رواتب القضاة وندبهم... ممنوع اقتراب الحكومات
رواتب القضاة وندبهم... ممنوع اقتراب الحكومات
(ممنوع اقتراب الحكومات) أبرز ما يضاف إلى حالة أعضاء الشامخ فى تعاملاتها
مع الحكومات المتعاقبة فى مصر فقد كشفت كواليس الاجتماع الطارئ الذى عقدته
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع برئاسة المستشار محمد قشطة نائب
رئيس مجلس الدولة عن وجود ترتيبات مسبقة ومفاوضات قادها رؤساء الهيئات
القضائية الممثلون فى المستشار حسام عبد الرحيم رئيس مجلس القضاء الأعلى
والمستشار أحمد الزند رئيس نادى قضاة مصر والمستشار جمال ندا رئيس مجلس
الدولة والمستشار عدلى منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا والمستشار
عنانى عبد العزيز رئيس هيئة النيابة الإدارية مع حكومة المهندس إبراهيم
محلب لعدم تطبيق الأقصى للأجور على رجال النيابة والقضاة.
وقالت مصادر قضائية لـ"مصر العربية"، إن الاجتماع الطارئ جاء بعد موافقة
الحكومة مباشرة بشكل غير معلن فى اجتماعها الأخير يوم الأربعاء الماضى على
استثناء رجال القضاء والنيابة من تطبيق قانون الحد الأقصى للأجور وأعطت
أوامر لوزارة المالية بإرسال فتوى لمجلس الدولة لتقنين القرار، وهذا ما دفع
المستشار جمال ندا رئيس مجلس الدولة إلى إصدار أوامر لنائبه الأول
المستشار محمد قشطة رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بسرعة
الانتهاء من هذه الفتوى بما يصب فى صالح القضاة ورجال النيابة.
وأوضحت المصادر أنه بالفعل صدرت فتوى قانونية بعدم خضوع أعضاء السلطة
القضائية والنيابة العامة لتطبيق القانون 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى
لأجور العاملين بالدولة.
واستندت الجمعية العمومية في حيثيات فتواها بعدم خضوع القضاة لقانون الحد
الأقصى للأجور، باعتبار أن أعضاء السلطة القضائية ليسوا تابعين للجهاز
الإدارى للدولة، وبالتالي فهم ليسوا موظفين عموميين ولا يخضعون لقانون
العاملين المدنيين بالدولة، مؤكدة أن القضاة وأعضاء النيابة العامة لهم
كادر مالي خاص بهم.
وكشفت المصادر أن رواتب القضاة فى مصر تبدأ من 5000 إلى 18000، حيث إن
راتب وكيل النيابة خمسة آلاف جنيه أساسى غير البدلات والمكافآت
والانتدابات، وراتب القاضى 18000 جنيه أساسى غير البدلات والمكافآت
والانتدابات، هذا بجانب مزايا العلاج المجانى فى أفضل المستشفيات ومزايا
النوادى والتصييف والمخصصات.
وأوضحت المصادر أن مرتبات مجلس الدولة تتساوى مع القضاء العادي، أما
بالنسبة للمحكمة الدستورية العليا تزعم أن مرتباتها لا تصل للحد الأقصى،
مرجحة أن مرتباتها تفوق الحد الأقصى، لافتة إلى أن وزارة المالية هي الجهة
الوحيدة التي يمكن أن تطلعنا عن المرتبات الحقيقية عن كل جهة أو هيئة
قضائية من جدول مرتبات القضاة، مؤكدة أن دخل القضاة من الانتدابات يفوق
الخيال أما بالنسبة لرواتبهم لا تصل إلى الحد الأقصى.
ندب القضاة مسمار فى نعش الحكومات المنادية بإلغائه
ندب القضاة للوزارات والهيئات الحكومية أصبح الخط الأحمر ومسمارا فى نعش
معظم الحكومات التى نادت بإلغائه وكان على رأسها حكومة هشام قنديل رئيس
وزراء الرئيس المعزول محمد مرسى فى نظام جماعة الإخوان، ما تسبب فى
الإطاحة بحكومته.
ليس ذلك فحسب بل ثارت الهيئات القضائية وعلى رأسها مجلس الدولة ضد لجنة
المائة (اللجنة التأسيسية لدستور 2012) وعقدت اجتماعات طارئة لجمعياتها
العمومية بمجرد طرح قضية إلغاء الندب على مائدة الحوار عند صياغة المواد
الخاصة بالقضاة فى باب السلطة القضائية فى الدستور.
وأصبح الندب شيئًا لا يجوز الاقتراب منه بل اعتبره بعض المستشارين والقضاة
جزءا أساسيا من دخولهم الشهرية التى تتجاوز عشرات الآلاف من الجنيهات.
وقال غبريال جاد عبد الملاك رئيس مجلس الدولة الأسبق لـ(مصر العربية)، إن
حظر ندب القضاة سيحدث ارتباكا شاملا فى جميع مرافق الدولة وعلى كل مستويات
الجهات الإدارية، إذ أن تشريعات كثيرة تتضمن النص فى تشكيلات مؤثرة لديها
على ندب القضاة مثل مجالس التأديب ومجالس الإدارة واللجان القضائية والأخطر
هى لجان البت المنصوص عليها فى قانون المناقصات والمزايدات والتى قصد
المشرع من ندب قاض فى عضويتها حماية المال العام وهذا الأمر يصعب تداركه
مطلقا لوورد حظر ندب القضاة فى الدستور
وقالت غبريال إن نظام ندب القضاة ليس بدعة من النظم القانونية المقارنة فهو
نظام متأصل فى كثير من دول العالم كفرنسا وبلجيكا وكذلك بعض الدول العربية
فإن القاضى المنتدب يعمل لحساب القانون غير مقيد سوى بما يمليه عليه
القانون وغير مراقب إلا من الله وقد تجلت تلك المعانى فى حكم للمحكمة
الإدارية العليا إذ تقول أن المستشار القانونى يبدى الرأى الذى يراه متفقا
مع صحيح حكم القانون بغض النظر عن رأى الوزير كما أن ما يحكم المستشار به
فى إبداء الرأى هو القانون الذى ينبغى أن يتقيد به لا رأى الوزير الذى يعمل
مستشارا معه لذا فإن الوزير لايحدد له ما ينبغى أن ينتهى إليه فى رأيه
وأضاف رئيس مجلس الدولة الأسبق، أن المستشار حر فى إبداء الرأى وليس للوزير
من الناحية القانونية أن يملى عليه سلوكا معينا يتعين أن يلتزم به وأن أية
دعاوى تقام على الوزارة لاتتعلق بمصلحة خاصة بالوزير تجعله يحاول التأثير
على القاضى المنتدب مستشارا للوزارة ليقضى فيها على نحو معين وأن مئات من
القضايا تقام على الوزير لا بصفته الشخصية لكن بصفته ممثلا قانونيا للوزارة
التى يرأسها ولا يتصور أن يهتم الوزير فى كل قضية بالقيام بمساعى لدى
القاضى المنتدب إليه لكى يؤثر فى حكمه.
وعن الآلية التى يتم بها ندب القاضى وخاصة مستشارى مجلس الدولة للجهات
الحكومية قال رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن القضاة مطلوبون وليسوا معروضين
فالندب يتم بناءً على طلب إحدى وزارات الدولة ومصالحها ومؤسساتها ويهدف إلى
سد حاجات تلك الجهات الملحة إلى جهود القضاة وخبراتهم المكتسبة من أعمالهم
القضائية بحكم إحتكاكهم المستمر بالمنازعات والدعاوى ووقوفهم على دقائق
القوانين واللوائح التى تنظم مباشرة الجهات الإدارية لإختصاصاتها والمبادئ
القانونية التى أرستها المحاكم بما من شأنه حماية تلك الجهات من مزالق عدم
مشروعية تصرفاتها ومعاونتها فى إعلاء مبدأ المشروعية وسيادة حكم القانون
والتضييق من حالات الإلتجاء إلى القضاء حسما لمنازعات الإدارة مع موظفيها
أو الأفراد فى مهدها وهى غاية مشروعة يحققها نظام الندب
وأضاف رئيس مجلس الدولة الأسبق، أن نظام الندب يسمح باحتكاك القضاة برجال
الإدارة للوقوف على كيفية إصدار قرارات الجهة الإدارية وظروف وملابسات
صناعة هذه القرارات بما يكسب القضاة الخبرة الإدارية التى تمكنهم من
الإلمام بدقائق هذه الامور حتى يتمكن القاضى من محاكمة هذه القرارات لدى
دراسة مشروعيتها وهو نظام له ما يقابله فى فرنسا
وعن مبررات الإبقاء على نظام ندب القضاة فى الهيئات الحكومية قال ( عبد
الملاك ) إن من المبررات والحجج الدامغة والقوية للإبقاء على نظام ندب
القضاة تتمثل فى أنه فى حقيقته مهمة قومية تقدم للبلاد خاصة للجهات
السيادية والتى تتمثل فى رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ووزارة العدل
وغيرها فلو أن تلك الجهات طلبت الإستعانة بأحد القضاة لخبرته وتمكنه فى أمر
وطنى أو قومى أو دولى فإن النص فى الدستور على حظر الندب سيجعل الأمر من
بعد يسره عسيرا .
وضرب ( عبد الملاك ) مثالا لذلك قضية تحكيم " طابا " التى انتدب لها شيوخ
أجلاء من قضاة مصر استطاعوا إعادة بقعة من أرض مصر إلى أحضانها ومؤخرا فى
الأيام القليلة الماضية طلبت رئاسة الجمهورية ووزير العدل ندب بعض قضاة
المجلس للقيام بمهام دستورية وتشريعية وقانونية وليس فى هذا عيب دستورى او
تشريعى أو قانونى ونؤكد أن تلك الجهات هى التى طلبت الندب وذلك فى إطار
التعاون المثمر والمحمود بين السلطات الثلاث بما يحقق المصلحة العليا
للبلاد
وكشف ( عبد الملاك ) : إن نسبة القضاة المنتدبين ضئيلة جدا ولاتمثل شيئا
بالنسبة لجحافل العلم والمكانة بمصر من أعضاء الجمعية التأسيسية وليست فى
حاجة لمثل هذا الوقت الذى أستغرقته الجمعية التأسيسية فتلك مسالة فرعية
بسيطة أمام المعضلات الدستورية الاخرى وبالتالى فإن الحديث عن حظر ندب
القضاة فى الدستور بإدعاء أن ذلك يحافظ على أستقلالهم هو أمر فيه مجافاة
للواقع ويحمل فى طياته حديثا غير مرغوب فيه ضد القضاة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق