلقوا على كلام سخيف حول الراحل الحظائري عدّوا ذلك شماتة وتعبيرا عن انتصار الجهل والكراهية. مع أنه لا شماتة في الموت، وأن الجهل والكراهية من الصفات القريبة من أهل الحظيرة.
إن نظرة إلى نجوم الحظيرة الثقافية تعطيك انطباعا سريعا بالتشابه بين معظم أفرادها، فهم يتميزون بالخفة العلمية والثقافية، فضلا عن مواهبهم الأدبية الضحلة، وتغطيتهم هذا القصور بالتركيز على الدعاية واستجلاب النقد المؤيد لدرجة التهافت.
إن الراحل الحظائري كان صناعة أمنية بامتياز منذ استخدمه البكباشي الأرعن، وجعله يكتب الأغاني التي يحارب بها جيوش العدوّ بديلا عن تأسيس القوات المدربة التي تبادر إلى الفعل والمواجهة، بل جعله يصنع أغاني يواجه بها العالم الخارجي من عينة " ولا يهمك من الأمريكان ياريس".
ثم تعاون مع اليوزباشي المؤمن، ومن بعده صاحب الضربة الجوية الأولى والأخيرة، فوصفه بالنسر الأعظم، وظل يشارك في حفلاته السنوية ومهارجه العسكرية ويكتب الأغاني التي تشيد به وتغنيها الغوازي وترقص عليها العوالم، وقد كافأه صاحب الضربة الجوية فمنحه جائزته الكبرى ( حوالي نصف مليون جنيه مع الميدالية الذهبية )، فضلا عن جوائز أخرى منها جائزة الدولة التقديرية، وطبع كتبه ونظْمه السطحي في دور النشر الحكومية والسلاسل المشهورة مع مقابل مادي غير مسبوق، وفتح أمامه أبواب التلفزيون الرسمي والموالي والإذاعات للثرثرة نظير مكافآت بلا حدود ! .

وعندما اشتعلت ثورة يناير وسقط النسر الأعظم انضم المذكور إلى الثوار، وراح يهجو سيده السابق ويبحث عن بطولة زائفة وبعد أن لاحت بوادر الخيانة والغدر بالثورة والحرية والديمقراطية انضم إلى صبيان الأمن والمخابرات الذين عملوا على التهيئة للانقلاب العسكري الدموي الفاشي حتى وقع، وهنا كشف عن إنسانيته الفريدة كما وصفه صديق له من صعاليك الحظيرة، فطالب العسكر بقتل المسلمين أو ترك المجال لشعب البيادة ليقوم بواجبه الدموي في قتلهم !.
القتل شريعة صعاليك الحظيرة وخدام البيادة منذ عهد البكباشي الأرعن حتى اليوم. يقول أحدهم : " وما دمنا نواجه أعداء يتعاملون بمنطق استثنائي خارج عن حدود الالتزام بالوطنية ( يقصد المسلمين )؛ فلا بد أن نتصرف نحن بشكل استثنائي.... ولو وصلنا إلي ما هو أبعد من القانون. فهذا حق مشروع لنا جميعاً. لأن هذه بلدنا (؟) ونحن في هذه المعركة لا نملك إلا النجاح. فإما النجاح. وإما النجاح ". أما ما يطالب به أراجوزات الفضائيات من قتل الملايين من المسلمين فحدث ولاحرج !.
قارن ذلك بدعوتهم إلى المشاركة في الحكم أيام الرئيس مرسي - فك الله أسره - وتصديق بعض الناس لهذه الخدعة لدرجة ترشيحهم على قوائم الإخوان، ودخولهم مجلسي الشعب والشورى، ثم تعيين كثير منهم في الوزارة والمجالس الاستشارية والنوعية والقومية.. الآن يطالبون بقتل المسلمين ! .
أما الراحل شاعر الإنسانية الكبير كما يصفونه، فيعبر عن عنصريته وعدوانيته ويحرض على قتل المسلمين في عهد مرسي وبعد الانقلاب عليه.
اقرأهذا التحريض الرخيص : ؟
واحنا اتْخَلقْنا عشان نِضَايقْهُم /

 يا يِفْهموا الأوطان.. يا ينزاحوا/
 حَشَرْنا ربَّك لُقمة فى زُورهم/
 يا يريَّحونا.. يا مِش حيرتاحوا!!".
 

وفي مقابل عداوته للمسلمين وعنصريته يتملق النصارى :
" مِينا الصَّعيدى بْن دانيال /

 نِزِل عن صَليبُه.. وِجانى /
 قاللّى: «اللّى صَالبْنى يا خال.. /
 لو انزِل.. بِيُصلبنى تانى»!! "
 

ثم يأتي التحريض السافر على قتل المسلمين :
" وفرصتك بتقل../ وبيبرد اﻻحساس../

 لما أنت مش حتحل /
 نزلت ليه الناس..؟؟ ".
 

ويحث العسكر على القتل أو ترك المجال للأتباع كي يقوموا بالواجب الدموي :
" شايفنكو فى المعمعة صامتين /

 الصمت جايزة للقاتل /
 قولولنا : " إحنا مش لاعبين" /
 فالشعب يطلع.. وِيقاتِل ".
لقد كان الميت شاعرا بامتياز للبيادة ونظامها الدموي على مدى ستين عاما أو يزيد، وكان بينه وبين الإنسانية التي يعرفها البشر بحور ومحيطات !.
الله مولانا. اللهم فرّج كرْب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم !.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق