الثلاثاء، 24 نوفمبر 2015

دافيد هيرست : خطة الإمارات لحكم مصر

رئيسية (1)
كتب- دافيد هيرست : 

كشفت وثيقة استراتيجية فائقة السرية أُعدت لولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد آل نهيان،  أن الإمارات تفقد الثقة في قدرة رئيس مصر، عبد الفتاح السيسي، في خدمة مصالح الدول الخليجية.
الوثيقة التي أعدت من قِبل أحد الأشخاص في طاقم بن زايد، والمؤرخة في 12 أكتوبر الماضي، تحتوي على اقتباسين رئيسيين يصفان شعور إحباط بن زايد من السيسي، الذي مول انقلابه ولي العهد وأغدق المليارات بجانب السعودية. وتذكر الوثيقة (على لسان بن زايد): “هذا الشخص يحتاج أن يعلم أنني لست ماكينة صراف آلي”. وبجانب ذلك تكشف الوثيقة عن الثمن السياسي الذي سيجنيه الإماراتيين إذا استمروا في تمويل مصر
هذه الاستراتيجية المستقبلية يجب أن تستند على  ليس فقط التأثير على الحكومة المصرية، ولكن السيطرة عليها. يتلخص هذا في (كلام بن زايد) : “الأن سوف أعطي لكن بشروطي.. أنا أعطي إذا أنا أحكم”.
مصر التي حاولت مؤخراً وقف انهيار الجنيه المصري، تعتمد بشكل رئيسي على السيولة النقدية من الإمارات، التي أصبحت أكبر مستثمر مباشر أجنبي في مصر، ففي المؤتمر الاقتصادي الذي انعقد في شرم شيخ في مارس الماضي، أوضح رئيس الوزراء الإماراتي وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن الإمارات قد قدمت بالفعل لمصر بمبلغ قدره 13.9 مليار دولار وأنه يعد لضخ 3.9 مليار أخرى. ويعتقد محللين أن الرقم الحقيقي للمعونة التي حصل عليها السيسي من الإماراتيين يقترب من 25 مليار دولار، وهو  ما يعادل نصف المعونات الخليجية لمصر.
16.4 مليار دولار متبقية، و2.5 مليار دولار في هيئة ودائع بالذهب، وذلك وفق لمسئول مصري سابق تحدث إلى ميدل إيست آي، بشرط عدم الكشف عن هويته. أما الباقي من مجمل 25 مليار دولا ففي صورة قروض، وهذا غير كاف لتغطية استيراد السلع الأساسية لشهرين.
الوثيقة التي أطلعت عليها ميدل إيست آي بشكل حصري، تطرح أسئلة عما إذا كان بن زايد يسعى للحصول على عائد مناسب على استثماره. وتكشف أيضاً عن مدى سخط الإماراتيين الذين اعتقدوا أن المسئولين المصريين قد جندوا من جانبهم، لأنه أتضح لهم (الإماراتيين) أنهم لم يكونوا موالين لدولة الإمارات كولائهم لمصر.
وتقول الوثيقة الاستراتيجية أنه في المستقبل يجب اختيار شركائهم في مصر بعناية أكبر، في إشارة إلى الحملة الحالية في وسائل الإعلام المصرية ضد حاكم السعودية الجديد، الملك سلمان وابنة محمد، والتي هاجمت المملكة لدورها في سوريا ومحاولة التحكم في مصر، الوثيقة تقول في هذا السياق أنه لابد أن تتوقف الحرب الكلامية لأن ذلك يضر بمصالح الإمارات.
ثلاثة مراحل
وتحدد الوثيقة الاستراتيجية ثلاثة مراحل للاستثمار في مصر بداية من العام القادم، ففي المرحلة الثالثة تسعى الإمارات إلى أن تنتقل من ممول إلى “شريك كامل” .
وتقول الوثيقة أن الإمارات يجب عليها تجنيد مراكز التفكير، الجامعات، ووسائل الإعلام، وأنه غني عن القول أن هذه الاستثمارات المباشرة ينبغي أن يكون لها رؤية واستراتيجية واضحة، تختبر بدفعة أولى مدى المنافع التي ستجلبها لأبو ظبي.
الوثيقة تتفوه بعبارات صريحة عن طموحات إماراتية للتحكم بمصر. هذا الهدف يتجلى بشدة في قسم التوصيات الذي يضع ثلاثة شروط لاستمرار عملية إنقاذ نظام السيسي.
هذه الشروط هي:إلغاء دعم الوقود بنسبة سنوية متتالية، 30%، 30%، 40% على مدار ثلاث سنوات. تضع الإمارات استراتيجية لسعر الجنية المصري أمام الدولار الأميركي، وهذا بمثابة سيطرة على السياسة النقدية في مصر. كذلك إنهاء البيروقراطية. كل واحدة من هذه الشروط خاصة بالسياسة المحلية.
الوثيقة توضح أيضاً مدى الإحباط الذي أصيب به ممولي السيسي، يرى أحد المحللين الذي عكف مؤخراً على دراسة تدهور العلاقة بين مصر والإمارات أن “هذه الانتقادات توضح عدم الرضا عن السيسي وأنه لا يخدم مقاصدهم.. الفكرة الرئيسية أن الإماراتيين يروا أن محمد بن زايد يجب أن يكون الحاكم الفعلي لمصر، وأن أياً من يكونوا في موقع المسئولية عليهم أن ينفذوا ما يُطلبه”.
سبب القلق

هناك ثلاثة أسباب لقلق الإماراتيين:
أولاً، يعتقد الإماراتيين أن الحرب الإعلامية التي اندلعت بين مصر والسعودية تضر بمصالح أبو ظبي. ذكرت صحف مصرية الشهر الماضي أن شجاراً قد وقع بين رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، أحمد السيد النجار، والسفير السعودي في مصر، أحمد القطان، الشجار انتهى بقول الأول “أي مبنى في وسط القاهرة أقدم من مملكتك”. الإعلامي التلفزيوني الموالي للحكومة، إبراهيم عيسى، أتهم السعودية بتمويل الإرهاب في سوريا، داعياً السيسي إلى أن يكف أن يكون “أسيراً للرياض”، مطالباً مصر أن تتحرر من عقدة الامتنان للسعودية.
ثانياً، الإماراتيين غير سعداء بخصوص نكوص السيسي وعوده بإرسال قوات برية تشارك في الحملة التي تقودها السعودية ضد الحوثيين في اليمن، وهي الحرب التي اضطرت الإمارات إزاء هذا أن ترسل قواتها. السيسي استخدم عبارة “مسافة السكة”، والتي تعني أن الأمر لن يستغرق أكثر من وقت انتقال القوات إلى دول الخليج إذا احتاجت مساعدة عسكرية، حتى الأن لم يتحقق إرسال أي قوات مصرية على الأرض في اليمن.
ثالثاً، الإماراتيين يتذمروا من أن السيسي لم يستمع إليهم فيما يتعلق بمطالب الإصلاح الاقتصادي والإداري، أو عندما طالبوا بمبدأ الحكم الرشيد ليكون أساس لدولة مستقرة.
من وجهة نظر أبو ظبي، فأن السيسي لم يقم بأي من هذا، ولم يكن لدية إستراتيجية للإصلاح الاقتصادي، والخدمة سيئة جداً. لذا فهم يعتقدوا بأن السيسي لا ينفذ ما يرغب به الإماراتيين”. وذلك حسب المحلل الذي تحدث لميدل إيست آي والذي طلب أن تبقى هويته مجهولة، مضيفاً  “في المرحلة القادمة، والتي ستبدأ مطلع العام المقبل، يسعى الإماراتيين لتطبيق هذه الحملة واسعة النطاق، ليس بهدف الابتعاد عن السيسي، فهو مازال رجلهم،  ولكنهم ليسوا راضين عما يقوم به، إنهم يريدون خضوعه التام، بحيث يصبحوا هم الحكام الفعليين.
العلاقات مع الرياض
ساءت علاقات السيسي مع الرياض بعدما تكشف له عن تواجد أحد جنرالات الجيش المصري (السابقين) المنافس للسيسي في المملكة العربية السعودية منذ أسبوعين وقيامة بمحادثات خاصة هناك.
مصادر مقربة من المملكة كشفت عن أن المخابرات العسكرية المصري طلبت من السعوديين إحاطة حول وجود سامي عنان، رئيس الأركان الأسبق، هناك، قيل لهم أن عنان كان في زيارة خاصة وبصفة شخصية، وأنه ليس لحكومة الرياض أي يد في الزيارة ولا يمكنها أن تفعل شيء لإيقافها.
وكان عنان في المرتبة الثانية بعد محمد حسين طنطاوي عندما أطيح بمبارك في عام 2011. أقيل من منصبه من جانب محمد مرسي بعدما أصبح الأخير رئيسا للبلاد في عام 2012. ومع ذلك، عندما أطيح بمرسي أيضاً في وقت لاحق من العام التالي، أعلن عنان عن طموحه في الحكم كمرشح للرئاسة وهو في السبعين من عمره، ومقرب من واشنطن وكان يتواجد هناك إبان ثورة 25 يناير.
وفقا لمصادر سعودية مطلعة، عنان هو واحد من ثلاثة أسماء التي يجري النظر فيها ليحل محل السيسي. والأخريين هم أحمد شفيق، وهو في الوقت الحاضر بالمنفى في أبو ظبي، ومراد موافي، الرئيس الأسبق للمخابرات العامة، الذي مثل عنان أقيل من جانب مرسي. ويعتبر الإماراتيين أن شفيق وموافي الأقرب إليهم.
في محادثاته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لم يخف الملك سلمان رغبته في إبقاء الجيش في موقع المسئولية من مصر. السعودية فيما يتعلق الجيش المصري، تعتبره الوحيد لاستقرار البلاد، وأن الرياض تهتم بالاستقرار وليس الديمقراطية.
ومع ذلك، فقد تغيرت هذه الحسابات في الأشهر الثلاثة الماضية إلى حد أن سلمان لم يعد يعتبر السيسي قائد يضمن استقرار مصر. ويعتقد أيضاً أن دور السيسي كقائد قد انتهى، لذلك يدرسوا من يكون الشخص المناسب من داخل المؤسسة العسكرية يمكنه تولى المسئولية بالإضافة إلى التواصل مع شرائح المعارضة السياسية المصرية والذين معظمهم في المنفى.
عنان، تعتبره السعودية الشخص المفضل، بهدوئه وقيادته المراوغة المتجنبة للمخاطر، وادعائه القوي بحقه في تمثيل الجيش المصري، ولكنه في نفس الوقت موضع شك للمعارضين في مصر الذين بالتأكيد لم ينسوا فترة حكم المجلس العسكري التي سبقت مرسي، والتي كان عنان من أهم وجوهها والتي شهد الكثير من عمليات قمع المتظاهرين وسالت فيها دماء الكثير من المتظاهرين في ميدان التحرير. يقول معارض مصري: “إذا كانوا يبحثون عن شخصية عسكرية، عنان هو الخيار الأفضل. ولكن شخص تم قبوله من الجيش لن يكون مقبول من جانب الأغلبية”.
الموضوع بالإنجليزية:



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق