الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015

في عهد السيسي: إعلاميون "ضباط" في سلاح المخبرين


في عهد السيسي: إعلاميون "ضباط" في سلاح المخبرين


بعض إعلاميي الانقلاب
22/12/2015
لم يكن سرًّا ما تحدث عنه صلاح عبد المقصود، وزير الإعلام في عهد الرئيس محمد مرسي، الذي قال إن هناك 300 إعلامي وصحفي يتعاملون مع الأجهزة الأمنية، ويعملون كمرشدين على زملائهم!.

في وقت سابق كشفت مصادر قطرية عن دخول ثلاثة صحفيين مصريين إلى الدوحة، تبين لاحقًا أنهم يعملون لصالح جهاز المخابرات المصرية، وأن مهمتهم تنحصر على مراقبة الإعلاميين الرافضين للانقلاب المقيمين على الأرض القطرية.

كوبانية المصري اليوم!
المفارقة التي كشفت حينها أن الصحفيين الثلاثة يعملون لصالح صحيفة "المصري اليوم"، التي قبض على مالكها ومؤسسها صلاح دياب، جراء خلافات مع السيسي، وقد دخلوا الدوحة من خلال تأشيرة سياحية".

الأمر احتاج أن تراقب أجهزة الأمن القطرية تحركات "المخبرين" أو الصحفيين الثلاثة، وتبين لاحقًا أن من بين مهامهم أيضا كتابة تقارير مفصلة عن حياة المعارضين المصريين المقيمين على الأرض القطرية، لا سيما الذين يظهرون يوميًّا على قناة "الجزيرة" القطرية.

هذه التقارير تذهب لصالح جهاز المخابرات الحربية التابع للجيش مباشرة؛ ما يدل على أن غالبية الصحفيين في مصر أصبحوا بعد الانقلاب العسكري رهينة لضغوط الأجهزة الأمنية، ومن يقبل منهم العمل مع الأمن يتحول إلى طبقة أحمد موسى وعبد الرحيم علي وغيرهم.

المفارقة أن المخبرين الثلاثة اتصلوا "وقتها" بعدد من الناشطين والإعلاميين المصريين المتواجدين بالدوحة، وادعوا أنهم يسعون إلى الاطمئنان على أحوالهم، ومناقشتهم في أسباب رفضهم حكومة الانقلاب وخارطة الطريق!

كوبانية اليوم السابع!
في إحدى جلسات محاكمة الرئيس محمد مرسي، قامت محررة تحت التمرين (غير مقيدة بجداول نقابة الصحفيين) بإبلاغ شرطة الانقلاب عن مصور صحفي وعضو بنقابة الصحفيين يعمل بجريدة "التحرير" بأن له ميولاً إخوانية؛ الأمر الذي جعل الشرطة تسارع بالقبض عليه، والتحقيق معه وإحالته إلى النيابة بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية محظورة، ثم الإفراج عنه لاحقاً بكفالة.

المحررة، التي تعمل بجريدة "اليوم السابع"، جرى منعها بقرار رسمي من مجلس نقابة الصحفيين من دخول النقابة، وتداولت صفحات على "الفيسبوك" صورها مع قيادات شرطية وهي تفخر بتعاونها معهم في مواقف عديدة.

هذه الظاهرة ليست جديدة على الوسط الصحفي، فقد تباهى عدد من الصحفيين والإعلاميين بتعاونهم مع الأجهزة الأمنية ومنهم الصحفي والمذيع أحمد موسى الذي تفاخر يوماً بهذا النشاط في فيديو متداول على موقع "يوتيوب"، قبل أن تتم تبرئته من اتهام أسامة الغزالي حرب له بالسب والقذف.

أحمد موسى؛ الذي كان مندوبًا لجريدة "الأهرام" في وزارة الداخلية لسنوات طويلة، كان من أقرب الصحفيين لقيادات الوزارة طوال أيام وزيرها الذي قامت عليه الثورة حبيب العادلي، وكان موسى قد التحق ببرنامج "القاهرة اليوم" سنيدًا (معاون) لمذيعها الرئيس الشهير عمرو أديب، مثله مثل آخرين لحقوا به منهم مصطفى شردي الذي أصبح يقدم برنامجًا منفصلاً حاليًّا.

المخبر الصحفي
يعتز بعض الصحفيين وعلى رأسهم الكاتب الصحفي المعروف مكرم محمد أحمد، آخر نقيب للصحفيين في عصر الرئيس المخلوع حسني مبارك، بلقب "مخبر"، حيث كان ولا يزال يعتبر نفسه مخبرًا صحفيًّا؛ أي صحفي ممن يسعون للخبر ويقتنصونه رغم العراقيل وقبل الآخرين منفردين به، وهي مدرسة قائمة ومعروفة ولها قواعد وميثاق متعارف عليه.

والمدقق في حركة صعود وترقي الكثير من الأسماء الإعلامية الحالية يجدهم ينتمون لعدد محدد من الإصدارات، وهي مؤسسة "روز اليوسف" ومجلة "الأهرام العربي"، وبرنامج "القاهرة اليوم" الذي قام بدور كبير في كونه مرحلة وسيطة في تحويل عدد من المخبرين الصحفيين من العمل الصحفي المكتوب إلي العمل الإعلامي المرئي.

هذه المؤسسات، ليست هي الأعرق ولا الأفضل، لذلك فمن المستغرب جدًّا، أن يتخرج فيها كل هؤلاء الصحفيون المخبرون الذين لمع معظمهم؛ الأمر الذي يدعو للتساؤل حول الأسباب الحقيقية لبزوغ نجومهم.

معظم الأسماء التي تخرجت في هذه المؤسسات، كانت تغادر مكاناً لتلتحق بآخر أعلى، وكأن الأجهزة تصنعهم على عينها، بعد أن اصطفتهم لنفسها.

كوبانية روز اليوسف
مؤسسة "روز اليوسف" هي المزرعة الأولى للمخبرين الصحفيين، ومعظم صحفييها أصبحوا نجوماً، وكثير منهم على درجة عالية من الاحترافية بالفعل، لدرجة تحقيقهم لعدد من "الخبطات" الصحفية المتتالية التي كانت محل حسد الوسط الصحفي بل وتساؤله عن سر هذه الانفرادات العجيبة التي يصعب على محرر مهما كانت مهارته الحصول عليها بجهده الخاص، بداية من قضية "فضيحة على النيل" التي حققها الكاتب عادل حمودة، وكشف فيها فساد الكبار في ماسبيرو وتوسطهم فيما يشبه القوادة لتزويج الفنانات لعدة ليال لأثرياء عرب، ومروراً بقضية عبدة الشيطان التي فجرها الكاتب الراحل عبدالله كمال، وشملت أبناء أسر عريقة ومشاهير كانوا يتجمعون لأداء طقوس غريبة رصدتها أجهزة الأمن.

عادل حمودة أصبح نجماً وضيفاً دائماً على معظم القنوات، بعد توليه مهام رئيس التحرير التنفيذي للمجلة قبل أن تتم الإطاحة به عندما نشر خبراً حول صدور بيان للجماعة الإسلامية يهدد رجال الأعمال الأقباط بالاغتيال، والمثير هو نشره في نفس توقيت نشره بجريدة "الدستور" التي كان يرأسها ابن مؤسسة "روز اليوسف" الآخر إبراهيم عيسى، وجرى بعدها غلق "الدستور" وعزل عادل حمودة ثم تعويضه برئاسة تحرير جريدة "صوت الأمة" الخاصة لاحقاً قبل أن ينال رخصة لإصدار جريدة "الفجر" ثم يظهر لاحقا في برنامج تلفزيوني على قناة "النهار".

وخلافاً للانفرادات التي حققتها "روز اليوسف"، كانت هناك النبرة غير المسبوقة في الهجوم على شخصيات معروفة بقيمتها وقامتها، بل والجرأة الصادمة في هدم ثوابت مستقرة لدى المجتمع، ومن أبرز نجوم هذا التوجه إبراهيم عيسى الذي استهل أهم كتاباته بالمجلة بالهجوم على الشيخ الشعرواي في وقت كان الشيخ - ولا يزال - يملك قلوب العامة والخاصة على السواء، فضلاً عن التشهير بالمشير محمد عبدالحليم أبو غزالة الذي كان يتربع على قلوب المصريين بسبب مواقفه الوطنية الحقيقية.

المخبر أبو حمالات!
إبراهيم عيسى، النجم التلفزيوني حالياً، والذي يقال: إن مجموع الضرائب التي يدفعها سنوياً تقدر بالملايين، تولى وهو لا يزال في مقتبل الشباب رئاسة تحرير جريدة أسبوعية، تمكن من القفز بها لصدارة الصحف الأسبوعية، بسبب نبرة الجرأة على كثير مما يعتبرها المجتمع ثوابت دينية واجتماعية.

وبعد إغلاق الجريدة الذي أحدث دوياً، عادت الصحيفة العمل في منتصف العقد الماضي، بنفس رئيس التحرير والطاقم كله تقريباً، واستمرت لسنوات قبل أن يطاح برئيس تحريرها، في صفقة يتردد أنها تمت بالاتفاق بين أحمد عز، قيادي الحزب الوطني المنحل، وبين أحد رجال الأعمال الذي اشترى الصحيفة وطرد منها عيسى.

عقب الثورة، حصل إبراهيم عيسي على رخصة جريدة وقناة باسم "التحرير"، باع القناة لاحقاً بمبلغ يقال: إنه وصل إلى 36 مليون جنيه وتسببت له في أزمة مع الضرائب بدعوى عدم تسديد ما عليه لصالحها، ثم استمر رئيساً لتحرير قناة "التحرير" حتى وقت قريب عندما غادرها بضغط من المالك الجديد، ليؤسس جريدة يومية اسمها "المقال"، لا يوجد بها إعلان واحد تقريباً، في ظل صعوبة تغطية النفقات من المبيعات مهما كان حجمها، وعموماً فقد اشتهرت بتبني خطاب انتقد كتب الصحاح من الأحاديث النبوية الشريفة.

المثير، أنه في فترة ما من حياة إبراهيم عيسى، كان يحاضر بمقابل لصالح منظمة "فريدريش ناومان" التي تعمل بها زوجته أميرة، وهي منظمة لطالما اتهمت بالترويج للتطبيع مع "إسرائيل" خاصة في المجال الزراعي.

المخبر وائل الإبراشي
ابن "روز اليوسف" البار والنجم التلفزيوني حالياً وائل الإبراشي، هو أيضاً من أصحاب الصولات والجولات في "روز اليوسف"، فقد حصل على تسريب لتسجيلات تخص وزير الدفاع الأسبق المشير محمد عبدالحليم أبو غزالة وهو يتحدث مع امرأة تدعى لوسي أرتين (خالتها الفنانة المعروفة لبلبة)، مستغلاً نفوذه لخدمتها في قضية شخصية، ثم قيل: إن المكالمات كانت تحتوي على عبارات خارجة وفاضحة، وتردد أن الأمر تم بغرض تشويه سمعة المشير من أجل الإطاحة به بعد تزايد شعبيته وخشية المخلوع مبارك من أن يطيح به ويستولي على الحكم، خاصة بعد نجاحه في قمع انتفاضة الأمن المركزي.

كوبانية الأهرام العربي!
وإذا كانت "روز اليوسف" تعد مدرسة صحفية رغم كل شيء، نظراً لعراقتها، فإن مجلة "الأهرام العربي" تعد لغزاً كبيراً في الصحافة المصرية، بعدد الذين صدرتهم للمجال الإعلامي العام، أحياناً بغير سبب وجيه، وأصلاً بغير سبب وجيه لوجودها على الساحة.

ويقال: إن إبراهيم نافع أصدرها مجاملة لتلميذه أسامة سرايا الذي كان قد أنهي مهامه مديراً لمكتب "الأهرام" في جدة بالمملكة العربية السعودية، وعاد ليجد كل الأماكن القيادية المهمة بالمؤسسة قد تم تسكينها، ليقدم اقتراحاً بإصدار المجلة ورئاسة تحريرها معتمداً على تغطية تكلفتها بإعلانات من المملكة العربية السعودية لمجلة لم تصدر بعد!.

الأكثر غرابة بعد ذلك، أنها تحولت لمفرخة لأكثر عناصر المخبرين الصحفيين شهرة وانتشاراً، بشكل فاق العريقة "روز اليوسف"، ويكفيك أن تنظر لترويسة المجلة في التسعينيات لتجد أن معظمهم صاروا أصحاب برامج أو رؤساء تحرير لبرامج معروفة.

فخالد صلاح، رئيس تحرير صحيفة "اليوم السابع" اليومية الشهيرة، ومقدم برنامج بقناة "النهار"، كان صحفياً بالمجلة منذ نهاية التسعينيات وحتى الربع الأخير من العقد الماضي، بعد أن كان صحفياً مغموراً بجريدة "العربي الناصري"، يحاول أن يزيد دخله من مورد إضافي بالعمل محرراً في جريدة مغمورة اسمها "الملتقى الدولي".

قبلها بسنوات قليلة كان خالد صلاح معتقلاً بتهمة الانضمام لجماعة الجهاد، ثم خرج فجأة ودخل خاله إلى المعتقل بعد أن تبين لهم أنه جهادي أيضاً، ثم التحق بجريدة "العربي الناصري"، واختار أن تكون أولى جولاته تغطية أعمال العنف المتبادل بين الجماعة الإسلامية وأجهزة الأمن بصعيد مصر.

فجأة التحق صلاح بمجلة "الأهرام العربي" الوليدة، ثم اختير لرئاسة تحرير "اليوم السابع" ثم مقدماً لبرنامجه على فضائية "النهار".

المخبر خيري رمضان!
خيري رمضان هو من الأسماء التي ستجدها تتصدر ترويسة "الأهرام العربي" كمدير لتحريرها في نهاية التسعينيات ومطلع الألفية الجديدة، سرعان ما التحق سنيداً لعمرو أديب في برنامجه بشبكة "الأوربيت"، ثم مسانداً لتامر أمين في برنامج التوك شو الأشهر "البيت بيتك" على التلفزيون المصري، حيث كان من أبرز مقولاته اتهام الفتى المغدور وأيقونة ثورة 25 يناير خالد سعيد بأنه مدمن بانجو، ثم امتدحه فور نجاح الثورة، قبل أن ينقلب على الثورة مجدداً عقب الثورة المضادة في 30 يونيو 2013م.

نصر القفاص الذي قدم برنامجاً لم يكتب له أي حظ من الشهرة أو النجاح، شغل منصب مدير تحرير "الأهرام العربي"، وكان مديراً لمكتب "الأهرام" بالجزائر قبل عودته وتقديمه لبرنامجه، وهو من بين عدة أسماء لم يكتب لبرامجهم الشهرة رغم كل الدعم والمساندة الذين حظوا بها.

أما جابر القرموطي صاحب التقاليع الإعلامية، فقد بدأ في "الأهرام العربي"، وكتب على سبيل تحسين الدخل المادي في جريدة "الحياة" اللندنية، ثم كانت فاتحة الخير عليه عندما اقتنص نجيب ساويرس شبكة المصرية للاتصالات الوطنية للمحمول "موبينيل"، فمنحه عقد رعاية حصرية لصفحة الاتصالات في المجلة، وفي الجريدة اللندنية، ليكون صوته للخارج باسم "أوراسكوم للاتصالات" التي أصبحت شركة عالمية.

وعندما اقتحم ساويرس مجال الإعلام، اصطحب معه فتيانه، وأسكنهم فضائياته، فأعطى هذا برنامجاً وذاك منصباً في جريدته، وقدم القرموطي برنامجه الذي بكي فيه على مبارك عقب خطابه العاطفي قبل التنحي ثم خصصه للهجوم على الثورة ومساندة الثورة المضادة وفقاً لبوصلة توجهات القناة.

أوراق محروقة

أصبح المخبرون الصحفيون عبئاً على صانعيهم، بعد أن صاروا أوراقاً لعب محروقة على مائدة القمار السياسي، لم يعودوا مقنعين، ولا مؤثرين، ذلك لأنهم فقدوا مصداقيتهم لدرجة جعلت أقوالهم وبرامجهم مثار تندر وسخرية المواطنين حتى أولئك المواطنين المؤيدين للسلطة، ولعل ما جرى للنجم مجدي الجلاد - خريج مفرخة "الأهرام العربي" أيضاً - بالإطاحة به من منصبه كرئيس لتحرير جريدة "الوطن"، واستبداله بمحمود الكردوسي، صاحب مقالات الغزل السياسي الشهيرة، قد أعطت مؤشراً ونذيراً لمصائر الآخرين، الذين أصبحوا مثل خيل الأجهزة العجوز، ربما يتم التخلص منهم قريباً برصاصة الرحمة.

مجدي الجلاد الذي كتب مقالاً مؤخراً وصف فيه نفسه بـ"الصرصار"، لما يصله من أنباء تخص مصيره وتوجعه، قدم برنامج "توك شو" معروف، وتم وضعه على رأس جريدة "المصري اليوم" ثم "الوطن" قبل إقالته مؤخراً.

هناك ملاحظة أخيرة، ربما تكون في منتهي الخطورة، وربما تكون بلا أي معني أيضاً، تتعلق بـ"الأهرام العربي"، ذلك أنها ومنذ نشأتها كانت مقصد رموز صوفية، تلاحقها اتهامات بالتشيع، مثل الحبيب بن علي الجفري، الذي كان ضيفاً دائماً ليس على صفحاتها فحسب، بل وأيضاً في مقرها، حيث تم تسجيل زيارات كثيفة ومتكررة له بالمجلة، وكذلك لموظف بإحدى السفارات الأجنبية الذي عرف بالرؤى والمنامات، وكان يتم الانكباب على يديه وتقبيلها كلما دخل المجلة، وهو زائر شبه مقيم في الأضرحة المنسوبة "لآل البيت".

ضع هذه المعلومة مع حقيقة احتواء جوازات سفر عدد من محرري المجلة وعلى رأسهم خالد صلاح وخيري رمضان على تأشيرات زيارات لإيران على فترات متقاربة، لتثير علامة استفهام كبيرة، تلتف حول كلمة "العربي" اللاحقة لـ"الأهرام". 

شاهد الرابط:
https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=k0FbVnUySA4

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق