السيسي: من النهاردة مفيش رقابة.. أنا الرقابة!
22/01/2016
ترددت شائعة بأن الفنان المؤيد للانقلاب العسكري، أحمد السقا، في أثناء وجوده في مقابلة الفنانين مع "السيسي"، اعتذر له عن جملته الشهيرة "من النهاردة مفيش حكومة أنا الحكومة"، التي قالها في فيلم الجزيرة، سأله "السيسي" عن جملته "من النهارد مفيش حكومة" ورد السقا: "عيل وغلط يا فندم"!
الرواية إن كانت شائعة، إلا أن السيسي حول مضمونها إلى حقيقة عندما أصدر قرارًا بقانون رقم ٨٩ لسنة ٢٠١٥ بشأن حالات إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، وحول نفسه إلى خط الصعيد "عزت حنفي"، وقال للشعب: "من النهاردة مفيش رقابة.. أن الرقابة!".
بلطجة بالإجماع!
وينص قرار "السيسي" -الذي نشر اليوم في الجريدة الرسمية- يجوز لرئيس جمهورية الانقلاب إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم في الحالات الآتية: ١- إذا قامت بشأنه دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها. ٢- إذا فقد الثقة والاعتبار. ٣- إذا أخل بواجبات وظيفته بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة. ٤- إذا فقد أحد شروط الصلاحية للمنصب الذي يشغله لغير الأسباب الصحية.
وفور انعقاده أقر برلمان "الدم" -حسب الدور المنوط به- قانون عزل رؤساء الهيئات الرقابية بـ"الإجماع"، فى نصف دقيقة فقط، فى جلسة تصويت غير علنية، لا يجيز له دستور العسكر أن يعقد مثلها، إلا فى حالات محددة عملاً بمبدأ الشفافية.
والسؤال هو: هل يجوز عزلّ شخص مهمته تطهير الحكومة من الفساد؟
المؤكد "لا" هى الإجابة الوحيدة المقبولة لذلك السؤال.
رؤساء الهيئات الرقابية وظيفتهم هى تطهير مؤسسات الحكم من الفساد، لذلك لا يجيز دستور العسكر عزلهم تبعًا لنص المادة 216 إلا فى الحالات التى يحددها القانون، وكلها بالطبع تتعلق بتجاوزاتهم كموظفين أو كمواطنين التى ترفعها التحريات ضدهم وتثبتها بحقهم الأحكام القضائية.
موافقون!
قانون عزل رؤساء الهيئات الرقابية -الذى شرع للسيسي البلطجة، وأقره برلمان "الدم"- تحيط به شبهات تطعن فى دستوريته أخطرها تلك العبارات المرسلة التى يحتويها من نوع: "جواز عزل رئيس الجهاز إذا قامت بشأنه دلائل حول ما يمس أمن الدولة، أو إذا أخل بواجبات وظيفته بما يضر المصالح العليا للبلاد، أو إذا فقد شروط الصلاحية للمنصب، وكلها بالطبع اتهامات مطاطة لا يصح قبولها من السلطة التنفيذية ولا يمكن أخذها على محمل الجد إلا بتحريات جادة يعقبها صدور أحكام قضائية تؤكدها".
الأمر الذى أشار إليه دستور العسكر بعبارة واحدة موجزة قاطعة لكى يمنع التداخل بين السلطات "لا يجوز عزلهم إلا فى الحالات التى يحددها القانون".
المعنى الوحيد لتلك العبارة دستوريًّا، هو حماية رؤساء تلك الأجهزة من الوقوع فريسة لاتهامات مرسلة، تسوقها السلطة التنفيذية، التى تسعى تلك الهيئات الرقابية لفحص بياناتها وكشف تجاوزاتها، أى أن دستور العسكر لا يقر وضع سلاح الإقالة بيد من يخضعون للرقابة، لأنه يفرغ فكرة التفتيش من مضمونها تمامًا.
خاصة أن عزل الموظف العمومى من منصبه، لقيامه بأى تجاوزات، يمكن أن يتم بإجراءات قانونية، لأن وظيفته مهما كانت لا تمنحه رخصة لارتكاب الجرائم، ولا تحميه من الخضوع للمحاكمات والتحقيقات شأنه شأن غيره من المواطنين.
يؤكد الخبير القانونى والدستورى الدكتور "نور فرحات"، أن القانون الجديد يحرم رؤساء تلك الأجهزة من أبسط الضمانات الممنوحة لصغار الموظفين، وهى التحقيق والمساءلة باستخدام عبارات مطاطة، تسمح لصاحب الغرض بتفسيرها بصورة متعسفة، حظرتها المحكمة الدستورية مثل فقدان الثقة والاعتبار، والإضرار بالصالح العام، والمساس بالأمن القومى.
ثم أوضح أنه حتى فى ظل هذا القانون المعيب، لا يمكن عزل رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات على وجه التحديد، لأن المادة 25 من قانون الجهاز تنص على عدم قابلية رئيس الجهاز للعزل لأن القانون الخاص يقيد القانون العام.
وبرأي مراقبين فإن برلمان "الدم" لن يوافق فقط على تمرير قرارات السيسي، التى صدرت بالمخالفة لدستور العسكر فى المرحلة الانتقالية، ولكنه سيعمل أيضًا على تعديل بعض مواده لمنح "السيسي" صلاحيات رأى المشرع أن يحوزها رئيس الوزراء والبرلمان فقط، لضمان تحقيق التوازن بين سلطات الانقلاب!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق