الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

وائل قنديل يكشف الفرق بين ثورة النخب وثورة الغلابة ولماذا نخوّن 11/11

وائل قنديل يكشف الفرق بين ثورة النخب وثورة الغلابة ولماذا نخوّن 11/11

وائل قنديل
19/10/2016 
 
قال الكاتب الصحفي وائل قنديل إنه ليس من المنطقي إنكار أهمية مظاهرات 11 نوفمبر المقبلة في مصر، في الوقت الذي يظهر أنها تجد تفاعلاً واستجابة، يثيران الخوف في دوائر سلطة الانقلاب، رغم أنه لا نعرف من أين تدحرجت الدعوة إلى التظاهر يوم 11 نوفمبر، تحت شعار “ثورة الغلابة”، ولا من يقف وراءها، ومع ذلك تقف أمامها سلطة الانقلاب مذعورة.
 
وأضاف قنديل خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الأربعاء، أن كل ما نعلمه أن الدعوة تنمو وتنتشر، إلى الحدّ الذي أثار فزع النظام، فعادت حالة هستيريا مسعورة تسيطر على أبواقه، تهدّد بإبادة كل من يفكّر في النزول، والتهام كل من ينطق بكلمةٍ عن فشل الجنرال، والخراب المعشّش في جنبات البلاد والانهيار الشامل على كل المستويات، مشبها خطاب قائد الانقلاب السيسي بأغاني شعبان عبد الرحيم في التهديد بقتل كل من يختلف معه والتحريض على الدماء.
 
وأوضح قنديل أن الذين يعتبرون 11/11 “مخططًا إخوانيًا شرّيرًا" يتساوون مع الذين يعتبرونها “لعبة مخابراتية محكمة”، من دون أن يترك أحد لنفسه مساحة للتفكير الهادئ في أن أوضاعًا مهترئة، اقتصاديًا ومجتمعيًا وسياسيًا، تدفع الناس إلى كسر قشرة الخوف، السميكة، والخروج من شرنقة الأوهام يطلبون حياة آدمية، كما فعلوا مع صرخة سائق التوك توك لتمضي المواقف منها بين التخويف والتخوين، مضيفا أن النخب تمارس استعلاءً ممجوجًا على منطلقات الدعوة، بالذهاب إلى أن نداء الجوع لا يكفي لإحداث ثورة، وكأن الثورات فعل ثقافيٌّ محض، ينبغي أن ينطلق من تنظيراتٍ فكريةٍ ضخمة.
 
وأكد أنه ليس مطلوبًا في من يثورون ويغضبون أن يؤلفوا كتاب “فلسفة الثورة”، قبل أن يتحرّكوا ويدعوا الناس إلى التحرك، ولا يعقل أن نصادر حق البشر في التعبير عن آلام الجوع والفقر والتأزم المعيشي، بحجة أن الثورة لا بد لها من شعاراتٍ أكثر تقعيرًا، تتحدث عن القيم الكلية المجردة، إذ لا تعارض أبداً بين مطلبي الخبز والحرية، أو بين الاستجابة لهتاف البطون وتلبية نداء العقول.
 
ونوه إلى واحدةً من أخطاء ثورة يناير أنها وقعت في فخ الاستعلاء على احتياجات الجماهير المادية، وابتلعت الطعم الشرير الذي كان يعتبر كل هبّةٍ شعبيةٍ محدودةٍ من أجل إصلاح الأجور، أو الخبز، مطالب فئوية تعرقل الوصول إلى المبادئ الكلية، والمعاني النظرية للثورة، وهو ما أوجد فجوةً بين نخب الثورة والجماهير المطحونة، وهي تلك الفجوة هي ما اشتغلت عليه مؤسسة الانقلاب مبكرًا للغاية، فبدأت “الحرب العكاشية الأولى” التي ترسخ عند الناس ارتباط الفعل الثوري بالخراب الاقتصادي، ثم تطور الأمر إلى مشروع “تمرد” المصنوع كليًّا في مطابخ المجلس العسكري، ومخابراته.
 
وتابع: "يمكنك الرجوع إلى بنود استمارة الانقلاب “تمرد”، ستجد أنها كانت تلعب على غريزتي الجوع والخوف عند الجماهير، وهذا ما يثير فزع نظام السيسي الآن، إذ يستعمل الداعون إلى 11/11 السلاح ذاته الذي استخدمه الجنرال في تنفيذ انقلابه، ويعلم فاعليته وتأثيره الشديد"، ومن هنا، كان الفزع من صرخة التوك توك التي تجسّد مضمون “ثورة الغلابة”، فتلك هي الشريحة الاجتماعية الهائلة التي تصورت السلطة أنها ضمنت صمتها الدائم، بالنظر إلى جرعات الأوهام المكثفة التي حقنتها بها.
 
واختتم قنديل مقاله موضحًا "أن الثورة مستمرة، سواء كانت من عند النخب المثقفة، أو من لدى جموع الغلابة. اتركوا الغلابة يقولون كلمتهم، وإذا لم تكونوا قادرين على أن تكونوا معهم، فلا تكونوا ضدهم".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق