الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

ارحلي يا دولة العسكر بقلم: عامر شماخ


ارحلي يا دولة العسكر

بقلم: عامر شماخ

ليرحل العسكر الساعة، ليعودوا إلى ثكناتهم وإلى أعمالهم التى جعلوا لأجلها، ليتركوا الشعب يدبر أموره بنفسه، لينقذونا من المآسى والكوارث التى خلفوها على مدى خمس سنوات، ليرحموا الوطن والمواطن من شبح الضياع والدمار الذى بات يخيم على بلدنا الذى كان مأوى الخائفين، وملاذ المحتاجين، فصار على أيديهم مرتعًا للصوص، وكرًا للفساد، ناصرًا للقتلة والمغتصبين، مركزًا للدس والمؤامرة، ليس فيه عدل، ولا رحمة، ولا أخلاق، نعم: دمروا الأخلاق حتى صاروا يتفاخرون بالإباحية والشذوذ.

ماذا جنى الناس بعد نزول العسكر إلى الشوارع وتركهم الحدود؟! وماذا كسبوا بعد استيلائهم على الحكم، بعد مؤامرات ونشر فوضى وتحالفات حرام، وتبعية ووكالة للغرب؟!.. لم يجن الناس شيئًا، بل خسروا السقط والمتاع، عرف المصريون على أيدى العسكر: القتل، الذبح، السرقة، الاغتصاب، الخطف، البلطجة.. فلم يسلم أحد من الترويع، وعدم الأمن، بل صار الأخ لا يأمن أخاه، والجار لا يأمن جاره، والصديق لا يأمن صديقه، الكل متحفز للآخر، يفترض فيه سوء القصد، والعمالة والجهل والخيانة؛ فهل هذا ما يقيم الدول وينهض بالمجتمعات؟! لا والله بل يأتى عليها ويهدم أركانها، فلا أمل فى إصلاح، ولا رجاء فى نهضة وإن ظلت وسائل إعلامهم تدندن بتلك الآمال التى لن تتحقق يومًا ما بقى العسكر فى الحكم.

ارحلى يا دولة العسكر، فإن الشعوب لا تقاد بالإرهاب، ولا تقتنع بالكذب، ولا ينطلى عليها سلوك السحرة والمشعبذين، ولا يغريها نجاح وهمى أو وعود زائفة، أما ما ترونه من صمت وسكوت فهو صمت المقهور لقوة السلاح وغشم السلطة، وإن هذا لن يطول، فإن الكبت يولّد الانفجار، والضغط يولد النيران، وحين تحين ساعتكم لن يبقى هؤلاء الصامتون على صمتهم، بل سيكونون نارًا حارقة على من آذاهم، وستدق أيديهم أعناق من كبتوهم وأرغموهم على السكوت.. وهذا اليوم لا نتمناه لخطره على الجميع، بل نتمنى أن يخرج منكم رجل رشيد، يقوِّم المعوج، ويوحد الصف، ويؤلف بين القلوب، وينظر بعين وطنية إلى مصالح الوطن، بعيدًا عن مصالح العسكر، ورغباتهم الشخصية فإن تم ذلك فقد سلمتهم وسلم الجميع، وإلا فسوف ينهدم الوطن -لا سمح الله- على رءوس من فيه.

ارحلوا وكفاكم تخريبًا، فو الله الذى لا إله غيره لن ترفع لكم راية، ولن تتحقق لكم غاية، أقسم بالله واثقًا من وعده فإنه لا يصلح عمل المفسدين، وأنتم أكثر الناس الآن فسادًا فى الأرض، لا أظن على وجه البسيطة أحدًا فعل أفعالكم، وكيف ينصر الخالق من قتل وسرق وحرق، وسجن وطارد؟! نشهد يا ربنا إنك لا تفعل ذلك، ونشهد إنك لبالمرصاد لكل ظالم باغ، خائن متجبر، وأن جنودك لا يفترون فى إهلاك هؤلاء، وإحباط ما عملوا، وإلا فسدت الدنيا وشك الناس فى وجود من يقول للشىء كن فيكون.

ليعلم العسكر أن دولتهم لم تعد تصلح الآن، وأن زملاءهم فى الدنيا كلها -حتى فى مجاهل أفريقيا- قد علموا أن تلك الانقلابات صارت عملا مستهجنًا، غريبًا على الناس الذين صارت دنياهم قرية صغيرة يربطها (الفيس) و(تويتر) والأقمار الاصطناعية ووسائل الاتصال النفاثة، علم الآخرون ذلك فلم يجرؤوا على هذا الفعل الذى قام به عسكر مصر؛ ليكونوا -بعده- حديثًا مضحكًا للآخرين.

ارحلوا أيها العسكر اليوم قبل الغد، قبل أن لا تجدوا فرصة أخرى لهذا الرحيل، ارحلوا غير مأجورين بعدما أحللتم دماء عصمها الله، وأعراضًا حرمها الله، وأموالا حفظها الله، ووطنًا أمر الله بعدم تضييعه.

ارحلوا فقد ضاقت الأنفس، وزلزل الناس زلزالا، بعدما ضيقتم عليهم فى أكلهم وشربهم وملبسهم ومسكنهم، وبعدما ذل العزيز، وأهين الكريم، وفضح الشريف. ارحلوا فقد كثر شركم وانعدم خيركم، ارحلوا فإن ماء النيل انقطع ببركتكم، وسيناء احترقت بفضلكم، وتسيدت (إسرائيل) بمنكم.
ارحلوا بأى طريقة شئتم فإن يوم رحيلكم هو يوم ميلاد مصر، هو يوم عودتها بعد موتها، هو يوم يتلاشى فيه الكابوس، هو يوم ذهاب الشقاء، والبلاء والعداء والداء، لن أقول ارحلوا يرحمكم الله؛ بل أقول ارحلوا لا رحمكم الله ولا سلمكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق