"محسوب" يكشف سر تفريط السيسي في "صنافير وتيران"
12/04/2016
كشف الدكتور محمد محسوب، أستاذ القانون بجامعة المنوفية والوزير بحكومة الدكتور هشام قنديل، عن السر الحقيقي وراء تفريط السيسي في جزيرتي "صنافير وتيران" وهو تحويل مضيق تيران إلى ممر دولي يسمح لإسرائيل بالمشاركة فيه، وعدم تحكم مصر فيه مجددا.
جاء ذلك في تدوينة لمحسوب، اليوم الإثنين، على صفحته الشخصية، محذِّرا من التفريط في الجزيرتين؛ لأنه سيؤدي إلى تدويل مضيق تيران كما حدث مع مياه خليج العقبة، وهو ما يصب تلقائيا في صالح "إسرائيل"، ويجعلها شريكا يحق له العبور دون استئذان الدولة المصرية؛ باعتبار مضيق تيران بات ممرا دوليا بعد أن كان خالصا لمصر بوصفه يقع بين يابستين يتبعان دولة واحدة هي مصر.
أولا: السيادة والإستراتيجية في مسألة "صنافير وتيران"
يقول محسوب: «تقبع جزيرتا صنافير وتيران على سُلم أهم الجزر العربية ذات القيمة، وظل إضعاف قيمتهما الإستراتيجية هدفا دائما لخصوم الأمة، فهما يتحكمان في مدخل ومخرج خليج العقبة، وقد استغلت إسرائيل هدنة 1948 لامتلاك موطئ قدم على رأسه، بأن احتلت قرية أم الرشراش المصرية سنة 1949. لكن الوصول إلى خليج العقبة ليس كالخروج منه، فهناك ممر ضيق لا يزيد اتساعه على 1,5 كم هو ما يُمكن العبور منه إلى رحاب البحر الأحمر، الذي يُمثل البحر الوحيد العربي الذي لا تُشارك دولة أخرى العرب في شواطئه. ولا تملك الدولة التي تحتل فلسطين خيارات كثيرة، فهي تعمل منذ تأسيسها على تدويل مياه مضيق تيران كما نجحت في تدويل مياه خليج العقبة، الذي أصبح شراكة بينها وبين بقية الدول العربية لمجرد أنها امتلكت رأس حربة على نقطةٍ شاطئيةٍ».
ويضيف محسوب «كان احتلال سيناء وسيلة للمفاوضة وللمناورة لاكتساب ميزات إستراتيجية جديدة، حاولت الاحتفاظ بطابا، والاحتفاظ بتيران والحصول على إقرار دولي بدولية مياه مضيق تيران. لكن المفاوضات انتهت إلى تخليها عن طابا وعن تيران وعدم الإقرار بدولية مياه مضيق تيران؛ لأنها ببساطة محصورة بين يابستين لدولة واحدة هي مصر، وإن حصلت على تعهد بحرية المرور من الدولة مالكية اليابستين وما بينهما من مياه».
ويلفت محسوب إلى أنه «جرى وضع تيران وصنافير كبقية أخواتهما من قرى وتلال مصر في أقصى شرق سيناء ضمن المنطقة "ج" المنزوعة السلاح، والتي تخضع لسيطرة القبعات الزُرق العسكرية لمراقبة الالتزام بمعاهدات السلام. لكن ذلك لم يمنع استمرار الإدارة المدنية للدولة المصرية لهما من شرطة إلى إدارة محلية، وامتدات لسُلطة الوزارات المختلفة»، متابعا «لم يسمع مصري ولم يرَ لا عقد إيجار ولا عقد وديعة للجزيرتين اللتين رُويتا بدماء أبناء مصر ككل سيناء؛ ولا يعرف قانوني في العالم العربي عن وضع الجزيرتين تحت الإدارة المصرية كوديعة من أي دولة أخرى، وإنما الثابت أن الشقيقة المملكة العربية حملت بعض الادعاءات لبعض الوقت، ثم ما لبثت أن سلمت بملكية الجزيرتين للدولة المصرية، لتُنهي كل شقاق حاولت إسرائيل استغلاله في نهاية الأربعينات في حربها الدبلوماسية والقانونية لتدويل مياه مضيق تيران».
ويتابع «الترويج لوجود عقد إيجار أو حماية هو ترويج إسرائيلي في الأساس، يستهدف إقرار اختلاف ملكية الجزيرتين عن سيناء للوصول لتأكيد دولية المضيق، ومن ثمّ نزع صفة المياه الداخلية عنه، وبالنتيجة مشاركة إسرائيل في إدارته باعتباره ممرا دوليا، ينتقل من النظام القانوني للمياه الداخلية إلى النظام القانوني للمياه الدولية»، مشددا على أنه «لن تجد أي أساس قانوني لهذه الادعاءات سوى في كتابات تدعم الحجج الإسرائيلية التي استعملتها في مفاوضات كامب ديفيد سنة 1977 حتى 1979.
ثانيا: ملكية ثابتة واقعًا وقانونًا
ويؤكد محسوب ملكية الجزيرتين لمصر بلا جدال، وساق عدة أدلة توثق كلامه «ملكية مصر مُستقرة ومستمرة للجزيرتين منذ قرون طويلة، ولم تتغير في أي فترة من فترات التاريخ. وإذا كانت المعاهدات الدولية لتعيين الحدود التي جرت في نهاية المرحلة العثمانية هي الأساس القانوني الوحيد لفض أي نزاع حدودي، فإن الاتفاقيتين الدوليتين الوحيدتين اللتين تنظمان حدود مصر البحرية في هذه المنطقة هي اتفاقية لندن 1840، والتي جعلت حدود الدولة المصرية أكثر اتساعا مما هو قائم الآن، وكانت تشمل دون مواربة ملكية الجزيرتين. وتبعتها اتفاقية 1906 التي انتزعت من مصر ملكية الساحل الشرقي لخليج العقبة، بما يشمله من موانئ، ليستمر الإقرار بملكية مصر للجزيرتين دون أدنى تشكيك».
ووفقا لمحسوب «لا تُمثل الادعاءات السعودية بالملكية التي جاءت بعد نشأة المملكة في 1932 تغييرا لواقع قانوني مُستقر، كما لم يُمثل تراجعها عن هذه الادعاءات أي إقرار بوجود أي حقوق لها على أي من الجزيرتين. ولا توجد أي معاهدة دولية أو إقليمية أو ثنائية تُخالف هذا الأساس القانوني حتى الآن. أما ما يُروجه الإعلام الانقلابي من أنه لا يوجد دليل واحد على ملكية مصر للجزيرتين، فهو أشبه بمطالبة ملايين المصريين بتقديم دليل ملكيتهم لبيوتهم التي يُقيمون فيها بقرى المنوفية أو الشرقية أو سوهاج منذ مئات السنين».
ثالثا: تحديد المياه الإقليمية
وحول مزاعم قرب الجزيرتين من الحدود السعودية للتدليل على عدم مصريتها يقول محسوب: «غالبا ما يمتد إقليم الدول التي تُحازي البحار إلى يابسة أخرى غير اليابسة الرئيسية. وعندها لا يُمكن الاستناد لإثبات الملكية على مدى قرب وبعد الجزيرة من اليابسة الأم، وإلا لكانت كورسيكا الفرنسية ملكا لإيطاليا الأقرب، وغالبية جُزر اليونان ملكا لتركيا. بل توجد دول كفرنسا وبريطانيا لها ممتلكات عبر البحار والمحيطات وتبعد عن الدولة الأم آلاف الأميال.
ويُذكر كثيرون كيف دافعت بريطانيا عن ملكيتها لجزر فوكلاند الملاصقة للأرجنتين ودخلت حربا ضروسا لذلك».
ويؤصل محسوب كلامه «القاعدة أنه لا علاقة بين مدى بعد أو قرب الجزيرة من اليابسة بالملكية، والأثر الوحيد لذلك هو في تحديد المياه الدولية والداخلية. فإذا زادت المسافة عن 12 ميلا بحريا- وهو المدى المُحدد بالقانون الدولي للبحار- فإننا أمام احتمالات أن تكون المياه الفاصلة بين الجزيرة واليابسة الأم مياها دولية، وإذا تدنت عن ذلك فنحن أمام مياه داخلية».
والفارق بين النوعين يتمثل في مدى الحقوق المتاحة للدولة والتي يُمكن أن تُمارسها على تلك المياه. ففي ويتابع «كل الأحوال تضمن الدولة المرور الآمن للسفن طالما كان ضروريا حتى في حالة المياه الداخلية، لكنه في هذه الحالة الأخيرة، يُشترط أن يكون مرورا متواصلا دون توقف، وأن يكون آمنا دون مخاطر وبريئا دون تربص. وهو ما يسمح للدولة بأن تتدخل لحماية سيادتها بإجراءات قد تصل لمنع الملاحة أو تقيدها أو بإجراء تفتيش».
ويختم محسوب كلامه بالتحذير من التفريط في الجزيرتين؛ لأنه يصب في صالح الاحتلال الإسرائيلي، «وسيؤدي أي تسليم بتنازل سُلطة الانقلاب عن الجزيرتين للملكة العربية إلى سقوط قيمتهما الإستراتيجية، إذ ستتحول مياه المضيق إلى مياه دولية تتوقف ملكية كل دولة في منتصف المسافة بين يابسة تيران ويابسة سيناء، والتي تبلغ 8 كم. وهذا يعني أن المياه الإقليمية لمصر في هذه المنطقة ستتقلص إلى 4 كم. ولن يكون بإمكان العرب اعتبار مياه المضيق مياها داخلية، بل سيصبح مضيقا دوليا تتشارك فيه كافة الدولة المطلة على خليج العقبة. وكما خسر العرب معركة مياه العقبة سيخسرون معركة مياه تيران، بسبب جشع أنظمته وقلة إدراكها».
ويبدي اندهاشه قائلا: «وكأنما اتفق النظام الانقلابي وحكومة المملكة على خدمة المصالح والتطلعات الإسرائيلية! كل ذلك بالإضافة لما أدى إليه هذا التصرف من استثارة لمشاعر وطنية لدى المصريين، الذين لم يقبلوا في تاريخهم تنازلا عن أرضهم. وبالتالي التأسيس لخلاف عربي جديد كنا عنه أغنياء. لكن من يسير خلف نظام انقلابي يكتوي بناره».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق