فضيحة بريطانية: "حصانة" لوفد السيسي لمنع محاكمتهم بتهم قتل المصريين
03/11/2015
-فعاليات حقوقية ومظاهرات أمام مقر الحكومة رافضة لزيارة السيسي إلى بريطانيا
-نواب بمجلس اللوردات وصحفيون لحكومة كاميرون: كيف تستقبلون من قتل أكثر من ألف مصري بدم بارد.. هذا "نفاق"
كتب - كريم محمد:
فضيحة بكل المعايير تكشف تواطؤ الغرب مع
عمليات القتل التي يقوم بها نظام السيسي وانتهاكات حقوق الإنسان في مصر،
تلك التي كشفتها صحيفة الجارديان البريطانية، عن إعطاء حصانة باسم "مهمة
خاصة" لصهر السيسي رئيس الأركان محمود حجازي خلال زيارته لندن يوم 15
سبتمبر الماضي لمنع اعتقاله، ونيتها إعطاء نفس الحصانة للسيسي والوفد
المرافق له خلال زيارته التي تبدأ الأربعاء 3 نوفمبر للندن.
ومع هذا يسعى محامون بريطانيون بعضهم مفوض
من "حزب الحرية والعدالة" لتقديم استشكالات قانونية أمام المحاكم
البريطانية لإلغاء هذه الحصانة التي تمنع ملاحقة مجرمين متهمين بقتل
شعوبهم، فيما تستعد العاصمة البريطانية لسلسلة من الفعاليات والمؤتمرات
الحقوقية لفضح الجرائم التي تجري في مصر للمعارضين وتهاجم صحف ورؤساء
منظمات حقوقية "النفاق" البريطاني بين ادعاء احترام حقوق الإنسان واستقبال
مجرمين قتلوا مئات المصريين بدم بارد.
قصة الحصانة البريطانية
يوم 15 سبتمبر الماضي توجه رئيس أركان
القوات المسلحة الفريق محمود حجازي، إلى العاصمة البريطانية لندن على رأس
وفد عسكري في زيارة رسمية تستغرق عدة أيام، دون أن ينجح محامون بريطانيون
في تنفيذ وعودهم بملاحقة مسئولين مصريين في لندن ومحاكمتهم بتهم قتل
معتصمين ومتظاهرين، ومنع الزيارة أو ملاحقة المسئول المصري الكبير.
ومعروف أن تقارير عديدة لمنظمات حقوقية
أجنبية اتهمت وزراء وعسكريين بينهم السيسي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بعد
مذبحة رابعة العدوية، التي أودت بحياة أكثر من 800 متظاهر، وفق تقديرهم
وقرابة ألفين وفق تقديرات مصرية، وأن الفريق محمود حجازي مديرا للمخابرات
الحربية، كان مسئولاً في ذلك الوقت عن خطة فض رابعة في أغسطس 2013 وأشرف
على معسكرات احتجاز عسكرية.
لكن صحيفة الجارديان البريطانية كشفت في
تقرير نشرته الاثنين 2 نوفمبر "السر" وراء عدم ملاحقة هذا المسئول المصري،
واحتمال استعمال نفس "السر" لمنع ملاحقة مرافقي عبد الفتاح السيسي خلال
زيارته لبريطانيا الخميس المقبل.
الجارديان قالت إنه عندما تواصل المحامون مع
وحدة جرائم الحرب في "سكوتلاند يارد" لطلب ملاحقة "حجازي "قانونيًا"، وهو
في بريطانيا لحضور معرض أسلحة كبير في لندن، قيل لهم إن مكتب الخارجية
البريطانية أصدر شهادة "الحصانة".
ردت الشرطة البريطانية في 16 سبتمبر قائلة:
"سندرس فرص إلقاء القبض على حجازي أو استجوابه، كما ناقشنا الأمر سابقًا"،
ثم أبلغتهم في اليوم التالي إن "الخارجية منحت حجازي حصانة دبلوماسية،
وبالتالي لا يمكن إلقاء القبض عليه".
ولهذا قرر المحامون منازعة قرار الحكومة
البريطانية الخاص بمنح حصانة دبلوماسية مؤقتة إلى قائد أركان الجيش المصري
في المحاكم البريطانية، لأنه "أجهض جهود القبض على حجازي على خلفية ادعاءات
تعذيب"، بحسب الصحيفة.
وعقب المحامي "طيب علي" إعطاء الحصانة
لمرافقي السيسي قائلا إن "ممارسات الحكومة البريطانية أجهضت الإجراءات
الجنائية وسنسعى لمراجعة قضائية للقرار"، "مثل هذه المعايير المزدوجة
لحكومتنا تؤجج التطرف، وتقوض العدالة وسيادة القانون".
حصانات لمرافقي السيسي
وقالت الصحيفة البريطانية إن منح "حجازي"
حصانة دبلوماسية مؤقتة حينئذ تحت مسمى "مهمة خاصة" خشية إلقاء القبض عليه
أو استجوابه خلال زيارته للمملكة المتحدة في سبتمبر الماضي، ربما يتكرر مع
الوزراء والمسئولين الذين سيرافقون السيسي خلال زيارته المقبلة، ما يجهض
الوعود التي قالها محامون بريطانيون في وقت سابق حول ملاحقة مرافقي السيسي.
وردا على سؤال إذا ما كان مسؤولون آخرون في
نظام السيسي مُنحوا مثل هذه الحماية، قال متحدث باسم الخارجية البريطانية
للجارديان: "في ضوء سرية المبادلات الدبلوماسية، لا نعتزم لنشر تفاصيل
إضافية بشأن الطلبات التي مُنحت أو رُفضت"
وأضاف: "أي طلب لوضع "مهمة خاصة"، يتم دراسة مزاياه الإجمالية، وربما يُقبل أو يُرفض على أسس قانونية أو سياسية".
وأضاف: "أي طلب لوضع "مهمة خاصة"، يتم دراسة مزاياه الإجمالية، وربما يُقبل أو يُرفض على أسس قانونية أو سياسية".
وقد نقلت الصحيفة البريطانية على لسان
محامين بريطانيين بعضهم مفوض من "حزب الحرية والعدالة" – إخوان مسلمين –
الذي حلته السلطات المصرية، اعتزامهم خوض معركة قانونية ضد السلطات
البريطانية لمنعها من إعطاء الحصانة عبر "المهمة الخاصة" للمسئولين
المصريين وغيرهم، خشية أن تكون هذه وسيلة دائمة للحكومة البريطانية لمنع
ملاحقة متهمين بجرائم حقوقية مستقبلا.
ويري هؤلاء المحامون إن "أمر الحصانة يشكل
سابقة يمكن استخدامها لحماية العديد من المشتبه فيهم الذين سيسافرون مع
السيسي إلى المملكة المتحدة"، وقالوا إن "الهدف من منازعة القرار قانونيا
هو عدم تكراره على نحو يجهض أي طلبات لمذكرات توقيف لجناة مزعومين"، وفقا
للمحامين.
وسبق أن نفي السفير البريطاني لدى القاهرة
جون كاسن، إمكانية محاكمة أو اعتقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نفسه
كما يطالب بريطانيون ومناصرون للمعارضة المصرية في لندن، باعتبار أن "رؤساء
الدول لهم حصانة"، واصفا المطالب بمحاكمته أثناء الزيارة بأنها "ليس لها
قيمة".
والأسبوع الماضي، دعت 55 شخصية سياسية
وصحفية وحقوقية، بينهم وزير حكومة الظل جون ماكدونيل رئيس الوزراء
البريطاني ديفيد كاميرون إلى إلغاء دعوة زيارة السيسي، على أساس أن الأخير
"ديكتاتور عسكري مسؤول عن نظام ترهيب".
سبق للحكومة البريطانية أن استعملت نفس
الحصانة الدبلوماسية المؤقتة العام الماضي للسماح لتسيبي ليفني، وزيرة
العدل الإسرائيلية، بزيارة لندن لحمايتها من الاعتقال، وملاحقة قضائية
محتملة، إثر اتهامات لها بانتهاكات للقانون الدولي، بينها جرائم حرب، على
خلفية دورها في العدوان العسكري على غزة عام 2008.
فعاليات ضد زيارة السيسي
وتعقد اليوم الثلاثاء (3|11) في العاصمة
البريطانية لندن، ندوة دولية حول أوضاع حقوق الإنسان والحريات العامة في
مصر، بمشاركة خبراء قانونيين وباحثين في مجال الحريات العامة، وذلك بدعوة
من "المجلس الثوري المصري" المعارض، عشية الزيارة التي سيؤديها السيسي إلى
بريطانيا الخميس.
وذكر محمد سودان مسؤول العلاقات الخارجية في
حزب "الحرية والعدالة" في حديث مع "قدس برس"، أن المؤتمر "الذي سيسلط
الضوء على واقع حقوق الإنسان في مصر، ويوثق للجرائم المرتكبة وموقف
القوانين الدولية منها، يأتي في سياق الاحتجاج الذي تنفذه العديد من
المنظمات الحقوقية والنشطاء السياسيين البريطانيين على دعوة الرئيس المصري
عبد الفتاح السيسي إلى لندن".
وأضاف سودان "نحن لدينا الدلائل الموثقة على
ارتكاب رئيس الانقلاب في مصر لانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في مصر،
ونعتقد أن دعوته إلى لندن مهينة للقيم الديمقراطية والغربية، ولذلك طالبنا
بإلغائها.
وأشار إلى أن الندوة التي "سيكشف فيها
المشاركون بالوثائق الجرائم المرتكبة في عهد السيسي، هي جزء من تحركات يقوم
بها المجلس الثوري في مصر بالشراكة مع عدد من المنظمات العاملة لحقوق
الإنسان في بريطانيا، ومن ضمنها مظاهرتين الأربعاء (4|11) ثم الخميس
(5|11)، أمام مقر رئاسة الحكومة البريطانية والبرلمان تنديدا بهذه
الزيارة".
وشارك في ندوة اليوم كل من الدكتورة مها
عزام رئيس المجلس الثوري في مصر، ورودني ديكسون المحامي متخصص في القانون
الدولي، وبيتر اوبورن الصحفي البريطاني، وليندسي الألمانية من منظمة وقف
الحرب، وتوبي كادمان المحامي المتخصص في القانون الجنائي الدولي.
وكانت العاصمة البريطانية لندن قد شهدت
مظاهرات رافضة للزيارة المرتقبة للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى لندن، كما تم
توقيع عريضة من عدد من البرلمانيين والنشطاء دعت الحكومة البريطانية
للتراجع عن دعوة السيسي إلى المملكة المتحدة، لكن كل ذلك لم يفلح في إقناع
الحكومة البريطانية بالتراجع عن دعوتها للسيسي.
وعلق كينيث روث مسئول منظمة هيومان رايتس
وواتش على زيارة السيسي قائلا "إن احتضان كاميرون للسيسي ليس مكافحة للتطرف
العنيف خاصة أن السيسي يجرم المعارضة في بلاده".
وغرد "روث" على لسان السيسي قائلا: "أمرت
بقتل أكثر من 817 شخصًا في ميدان رابعة ولكن ديفيد كاميرون رئيس الوزراء
البريطاني لا يزال يحتضنني".
انتقادات حزبية ونيابية وصحفية
وسبق أن طالب عدد من نواب الأحزاب والصحفيين
وناشطي حقوق الإنسان في بريطانيا في رسالة جرى التوقيع عليها، الحكومة
البريطانية بإلغاء زيارة السيسي المرتقبة للندن بدعوة من رئيس الوزراء
البريطاني، ديفيد كاميرون، واصفين السيسي بأنه "ديكتاتور عسكري يقود
"نظامًا من الإرهاب".
وتزعم نائب رئيس حزب العمال مطالبات بإلغاء
زيارة السيسي لبريطانيا، وكان من أبرز الموقعين على الرسالة التي شملت 55
توقيعًا، نائب زعيم حزب العمال ووزير خزانة حكومة الظل في المعارضة
العمالية جون ماكدونيل وديانا أبوت مسؤولة التنمية في حكومة الظل، وكارولين
لوكاس النائبة عن حزب الخضر، وأندرو ماري مسؤول طاقم "نقابة يونايت"،
والكاتب والصحافي مايكل روزين، والصحافي في ديلي ميل بيتر أوبورن، والمخرج
كين لوتش المؤسس المشارك لحزب الوحدة اليساري.
وفي يوليو الماضي، طالبت البرلمانية كارولين
لوكاس مع 43 عضو برلمان آخرين إلغاء زيارة السيسي، وعادت لوكاس، المنتمية
لحزب الخضر، في 15 أكتوبر الجاري لتطالب بالإفصاح عن تفاصيل زيارة السيسي،
لكن الحكومة رفضت ذلك.
وفي سبتمبر الماضي أورد موقع ميدل إيست آي
البريطاني فيديو لمقابلة سابقة مع جيرمي كوربن رئيس حزب العمال البريطاني
الجديد رفض خلالها دعوة الرئيس السيسي لزيارة لندن، وردا على سؤال إذا ما
كان سيدعو الرئيس المصري لزيارة بريطانيا إذا نجح كوربن الفوز بمنصب رئيس
الوزراء، قال زعيم حزب العمال: "لن أدعو السيسي إلى المملكة المتحدة بسبب
مخاوفي بشأن استخدام عقوبة الإعدام في مصر، وطريقة معاملة الأشخاص الذين
كانوا جزءا من حكومة الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي ما زال حبسه مستمرا".
كذلك قالت صحيفة الجارديان البريطانية في
تقرير نشرته 31 اكتوبر الماضي أن "السيسي، الذي يزور بريطانيا الأسبوع
المقبل، "أشرف علي قتل الدولة لأكثر من 2500 معارضا في مصر بعد الإطاحة
بمرسي".
https://twitter.com/amr_darrag/status/660406551455338496
وانتقد الكاتب "كاهال ميلو" في مقالة له
بجريدة "الإندبندنت دعوة الحكومة الإنجليزية لدول مشهورة بانتهاك ملف حقوق
الانسان، وقال إن "حكومة لندن متناقضة في تصريحاتها حول الديموقراطية وحقوق
الإنسان في مصر وغيرها من الدول المتهمة بسجل مروع في الحريات".
وأشار إلى توجيه دعوات رسمية لعدد من الدول
العربية والإفريقية والآسيوية للمشاركة في أكبر معرض للأسلحة والأجهزة
القمعية الذي يقام في العاصمة لندن اعتبارا من اليوم الثلاثاء ويستمر ثلاثة
أيام.
وأشار "ميلو" في مقاله، الى أن هذا المعرض
تنظمه هيئة التجارة والاستثمار البريطانية وتقدم فيه أحدث الأسلحة والذخائر
وأدوات فض التظاهر وقمع الشغب وانتزاع الاعترافات، وأن مصر وأذربيجان
وكازاخستان وتايلاند تجئ على رأس الدول التي تم دعوتها لحضور معرض الأسلحة
والقمع رغم سجلهم المخزى فى حقوق الإنسان.
ووجه كريس دويل المحلل السياسي البريطاني
لشئون الشرق الأوسط سؤالا للسيسي قبيل زيارته المنتظرة إلى المملكة
المتحدة، وكتب دويل، رئيس مجلس التفاهم العربي البريطاني، عبر حسابه على
تويتر: “عزيزي السيسي، هل تتذكر كافة صغار السن الذين زججت بهم في
السجون؟".
جدل في مجلس اللوردات
وأثارت الزيارة المقررة للسيسي لبريطانيا
جدلاً بين أعضاء مجلس اللوردات البريطاني، حيث قال عضو حزب العمال، بارونيس
هيلينا كنيدي، إن "السيسي مسؤول عن مقتل ما لا يقل عن ألف معارض، ولم يسمح
بتقديم الرعاية الطبية لمعتقلين في السجون، وتحولت مصر إلى أحد مراكز داعش
بسبب إدارة السيسي القمعية، فهل هذا شخص يمكن دعوته إلى بريطانيا؟".
بدوره، أعرب النائب "ستوبفورد" عن رغبتهم في
"رؤية حماية أكبر للحقوق الدستورية وحرية التعبير في مصر"، مشيراً إلى
أنهم سيطرحون مخاوفهم بخصوص هذه القضايا خلال زيارة السيسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق