حازم حسنى: يكشف معادلة طبيب الفلاسفة : 1+1= 9
26/10/2016
قال الدكتور حازم حسني استاذ العلوم
السياسية، تعليقًا على ما قاله قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي
خلال جلسة التعليم بمؤتمر شرم الشيخ للشباب أمس الثلاثاء، وتوصيته بحوار
مجتمعي كبير لتحسين أوضاع التعليم، قائلا: "مش عايز 1+1= 2 عايز يكون 3 أو 5
أو 7 أو 9 ومش هكون ساعتها تقليدي خالص".
وأكد حسنى تدوينه له عبر صفحته الشخصية
بالفيس بوك، اليوم،هذه المتساوية الرياضية فى العنوان أعلاه صحيحة مئة
بالمئة فقط إذا قرأناها بعدسة جبرية المنطق الرياضى، أو بعدسة الجبرية
البوولية (نسبة للعالم الرياضى جورج بوول) ... فهى إحدى المتساويات التى
يخضع لها تصميم دوائر المنطق بأجهزة الكومبيوتر... وصحتها تتوقف على أمرين:
أولهما تعريف الواحد، والثانى هو تعريف علامة الجمع ... لن أخوض هنا فى
تفسير هذا لغير الدارسين للمنطق الرياضى، لكننى فقط أوظف هذه المتساوية هنا
بمعناها المجازى السياسى ردًا على ما ذكره السيسى بالأمس من أنه يريد 1+1
أن تكون 5 أو 9 لا مجرد 2!
وأضاف،أغلب الظن عندى هو أن السيسى قد استمع
لأحد المتخصصين فى مجالسه الاستشارية وهو يتحدث عن الواحد الذى هو أكبر من
مجموع أجزائه، وأنه لم يستوعب - من الشرح المبسط الذى قدم له - معنى هذه
العبارة العلمية التى تشير إلى أن كفاءة أداء أى منظومة إنما تقاس بقدر ما
ينجح تصميمها فى أن يجعل أداءها المنظومى يفوق مجموع أداءات عناصرها ...
ومن ثم، فهو لم ينجح فى ترجمتها لفلسفة حكم، ولا لمنهج أداء تخضع كفاءته
للقياس العلمي!
وتابع: دعونا من تعقيدات هذه العبارة - على
بساطتها - ولنذكر السيسى فقط بأنه منذ أن تولى السلطة فى البلاد وهو يحكم
من خلال نظام يختزل أداء الدولة إلى ما هو أدنى حتى من مجموع أداءات
عناصرها... فهو يحكم بمنطق أن 1+1=1 وهو الترجمة الرمزية لمنطق مطالبة
المصريين بأن لا يستمعوا لغير ما يقول به السيسى، وكأن ما يقول به هو كتاب
منزل من السماء، فلا هو ينطق بغير الحق المطلق الذى لا يأتيه الباطل من بين
يديه ولا من خلفه!... إنها الترجمة الرمزية لمنطق أن يكون المصريون على
قلب رجل واحد هو قلب الرئيس لا قلب الجماعة ! ... إنها الترجمة الرمزية
لمصادرة الفضاء العام لصالح ما يقول به من يظن فى نفسه أنه الطبيب الذى
خلقه الله مزوداً بقدرات لا يملكها غيره، حتى أن كل فلاسفة العالم ينصتون
لحكمته ويطالبون غيرهم بالاستماع له!
وأختتم تدوينته، هذا إذن هو الفارق بين أن
يكون الواحد أكبر من مجموع أجزائه، كما يتمنى الرئيس ويريد، وبين أن لا
يرقى حتى لأن يكون مساوياً لمجموع أجزائه بل لجزء واحد بعينه من هذه
الأجزاء ... هذا بالطبع إذا كان السيسى قد فهم معنى أن يكون الواحد هو
الأمة لا السيسى، ومعنى أن يكون هذا الواحد أكبر من مجموع أجزائه... واللهم
لا اعتراض!
وعرض فى تدوينه أخرى منفصلة ، عن حديث السيسى فى مشكلة التعليم ،مؤكداً أنها من إفرازات العقل المرتبك ... أو المربك.
وأضاف حسنى، فى تدوينته،حديث السيسى بالأمس
عن السيناريوهات المتاحة للتعامل مع مشكلة التعليم لم يخلص إلى أى إفصاح عن
فلسفة السياسات التعليمية فى مصر؛ فقد عرفنا منه فقط ما هى السيناريوهات
التى اتبعتها الدول التى زارها، لكننا لم نعرف ما هو السيناريو الذى تتبعه
الدولة التى يحكمها !
أحد الأصدقاء علق على ما قاله السيسى بأن
ملخصه هو : "يا تعيشوا جهلة، با تتعلموا وتموتوا من الجوع" ... التعليق
ذكى، ويلخص بالفعل ما أراد السيسى إفهامنا إياه، وكأنه لا مجال فى عقله
المرتبك - أو المربك - لأن تكون هناك سياسات تعليمية تتعامل مع الواقع
المصرى بما يناسبه !
الشئ الملفت للنظر هو خروج السيسى بنتيجة
مذهلة وهى تبرير الإنفاق السخى على مشروعاته - المسماة بالكبرى - باعتبارها
الممكن المتاح فى ظل عدم وجود قدرة للإنفاق على التعليم ! ... كان تبرير
الرجل لهذا الإنفاق طريفًا إذ أنه أتاح للعاملين فى هذه المشروعات دخولاً
تمكنهم من تلبية طلبات المعيشة لعائلاتهم، لكنه لم يبين لنا لماذا لا يتيح
بناء المدارس والمستشفيات نفس الدخول للعاملين فيها إذا كانت أصل القضية
ومعيار الجدوى الاقتصادية هو توفير الدخول للعاملين فى المشروعات؟
وقال :أتساءل، ولى كل الحق، عما إذا كان هذا
الحديث الشارد عن العجز، الذى لم يكشف إلا فقراً شديداً فى القدرة على حل
مشكلة التعليم فى مصر، هو إفراز لعقل "مرتبك" وعاجز عن وضع سياسات رشيدة
لحل مشاكل مصر، أم هو إفراز لعقل "مربك" لا يريد لمصر أن تسير فى طريق وضع
وتنفيذ هذه السياسات الرشيدة، وهى سياسات لا يحتاج أكثرها لأية موارد غير
أن تكون العقول الحاكمة عقولاً خلاقة ومبدعة، غير مرتبكة وغير راغبة فى
إرباك المصريين؟!
وأختتم استاذ العلوم السياسية ،تعليقاته
على أحدايث قائد الانقلاب ،بتدوينته تحت عنوان،سؤال الأول (إجبارى): استخرج
مواطن الجمال فى كلام السيسى.وأضاف حسنى،بتعجبنى قوى ثقة بعض المصريين فى
حكمة السيسى، وبيعجبنى أكتر إنهم مذاكرين الأسئلة اللى ضرورى ح يجاوبوا
عليها إجبارى فى الامتحان، فضلاً عن الطريقة النموذجية للإجابة عن أسئلة
البلاغة مثل: استخرج مواطن البلاغة والجمال فى عبارة "التلاجة شغالة عشر
سنين مافيهاش غير قزازة مية" !
الواضح إن السيسى يعانى من مشاكل نفسية
قديمة مترسبة فى أعماقه منذ فترة الطفولة، وهى تطفو إلى السطح من وقت لآخر
دون وعى منه ... الرجل كانت علاقته - على ما يبدو - صعبة للغاية مع والده،
وهذا هو الخيط الناظم لكثير من العبارات التى يبحث لها أهل الهوى عن مواطن
جمال يستخرجونها عنوة من حشايا كلماته التى يمجدونها ! ـعالجوه أحسن ...
ينوبكم فيه وفينا وفى مصر كلها ثواب !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق