صهاينة فى زى عرب!!
بقلم: عامر شماخ
أثبتت الأزمة الخليجية الأخيرة أن حكامنا
صاروا صهاينة أكثر من الصهاينة، ولو وُضع اليهود فى مواجهة مع قطر ما سلكوا
مسلك هؤلاء (الزعماء!!). لقد عشت ردحًا من الزمن ما رأيت ولا سمعت أن
حاكمًا عربيًا نفث سمه على اليهود مثلما يفعل هؤلاء (الأشاوشُ!!) الآن مع
قطر، التى هى بلد عربى، يوالى المسلمين، ويعادى من عاداهم، ويدَّعِّم
الحريات، ويسعى لتحرير شعوبنا المقهورة من ظلم الظالمين، واستبداد
المستبدين.
لقد اعتبروا قطر خارجة على عصابتهم،
الداعية إلى حرب الإسلام وقتل المسلمين، واعتبروها مارقة بدعمها الحريات
وتحرير الشعوب؛ من ثم فقد وضعوا الخطط، ودبجوا المواثيق، وتآمروا بليل لذبح
أهل هذه الإمارة الصغيرة إرضاءً لأسيادهم اليهود، وقد اجتمع وزراء
خارجيتهم، ورؤساء مخابراتهم، ورشوا سفراء الدول ودبلوماسييها، وشروا ذمم
الإعلاميين، ونشروا الشائعات، وجندوا النائحات، فلم يبق شىء من أفعال
الجاهلية إلا فعلوه، ثم تسأل: وماذا فعلت قطر؟!، يقولون: أقامت العلاقات مع
إيران، ودعمت الإرهاب، وآوت الإخوان، وقائمة أخرى من الاتهامات المكذوبة.
ويعلم الله أنهم كالتى (رمتنى بدائها
وانسلت)؛ فهؤلاء جميعًا أس البلاء، ومنبع الإرهاب، وهم الذين يوالون الشيعة
ويدعمونهم، وينفقون على (الحشد الشعبى) مثلما ينفقون على (الحرمين
الشريفين)، وما وقع الخراب فى ليبيا واليمن ومصر إلا بأيديهم. وإذا كانوا
قد شرطوا على قطر غلق الجزيرة؛ فلأنهم يريدونها واحدة من قنواتهم المبتذلة
التى تبث العهر والمجون والعمالة ليل نهار، وإذا كانوا يتهمون قطر
بالإرهاب؛ فلأنهم يرغبون فى قطع إمداداتها عن غزة وأهلها الأشقاء، ولأنهم
يريدون خنقها قبل تنفيذ خطتهم لإجلاء هؤلاء المحاصرين إلى سيناء تحت قصف
الطيران وضربات الكيماوى؛ تعاونًا منهم مع الصهاينة للشروع فى تدشين دولة
اليهود من الفرات إلى النيل.
إنهم يدقون طبول الحرب، ويسرعون وتيرتها،
ويصعدون ويحرضون ولا يلوون على شىء، ولو كان من بينهم رجل مسلم رشيد ما
فعلوا ذلك، وقد استهانوا بالشعوب فسرقوا قوتها، وبددوا إمكاناتها، وأسكتوا
فيها صوت الأحرار، وسمحوا لحميرهم وغربانهم بالنهيق والنواح فى أرجائها؛
فلم يبق فيها إلا أجساد بلا أرواح، وأطلال من دون حياة، ومبان أشباه
المقابر، وهذه الصورة أرادها اليهود منذ قرون، وحققها حكامنا الذين اعتبرهم
الصهاينة أبناءهم، وقد تحدثوا عنهم فى أدبياتهم كثيرًا؛ وهذه الصورة تؤكد
نبوءة المواجهة بين أهل الحق وأهل الباطل؛ بعدما جهر المنافقون بكفرهم،
وحادوا الله ورسوله، واستحلوا دماء المسلمين، معلنين عداوتهم لهم، ومحبتهم
للكفار أعداء الدين.
ونحن لا نتوقع أن تنتهى الأحداث بسلام؛ إذ
هؤلاء العبيد لا يستطيعون الامتناع أو التقصير فى تنفيذ أوامر أسيادهم، بل
نتوقع أن تكون هناك خسائر فى الجانبين، وهى خسارة تدفعها الشعوب العربية
مجتمعة لصالح اليهود؛ جراء عمالة الأنظمة وخيانة العروش والجيوش.
ونتوقع -إن شاء الله- أن تكون تلك هى آخر
الخيانات، بعدها تقوم قائمة العرب؛ ذلك أن الشعوب انفضح لديها هؤلاء، وظهرت
حقيقتهم، وانكشفت سوءاتهم، وما بقى من أعمارهم السياسية فهو مواجهة مع هذه
الشعوب، التى لن تمل حتى يمل هؤلاء المجرمون، الذين يملكون سلاح الأمة
ويرأسون جيوشها، ولا يترددون فى تصفية الشعوب مقابل بقائهم على كراسيهم
يخونون أمتهم ويرفعون قدر أعدائها.
1. لقد سرت فى عروق شعوبنا دماء الحرية،
وقد ذاقوا طعم الكرامة والإنسانية، ومقتوا القهر والتبعية، وأدركوا أن
محنتهم فى حكامهم الذين لو زالوا لزالت معهم أسباب التخلف ودواعى الفقر
والمرض، ما يعنى أن هناك حصارًا وطوقًا تاريخيًا سوف يُضرب حول هؤلاء حتى
تخور قواهم، وحتى يزول ملكهم وتنقشع الغمة، وتلك سنة الله فى كونه {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِين} [البقرة: 251]، وهى معركة لن تطول -بإذن الله- فإن الباطل خائر لا قدم له {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81].
-----------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق