الثلاثاء، 25 أكتوبر 2016

فورين أفيرز : هوس السيسي بقمع الإخوان يدمر مصر والمنطقة العربية

فورين أفيرز : هوس السيسي بقمع الإخوان يدمر مصر والمنطقة العربية

د.محمد بيع وقائد الانقلاب
25/10/2016 


ستيفن كوك، هو مدير مكتب العالم العربي وتركيا في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، الذي يعد مطبخ سياسات أمريكا للحزبين الجمهوري والديمقراطي معا، وإن كان الديمقراطيون يستمعون له أكثر، ولهذا فعندما يتحدث تنصت له الجهات الحكومية الأمريكية.

"كوك" أعد دراسة نشرها في موقع مجلة "فورين أفيرز" العريقة بعدد نوفمبر، ديسمبر المقبل 2016، بعنوان: "كابوس مصر: حرب السيسي المدمرة على الإرهاب"، أشار فيها إلى أن "كابوس مصر منذ 1948 هو هاجس معاداة الإخوان، والذي تصدره مصر لباقي دول المنطقة، وهو ما يعوق تقدمها".

وتوقع "كوك" أن تضغط هيلاري كلينتون في حالة فورها بالرئاسة (يبدو أنه يتوقع فورها لحديثه عنها كرئيسة لا عن ترامب) بشدة على العسكر والإخوان "لتقاسم السلطة"، بالرغم من المواقف العلنية الرافضة للحوار من الجانبين، بحسب قوله.

ولم ينسَ السياسي الأمريكي أن يشير إلى أن "أمريكا بددت 80 مليار دولار معونات لمصر بدون طائل"، حسب قوله، في إشارة للأموال التي تم دفعها لمصر في صورة مساعدات اقتصادية وعسكرية منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد.

ستيفن كوك أكد أن عبدالفتاح السيسي دشن "نظاما أكثر استبدادية من النظام الذي أشرف عليه الرئيس السابق مبارك"، وبعدما كان المصريون يهتفون عقب إسقاط وتنحي مبارك "ارفع رأسك فوق أنت مصري"، عادت مصر الآن، وأصبح هذا الفخر والأمل طي النسيان مرة أخرى.

وقال إن "الأوضاع في مصر أصبحت الآن أسوأ بكثير مما كانت عليه قبل ثورة 25 يناير 2011، فالاقتصاد يشهد ركودًا، كما أن احتياطيات مصر من العملات الأجنبية انخفضت إلى مستويات خطيرة، والسياحة تمر بأزمة كبرى بعدما انخفض زوار مصر إلى أكثر من النصف".
وأشار إلى انهيار البنية التحتية المصرية وتدهور نظم التعليم والصحة العامة، وعيش 22.5 مليون مصري، تحت خط الفقر، وتجاوز نسبة البطالة في صفوف الشباب 40%.

لا يجيدون إلا القمع
ويقول "كوك" أنه "رغم كل هذه الأزمات إلا أن حكام مصر لم يحاولوا فعل الكثير لإنعاش الاقتصاد، وبدلاً عن ذلك، واصلوا التركيز على الأمر الوحيد الذي يجيدونه وهو "قمع المواطنين".

فمنذ سيطرة «السيسي» على السلطة في يوليو/تموز من سنة 2013، ألقت قواته الأمنية القبض على أكثر من 40 ألف شخص، كما قاموا بقتل أكثر من 3000 شخص، كما «اختفى» مئات آخرون وتم احتجاز آلاف الأشخاص وهو في انتظار محاكمتهم.

تقرير فورين أفيرز يشير لأنه رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على الإطاحة بالرئيس «محمد مرسي» بعد انقلاب عسكري، لا تزال الدولة المصرية تري ان وظفته الوحيدة هي تدمير جماعة الإخوان المسلمين، ولا يهتم قادة الانقلاب الحاليين، بما قد يلحق المواطن المصري العادي من أضرار بسبب هوسهم بهذه الجماعة.

ويحذر من أن المصريون يعانون وبشدة، وأنهم ليسوا وحدهم في هذه المعاناة، فسكان غزة وسوريا وليبيا يدفعون الثمن أيضًا، بعدما حول النظام في مصر مبادئ السياسة الخارجية والداخلية لمصر في "ملاحقة مصر للإخوان المسلمين، أو أي منظمة تتشابه مع الإخوان".
ويعترف بأنه "في الوقت الحالي، لا يمكن للولايات المتحدة (أهم مصدر للمساعدات الأجنبية) مساعدة مصر، لذلك، فإنه على الحكومة المصرية أن تحاول حل مشاكلها بنفسها، لكن حتى الآن، لم يظهر السيسي أي علامات على استعاده أو قدرته على إحداث أي إصلاح".
بالفيديو: رئيس لجنة حصر أموال الإخوان يفضح نفسه
"الأصل" ملاحقة الإخوان
ستيفن كوك يؤكد أن "قلق النظام المصري من نفوذ جماعة الإخوان المسلمون، وخوفه منهم بدأ قبل تولي «السيسي» للسلطة، وأن ذلك يعود إلى عام 1948، عندما قامت الحكومة المصرية بحل الجماعة واتهمتها بالتخطيط للثورة، ثم سَجن الرئيس «جمال عبد الناصر» لاحقا الآلاف من أعضائها بعد نجاته من محاولة اغتيال سنة 1954.

وحاول «أنور السادات» حاول اتباع طريق مختلف، وتحمل وجود جماعة الإخوان لفترة قصيرة إلى أن ساءت علاقته مع الجماعة بعد أن وقع معاهدة سلام مع (إسرائيل) سنة 1979.

وتساهل مبارك، بحسب "كوك"، مع الجماعة في البداية على أمل أن تكون وسيلة لمنع ظهور جماعات أخرى عنيفة، لذلك، تم السماح لأعضاء الجماعة بالعمل في الجامعات على سبيل المثال، ولم يحاول مبارك تعطيل شبكة الخدمات الاجتماعية للجماعة على الرغم من أن حكومته حاولت التحكم فيها.

ولكن عندما تبين لـ«مبارك» أن سلطة جماعة الإخوان تعززت، قام باتخاذ إجراءات صارمة، خاصة بعد فوز المرشحين التابعين لجماعة الإخوان بحوالي 20% من المقاعد في الانتخابات البرلمانية التي جرت سنة 2005، وسجن على إثر ذلك المئات من أعضاء الجماعة.

وصم الإخوان بالإرهاب
وعقب الانقلاب العسكري 3 يوليو 2013، وفي ديسمبر 2013، صنفت الحكومة المصرية جماعة الإخوان المسلمين في قائمة المنظمات الإرهابية، ومنذ ذلك القرار، وإلى جانب الاعتقالات الجماعية، اضطرت الحكومة العديد من قادة الجماعة إلى الفرار من القمع والتوجه إلى الدوحة ولندن وإسطنبول.

كما قامت الحكومة المصرية بوقف نشاط ما يقارب عن 500 منظمة غير حكومية، بعد الادعاء أنها مرتبطة بالجماعة.

ويزعم السياسي الأمريكي، أن أحد أسباب دعم بعض المصريين لممارسات السيسي ضد الاخوان يرجع لما أسماه "إثبات الاخوان خلال فترة حكمهم أنهم استبداديون وغير أكفاء على الرغم من أن لهم جذورًا عميقة في المجتمع المصري".

ويقول إنه "منذ إنشاء الجماعة سنة 1928 على يد «حسن البنا»، كان الإخوان رمزًا للأصالة والقومية والإصلاح الديني، وهو ما اعتبره المصريون أمرًا جديدًا وجذابًا، كما أن الجماعة نجحت في استقطاب أتباعها من خلال معارضتها للصهيونية في ثلاثينات القرن الماضي، ومعارضتها للنظام الملكي في الأربعينات وللبريطانيين في الخمسينات.

أيضا من خلال معارضتها للولايات المتحدة وتقديم خدمات اجتماعية للآلاف من المصريين الذين أصبحوا فيما بعد أهم مصدر دعم سياسي للجماعة، زادت شعبية الاخوان وكل هذه العوامل جعلت من الصعب القضاء كليًا على الإخوان، وأصبح الأمر غير ممكنة.

السيسي جعل الأوضاع أكثر سوءا
ولكن، بحسب خبير "مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي"، هي أن السيسي لم ينجح سوى في التصعيد في العنف، وهو أمر بات مألوفًا لدى المصريين منذ تنحي مبارك.

ويري أن حرب «السيسي» على الإرهاب "أصبحت بمثابة سخرية من الدعوات إلى الوحدة والآداب والتسامح التي ملأت ميدان التحرير في شتاء سنة 2011 وفي أواخر يونيو سنة 2013".

ويقول إن «محمد مرسي» لم يكن ملاكًا، زاعما أن "سياساته أصبحت تمثل تهديدًا على النسيج الاجتماعي المصري، وربما كان للجيش مبررات للإطاحة به"، لكنه يؤكد أن "إصرار الجيش على القضاء على أتباع مرسي جعل الأوضاع أكثر سوءًا".

ويقول إن السيسي يبالغ في حربه ضد الاخوان، وبدعم من وسائل الإعلام، تبدو حملته ضد الإخوان وكأنها "حرب"، مبالغا في التحدث عن الخطر الذي تفرضه الجماعة.

الفساد والبيروقراطية
ويشير "كوك" لأنه يجب على «السيسي» أن يهتم بأشياء أخرى مثل الفساد والبيروقراطية التي أدت إلى ركود في الاقتصاد المصري، وأنه فشل حين اختار نهج المشاريع العملاقة، وأنفق أكثر من 8 مليارات دولار بهدف توسيع قناة السويس، لأنه لم يكن لهذا التوسيع أي إيرادات.

ويرى أنه بدلاً من ذلك، كان على «السيسي» أن يعمل على تحسين البنية التحتية التي من شأنها أن تعزز الاقتصاد، أو أن يطور شبكة النقل العمومي، إذ يعاني قطاع التعليم وقطاع الصحة في مصر من نقص التمويل، كما أن الحكومة عاجزة تقريبًا عن توفير الماء الصالح للشراب.

الخراب الذي تركه السيسي
ويقول الكاتب الأمريكي "إن الحالة المزرية التي وصلت إليها مصر في هذه الفترة مقلقة بما فيه الكفاية، لكن الخراب الذي خلفه هوس «السيسي» بملاحقة جماعة الإخوان المسلمين امتد خارج مصر ليزعزع استقرار المنطقة.

وأشار إلى غزة على سبيل المثال؛ مشيرا لعرض «مرسي» على حماس دعمًا رمزيًا، لكنه لم يغير الكثير من سياسات مصر تجاه فلسطين، وواصل الحفاظ على الحصار الذي بدأه مبارك سنة 2007 على غزة.

ولكن منذ تولي «السيسي» للسلطة، سعت مصر إلى تدمير حماس، وخلال الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد حماس، قامت الحكومة المصرية بتشجيع (إسرائيل) على إعادة احتلال قطاع غزة والقضاء على حركة حماس، لكن الإسرائيليين رفضوا ذلك.

ويقول إن «السيسي» تولى مهمة القضاء على حركة حماس بلا من إسرائيل، غير ولم يتردد في تضييق الخناق على قطاع غزة، كما حدّت حكومته من عدد الفلسطينيين المسموح لهم بدخول مصر ودمرت العديد من الأنفاق التي بنيت تحت الجدار الحدودي المصري منذ فترة طويلة والتي كانت مصدرًا هامًا للمواد الغذائية ومواد البناء والسلع الفاخرة والأسلحة.

وفي أواخر سنة 2014، أنشأ الجيش المصري منطقة عازلة على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة، وقام بهدم ما يقارب عن 800 منزل لإنشاء تلك المنطقة، وبعد فترة قصيرة، تم توسيع المنطقة العازلة وهدم 500 منزل آخر، وبحلول منتصف سنة 2016، كان الجيش قد هدم قرية كاملة في رفح وأنشأ طريقًا حزاميًا أمنيًا يبلغ طوله من ثلاثة إلى خمسة أميال يمتد على طول الحدود المصرية مع مصر.

وحسب "كوك": "تجاهل الرئيس المصري الاختلافات الجوهرية بين حماس وجماعة الإخوان في مصر، فهما مختلفتان في التكتيكات والاستراتيجيات والأهداف".

فحماس تريد تحرير فلسطين من خلال استعمال العنف، بحسب زعمه، بينما جماعة الإخوان المسلمين سعت منذ عقود إلى تولي السلطة من خلال وسائل سلمية غير عنيفة.

ويشير إلى أنه لا تتوافر سوى أدلة قليلة جدًا تفيد بتعاون حماس وجماعة الإخوان لتقويض النظام المصري، لكن «السيسي» لا يهتم بمثل هذه الاختلافات، على الرغم من أن محاولاته للقضاء على حماس زادت من معاناة سكان غزة الذين يبلغ عددهم 1.8 ملايين.

وأبدي خشيته من أنه مع تراجع الدعم المقدم لحماس، قد يبدأ صراع جديد بين حماس و(إسرائيل)، الأمر الذي سيزيد من معاناة الفلسطينيين في غزة.

محور السيسي ضد الإخوان
ويتطرق السياسي الأمريكي لما أسماه "هوس مصر بجماعة الإخوان المسلمين" الذي جعل السيسي يسعي لتشكيل محور من الدول المناهضة لهم، حتى أصبح مرجعًا لدول مثل سوريا ولا يهمه سوى القضاء على الإخوان فيها.

ويقول إنه بعد تنحي مبارك عن السلطة، لم يبد مجلس "طنطاوي" العسكري اهتمامًا كبيرًا بالحرب الأهلية في سوريا، بسبب تحديات ما بعد ثورة يناير، وعندما فاز الرئيس محمد مرسي غير الكفة ودعم الثورة السورية، أما الآن فحكومة السيسي، كما قال في أواخر أيلول/ سبتمبر 2015، خلال مقابلة مع «سي إن إن» تري إن "الأولوية في سوريا تتمثل في ضرورة محاربة الإرهابيين الذين يضمون جماعة الإخوان المسلمين".

ويقول: "في سوريا، كما هو الحال في غزة، خلط السيسي بين جماعة الإخوان والمتطرفين العنيفين، وبما أن لجماعة الإخوان فرعًا في سوريا، فإن السيسي يخشى من أن يلعب الإخوان دورًا في بناء حكومة سورية جديدة، ويخشى أن يعني هذا أن الإخوان قد يصبحون قادرين على أن يكونوا قوة سياسية بديلة في مصر".

وهذا على الرغم من أن فكرة لعب الإخوان المسلمين دورًا فعالاً في الحكومة السورية المستقبلية "تعتبر فكرة غير بعيدة المنال"، فعلى الرغم من سحق «حافظ الأسد» لهذه الحركة فيما يعرف بمجزرة حماة سنة 1982، فإن نجله «بشار الأسد» سمح لأعضاء هذه الحركة بالتعافي وإعادة جمع شتاتهم.

وعندما بدأت الانتفاضة في سوريا في مارس 2011، كان الإخوان المسلمون في غاية الحذر ولم يبدؤوا بالتحرك إلا في الخريف الذي تلا الثورة من خلال المساهمة في تأسيس المجلس الوطني السوري الذي ضم أغلب أطياف المعارضة.

وقد تعزز وجود الإخوان المسلمين في سوريا بفضل حليفها التركي، رجب طيب أردوغان، الذي سيسعى حتمًا إلى حماية مصالح تركيا في سوريا في مرحلة ما بعد الأسد من خلال تفعيل وتعزيز دور الإخوان المسلمين.

السيسي قلق من إخوان سوريا
ويشير التقرير إلى أن القاهرة تبالغ في خوفها من تأثير الإخوان المسلمين في سوريا، لكن على خلاف ما كرسته جماعة الإخوان في مصر، على الرغم من أن هذه الحركة لم تمارس أي نوع من التأثير الثقافي أو الاجتماعي أو السياسي في سوريا، منذ مجزرة حماة، وقيادات الحركة في المنفى ظلت بعيدة تمامًا عن الرأي العام السوري، بحسب فورين أفيرز.

ويضيف: "ومع هذا تجاهل السيسي مرة أخرى الفوارق بين الحركتين بسبب خوفه غير المنطقي من إمكانية تكرر السيناريو المصري في دمشق، وعلى الرغم من أن النظام سوري هو الملام الأول على قتل الآلاف وتشريد الملايين".

وضمن دعمه للأسد بهدف منع الاخوان في سوريا، قرر السيسي الانسحاب من الحلف المعارض للأسد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات والسعودية، والانضمام إلى الحلف المساند له، بقيادة روسيا إيران وحزب الله، ولكنه لم يزود الأسد بالأسلحة أو الجنود أو الأموال، واكتفي بالخطابات الرمزية.

ويؤكد التقرير أن السيسي "قسّم القوى العربية الكبرى من خلال دعمه للأسد تحت راية مكافحة الإرهاب، حيث قدم لحلفاء الأسد العرب والأجانب الغطاء الدبلوماسي والسياسي المناسب للتدخل في سوريا.

ضد إخوان ليبيا
أيضا سعي السيسي للعب دورا في ليبيا لمنع جماعة الإخوان هناك من أي نفوذ ودعم برلمان طبرق حيث قوات حفتر ضد برلمان طرابلس الذي يهيمن عليها الإسلاميون في العاصمة.
وبسبب تدخل السيسي وتصاعد العنف في ليبيا تنبه السيسي أخيرا إلى إمكانية سيطرة الجماعات المسلحة على الحدود المصرية الغربية وتشكيلها تهديدًا حقيقيًا على الأمن المصري، فقام بمساندة الجنرال خليفة حفتر.
ويعتبر حفتر من أشد المناهضين للإسلاميين ويرى أن القوة العسكرية بمثابة الوسيلة الوحيدة لإرساء النظام في ليبيا وهي نظرة مشتركة بينه وبين عبد الفتاح السيسي، ومن الواضح أن مصر وفرت الإمدادات العسكريّة اللازمة للجنرال حفتر كما قدم له الدعم الدبلوماسي (كما فعلت فرنسا والإمارات العربية المتحدة)، بحسب فورين أفيرز.

وتقول المجلة إن "انخراط مصر في الشأن الليبي قد ساهم في تعميق الانشقاقات داخل هذا البلد الذي يعاني من الانقسامات والحركات الانفصالية، حيث أدت مساندة مصر لحفتر إلى استبعاده لفكرة المصالحة الوطنية وأن الإجراءات المتخذة من قبل السلطات المصرية تحركها هواجس «السيسي» أكثر من التهديدات الأمنية المزعومة.

أمريكا لن تقطع المساعدات
ويري "كوك" أن سياسة مصر الحالية لا تتيح لواشنطن اتخاذ قرارات كثيرة لصالح مصر دون الحصول على مساعدات من واشنطن، وصندوق النقد الدولي، ودول الخليج مما قد يؤدي إلى انهيار الاقتصاد المصري الهش.

ويؤكد أن "فشل مصر قد تكون له عدة تداعيات على منطقة الشرق الأوسط المهددة بانقسامات داخلية في كل من ليبيا والعراق وسوريا واليمن وتفشي العنف والفوضى".

لهذا لن تقطع الولايات المتحدة الأمريكية المساعدات عن مصر، ولكنها "لن تستطيع إقناع القيادات المصرية بالعدول عن قرارهم بمحاربة الإخوان، لأنهم (جماعة السيسي) يعتبرون حربهم ضد الإخوان المسلمين مسألة وجودية".

ولكنه ينصح الولايات المتحدة أن "تساعد على الأقل في منع تفاقم الأوضاع"، دون أن ينسي التذكير بأن بعض نواب الكونجرس يدرسون حاليا إمكانية تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية.

ويقول إن "تورط الولايات المتحدة في الشأن الداخلي المصري قد يلحق الضرر بموقع الولايات المتحدة في بلد يشكك أغلب الفاعلين السياسيين فيه بنواياها"، مشيرا لأنه لو صنف الكونجرس الاخوان "جماعة إرهابية" فذلك "قد يصلح العلاقات بين الأمريكان والسيسي، "لكنه سيكون بمثابة تغاض عن القمع الوحشي المرتكب في حق المنتمين لهذه الحركة".

ويدعو الدبلوماسيين الأمريكيين لتشجيع الطرفين التركي والقطري، الذين يمكنهما أن يلعبا دورًا هامًا في إعادة إعمار المنطقة، إلى التنسيق بين جهودهما لتخفيف الضغوط الناجمة عن الحصار المصري والإسرائيلي ولتفادي انتشار الفوضى في غزة.

وفي سوريا، يعترف بأن الولايات المتحدة الأمريكية "لن تستطيع الحيلولة دون دعم السيسي لبشار الأسد ما لم تتدخل فعليًا في حل النزاع السوري".

وبخصوص الشأن الليبي، يقول إن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول الاتفاق مع الأوروبيين والأمم المتحدة، على إعادة الشرعية إلى الحكومة الجديدة في طرابلس، في وقت لا تزال فيه مصر تعتبر حفتر الوسيلة الوحيدة لمحاربة الإرهاب، وبالتالي، فإن إمكانية نجاح حكومة الوفاق الوطني تعتبر ضئيلة جدًا في ظل المعارضة المستمرة لها من قبل كل من حفتر والسيسي.

ويختم التقرير بإلقاء اللائمة علي السيسي في الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلاد، ويقول إن تلك الأزمة تظهر مدى إفلاس سياسة الولايات المتحدة تجاه مصر على مدى السنوات الأربعين الماضية بعدما أنفقت حوالي 80 مليار دولار على برنامج دعم التنمية الاقتصادية في مصر، والأمن القومي، والمجتمع المدني.

فعلى مدى عقود، راهن صناع السياسة الأمريكية على إمكانية لعب مصر دورًا فعالاً في إعادة الاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط، ولكن الان تحتاج الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في فكرة أن مصر يمكن أن تكون سفيرة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط؟

فمصر تصدر سياسة القمع الموجه للإخوان، والتي تحمل في طياتها آثارًا قد تكون مدمّرة، لجيرانها في ليبيا وسوريا وغزة وغيرها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق