الثلاثاء، 26 أبريل 2016

فهمي هويدي : مقابلات المصريين و الامريكان : غرام وانتقام



 مقابلات المصريين و الامريكان : غرام وانتقام


بقلم: فهمي هويدي

بالزيارة التى بدأها هذا رئيس الأركان الأمريكى جوزيف دافورد تكون القاهرة قد استقبلت خلال شهر إبريل خمسة مسئولين كبار بمعدل واحد كل ستة أيام، إذ إضافة إلى رئيس الأركان فالآخرون هم: وفد الكونجرس برئاسة ليندسى جراهام ــ رئيس مجلس النواب يول رايان ــ رئيس المنطقة المركزية جوزيف فوتل ــ وزير الخارجية جون كيرى. ويلفت النظر فى هذا العدد أن مصر استقبلت فى الشهر الذى سبقه وزيرة القوات الجوية الأمريكية ديبورا لى جيمس ووزير البحرية ريمون مايسون وقائد العمليات الخاصة المشتركة هامولد توماس.

وزير الخارجية جون كيرى لخص الهدف من تلك الزيارات بقوله إن بلاده ملتزمة بدعم استقرار مصر وتعزيز العلاقات معها، ومساندتها فى التغلب على ما تواجهه من تحديات أمنية واقتصادية، وذكر البيان الذى صدر عن رئاسة الجمهورية عقب اجتماع السيسى مع الوزير الأمريكى ونشرته الصحف يوم الخميس الماضى (٢١ /٤) أنه أعرب عن حرص مصر على الارتقاء بالتعاون الثنائى مع الولايات المتحدة على جميع الأصعدة، وأنه أشار إلى أهمية تعزيز التنسيق والتشاور بين البلدين بما يمكنهما من مواجهة مختلف التحديات وما يعترض منطقة الشرق الأوسط من توتر واضطراب.

لست فى وارد الحديث عما جرى فى لقاءات المسئولين الأمريكيين مع نظرائهم المصريين، كما أنى لا أبالغ إذا قلت إنها تعنى أن جسور التعاون والتفاهم بين البلدين مفتوحة على مختلف الأصعدة والمسارات، السياسية والعسكرية، فضلا عن الاقتصادية بطبيعة الحال.. إلا أن المرء لا يستطيع أن يكتم شعوره بالدهشة حين يرى التواصل على المستوى الرسمى حاصلا بين القاهرة وواشنطن على ذلك النحو، ويطالع فى الوقت ذاته خطابا تسوقه وسائل الإعلام المصرى يتحدث عن استهداف مصر والتآمر الأمريكى عليها، وضلوع المخابرات المركزية الأمريكية فى حملات تشويه نظامها والعمل على عزله وإسقاطه... إلى آخر المقولات التى حفظناها لكثرة ترديدها.

حين يقع المرء على هذا الكلام فإنه يعذر إذا تملكته الحيرة والبلبلة، ذلك أنه يرى فى الزيارات المكثفة للمسئولين الأمريكيين دلالة قوية على عمق العلاقات وتشعبها، الأمر الذى يتعارض بالكلية مع ما تردده وسائل الإعلام المصرية عن دور الولايات المتحدة فى التآمر والعزل والسعى لإسقاط النظام.

ليس فى ذهنى أى دفاع أو تبرير للموقف الأمريكى، ولا أخفى استياء وقلقا إزاء العلاقات الحميمة وما يسمى بالتحالف الاستراتيجى بين القاهرة وواشنطن.

فى الوقت ذاته فإننى أفهم أن تكون هناك تباينات أو خلافات بين البلدين فى أمور عدة، إلا أن ذلك يظل شيئا مختلفا عما توحى به حملات مع وسائل الإعلام المصرية.

هل نحن بصدد فيلم سياسى يتداخل فيه الغرام مع الانتقام؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك فبماذا نفسر حفاواة المسئولين المصريين وغمزات الإعلاميين فى نفس الوقت؟ قبل محاولة الإجابة عن السؤال ألفت النظر إلى أن ما تنشره الصحف فى هذا الصدد ليس تطوعا من جانبها أو تحريات قام بها محرروها، وإنما المفهوم أن تلك تسريبات تقوم بها إدارات التوجيه المعنوى لتشكيل انطباعات معينة تتصور أنها تخدم النظام القائم.

فى التفسير تلوح أسباب عدة؛ أحدها أن التسريبات التى من ذلك النوع تحاول الإيحاء بأن المؤامرة مستمرة والنظام فى خطر، وذلك أسلوب شائع يعتمد فى التعبئة على تخويف الناس من الخطر القادم من الخارج الذى يستهدف النظام. وهو ما يفترض أن يقاوم بضرورة الالتفاف حول النظام.

ثمة عنصر آخر يتمثل فى محاولة اقناع الرأى العام بأن مصر بعدما استعادت عافيتها فى ظل النظام القائم أصبحت تصارع الدول الكبرى وتتحداها.. هناك سبب ثالث يتمثل فى التعبير عن الاستياء وابتزاز الولايات المتحدة والضغط عليها. خصوصا أن أجواءها تفتح الأبواب لاستقبال وفود الإخوان التى تخاطب بعض المؤسسات الأمريكية.. ومعروف أنه بسبب الصراع الحاصل فى مصر فإن ذلك أصبح يثير حساسية لدى القاهرة التى باتت تعبر عن استيائها من خلال تلك الحملات. خصوصا أنها باتت تحدد علاقاتها الخارجية فى ضوء تقييمها لعلاقة مختلف الدول مع الإخوان ــ والله أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق