الأحد، 19 فبراير 2017

"شهيدة الورد".. شيماء الصباغ قاتلها يحكم مصر بالرصاص

"شهيدة الورد".. شيماء الصباغ قاتلها يحكم مصر بالرصاص

شيماء الصباغ
19/02/2017


أنظر إلى وجهها في تلك الصورة وقد تطايرت عليه الدماء، فأراها تنظر باندهاش إلى الحائط المواجه، أقول: لعلها كانت تحاول أن تفهم كيف ستصبح مصر دولة أفضل، إن أطلقت شرطة الانقلاب النار على امرأة لا تملك سوى الهتاف"، هكذا وصف احد المراقبين مقتل الناشطة شيماء الصباغ، التي كانت تهتف في ميدان الرمل بالإسكندرية أثناء ثورة 25 يناير2011، وهي تشارك ملايين الثائرين من جميع الاتجاهات المصرية ضد نظام المخلوع مبارك حلم التغيير، كانت وقتها حاملاً في طفلها بلال، مر عامين على رحيل الناشطة الثائرة التي قتلت بطلق "ميري" من إحدى بنادق الانقلاب عشية الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير قرب ميدان التحرير، وكانت وقتها تحمل الورود وتطالب بالقصاص لشهداء الثورة.

وتستمع إحدى محاكم الشامخ، المنظور أمامها إعادة محاكمة قاتل شيماء الصباغ، للمرافعات النهائية من النيابة ومحامي المجني عليها ومحامي الجاني بجلسة يوم الأحد 19 فبراير 2017 بمحكمة القاهرة الجديدة قاعة جنايات 2 الساعة الثانية عشرة ظهرًا، فيما ينتظر ضابط الأمن المركزي الملازم أول ياسين حاتم، الذي صدر حكم بمعاقبته بالسجن المشدد 15 سنة؛ قبول الطعن وكوبون البراءة.

وقد أثار ما خلصت إليه مصلحة الطب الشرعي في مصر من أن مقتل الناشطة اليسارية شيماء الصباغ يعود إلى نحافة جسمها وليس بسبب طلقات الخرطوش التي أصابتها، غضب العديد من المصريين الذين عبروا عن ذلك عبر صفحات التواصل الاجتماعي بتعليقات ساخرة.

شيماء الصباغ أم بلال
حملت ورودها من الإسكندرية إلى القاهرة من أجل وضعها على النصب التذكاري لشهداء الثورة بميدان التحرير، لكنها لم تكن تعلم أن ستلحق بمن سبقوها بعد دقائق قليلة، لتصبح رمزًا وأيقونة من بين رموز عدة في طريق طويل لنيل الحرية.

كانت عضو في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، ولقت حتفها برصاص بندقية خرطوش أفضى إلى موتها، أثناء مشاركتها في يوم 24 يناير 2015 مع وفد حزبي، يحمل الورود لإحياء ذكرى شهداء ثورة يناير قرب ميدان التحرير.


ودشن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي حملة إلكترونية؛ للتضامن مع شيماء الصباغ قبل الجلسة الأخيرة، تحت هاشتاج “#العدالة_لشيماء_الصباغ”، مطالبًا شباب الثورة والكوادر السياسية بالحديث عن شهيدة الورد شيماء الصباغ، التي خرجت تحمل إكليل الزهور؛ لوضعه على النصب التذكاري لشهداء الثورة بميدان التحرير؛ تكريما لهم، فأصبحت منهم.

قضية شهيدة الورد اتخذت شكلًا ليس بالجديد على قضايا قتل المتظاهرين، التي أخذ معظم الجناة فيها براءة من التهم المنسوبة إليهم، مثلما حدث مع المخلوع مبارك وأعوانه في قضية قتل متظاهري ثورة 25 يناير، أو قضية فض اعتصامي رابعة والنهضة، والتي قتل فيهما زهاء 5000 متظاهر سلمي، ما بين قنص بالرصاص أو حرق بقنابل محرمة دولياً.

وزعم المحامي فريد الديب، محامي المخلوع مبارك، ووكيل الضابط المجرم قاتل شيماء في مرافعته أمام محكمة النقض، على أن المظاهرة التي قتلت فيها الصباغ أحاطتها ظروف وملابسات استثنائية؛ لوقوعها أثناء ذكرى 25 يناير، وأنه لو كانت لدى الضابط المتهم نية للقتل العمد، لسقط عشرات الضحايا والمصابين.

ودفع الديب بانتفاء القصد الجنائي للمتهم وانتفاء جريمة القتل العمد، واستند في دفعه على ما ورد في حكم الجنايات أن جريمة القتل جاءت عن طيش من الضابط، وأنه ليست لديه خبرة؛ لصغر سنة، فهو يبلغ من العمر 25 عامًا.

القاتل من جهة أمنية
حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أكد أن نية القتل العمد توافرت لدى ضابط الأمن المركزي، وكان عليها إجماع، بما فيها حكم البراءة لكافة أعضاء الحزب الذين شاركوا شيماء في مسيرة التحرير، فضلًا عن أن شيماء كانت تسير بورود، ولا تقول شعارات ضد الشرطة، بل على العكس كانت تهتف ضد الإرهاب.

واستشهد الحزب على لسان مدحت الزاهد، القائم بأعمال الحزب، بشهادة ضابط القوات المسلحة عن المقذوفات التي استخدمت ضد الشهيدة شيماء الصباغ؛ لأنها كانت الفيصل والحسم أمام المحكمة، فقد أشار إلى أن السلاح الذي استخدمه ضابط الأمن المركزي قاتل، بالإضافة إلى أن الشهادة جاءت من عقيد قوات مسلحة، أي من المؤسسة الرسمية للدولة، والتي نعتز بها ونقدرها، مشيرًا إلى أن محامي المتهم يريد أن يجد مخرجًا وعذرًا لموكله، وأن يجد له طريقة ليفلت من العقاب، مشددًا على أن القضية متوفر بها ركن العمد والقصد.

شيماء الصباغ هي ناشطة عمالية وحقوقية، لم تكمل عامها الثاني والثلاثين، أم الطفل بلال، الذي لم يتجاوز الأربعة أعوام عند استشهاد أمه، كانت لا تكل ولا تمل من العمل لخدمة وطنها، ساعية لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير التي كانت تؤمن بها، ولفظت أنفاسها الأخيرة يوم 24 يناير 2015 في ميدان طلعت حرب، أثناء مسيرة لإحياء الذكرى الرابعة للثورة، حاملة إكليل الزهور؛ لتضعه على النصب التذكاري لشهداء ثورة يناير بميدان التحرير، لينتهي بها الأمر بأن تكون شهيدة الزهور.


جدير بالذكر أن مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب رصد 109 حالة قتل قامت بها سلطات الانقلاب خلال شهر يناير 2017، موضحا أن العدد الأكبر منهم كان 26 جراء قصف المدفعية، و23 خلال حملات أمنية، و20 خلال المداهمات و 9 نتيجة التصفية، وتخشى بعض الأسر من التبليغ عن حالات الاختفاء القسري بحق أبنائها خشية تعرضهم للتصفية والقتل.

ويشرح التقرير كيف تفاقمت ظاهرة الاختفاء القسري بعد انقلاب 30 يونيو 2013، وكيف أصبحت جريمة تشكل تهديداًً بالغاً للمجتمع و عصفا بسيادة الدستور و القانون، وكيف أعطى العسكر الضوء الأخضر لجلادي الأمن الوطني لممارسة التعذيب بحق الأشخاص دون محاسبة أو رقابة من الجهات القضائية.

فلم يفرق قطعان ميلشيا الأمن الوطني بين طفل وبنت وشاب وكهل، ولم يفرق أيضاً بين منتمي لحزب أو مجرد عابر سبيل، حيث تعرضت تلك الفئات المختلفة لجريمة الاختفاء القسري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق