السبت، 23 أبريل 2016

15 كارثة و3 تفسيرات للارتفاع الجنوني للدولار

15 كارثة و3 تفسيرات للارتفاع الجنوني للدولار

لخبير الاقتصادي مصطفى عبدالسلام
23/04/2016

ذكر الخبير الاقتصادي مصطفى عبدالسلام 15 من التداعيات الخطيرة على المجتمع المصري والشركات والمواطنين، جراء الارتفاع الجنوني وغير المسبوق لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، والذي تجاوز اليوم ولأول مرة في التاريخ حاجز الـ11 جنيها.

وفي مقاله الذي سوف ينشر، غدا الأربعاء، في عدد صحيفة "العربي الجديد"، تساءل عبد السلام :«ما تأثيرات ارتفاع الدولار لهذه المستويات القياسية أمام الجنيه المصري على الاقتصاد المصري والمواطن والأسعار وأدوات الاستثمار الأخرى؟». وراح الخبير الاقتصادي يجيب على هذا السؤال، مؤكدا أن هناك بالطبع تداعيات خطيرة لهذا الارتفاع، منها على سبيل المثال:
1- ارتفاع أسعار السلع والخدمات، حيث إن مصر تستورد 70% من احتياجاتها، خاصة الغذائية التي لا يمكن الاستغناء عنها وكذلك المواد الخام والسلع الوسيطة.
2- تآكل القدرة الشرائية للمواطنين.
3- تراجع قيمة رواتب الموظفين بسبب التضخم.
4- زيادة الدين الخارجي لمصر.
5- زيادة أسعار العقارات لزيادة الضغط عليها من قبل أصحاب الأموال الراغبين في الحفاظ على أموالهم، وهو ما يعقد مشكلة الإسكان في البلاد.
6- تعرض مودعي البنوك لخسائر؛ لحصولهم على فائدة سلبية عن مدخراتهم تقل عن معدل التضخم وارتفاع الأسعار.
7- زيادة معدلات "الدولرة" داخل المجتمع، وارتفاع معدلات التخلص من الجنيه المصري من قبل المدخرين الراغبين في حيازة الدولار وعملات أخرى.
8- ارتفاع أسعار الذهب والسبائك لزيادة الإقبال عليه.
9- تعرض حائزي شهادات الاستثمار لخسائر ومنها شهادات قناة السويس.
10- انتعاش السوق السوداء للعملة وربما تراجع الودائع الدولارية بالبنوك.
11- حدوث ضغوط إضافية على احتياطي البلاد من النقد الأجنبي.
12- تأخر جذب استثمارات أجنبية للبلاد بسبب اضطرابات سوق الصرف.
13- خروج أموال أجنبية من مصر بحجة تفادي التعرض لمزيد من الخسائر.
14- زيادة عجز الموازنة العامة للدولة لزيادة تكاليف استيراد السلع الضرورية.
15- تراجع تحويلات المصريين في الخارج وزيادة اكتناز الدولار.

زيارات تاريخية بلا جدوى
ويشير الكاتب إلى أن زيارات شخصيات كبيرة مثل الملك سلمان والرئيس الفرنسي، والإعلان عن صفقات بالمليارات، ورغم ذلك يتهاوى الدولار، قائلا: «هذه الأيام زار الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند القاهرة، ومعه عدد كبير من رؤساء الشركات الاستثمارية والمالية والنفطية الفرنسية، وبدلا من أن يتهاوى سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري على خلفية تأثيرات الزيارة التي وصفتها الحكومة ووسائل الإعلام بالإيجابية، أو على الأقل تضعف قيمته وقوته بعض الشيء، نجد أن سعره تجاوز حاجز الـ10.75 جنيهات في السوق السوداء لأول مرة في تاريخ العملة المصرية».
ويضيف الكاتب «وقبل زيارة هولاند، زار ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز القاهرة، ومعه صفقات واستثمارات وقروض تفوق قيمتها 41.65 مليار دولار، حسب أرقام الحكومة المصرية المعلنة، ورغم ذلك يرتفع سعر الدولار إلى 10.3 جنيهات بفارق 1.42 جنيه عن سعره الرسمي في البنوك وشركات الصرافة. وخلال أيام يزور وفد من رجال الأعمال الألمان العاصمة المصرية، ولا نعرف كم يصل سعر الدولار خلال هذه الزيارة».
ويتساءل الخبير الاقتصادي: «إذن ما الذي يحدث بالضبط؟ ولماذا لم تنعكس هذه الزيارات المهمة و"التاريخية" على أوضاع العملة المصرية مقابل الدولار، وكذا على مؤشرات الاقتصاد القومي؟ أليس من الغريب أن تتهاوى قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي في الوقت الذي تعلن فيه الحكومة ليل نهار عن تدفق الاستثمارات العربية والأجنبية والقروض على البلاد، وعن تأسيس عشرات المشروعات العملاقة والشركات الضخمة؟».
ويجيب الخبير الاقتصادي على تساؤلاته «حسب أبسط النظريات الاقتصادية، فإن ضخ أي سيولة دولارية داخل سوقٍ ما يترتب عليها تحسن المركز التنافسي للعملة المحلية وزيادة قيمتها أمام العملات الأجنبية الأخرى، لكن ما يحدث في مصر هو العكس تماما. فالحكومة تعلن يوميا عن جذب استثمارات بملايين الدولارات، وتعلن في كل مؤتمر اقتصادي أو خلال زيارة رئيس عربي أو أجنبي البلاد عن إبرام اتفاقيات لتأسيس مشروعات ومذكرات تفاهم وصفقات بمليارات الدولارات، ومع ذلك يواصل الدولار ارتفاعه أمام الجنيه، وسط زيادة ملحوظة على حيازة العملة الأمريكية من قبل المستثمرين والمدخرين والتجار على حد سواء».
ويضيف عبد السلام «هذا بالطبع يمثل لغزا، ليس فقط لرجل الشارع العادي الذي لا يشعر مطلقا بانعكاس هذه المليارات من الدولارات المتدفقة على أوضاعه المعيشية، وإنما لرجل الاقتصاد الذي يتابع بدهشة تراجع المؤشرات الاقتصادية، خاصة المتعلقة بزيادة الدين العام المحلي وعجز الموازنة العامة رغم كل هذه التدفقات المالية والرأسمالية».
ثلاثة تفسيرات
ويطرح الكاتب سؤالا «لكن ما تفسير هذا اللغز؟» ليرد على نفسه بأن «هناك عدة تفسيرات يمكن طرحها في هذا الشأن، الأول هو أن ما تعلنه الحكومة المصرية على الرأي العام من أرقام تتعلق بجذب مشروعات واستثمارات غير صحيح بالمرة، وأن ما يتم إعلانه لا يخرج عن كونه مجرد دعاية لا أكثر؛ لأنه لو صحت أرقام الحكومة فإن تأسيس مشروعات جديدة يعني أن المستثمرين الأجانب يضخون سيولة دولارية في السوق المحلية، وهو ما يزيد المعروض من النقد الأجنبي على حساب الطلب، وهنا يتحسن سعر الجنيه، لا سعر الدولار كما يحدث حاليا».
ويتابع الكاتب «والتفسير الثاني هو أن هناك أموالا واستثمارات أجنبية يتم ضخها بالفعل داخل مصر، لكن الخسائر الفادحة التي تكبدتها قطاعات اقتصادية مدرّة للنقد الأجنبي، مثل السياحة والصادرات والاستثمارات الأجنبية وتراجع إيرادات قناة السويس، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج تبتلع مثل هذه الأموال، وهنا لا تظهر تأثيرات للاستثمارات الأجنبية».
والتفسير الثالث، بحسب الكاتب، «هو أن موجة حيازة الدولار، أو ما يطلق عليها الدولرة والتخلص من الجنيه لحساب العملة الأمريكية، من قبل المضاربين والمدخرين والتجار والمستثمرين في مصر لا تزال مستمرة ولم تتراجع حدتها، وبالتالي فإن هناك طلبا مستمرا على الدولار، يمتص أي أموال يتم ضخها بالنقد الأجنبي في السوق».
ويرجح الكاتب التفسير الأول، قائلا: «شخصيا أميل للتفسير الأول، وهو أن الاستثمارات الأجنبية تتدفق على مصر على الورق فقط، وأن الحكومة لا تصدق نفسها حينما تعلن تدفق المليارات على البلاد، ومن الطبيعي ألا يصدقها رجل الشارع».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق