شاهد رائحة المخابرات.. مقارنة بين أحداث 11 سبتمبر وتفجيرات باريس
24/11/2015
تؤكد معطيات أحداث الهجمات الأخيرة التي
شهدتها فرنسا، وأصبحت تهدد كل دول العالم، أن هناك أيادي مخابراتية عديدة
وراءها، وذلك لطبيعة تنفيذها من ناحية، ومن ناحية أخرى لتزامنها مع خلافات
المصالح بين الدول الكبرى.
عندما وقعت أحداث 11 سبتمبر 2011 في
نيويورك، وراح ضحيتها مدنيون كان منهم مسلمون وغير مسلمين، وتبخرت معها
مجهودات أنجزها مسلمون مغتربون، وخسر العرب والمسلمين تمددهم في أمريكا،
وتم تدمير صورة المسلم الذي يسلم الناس من لسانه ويده، وتم صبغ عموم
المسلمين بالتطرف والإرهاب.
منذ ذلك التاريخ والمسلمون في أمريكا،
والعرب على وجه الخصوص، يدفعون الثمن، حيث تراجعت إنجازاتهم، وأصبحوا في
دائرة الاستهداف والملاحقة، بعد أن نجح الإعلام الصهيوني في إلباسهم ثوب
الشيطان.
تطبيل يهودي
تلقف رئيس الوزراء الصهيوني، بينيامين
نتياهو، الحادث على طبق من ذهب، وأثناء لقائه مجموعة من الدبلوماسيين،
حدادًا على ضحايا هجمات باريس، وصف المسلمين بالـ"حيوانات".
وذلك خلال مؤتمر الدبلوماسيين الأجانب الذي
عُقد برعاية صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيليّة الموجهة لليهود في
أوروبا، بجانب السفير الفرنسي بارتيك مزوناف، دقيقة صمت حدادًا على ضحايا
الهجمات الإرهابية في فرنسا.
وقال نتانياهو موجهًا حديثه للسفير الفرنسي
خلال المؤتمر: "نحن نقف ولا نسقط، على رغم أن البرابرة يسقطون أحيانًا
ضحايا من بيننا، دولنا قوية ونحن نصمد"، وأضاف نتانياهو قائلاً: توجد
حيوانات متوحشة من المسلمين في مدننا، وعندما تفهم القوى الحضارية خطورة
المشكلة، لن يتبقى أمامها إلا التوحد بشكل واضح وهزم هذه الحيوانات، ويوجد
اسم لهذه الحيوانات وهو الإسلام"!.
فيما قال السفير الفرنسي لدى كيان الاحتلال:
"الناس يسألون أين كانت فرنسا عندما تعرضت إسرائيل للهجوم؟ وأنا أرد عليهم
الإرهاب هو الإرهاب حتى عندما يضرب إسرائيل، دعمنا لكم عندما تتعرضون
للهجوم كاملاً"، على حدّ قوله.
يقول الدكتور أحمد يوسف: "هذه الأحداث سيكون
لها ما بعدها وستطبل لها إسرائيل وتستغلها في المزيد من التحريض على
المقاومة والفلسطينيين، ونحن سندفع أثمانا غالية بالتأكيد في علاقتنا،
فرنسا بشكل عام تقف مناصرة للقضية الفلسطينية، الفرنسيون متعاطفون بشكل
كبير مع القضــية الفلسطينية ومع الشعب الفلسطيني، وأنا أعتقد أنه سيتسبب
في تراجع الدعم".
"داعش" فكرة قديمة
ويؤكد مراقبون أن الحقيقة التي أصبحت مؤكدة
أن التنظيمات المخابراتية، وفي مقدمتها "داعش" أصبحت أدوات طيعة للغرب، وأن
فكرة المبررات العقائدية والدينية وراء أحداث العنف تجاه الغرب، أصبحت
فكرة عقيمة تجاوزتها المصالح السياسية، التي فرضتها الصراعات بين الدول
الكبرى، والتي تعدت حدود الصراع السياسي إلى الإنذار بالحروب، بل إن هذه
الخلافات وصلت إلى حد التهديد بحرب عالمية ثالثة.
اليوم تأتي أحداث باريس المأساوية لتعقيد
مشهد الإسلام والمسلمين، والتحريض على الوجود الإسلامي هناك وتشويه صورته،
وبدل أن تفتح أوروبا أبوابها للمهاجرين وتنتصر لقضايا المسلمين سوف تتحول
لملاحقتهم، وسد أبواب الحركة والعمل في وجوههم.
وبرأي بعض المراقبين أن "البهاليل" الذين
يصفقون لـ"داعش"، ويقولون للشعب الفرنسي هذه نتيجة سياسة حكومتكم الداعمة
للفوضى والإرهاب، في بلاد المسلمين مثل مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى
وليبيا وأخيراً سوريا، أعمتهم حماسة الانتقام عن رؤية رد فعل تلك الحكومات،
وخسروا تعاطف الشعوب الأوروبية.
يقول دكتور أحمد يوسف: "نحن لا نعفي فرنسا
من بعض سياساتها التي تستفز المسلمين وتستدعي غضبهم، لكننا نتحدث عن
تفجيرات وأعمال دامية طالت أبرياء وأناسا آمنين. بغض النظر، الحكومة
الفرنسية نحن لا نبرئها من أخطاء كثيرة، ولكن الدولة هي التي تتحمل هذه
المسؤوليات والتاريخ هو الذي يحكم على فرنسا في سياستها تجاه قضايا الأمة
العربية والإسلامية".
مضيفًا: "يجب أن لا يكون ذلك تبريرا
لاستهداف المدنيين وقتل الأبرياء، نحن كمسلمين عندنا منظومة قيمية مختلفة
عن الغرب، حتى وإن أساء الغرب إلينا كمسلمين، ما زال يدمر بلادنا وأساء
إلينا ولازال يرتكب الكثير من الحماقات في بلادنا العربية، لكن ليس هذه
أخلاقنا كمسلمين".
انتقام من المسلمين
وتشهد مختلف المدن الفرنسية حاليا موجة من
الانتقامات أسهمت في تنامي أفعال الإسلاموفوبيا بشكل رهيب، بعد مرور 6 أيام
من الهجمات الإرهابية التي طالت باريس وسان سانت دوني.
وعاد كابوس وهوس أعضاء الجالية المسلمة من
جديد إلى الواجهة، فأصبح الجميع يعيش اليوم حالة قلق من ردود أفعال
المتطرفين من الفرنسيين، إذ تعرض شباب من أصول مغاربية بينهم امرأة إلى
اعتداءات، فيما تم انتهاك حرمة مجموعة من المساجد من قبل مجموعة مجهولة.
الاعتداء الأول مس مسجد “الصحابة” في
كريتاي؛ حيث تم تغطية جدرانه بالعشرات من الصلبان الملونة بالأحمر، فيما
حمل مسجد “أولون سانت ماري” عبارات "فرنسا استيقظي" و"اخرجوا يا عرب"،
وشعارات أخرى كتبت على جدران ن مسجدين بمرسيليا وإيفرو، مع تعليق رؤوس
خنازير عند مدخل كل مسجد.
من جهة أخرى تعرض شاب من أصول مغاربية إلى
ضرب مبرح من قبل مجموعة من المتطرفين الفرنسيين، قاموا باستهدافه فقط لأنه
أسمر البشرة ومن أصل عربي، فيما تم الاعتداء على شابة محجبة من أصول
مغاربية وسط بمرسيليا عند خروجها من محطة المترو، حيث أقدم شخص على توجيه
لكمة لها على مستوى الوجه، ثم طعنها باستعمال آلة حادة نُقلت على إثرها إلى
المستشفى.
وأبدى رئيس مركز الإسلاموفوبيا عبد الله
زكري تخوفه من تنامي أفعال الإسلاموفوبيا خلال هذه الفترة بالذات من قبل
المتطرفين الذين يرغبون في الانتقام باسم فرنسا، طالبا من أعضاء الجالية
المسلمة التحلي باليقظة والحيطة.
كما أدان وزير الداخلية برنار كازنوف من
جهته، في بيان تسلمت “بوابة الحرية والعدالة” نسخة منه، هذه الاعتداءات
التي تعرض إليها أعضاء الجالية المسلمة، وخاصة المرأة المحجبة، متوعدا
باتخاذ الإجراءات اللازمة للبحث عن الجناة وتقديمهم أمام العدالة.
وفي وسط الصخب العالمي الذي يصطاد في الماء
العكر، ويتهم المسلمين بالإرهاب دون غيرهم من الإرهابيين الحقيقيين، تستمر
صواريخ النظام السوري في حصد أرواح الأبرياء، ومشانق وزنازين نظام الانقلاب
في مصر، دون أن يعلم المواطن الفرنسي أن من قام بهذا الهجوم، هو وحده الذي
يتحمل مسؤوليته سواء كان "داعش" أو من يحرك خيوطها، ويجب ألا يتم تحميل
الجريمة للعرب والمسلمين في فرنسا أو غيرها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق