الثلاثاء، 26 مايو 2015

رسالة الرئيس مرسي: أسباب السماح بتسربها وتحليل مضمونها

أثارت رسالة الرئيس المصري "محمد مرسي"، علامات استفهام كثيرة، حول توقيت صدورها، عبر نجله أسامة، خلال لقاء جمعهما في إحدى جلسات المحاكمات.

بيد أن الغريب، أن الأجهزة الأمنية كانت تمنع عن مرسي الزيارة، حتى خلال جلسات المحاكمات، وتمنع الانفراد به بشكل قاطع، ما أثار أزمات كبيرة على خلفية هذا التوجه حتى مع المحامين، ولكن سمح فقط لنجله تلك المرة.

ولا يمكن فهم هذا التوجه إلا محاولة من النظام الحالي استفزاز رافضي الانقلاب ومؤيدي الشرعية، عقب رسالة مرسي، ودفعهم إلى التظاهر بأعداد كبيرة، ومن ثم الدخول في مواجهة عنف وقتل لرافضي النظام، بحسب خبير أمني.

ويرغب النظام الحالي في إثارة مواجهة قلق وبلبلة جديدة، لتصدير أمام الرأي العام العالمي والدول المعترضة على إعدام مرسي وقيادات "الإخوان المسلمين"، بأن هذا القرار لم يأتِ من فراغ وإنما لأنهم يرعون "الإرهاب" ويحرّضون عليه.

وبعيداً عن تعمد الأجهزة الأمنية تسهيل تسريب رسالة من مرسي إلى مؤيديه، كانت هناك دلالات وتأثيرات لهذه الرسالة، فبعض الرافضين للرئيس، طالبوا بسرعة إنهاء الأزمة بشكل من الحكمة وليس بالعنف المفرط.

بيد أن بعض مؤيدي مرسي، ذهبوا إلى أن كلمته لم تأت بجديد، وكان عليه إصدار كلمة فيها نوع من الصرامة أكثر في التعامل مع الوضع القائم، فضلاً عن وضع رؤية مستقبلية.
وكان الرئيس"محمد مرسي"، قد دعا أنصاره للصمود، قائلاً "استمروا في ثورتكم ولا تتراجعوا". مضيفاً "أثق في أن الثورة ستنجح والانقلاب إلى زوال".


فحوى الرسالة

كما علق في رسالة نقلها نجله أسامة، عضو فريق الدفاع عنه، على إحالة أوراقه إلى المفتي في القضية المعروفة إعلامياً باسم "الهروب من سجن وادي النطرون" قائلاً "الحكم بالإعدام لم يؤثر عليّ ولا يختلف عن قرار قنّاص يقتل هذا أو يصيب ذاك، وأنا ثابت على المبدأ والموقف في مواجهة الانقلاب".

وقدم مرسي العزاء لأسر الشهداء: "أعزّي كل أسر الشهداء وأحيّي صمود كل المعتقلين والمظلومين، والثورة هي من ستعيد إليهم حقوقهم ومطالبهم".

في المقابل، قال رئيس حزب "العدل" المصري، حمدي سطوحي، إن رسالة مرسي لم تأتِ بجديد مطلقاً، عن رسائله السابقة، معتبراً في حديثه أنّ مرسي يحاول إيصال رسالة، أنّه غير مكترث لأحكام الإعدام، وهو ما قد يؤثر على مؤيديه.

وحذّر رئيس حزب "العدل"، من مغبة الاستمرار في أحكام الإعدام والتضييق على الشباب، حتى لا يلجأوا إلى العنف، مشدداً على ضرورة الانتهاء من الأزمة الحالية في أقرب وأسرع وقت ممكن، حتى يتم إغلاق الملف نهائياً، والانتباه إلى مصر وبنائها.

من جانبه، قال المحلل السياسي، مختار غباشي، إنّ الغرض من رسالة مرسي حثُّ أنصاره ومؤيديه على الاستمرار في التظاهر، وعدم التوقف عن محاولات إسقاط النظام الحالي.
ورأى في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن مرسي سرّب هذه الرسالة ليعطي انطباعاً أنه غير متأثر بأحكام الإعدام، وأنه رضي بمصيره لو تم الحكم عليه بالإعدام في سبيل نجاح "الثورة".

كما اعتبر أنّ "الرسالة تضغط بشكل أكبر على النظام الحالي، في سبل عدم تنفيذ حكم الإعدام في حق مرسي وقيادات الإخوان، باعتبار أن بعد هذه الخطوة لا تراجع مطلقاً".
وشدّد على أن النظام الحالي يعوّل كثيراً على المعتقلين في تسوية الأزمة، بيد أنه على وشك فقدان ورقته الرابحة في التفاوض مع الإخوان ومؤيديهم، وإذا فقدها ستتعقد الأزمة أكثر وأكثر.

إلى ذلك، أشار إلى أن الضغوط الدولية بعدم إعدام مرسي، ستتزايد خلال الفترة المقبلة عقب هذه الرسالة، إذا تُرجمت ونشرت في صحف دولية.

دور الأمن
بدوره، لفت خبير أمني، إلى أن الأجهزة الأمنية تعمدت السماح لرسالة مرسي بالخروج عبر نجله إلى مؤيديه، وقال في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، إنّ الأمن المصري يعلم جيداً أنه طالما انفرد أحد أفراد أسرة مرسي به، سيكون هناك رسالة من الرجل إلى مؤيديه وأنصاره.

كما رأى أنّ الأمن تغافل عن هذه الجزئية، تلك المرة، لتسهيل تمرير تلك الرسالة إلى أنصار مرسي، وإلا لماذا لم تستمر سياسة عدم منع الانفراد بالرئيس.

وأكّد أن الأمن لا يفعل شيئاً إلا بحسابات معينة، كما أن فكرة السماح بزيارة مرسي والانفراد به لا تكون بموافقة الداخلية وحدها، ولكن بترتيب مع أجهزة سيادية في الدولة.
وعن الهدف من تسهيل تسريب الرسالة، قال "بالتأكيد هناك سبب، ربما لأن الأمن يدرك أن الرسالة سيعقبها مواجهة عنيفة من التظاهرات، وبالتالي هناك مبرر لمزيد من القمع والعنف والقتل".

أمّا القيادي في "الجبهة السلفية"، مصطفى البدري، فاعتبر أنّ رسالة مرسي تؤكّد أنه لا يزال متماهياً مع فكرة الثورة الشاملة، وهذا الكلام مشابه لحد كبير كلامه في آخر خطاب له قبل الانقلاب "مباشرة".
وأشار البدري، في بيان، إلى أن "عدم وجود جديد في هذا الكلام سيضعف من تأثيره على الحراك الحالي، فكان ينبغي على مرسي أن يستغل مثل هذه اللقاءات لإبراز الأمور الخفية التي يحتاجها الشارع حتى يكون هناك صدى أوسع لكلماته".

كذلك شدّد على ضرورة "إعلان مرسي مقاطعته الشخصية لهذه المسرحيات المسماة بالمحاكمات، وأن يسحب توكيلات المحامين بهذا الشأن"، لافتاً إلى أهمية إصداره لقرارات رئاسية كما لو أنه تمكن من منصبه لحظة كلامه، حتى يتعرف الشارع على مشروعه بعد إسقاط الانقلاب.
-------------------

المصدر : العربي الجديد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق