الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

عندما يشكل الفاسد لجنة لمحاربة الفساد بقلم: د. عز الدين الكومي


عندما يشكل الفاسد لجنة لمحاربة الفساد

بقلم: د. عز الدين الكومي

بعد تصريحات رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات عن الفساد المستدام فى أجهزة الدولة المختلفة كأحد موروثات حكم العسكر للبلاد منذ أكثر من 65 سنة رعت خلالها الفساد والمفسدين خلال هذه الحقبة الكالحة من تاريخ مصر؛ حيث أعلن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة أن التقارير الرقابية التي يشرف عليها أعضاء الجهاز كشفت عن أن تكلفة الفساد في المؤسسات الحكومية بمِصْر خلال عام 2015 تجاوزت الـ600 مليار جنيه.. وقال إنه من الصعب حصر حجم الفساد داخل المؤسسات المصرية بشكل دقيق.

واستجابة للتقارير التى أعلنها رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات قام زعيم عصابة الانقلاب بتشكيل لجنة من مجموعة من الفاسدين لكشف حقيقة الفساد، ويترأس اللجنة رئيس هيئة الرقابة الإدارية، وتضم في عضويتها ممثلين عن وزارات التخطيط والمالية والداخلية والعدل والرقابة الإدارية ونائب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام بدوي.

وعدم ضم جنينة للجنة حصر الفساد يأتي بعد أيام من قرار زعيم عصابة الانقلاب بتعيين المحامي العام السابق لنيابة أمن الدولة المستشار هشام بدوي نائبًا له في الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي اعتبره مراقبون بمثابة خطوة أخرى على طريق إقصاء جنينة المعروف بانتمائه لتيار الاستقلال القضائي.

حتى أن (أبوحمالات) يقول كمان جايبلنا الراجل النائب بتاعه هو اللي يحقق معاه، هشام جنينة ده راجل مسئول.. ده أكبر مسئول عن جهاز رقابي في البلد.. إيه الحكمة في كده.. والحكمة فى كده يا بوحمالات هى إهانة الرجل واستفزازه ودفعه للاستقالة والإفلات بجلده كما يقولون!!

ومعروف سلفا أن اللجنة ستصل لقرار وبسرعة إلى أن هذه التصريحات تجافى الواقع والحقيقة، وعليه يتم إقصاء جنينة، كما وعد بذلك الزند وسيتهم جنينة بأنه عضو فى جماعة الإخوان المسلمين، وستوجه إليه عدد من التهم كما حذره مخبر أمن الدولة أحمد موسى بأنه يستطيع يخليه يقعد فى بيته ويلبسه قضية.

وسيقوم أحد المحامين المقربين من النظام الانقلابى مثل سمير صبرى بتقديم بلاغ للنائب العام وسيحقق فيه بسرعة البرق حتى قبل أن يقدم البلاغ!!

وبالفعل تقدم طارق محمود المحامى ببلاغ إلى نيابة الإسكندرية يتهم فيه جنينة بنشر أخبار كاذبة بهدف الإضرار بالاقتصاد المصري وصورة مِصْر أمام العالم، كما اتهمه بالانضمام لجماعة الإخوان المسلمين.

وتقدم سمير صبرى ببلاغ يتهم رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بضرب الاقتصاد القومي عن طريق نشر أخبار كاذبة عن مؤسسات الدولة تشوه سمعتها وتشكك في نزاهتها ونزاهة الأجهزة السيادية والرقابية بالبلاد.

والسؤال هنا: كيف لصانعي الفساد أن يكافحو الفساد؟ وهم من حصلوا على شهادات الأيزو فى رعاية الفساد والمفسدين وأن نظام الانقلاب هو من أوصل البلد إلى هذه المرحلة من الفساد والرشوة والسرقة؟

لكن تشكيل لجنة تقصي حقائق بتوجيهات رئاسية حول تصريحات جنينة سينتهي بإقالته من منصبه، وذلك أن «جنينة» أخطأ خطأً فادحًا بتصريحه للإعلام أن الفساد في مِصْر التهم 600 مليار جنيه، وسواء كان هذا المبلغ في عام أو في أربعة فهو مستحيل في عام واحد ويدين جنينة إذا كان حجم الفساد قد بلغ هذا الرقم خلال 4 سنوات؛ لأنه التزم الصمت طوال هذه السنوات الأربع.

وبحسب منظمة النزاهة العالمية فإن 36% من المِصْريين دفعوا رشاوى خلال الـ12 شهرًا الماضية وفق آخر الإحصاءات وبلغ عدد قضايا الفساد والتي تم التحقيق فيها عام 2013، 151 ألف قضيّة بزيادة قدرها 80 ألف قضيّة عن عام 2012 وبزيادة تفوق الضعف عن عام 2011.

يتعرض جنينة لحملة انتقادات شرسة في وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب بعد تصريحاته عن وجود فساد هائل في مصر، وصلت إلى حد المطالبة بإقالته من منصبه ومحاكمته وسط اتهامات له بتعمد الإدلاء بهذه التصريحات قبل ذكرى ثورة يناير 2011 لإثارة الرأي العام.

فقد قال مخبر أمن الدولة أحمد موسى: إن هشام جنينة أصبح في موقف صعب، فإذا ثبتت صحة تصريحاته عن الفساد فسوف يتم تكريمه، وإذا تبين عكس ذلك فستتم إقالته من منصبه فورًا ومحاكمته قضائيا بتهمة تشويه سمعة الشعب والدولة.

أما تامر أمين فال: مش دورك إنك تقول تصريحات.. لو فيه فساد في أجهزة الدولة قدم تقريرًا بالأدلة لرئاسة الجمهورية والنائب العام للتحقيق فيه بدلا من تلك التصريحات التي تسبب جدلا كبيرًا في الشارع.

بينما ذهب الصحفي علي السيد أبعد من ذلك، واتهم جنينة في تنفيذ خطة دولية لنشر الفساد داخل الأجهزة الحكومية في مصر.

وقال أسامة كمال: لماذا لم يتقدم رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ببلاغ للنيابة العامة للتحقيق في هذا الحجم الضخم من الفساد؟

وهدد الانقلابى مصطفى بكري باستدعاء رئيس جهاز المحاسبات في مجلس النواب لمحاسبته على تصريحاته الأخيرة لأنها تهدف إلى تكدير السلم والأمن العام.

وقال ما سر اختيار جنينة لهذه الأيام التي تسبق ذكرى 25 يناير ليتحدث عن الفساد في العام الذي تولى فيه زعيم عصابة الانقلاب رئاسة الجمهورية؟

ويعتبرجنينة الوحيد الذي تم تعيينه في عهد الرئيس محمد مرسي، ولا زال باقيًا في منصبه على غير رغبة النظام.. كما يقول مراقبون.

بينما قال الانقلابى "نور فرحات" إن المستشار هشام جنينة أبلغ النائب العام ورئيس الدولة بالعديد من المخالفات ورغم ذلك لم يتحرك أحد للتحقيق فيما يزعمه من فساد، وبدلا من ذلك يطالب البعض بالتحقيق معه على الرغم من أنه المسئول الأول في الدولة عن حماية المال العام.

وأخيرًا وليس آخرا هل لجنة تقصي الحقائق الفاسدة التى تفوح منها رائحة الفساد تكفي فى مثل هذه الكوارث، ولكن المطلوب هو أخذ هذه التقارير بعين الاعتبار وتقديم كل من ثبت تورطه للمحاكمة، وعرض ذلك على الرأى العام، ولكن شيئا من هذا لا يحدث لأن فاقد الشيء لا يعطيه!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق