الثلاثاء، 26 يناير 2016

سنة مقاومة الإستبداد بقلم : د . محمد عمارة

سنة مقاومة الإستبداد
بقلم : د . محمد عمارة
في الرؤية الإسلامية تندرج كل فرائض العمل العام - أي الفرائض الإجتماعية - تحت فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك لأن الإيمان الديني في الإسلام ليس وقفا على التصديق القلبي الذي تعبر عنه المناسك والشعائر والعبادات، وإنما هو منظومة حياتية شاملة، بضع وسبعون شعبة، أعلاها لاإله إله الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق.
ولهذه الحقيقة من حقائق الفكر الإسلامي، كانت فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثورة شاملة لمقاومة الاستبداد والمستبدين، وليست - كما يحسب البعض - مجرد حض على أداء العبادات.
ولقد كشف حجة الإسلام أبو حامد الغزالي (450- 505 هـ، 1058- 1111 م) في موسوعته الفذة "إحياء علوم الدين" عن كنوز السنة النبوية التي وردت في فقه مقاومة الاستبداد، ومن هذه الكنوز أحاديث:
- "لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه (تجبرونه) على الحق أطرا، أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض، ثم تدعون فلا يستجاب لكم".
- "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".
- خير الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ثم رجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه في ذات الله تعالى فقتله على ذلك".
- "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر".
- "إذا رأيتم الظالم فلم تأخذوا على يديه يوشك الله أن يعمكم بعذاب من عنده".
- "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهده بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل".
- "سيكون من بعدي أمراء يكذبون ويظلمون، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، ولن يرد الحوض، ومن نابذهم نجا، ومن اعتزلهم سلم أو كاد أن يسلم، ومن وقع معهم في دنياهم فهو منهم".
- "أبغض القراء إلى الله تعالى الذين يزورون الأمراء، و خير الأمراء الذين يأتون العلماء، وشر العلماء الذين يأتون الأمراء، والعلماء أمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان، فإن فعلوا ذلك فقد خانوا الرسل، فاحذروهم واعتزلوهم".
- "إن الله ليغضب إذا مُدح الفاسق".
- "من أكرم فاسقا فقد أعلن على هدم الإسلام".
- "من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله في أرضه".
- "لا تزال هذه الأمة تحت يد الله وكنفه ما لم تمالئ قراؤها أمراءها".
- "إن الله لعن علماء بني إسرائيل إذ خالطوا الظالمين في معاشهم".
- "اللهم لا تجعل لفاجر عندي يدا فيحبه قلبي".


إنها ثروة من أحاديث مقاومة الاستبداد والمنكرات وأمراء الجور، لا نظير لها خارج شريعة الإسلام، وهي جماع فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الجامعة للفرائض الاجتماعية التي هي أشد توكيدا من الفرائض الفردية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق