الخميس، 10 ديسمبر 2015

قاتل يلاحق ضحاياه بقلم: ياسر الزعاترة


قاتل يلاحق ضحاياه إلى البعيد!

بقلم: ياسر الزعاترة


لم يركب السوريون البحر؛ مخاطرين بحياتهم وحياة أبنائهم طمعا في نعيم أوروبا كما يشيع بعض الساقطين هنا وهناك، بل لأن مأساتهم قد طالت من دون توفر أفق بقرب نهايتها، وهم لم يخرجوا من ديارهم أصلا إلا فرارا بحياتهم من الموت الذي يصبّه الطاغية على رؤوسهم بالبراميل المتفجرة، ولا قيمة للقول إنهم قد خرجوا فرارا من الإرهاب، فمن قتلوا على أيدي التنظيمات المسلحة لا يُذكرون بمن حصدت حياتهم البراميل المتفجرة وقنابل الدبابات والصواريخ، فضلا عمن سرقت حياتهم السجون والمعتقلات، وهؤلاء سنعرف الكثير عنهم لاحقا، مع أن ما عُرف إلى الآن تشيب لهوله الولدان.

لتذكير بعض الشبيحة هنا وهناك، فالموت الذي يحصد السوريين لم يأت ردا على ما يسمى الإرهاب، فقد حصد الآلاف منهم قبل أن تطلق رصاصة واحدة من الشعب، والنظام هو الذي دفع نحو عسكرة الثورة اعتقادا منه، ومن سادته في طهران بأن ذلك سيسهل مواجهتها.

ليست هذه السطور لتعداد جرائم النظام الساقط، وأسياده في طهران وموسكو، فالكل يعرفها، ومن لا يعترف بها لن يفعل، ولو حصدت نصف الشعب السوري، ومن يؤيدون طاغية مثل هذا؛ هم قوم بلا أخلاق، ولو تناطحت الجبال أمامهم، فسيواصلون الإنكار.

هذه السطور هي للتعليق على كلام الطاغية لقناة تشيكية، حيث ذهب إلى وجود «إرهابيين» بين اللاجئين السوريين الذين رحلوا ويرحلون إلى أوروبا، وهو تحريض حقير ضد هؤلاء البائسين، لا يقلل من قيمته القول إن أغلبهم من السوريين الشرفاء، لأن أحدا لن يجشم نفسه عناء التنقيب بين أولئك اللاجئين، وسيُؤخذ الجميع بجريرة «إرهابي» مفترض يختبئ بين صفوفهم.

دعك هنا من وله إن أكثر اللاجئين ليسوا سوريين، ربما لأنه لم يعد يرى السوري إلا ذاك الذي يدافع عن نظامه كما قال ذات مرة بالكلام الصريح!!

لم يثبت حتى الآن أن لاجئا قد مارس عملا إرهابيا ضد بلد ذهب إليه، لكن تصريح الطاغية كافٍ لبث الرعب في أوساط حكومات أوروبية وجماهيرها، وهو كافٍ أيضا لمنح الذريعة لمن يحرضون على اللاجئين، والطاغية يعلم ذلك تماما.

ما نسي الطاغية قوله هو أن بين اللاجئين شبيحة كثر ممن فروا بعد أن يئسوا من قدرة نظامهم على الانتصار في هذه الحرب، وشاهدوها وهي تحصد أقرانهم، بخاصة من الطائفة العلوية التي دفعت أثمانا باهظة بسبب إصرارها على رفض الثورة.

حين يحاضر أسوأ أنواع القتلة من أمثال بشار وخامنئي والمالكي والحوثي في قضية مكافحة الإرهاب، فهذا يعكس بؤس هذا العالم وظلمه، فهؤلاء هم من صنعوا العنف بعدوانهم على الشعب السوري والعراقي واليمني، لكن العالم الذي يتغاضى عن قاتل حقير من أمثال «أبوعزرائيل»، ولا يرى بأسا في أن يقبّل حيدر العبادي رأسه، لن يجد حرجا في الاستماع إلى محاضرات هؤلاء.

سوريا كانت فضيحة للكثيرين؛ أنظمة وحكومات وحزبيين وطائفيين بلا حصر، ودفع شعبها ثمنا باهظا لم يدفعه شعب في العقود الأخيرة، وهو لن يرضى تبعا لذلك أن يعود إلى ما كان عليه تحت حكم أسرة شربت من دمه حتى الثمالة، ومن ورائه دولة إقليمية بأحلام مجنونة (إيران)، ومن بعدهم طاغية تتملكه عقد من الإسلام والمسلمين، أعني بوتين، مع تواطؤ من دولة الاحتلال التي توجه السياسات الغربية، وهي تفضل بقاء الطاغية المعزول المنهك، وبمرجعيته الإيرانية المتصالحة مع الغرب على أي خيار آخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق