الشاعر عبد الرحمن يوسف: سلم المقصلة أحب إليَّ من سلم الطائرة!
23/05/2015
وصف
عبد الرحمن يوسف أزمة المعتقلين بسجون الانقلاب بأنها أزمة رهائن، قائلا
"النظام يحتجز في معتقلات هي أسوأ من محاكم التفتيش في عصور الظلام ما يقرب
من خمسين ألف رهينة، ويلعب بأرواحهم في لعبة مفاوضات سياسية تتعلق
بالمصالحة .. لعبة تكسير عظام دنيئة، لا نعلم آخرها".
وربط "يوسف" –في مقالٍ له بموقع عربي 21-
بين تأجيل دعوى «وقف إعدام متهمي عرب شركس» لـ19 مايو وتنفيذ الحكم، مع
صدور الصحف صبيحة اليوم الثاني تقول ذلك بشكل صريح (مصر تثأر لشهدائها)! من
خلال: حكم الإعدام على الرئيس محمد مرسي وأكثر من مئة متهم آخر في هزلية
الهرب من السجون، ومقتل ثلاثة وكلاء نيابة مع سائق الحافلة في سيناء في
كمين أعده مسلحون، وذلك بعد صدور الحكم على مرسي وقيادات الإخوان بعدة
ساعات. أهم ما في هذه الجريمة أنها جريمة لم يعلن أحد مسؤوليته عنها، وهو
أمر لم نعتده (خاصة في سيناء)!
مضيفا
"وفقا لتسلسل الأحداث كان لا بد من الفصل في دعوى وقف حكم الإعدام على
متهمي قضية عرب شركس أولا، ولكن النظام لم ينتظر، فقام بتنفيذ الحكم على
المتهمين في صبيحة اليوم التالي الأحد 16 مايو 2015، في شهر حرام، وهو ما
يخالف تقاليد تنفيذ أحكام الإعدام في مصر منذ الأزل، وكأنه ينتقم لمقتل
وكلاء النيابة".
مبديا
أكثر من شاهد يدلل على "أمنية النظام الآن أن ينجرّ معارضوه إلى العنف لكي
يضمن انتصارا ساحقا عليهم، فهم يلعبون معه لعبة السياسة والإعلام والوعي،
وهو كائن أحمق، لا يملك من مؤشرات الحياة سوى العضلات، أما المشاعر والعقل
والضمير ... فهي أشياء يسمع عنها ولا يعرفها، ولا يستطيع التعامل بها.
وقال
الشاعر عبد الرحم يوسف: إن النظام الموتور الذي يحكمنا يتعامل مع المعتقلين
لديه كرهائن، وهم محتجزون لكي يتم الزج بهم في لعبة القط والفأر بين
النظام وخصومه، إنهم عرضة لأي لحظة يحتاج فيها النظام للثأر، أو لاستعراض
القوة، ويبدو أن مئات المتهمين الذين قد صدر ضدهم أحكام مضحكة بالإعدام سوف
يتم اللعب بهم، ومقايضة أرواحهم مع كيانات مجهولة، أو التضحية بهم لامتصاص
غضب الجماهير، بغض النظر عن أي احترام لدولة القانون، أو لأي قيمة من
القيم التي يؤمن بها أهل هذا البلد العظيم.
بل إنني
لا أبالغ إذا قلت إن هذا النظام يحتفظ بالمصريين جميعا رهائن تحت ضرسه
وبيادته، ومن الممكن في أي لحظة أن تختطف أي رهينة لأي سبب كان.
وأشار
إلى قصة الطالب "إسلام صلاح الدين عطيتو"، الطالب في السنة الرابعة بهندسة
عين شمس، الذي أخرجه أمن الانقلاب من لجنة الامتحانات وقتله برصاص بارد ثم
ألقاه بصحراء التجمع الخامس. وفي صباح اليوم التالي نشرت وزارة الداخلية
خبر اغتيال الطالب إسلام في تبادل لإطلاق النار، وصورته كأحد الإرهابيين
العتاة! وادّعت وزارة الداخلية أنها تمكنت من تحديد مكان اختباء أحد عناصر
لجنة العمليات النوعية (لا تسلني ما معنى ذلك!!!) المتورطة في حادث اغتيال
(العقيد وائل طاحون - الضابط بمصلحة الأمن العام).
متعجبا
من جنازة الشهيد إسلام "كانت حدثا يوضح إلى أين نتجه، فبرغم حصار الشرطة
للجنازة واعتداءاتها عليها لم يمنع ذلك آلاف الشباب من حضور الجنازة، ومن
تحويلها إلى تظاهرة ضد حكم العسكر والانقلاب العسكري".
وأكد
"يوسف" أن إصرار النظام على جرّ معارضيه للعنف سببه عجزه أمام السلمية،
وسببه أنه يريد أن يلعب اللعبة التي يجيدها ... لعبة الدم. ستنهال عليه
المساعدات وسيعود الدعم إليه متدفقا في اللحظة التي تتحول فيه المعركة إلى
نزاع مسلح بين حكومة ومعارضة!
وقال
عبد الرحمن يوسف: بنى هذا النظام وجوده على أساسين، الأساس الأول : أنه
مدعوم من قوى دولية وإقليمية دعما سياسيا واقتصاديا كاملا. وقد تآكل هذا
الدعم تآكلا شبه كامل، وأصبح قائد الانقلاب وحيدا، يحاول أن يثبت شرعيته،
ولكنه يفاجأ كل يوم بصفعة جديدة، آخرها رفض رئيس البرلمان الألماني
مقابلته، وما زالت هناك الكثير من المواقف المحرجة في انتظاره، الأساس
الثاني الذي قام عليه هذا النظام : هو أن تثبيت أركان النظام سيستغرق عدة
أسابيع، أو عدة شهور على أقصى تقدير.
قائلا:
جميع خطط العسكر وضعت على أساس أن كل القوى التي ستقاوم الانقلاب لن تستطيع
الصمود سوى عدة أسابيع، ومن أوغل في التشاؤم ظنها عدة شهور. وحراك الشارع
اليوم يقترب من عامين، وأصبح من في السلطة يبحث عن خطط بديلة تتعلق بتأمين
الخروج منها.
ودعا
جميع القوى الثورية إلى أن تتقارب "لأن انهيار السلطة سيتبعه الفوضى،
ودورنا أن نسيطر على سائر مخططات الفوضى التي وضعها من دأب على تهديدنا
بها، ويجب كذلك أن نضع بدائل للأمة المصرية، وأن نكسب ثقة هذه الملايين
التي ستخرج قريبا إلى الشوارع".
وختم "يوسف" بهذه الملحوظة:
"هذه كلمة لا بد أن أقولها اليوم (السبت 23 مايو 2015) وهو اليوم المقرر
فيه عقد الجلسة الأولى للقضية التي اشتهرت بقضية (إهانة القضاء). كاتب هذه
السطور ضمن المتهمين، وعلى أساس هذا الاتهام تم منعي من السفر منذ ما يقرب
من عام ونصف.
أحب أن
أقول إن منعي من السفر لم يكن ليغير حقيقة أن جودي في مصر أمر اخترته ولم
أجبر عليه، لقد قررت أن أعيش في مصر، وأن أموت في مصر، وأن أدفن في مصر.
لست محبوسا هنا، بل دوري أن أحبس الظالمين في قصورهم حتى لحظة قريبة تتحرك فيها الجماهير لكي تحاصر السفاحين كالطريدة.
كتبت في
وصيتي أنني إذا متُّ خارج مصر لأي سبب فادفنوني في مصر، وإذا دفنت خارج
مصر لأي سبب، فأعيدوا رفاتي إلى مصر ولو بعد مائة عام، وإذا لم توجد لي
رفات لأي سبب، فأقيموا نصبا أو قبرا (رمزيا) توضع عليه رخامة يكتب عليها
اسمي على أرض مصر ولو بعد ألف عام. أنا المتهم الوحيد في هذه القضية الذي
لم يتم التحقيق معه أصلا رغم وجوده داخل البلاد.
وأحب أن
أذكر سائر قرائي ومن يحترمني أنني ما زلت متمسكا بكل مواقفي السياسية مذ
عرفني الناس، وأنني لم ولن أتراجع عن مقاومة أي طاغية قاومته في أي لحظة في
حياتي، وأنني على استعداد لدفع ثمن كل كلمة كتبتها نثرا أو شعرا، وأن سلم
المقصلة أحب إليَّ من سلم الطائرة!"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق