إعلاميو الفساد.. هل يحاربون الفساد حقا؟
24/11/2015
يتمخض إعلام الانقلاب في عقول المِصْريين قصصًا لا تنتهي عن مشروعية الفساد، في محاولة تجري على قدم وساق في إعادة ضبط عقول المِصْريين على قبول الفساد بصدر رحب، أو ما يصفه مراقبون بـ"إعادة ضبط الصنع".
الإعلامي محمد مصطفي شردي -المؤيد للانقلاب العسكري- قال بالأمس: إن "شراء الأصوات ما زال موجودًا وأن سماسرة الانتخابات منتشرين في كل مكان؛ حيث إن الأصوات تتراوح ما بين 200 جنيه إلى 500 جنيه للصوت الواحد".
وبرر "شردي" -الذي يعاني من آثار الصفع بالقفا في نيويورك، في برنامج "90 دقيقة"، الذي يقدمه عبر شاشات قنوات "سي بي سي"-: "في منظمات أعلنت أن سماسرة الانتخابات في بورسعيد موجودون وأن الصوت بدأ من 200 ووصل إلى 400 جنيه، فما بالكم بكرة هيكون عامل ازاي؟؟؟".
وزعم أن ما يحدث ليس عيبًا من حكومة الانقلاب ولا النظام العسكري وإنما هي ثقافة عامة في المجتمع، بحسب ما قال.
هل ينبت الشوك وردًا؟
إعلام الانقلاب الذي يديره اللواء "عباس كامل" والشئون المعنوية بالجيش، ويدار بالهاتف ليمنع أي صوت يخالف الفساد، وهذا طبيعي من نظام ديكتاتوري جاء بانقلاب عسكري قتل واعتقل وشرد وشتت عشرات الآلاف، وصادر الحريات، وأقام دولة الخوف، وهدم الدستور والقانون، وأسس لعصر الفساد والاستبداد.
وجّه الإعلامي عمرو أديب، رسالة لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، قائلًا: « الفساد مش إنه صباح الخير يا حبايبي انهاردة هنخلص ع الفساد».
وأضاف أديب: «دا انا بأعشق الرذيلة، إحنا شعب بنحب الفساد.. ونحب اللي يشتغل كده».
واختتم أديب: «إحنا عندنا فساد كتير.. ومش هيتغير بردوا بالكلام ولا هيحصلوا حاجة بالكلام ولا أي حاجة»، مضيفًا «ما تقفلش أبواب الفساد عشان نعرف نعيش»!!!
الفساد الذي يطبل له إعلامي السيسي كل ليلة، ويدعون أنه "إرث" ستين عامًا لا ينتهي في ليلة، تناولت أسباب استمراره مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية.
وتطرقت الصحيفة لإطلاق الانقلاب ما يسمى "الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد"، وهي برنامج عمل لـ"هيئة مكافحة الفساد"، ووصفتها بأنها "هيئة عائلية"؛ حيث يتبوأ مصطفى بن عبد الفتاح السيسي منصبًا مهمًا في الهيئة.
وكان رئيس وزراء الانقلاب السابق "إبراهيم محلب"، قد أعلن عن تشكيل الهيئة في 9 ديسمبر 2014، وصادف أنه اليوم العالمي لمكافحة الفساد، ووصفت المجلة اختيار اليوم بأنه كان "اختيارا ميمونا".
وأوردت المجلة تباهي محلب بارتقاء مِصْر لعشرين درجة في سلم الدول الأكثر فسادًا في عهد السيسي (من 114 إلى 94)، وادعاء مصطفى نجل السيسي بأنه جلب لجهاز أمن الدولة ملفات فساد كبيرة في محافظات البحر الأحمر تتضمن دفع رشى بلغت قيمتها 170 ألف دولار أمريكي.
علي بابا
إلا أن المجلة عادت لتقول إن كل ذلك يناقض نتائج تحقيق أجرته على مدى سنة كاملة، واستند على وثائق مسربة ومعلومات من أهل الشأن.
ويشير تقرير المجلة الذي كتبه نزار مانق وجيرمي هود، إلى أن الفساد في مِصْر لا يزال كبيرًا، وأن هناك "فشلا ذريعًا" في مواجهته واستئصاله، وأن هناك فسادًا داخل نظام الانقلاب الذي يقول أنه يحارب الفساد.
ويكشف التقرير عن أن العسكر خبأوا عن العيان 94 مليار دولار على الأقل من أموال الدولة في حسابات غير مراقبة في المصرف المركزي والمصارف التجارية الحكومية، ويطلق على تلك الأموال اسم "الأموال الخاصة"، وأنها أنفقت مع نهاية السنة المالية 2012-2013 من قبل هيئات حكومية؛ مثل وزارة الداخلية وهيئة مكافحة الفساد.
وأشار تقرير المجلة إلى احتمال اقتطاع جزء من المساعدات الخليجية في عهد الرئيس محمد مرسي، وضخها في حسابات خاصة يديرها الجيش المِصْري قبل أن ينقلب العسكر.
وإضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى تسريبات قناة "مكملين" -التي تبث من تركيا، والتي كشفت نقاشًا دار بين السيسي وعباس كامل، أحد كبار معاونيه- بشأن تحويل مبلغ ثلاثين مليون دولار من المساعدات الخليجية إلى حسابات يديرها الجيش المِصْري.
وأعرب كاتبا التقرير عن اعتقادهما أن ما تسمى "حسابات الأموال الخاصة" قد تكون مرتبطة أيضا برئيس هيئة مكافحة الفساد في عهد مبارك الجنرال فريد التهامي، الذي يعتبر أحد عرابي السيسي.
واستمر الكاتبان في تقريرهما المطول باستعراض الأدلة التي تثبت تورط نظام الانقلاب في حالات فساد كثيرة، وشبها الوضع برواية علي بابا الذي علم كلمة السر لدخول الكهف الذي خُبئت فيه كنوز اللؤلؤ والمرجان.
وقال التقرير: إن علي بابا علم أن كلمة السر للوصول إلى الكنز كانت "افتح يا سمسم"، ويبدو أن كلمة السر في مِصْر اليوم هي "مكافحة الفساد".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق