خسائر مصر من تنازلات السيسي لترامب.. ما الذي حصل عليه مقابل الدولار؟
09/04/2017
قبل لقاء السيسي والرئيس الأمريكي الجديد كانت أجندة ترامب المعلنة والسرية، حسب صحف أمريكية ودولية، تتلخص في: التعاون ضد داعش + تشكيل ناتو عربي مع إسرائيل + بحث إطلاق 7 معتقلين أمريكان في سجون مصر + تقليص المعونة الأمريكية.. أما أجندة السيسي فكانت: تصنيف الإخوان "إرهابية" + الحصول علي دعم أكبر من مجرد المعونة العسكرية + استثمارات أمريكية + دعم شرعيته أمام شعبه وأمام خصومه في ظل صراعات الأجهزة المتزايدة.
لو تتبعنا ما جرى خلال الزيارة وتصريحات المسئولين المصريين والأمريكان وتعليقات الصحف، سنجد أن ترامب لم يعد بأي زيادة للمعونة الأمريكية أو حتى الحفاظ على المعونة الحالية (1.4 مليار دولار)، وتحدث فقط بشكل عام عن "زيادة الدعم الأمريكي لمصر"، وقصد به الدعم المعنوي.
المعونة قد تتقلص!
قبل الزيارة كشفت إدارة الرئيس الأمريكي عند تقديم الميزانية المقترحة للعام المالي 2018 أنها تضمنت "تقليص تكاليف الإنفاق على المساعدات الدولية والمبادرات الدبلوماسية الأخرى" وهو ما قد يكون له تأثير سلبي على مصر.
ولم يتضح إلى الآن تفاصيل الخفض في الموازنة الامريكية، ولكن تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال أشار إلى أن الميزانية الخاصة بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، المسؤولة عن جزء كبير من تمويل المساعدات الإنسانية الأمريكية لمصر، سيتم خفض مخصصاتها.
ولكن الادارة الامريكية أكدت رسميا التزامها فقط بعدم خفض المساعدات الأمريكية لإسرائيل في حين لا يزال مستوى المساعدات للدول الأخرى ومنها مصر والأردن قيد التقييم، وفقا لوكالة رويترز.
ولكن مسئول أمريكي قال إن مصر قد تواجه خيبة أمل لأنه لن يتم تلبية رغبة السيسي في تلقي المزيد من المساعدات، وفقا لوكالة رويترز.
وأضاف أنه من غير الواضح إذا كان سيتم خفض قيمة المعونة الأمريكية لمصر في عهد إدارة ترامب وسط اقتراحاته بخفض الإنفاق على المساعدات الأجنبية. وحاول وزير الخارجية سامح شكري تحذيره من تخفيضها بقوله "إن استمرار المعونة العسكرية الأمريكية لمصر يصب في صالح الدولتين".
عودة "التعاون الاستخباري"
الهدف الأمريكي الأبرز الذي عناه الرئيس ترامب من عودة العلاقات مع مصر ومغازلته للسيسي بالحديث عن وجود صديق يعتمد عليه في مصر، هو عودة التعاون الأمني والاستخباري لما كان عليه أيام مبارك، ومنه إرسال أمريكا معتقلين لتعذيبهم في سجون مصر، وهو ما تقلص عقب ثورة يناير.
وكان من الملفت عرض رئيس الوزراء شريف إسماعيل خدمات مصر الاستخبارية في هذا الصدد في مقال بصحيفة (ذا هيل) تزامنا مع زيارة السيسي، تحدث فيه عن "توفير الدعم اللوجيستي ومشاركة المعلومات الاستخباراتية وتوفير المعدات اللازمة إلى جانب التنسيق الصحيح بين الإستراتيجيات والتكتيكات والمسئوليات المشتركة"!!.
ووضح الاهتمام بهذا الملف في لقاء السيسي مع رئيس المخابرات الأمريكية، في مناقشة غير معلنة، كما وضح خلال استضافة لميس الحديدي الرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية جيمس ولسي، الذي قال إنه "سعيد لرؤية العلاقات بين مصر والولايات المتحدة تعود إلى سابق عهدها"!.
أيضا ناقش السيسي مع مستشار الأمن القومي الأمريكي هيربرت ريموند ماكماستر "التعاون في القضايا الإستراتيجية والأمنية، خاصة على صعيد مكافحة الإرهاب" حسب الصحف الأمريكية.
وقال الرئيس الأمريكي للسيسي "سنقف بقوة وراءك (...) سنصل لأعلى مستوى بالشأن العسكري وسنحقق دعما أقوى من ذي قبل، وأقول لك أنه أصبح لك حليفا".
حقوق الإنسان نوقشت
قبل اللقاء توقعت صحف أمريكية وخبراء عدم مناقشة الإدارة الأمريكية لمسألة حقوق الإنسان في مصر وقمع الحريات والتضييق على المجتمع المدني، وانتقدت صحف منها نيويورك تايمز ترامب لمجرد لقائه "ديكتاتور مصر" في البيت الأبيض.
ولكن تصريحات المسئولين وتقارير الصحف كشفت أن هذه القضية نوقشت ولكن في سرية تامة، وأكد هذا مسئول أمريكي معيبا على إدارة أوباما السابقة أنها كانت تتحدث عن ذلك علنا "بينما نحن نناقشها سرا"، حسب قوله.
وقد اعترف وزير الخارجية سامح شكري، في اتصال هاتفي مع عمرو أديب في برنامج "كل يوم"، إن اجتماع السيسي مع أعضاء الكونجرس "شمل أسئلة حول العلاقة المصرية الأمريكية، والحرب على الإرهاب، وعملية السلام في الشرق الأوسط، والقضية الفلسطينية، وأوضاع حقوق الإنسان والإصلاح الاقتصادي، وأوضاع المسيحيين في مصر".
وكشف ترامب عن نقاط خلاف مع السيسي بقوله: "إن هناك أمورا قليلة تختلف مصر وأمريكا عليها"، وهو ما يعتقد أنه إشارة غير مباشرة إلى ملف حقوق الإنسان في مصر.
ولكن مسئول كبير في الإدارة الأمريكية لوكالة رويترز قال إن المحادثات بين ترامب والسيسي لم تتطرق لموضوع المعتقلين الأمريكان في مصر ومنهم "آية حجازي".
وكان من الملفت توضيح صحيفة (ذا أتلانتك) أنه لا يوجد اختلاف حقيقي بين إدارتي ترامب وأوباما فيما يتعلق بقضية حقوق الإنسان بمصر، وأن الفرق يكمن في تصريحات أوباما العلنية، وأنه على خلاف التصور العام في مصر وأمريكا، فإن إدارة أوباما استمرت في تقديم 92% من المعونة إلى مصر، كما أن أوباما لم يجعل مطلقا ملف حقوق الإنسان أحد شروط الحصول على المعونة!؟
وقال "روبرت كاجان" و"ميشيل دن" بصحيفة واشنطن بوست، إن "عدم ربط منح المعونة للدول بقضايا حقوق الإنسان هو بروتوكول متفق عليه".
ووصفت "دن" في مقابلة مع الإذاعة الوطنية الأمريكية، الزيارة بأنها "اجتماع لفكر اثنين من القادة المستبدين".
وأبدت هيئة التحرير بصحيفة نيويورك تايمز، اعتراضها على زيارة السيسي للولايات المتحدة، واستندت في موقفها المعارض للزيارة إلى مخاوف من عدم مناقشة قضايا حقوق الإنسان خلالها، وتحديدا قضية المصرية الامريكية "آية حجازي" إحدى 7 أمريكان محتجزين في سجون السيسي.
وأشارت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي إلى أن إدارة ترامب لم تتراجع عن مساندة حقوق الإنسان، وقالت "إن الإدارة الأمريكية يؤيدون الحديث عن حقوق الإنسان في مجلس الأمن".
وبسبب التحفظ الأمريكي على ملف حقوق الإنسان في مصر والحملات الإعلامية والحقوقية التي تصف السيسي الديكتاتور، بسبب القتل والقمع والاعتقالات وملاحقة الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان، استأجرت المخابرات العامة المصرية، شركة علاقات عامة أمريكية لتحسين صورة مصر في أوساط أعضاء الكونغرس الأمريكي وفي وسائل الإعلام، وانفقت ملايين الدولارات رغم وجود شركتين تعاقدت معهما مصر من قبل.
وعود باستثمارات بدل المعونة
ما ظهر خلال وعقب الزيارة أن السيسي تلقي وعودا من مستثمرين امريكان ببحث فرص الاستثمار في مصر، ولكن دون أن تعلن جهة أمريكية مشاريع محددة.
والاجتماع الذي عقده السيسي مع مستثمرين كان مع 50 شركة أمريكية معظمها لديها استثمارات في مصر بالفعل، وعلى دراية بالسوق المصرية ولكنهم يريدون معرفة تطورات الوضع السياسي.
وقد حاولت مصر التركيز على الاستثمارات المشتركة بين البلدين كتعويض عن المساعدات الامريكية في حالة تقليصها.
قمة عربية إسرائيلية!؟
تحدثت الصحف العربية والإسرائيلية، عن خطط لعقد ما سمي (قمة للسلام بالشرق الأوسط)، وقمة عربية اسرائيلية في امريكا ضمن حديثها عن تصفية القضية الفلسطينية لتسريع التحالف العربي الامريكي لمواجهة إيران.
لذلك على هامش زيارات القادة العرب للبيت الأبيض (بن سلمان ثم السيسي ثم الملك عبد الله) دار الحديث حول (قمة عربية اسرائيلية)، ورغم نفى وزير الخارجية سامح شكري، في اتصال هاتفي مع قناة "أم بي سي مصر" ما أشيع حول عقد قمة عربية إسرائيلية في واشنطن هذا الأسبوع، فهو لم ينف عقدها على الاطلاق مستقبلا.
ويطمح ترامب إلى تحقيق "صفقة" بين إسرائيل والفلسطينيين، ويعتبر السيسي هو الوحيد القادر على اجبار الفلسطينيين على القبول باي حل، وأن تفيد العلاقة الوثيقة بين السيسي وبين إسرائيل، ونتنياهو في تسريع هذا الاتفاق.
وقالت (سي إن إن) إن "ترامب يبدو أنه يعتمد على نحو كبير على الدول السنية للعب دور رئيسي لتحقيق أهداف إدارته في المنطقة، ولكن رؤية إدارة ترامب للشراكة الاستراتيجية الأمريكية الجديدة مع الدول السنية معيبة".
وقالت هآرتس الإسرائيلية إن ترامب فرض على السيسي معادلته وهي "من يتلقى الدولار من أمريكا في الشرق الأوسط عليه أن يدفع بالعملية السياسية مع إسرائيل"؟!
وتوقع "تسفي برئيل" محلل الشئون العربية بصحيفة "هآرتس" أن تتكشف كواليس ما تم خلال زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لواشنطن ولقائه الرئيس دونالد ترامب، بعد انتهاء الزيارة، عبر خطوات قد تكون مفاجئة يشارك فيها الرئيس المصري لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تتضمن ممارسة ضغوط على الرئيس الفلسطيني وتوطيد "العناق" العربي لإسرائيل.
لا حظر للإخوان
تلخص الموقف الأمريكي من مطالبة السيسي وحكومته بتصنيف أمريكا لجماعة الإخوان المسلمين كـ"جماعة إرهابية" حسب ما فعل نظامه، في التحفظ أولا ثم الرفض بعدما حظر مسئولون من أن الإخوان ليست مجرد جماعة في مصر ولكنهم تنظيم مترامي الأطراف في كل دول العالم.
وتساءلت تقارير أمريكية رسمية ماذا لو تم حظر الإخوان وتصنيفها "إرهابية"؟ كيف سنتعامل مع رئيس حكومة مغربية من الإخوان أو نواب برلمان إخوان في الأردن، أو مناصرون ومنتمون لهم في أسيا وإفريقيا والعالم العربي على مصالحنا؟
ووصل الأمر لحث وزير الخارجية الإسرائيلي السابق شلومو بن عامي إدارة الرئيس ترامب في مقال نشره بموقع بروجيكت سينديكيت، بعنوان: "لماذا نريد الإسلام السياسي؟"، على عدم إدراج الإخوان كجماعة إرهابية.
وبرر هذا بأن "الإقصاء السياسي يمكن أن يعزز التطرف" و"يعد إيجاد مساحة للتعبير السلمي عن الإسلام في المجال العام أمر ضروري لهزيمة الجهادية العالمية".
وفي برنامج "يحدث في مصر" على قناة "إم بي سي مصر"، تحدث شريف عامر مع وليد فارس المستشار السابق لدونالد ترامب، والذي قال إن الإدارة الأمريكية الحالية تدعم توجه مصر نحو تصنيف جماعة الإخوان "إرهابية"، إلا أنها ترى أن الوقت ليس مناسبا بعد اتخاذ هذا القرار، وكشف فارس أن "بلدانا عربية أخرى طلبت من الإدارة الأمريكية الطلب نفسه"!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق