الجمعة، 29 مايو 2015

5 تفسيرات وراء عودة عنف “بلاك بلوك” لمصر بعد اختفائها عقب الانقلاب

5  تفسيرات وراء عودة عنف “بلاك بلوك” لمصر بعد اختفائها عقب الانقلاب

29 مايو , 2015
أعلنت مجموعة أطلقت على نفسها Black Bloc، على غرار مجموعة حملت الاسم نفسه، في فترة حكم الرئيس  محمد مرسي، عبر صفحة على موقع “فيس بوك” مسؤوليتها عن سلسلة من أعمال العنف، أبرزها حرق 5 أتوبيسات ركاب بمحافظة الإسماعيلية، وحرق سيارتين شرطة بمجلس مدينة بلبيس، وقطع طريق (الخصوص مسطرد) قرب القاهرة وغيرها، وعن فتح باب الانضمام إليها وتشكيل خلايا مسلحة.
وشنت الحركة هجومًا حادًا ضد السيسي، قائلة: “نعلن للعالم بأنك خائن وعقوبة الخيانة الإعدام (الموت).. لا حياة“، موجهة حديثها للسيسي، كما هاجمت الرئيس  محمد مرسي، قائلة: “محمد مرسي ونظامه أخطأوا في حقنا كشعب وكشباب، وكذلك فعل السيسي ونظامه، الذي سيسقط كالذي كان قبله“، على حد تعبيرهم، ودعت أعضاءها لتخصيص «مخبأ سري» لتخزين الأسلحة.
520152720239364
وقالت صفحة الحركة: “عدنا.. الانطلاقة الثانية”، مبررة عودتها المفاجئة بأن “اضطهاد السلطة لأبرياء عزل كأبرياء يناير -ولكن التمييز هنا في طرف قيادة شخصية تدفعه- هو من جعلهم يعودون ثانية“.
وأضافت: “جلب حقوقهم حق ثوري وديني وسياسي من حاكم من أبناء العسكرية، لنخوض المعركة سويًا ولنتقاسم النصر في اثنتين، واحدة لنا (مصر)، والثانية أملا لأبنائنا القادمين ليكملوا انتصاراتنا“.
واستطردت الحركة في بيانها: “الثورة مستمرة رغمًا عن أنف الجميع، لن نرجع لبؤر اليأس من جديد، تقدموا للأمام والمجد مشهود به للشهداء، مكملون ومستمرون، الله الوطن الثورة“.
وكان أول ظهور لـ «بلاك بلوك»، أيام حكم الرئيس محمد مرسي، ارتبط بالهجوم على مقرات الإخوان ومظاهراتهم وقتل أنصارهم؛ حيث شاركت في تظاهرات عديدة ضد الإخوان، واشتبكت مع عناصر التنظيم في عدد من المحافظات، فضلًا عن مهاجمة عدد من مقرات حزب الحرية والعدالة وحرقها.
خمسة تفسيرات
354692_Large_20150527090747_15
ويرى محللون ونشطاء أن الإعلان عن عودة بلاك بوك، يحمل أكثر من تفسير؛ (التفسير الأول): أنه ظهور مؤقت على يد الأجهزة الأمنية تحت اسم هذه الجماعة، حتى تزيد من مشاعر الخوف والفزع بين المصريين؛ وبالتالي زيادة تعلقهم بعبد الفتاح السيسي بدلًا من مهاجمته لعدم إنجازه أي شيء بعد مرور عامه الأول في الحكم، ومن ثم تصويره كمنقذ للمصريين من خطر “الإرهاب” الذي يتهددهم، مشيرين إلى أن “هدف النظام هو أن تمر ذكرى 8 يونيو(عام السيسي الأول في الحكم)، و30 يونيو، و3 يوليو (ذكرى انقلاب 2013) بسلام، وهي الأيام التي تخشى تلك الأجهزة خروج مظاهرات شعبية حاشدة فيها، تطالب برحيل السيسي“.
(التفسير الثاني): كما يراه فريق آخر من المحللين لظهور هذه المجموعة العنيفة بعدما اختفت عقب الانقلاب على حكم الرئيس مرسي، أنها مجموعات ظهرت لاستكمال دورها في محاربة مظاهرات الإخوان في ظل الفشل الأمني في قمعها ووقفها. ويشير مؤيدو هذا الرأي لما سبق أن أعلنت عنه مجموعة معادية للإخوان في أبريل الماضي باسم (حركة مقاومة الإخوان الشعبية) “حماش”، والتي قالت إنها تهدف إلى مواجهة معارضي النظام الحالي لاسيما جماعة الإخوان المسلمين بالقوة، ووصفت نفسها في بيان بأنها: “حركة مقاومة ضد الإرهاب، ولأن الإرهاب لا يمكن مقاومته إلا بإرهاب مماثل، فلا يفل الحديد إلا الحديد؛ لذلك كان الهدف الرئيس لنا الذي اتفقنا عليه هو الضرب بقوة على يد عناصر الإخوان لمنعهم من القيام بأي عمل إرهابي“.
وأعادت تلك الحركة إلى الأذهان حركة “البلاك بلوك” التي ظهرت في عهد الرئيس محمد مرسي ونشطت في عمليات مهاجمة مقرات الإخوان وقطع طرق واحتجاجات أخذت طابع العنف بالشارع المصري، دون أن تتصدى لها الشرطة.
(التفسير الثالث): أنها (بلاك بلوك) تحاول سحب البساط من تحت أقدام الإخوان الذين يقودون الثورة الشعبية وحدهم في الشارع منذ قرابة عامين، فهناك مخاوف من أن يثور الشعب كما حدث في ثورة يناير مرة أخرى بسبب تدهور الأحوال الاقتصادية والأمنية، فتسقط الثمرة في يد الإخوان مرة أخرى، كما تقول مصادر حزبية؛ ولهذا بدأ ظهور حركات مقاومة أخرى للسلطة أو إعادة إحياء حركات عنف سابقة، للإيحاء بأن لها دورًا في الثورة ضد السيسي.
CGFaSbxXIAAh2Li
(التفسير الرابع): ويذهب فريق رابع إلى أنها حركة معارضة للسيسي بالفعل، ولكن يحركها معارضو السيسي من القادة العسكريين السابقين خصوصًا رئيس الأركان سامي عنان، والمرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق الذي قالت الصحف إن السيسي أرسل له تحذيرًا من العودة لمصر، وبدأت أذرع النظام الإعلامية بمهاجمته وتقول إنه وراء الاضطرابات في مصر أملًا في العودة كرئيس.
وقد عبر عن هذا عدد من نشطاء مواقع التواصل، الذين قالوا: “بلاك بلوك رجعت وبتقول نور العين (السيسي) بينتقم من الشباب وحان وقت القصاص والرحيل.. شفيق وعنان اللعب اشتغل”.
كذلك أشارت صحف مؤيدة للسلطة لما قالت إنها “تحركات المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق للسيطرة على البرلمان المقبل“، واتهامه بأنه يحرك العنف في الشارع بغرض العودة كرئيس وبديل للسيسي.
CF6_KftVIAAlFFn
وشنت صحف مؤيدة للسلطة وفضائيات حملة هجوم عنيفة مؤخرًا ضد الفريق أحمد شفيق، الهارب إلى الإمارات والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية، وكذا الفريق سامي عنان رئيس الأركان السابق، وكشفت صحيفة “الشروق” الخاصة الداعمة للسلطة، عن مضمون رسالة تلقاها الفريق أحمد شفيق خلال إقامته بالإمارات من قبل جهات سيادية مصرية تحذره “أن يوقف النشاطات التي يقوم بها، والتي يسعى من خلالها للبقاء على الساحة السياسية في مصر أو العودة إليها“.
وبحسب المصادر السيادية، فإن هذه الرسالة جاءت بعد رصد تحركات لشفيق تهدف إلى زعزعة ما وصفته الشروق بـ “شرعية عبد الفتاح السيسي”، موضحة أن “المرشح الرئاسي السابق يتواصل مع شخصيات في جهات هامة ما زالت باقية على دعمه، وما زالت تأمل في أن يكون له دور في الحياة السياسية“.
وأكدت المصادر كذلك أن الرسالة شملت أيضًا من وصفتهم بـ «أعوان شفيق»، الذين “يظنون أو يتوهمون أن هناك تغييرات سياسية كبيرة يمكن أن تقع في مصر، ويريدون أن يكون الفريق حاضرًا في الصورة“، مضيفين أن الرسالة التي نقلت لهم بوضوح أن اجتماعاتهم واتصالاتهم ونشاطاتهم تحت المتابعة، حتى وإن كان بعضهم ما زال يعمل في جهات مهمة في الدولة.
(التفسير الخامس): ولا يستبعد فريق خامس من المحليين أن تكون التحركات الأخيرة بعودة بلاك بوك تحركات معارضة فعليًا للسيسي من مجموعات ليبرالية ويسارية عانت من القمع على أيدي قوات الأمن؛ فقررت اللجوء للعنف ضد النظام الجديد مرة أخرى، مستغلة مرور عام على حكم السيسي الذي وجه قمعه لكل القوى السياسية، ويقول مراقبون إنه خسر حلفاءه في 30 يونيو من اليسار والتيار الليبرالي الذين دعموه للتخلص من الإخوان، ولكنه بدأ يتخلص منهم ويضيق عليهم أيضًا.
“بلاك بلوك” تتبرأ من الـ “بلاك بلوك”!
اللافت في الأمر، وهو ما يعزز عددًا من التفسيرات السابقة، أن حركة بلاك بلوك الشهيرة، التي ظهرت خلال فترة حكم الإخوان، تبرأت من تلك الأحداث والتفجيرات، نافية عودة أنشطتها في الوقت الحالي!
حيث نفت الصفحة القديمة لمجموعة “بلاك بلوك” (التي كانت تهاجم الإخوان) عودتها من جديد؛ ليطرح ذلك العديد من التساؤلات حول هوية الحركة الجديدة والقائمين عليها.
520152720239366
حيث قالت الصفحة: “في إيفنت منشور بعودة البلاك بلوك.. الكلام ده غير صحيح إحنا موقفين نشاطنا خالص دلوقتي، راجعين صحيح بس ده مش وقتنا، ومش هنحارب في كذا جهة، إحنا ضد الإخوان وضد حكم العسكر، خلي العسكر والإخوان يلعبوا مع بعض واللي هيكسب هنقابله.. مش هنتحسب على حد فيهم.. وأي صفحة غير دي لا تمثلنا“؟!
البلاك بلوك “إخوانية”!
وقد ظهرت تفسيرات أخرى غريبة على لسان مصادر أمنية، تعتبر أن جماعة الإخوان المسلمين هي التي تقف وراء بلاك بلوك الأخيرة، وعنفها مثل تنظيمات أخرى متهمة أيضًا أمنيًا بأنها إخوان مثل “العقاب الثوري”.
حيث قال اللواء محمد نور الدين، إن “البلاك بلوك وغيرها من الحركات الأخرى كـ “العقاب الثوري وتحالف الاشتراكيين الثوريين و6 أبريل والسلفية الجهادية“، كلها جماعات وحركات منبثقة عن تنظيم الإخوان، لكنها تحمل مسميات مختلفة، لتنفيذ عمليات عنف ومظاهرات في الشارع المصري، وتهديد وتخويف المواطنين وتحريضهم ضد النظام الحالي مع اقتراب مرور عام على حكم السيسي”، بحسب تصريحاته.
وقال إن الهدف من ظهور الحركة “تسخين” الأجواء ضد النظام، حتى لا يقال إن الإخوان وحدهم ضد الدولة، إنما يوجد معارضون آخرون، مدعيًا أن “هذه الحركات تلقت تمويلات خارجية من قطر وتركيا لتنفيذ عمليات إرهابية قبل 30 يونيو“.
أيضًا، أكد الباحث الدكتور محمد كامل، أنه لابد من التفريق بين حركة (بلاك بلوك) التي ظهرت إبان حكم جماعة الإخوان والتي كانت تهدف لحماية المتظاهرين من هجمات أعضاء الجماعة، كما حدث في أحداث فض اعتصام الاتحادية، ولم تكن الحركة محسوبة بشكل أو بآخر على التيار الإسلامي على العكس، فكان الإسلاميون وقتها يتوعدون الحركة وأعضاءها ويطالبون ليل نهار بالقبض عليهم وتحديد هوياتهم.
أما الحركة الجديدة: “فهي مثيلة لحركات العنف الإخوانية الصغيرة مثل العقاب الثوري والمقاومة الشعبية ومجهولين وغيرها من الحركات الصغيرة التي تعمل على تنفيذ أجندات الإخوان التخريبية، والتي تهتم بتدمير أهداف بسيطة“، بحسب قوله.
وزعم أن “حركة (بلاك بلوك) الجديدة” لها علاقة واضحة بجماعة الإخوان الإرهابية ولا يمكن الفصل بينهما، مهما ادعت قيادات الجماعة تمسكها بالسلمية أو رفض العنف الدائر حاليًا، والسبيل الوحيد للفصل بين الجماعة والحركة هو أن يخرج قيادات الجماعة للتبرؤ من تلك الأفعال.
وأضاف كامل في تصريحات صحفية، أن “تشابه اسم الحركة مع حركة قديمة، هو أمر مقصود وله أبعاده السياسية والنفسية؛ فالمقصود هنا هو الاستعارة السياسية وتذكير الشعب المصري بالحركة القديمة عقابًا له على احتوائها والدفاع عنها كحركة مقاومة لحكم الجماعة الإرهابية“، بحسب قوله.
وحذر الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، من أن عودة “بلاك بلوك”: “أمر مخيف يؤدي لحالة من الفوضى، في ظل دولة تحاول إعادة بناء نفسها“.
واستنكر اللواء جمال أبو ذكري، الخبير الأمني، ظهور مثل تلك الحركات قائلًا: “إن وجودها سيؤدي إلى فوضى داخل البلاد وحروب فصائلية مثل اليمن، وهو أمر مرفوض تمامًا“.
وقال اللواء حسام لاشين، الخبير الأمني، مساعد وزير الداخلية السابق: “إننا في دولة ولسنا في غابة”، مضيفًا: “الأجهزة الأمنية لن تسمح بتكوين ميليشيات حتى وإن كانت لمواجهة الإرهاب”.
وحذر من أن “مثل هذه الحركات التي أعلنت أنها ستواجه الإرهاب بالإرهاب ستؤدي إلى حرب أهلية لا يعلم مداها إلا الله وستخلف آلاف الضحايا”؛ إلا أن “الدولة لن تسمح بأن يأخذ المواطن حقه بيده”.
وأضاف الخبير الأمني: “الأجهزة الأمنية ستتعامل حاليًا مع تلك الأنباء وتقوم بدراستها وتحليلها للوقوف على حقيقة الأمر ومدى مصداقيته”، مؤكدًا أنها “ستتعامل مع الأمر بمنتهى الجدية من خلال أجهزة المعلومات التي لديها”.
وإبان حكم الإخوان، ظهرت حركة شبابية أطلقت على نفسها اسم “بلاك بلوك” تتميّز في التظاهرات بلباسها الأسود وأقنعتها بهدف إخفاء الهوية حتى بين أفراد المجموعة نفسها، واشتركت في تظاهرات وأعمال شغب وقطع أنفاق المترو والجسور المؤدية إلى الميادين، وكانت تدعو لاقتحام المباني الخدمية والإدارية في شتى أنحاء الجمهورية، ومع الإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين اختفت هذه الحركة؛ ما فسرها كثيرون بأنها حركة تابعة لجهات سيادية حققت هدفها ثم اختفت بعد ذلك.
-----------------------

المصدر : التقرير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق