الأحد، 23 أبريل 2017

«تسريب مكملين».. الجيش في ورطة و"رايتس ووتش" تطالب بوقف المعونة

«تسريب مكملين».. الجيش في ورطة و"رايتس ووتش" تطالب بوقف المعونة

صورة من الحدث
23/04/2017
 لا يزال الفيديو الذي بثته قناة مكملين، الخميس 20 أبريل2017، الذي أظهر جنودا قيل إنهم من الجيش المصري وهم يقتلون أشخاصا أبرياء من سيناء، يثير ردود أفعال متضاربة بين ناقد لما جرى ومؤيد، وبين مؤكد أنهم من الجيش المصري ونافٍ لذلك، فيما ظهرت رواية جديدة تتهم "متعاونين قبليين" مع الجيش بالمسئولية.
وأشار فريق من النشطاء إلى احتمالات فبركة تنظيم داعش للفيديو، وارتداء زي الجيش المصري، وتصوير الفيديو وتسريبه على أنه حقيقي ضمن الحرب الإعلامية الدائرة بين الطرفين؛ بدعوى حديث المسلحين بلهجة بدوية، ورد آخرون بأدلة على صحة الفيديو الذي أكدت صحته أيضا منظمة "هيومان رايتس وواتش".
وكشفت حسابات سيناوية عن أسماء 3 من الـ8 الذين عُرضت صورهم في الفيديو، ممن تم قتلهم، وهم: الشقيقان "داود وعبدالهادي صبري العوابدة"، 16 و19عاما، اعتقلا بتاريخ 18-7-2016، والطفل "إبراهيم محمد أبومعارك" الذي قيل إن الجيش اعتقله لأيام وعثر عليه ضمن 5 تمت تصفيتهم.
وتداول نشطاء معلومات حول من يُسمّون بـ"صحوات سيناء"، أو "فرقة الموت"، كما أطلقوا على أنفسهم، أو الكتيبة 103 كما يشير إليهم أهالي سيناء، وهم من المتعاونين القبليين مع الجيش، قالوا إنهم هم من ظهروا في الفيديو، وهم يستجوبون الضحايا بلغتهم البدوية التي أثارت شكوكا بأنها لغة جنود الجيش، وهم من قتلوا المعتقلين العزل خارج نطاق القانون.
اكتسب هؤلاء المدنيون المسلحون اسم الكتيبة 103؛ لتمييزهم عن تمركز قوات الجيش في الكتيبة 101، ومسلحي سيناء من الجهاديين الذين يطلق الأهالي عليهم وصف الكتيبة 102، وأكدوا- في تصريحات سابقة- أنهم يحصلون على سلاحهم من الجيش المصري. وأن وظيفتهم هي القيام بعمليات نوعية مثل القبض على أفراد مطلوبين للجيش من منازلهم، ويقف هؤلاء المدنيون الملثمون كعناصر ثابتة على أكمنة الجيش للتعرف على الأشخاص المطلوبين.
وعلى عكس صحوات العراق، لا تخضع هذه العناصر المدنية المساندة للجيش في سيناء لقيادات رؤساء القبائل والعائلات، ولا تحظى برضا أغلبهم، وفقا للشيخ إبراهيم المنيعي رئيس اتحاد قبائل سيناء، الذي يرفض حمل المدنيين السلاح في سيناء لمواجهة المسلحين، خشية أن تجر العائلات إلى "فتنة قبلية" وحرب أهلية.
وسبق لتنظيم "ولاية سيناء" أن أصدر عدة بيانات تحذر أهالي سيناء من معاونة الجيش، وأعلن عن قتله بعض هؤلاء المتعاونين.
"رايتس ووتش" تطالب بوقف المعونة
وتحدثت منظمة "هيومان رايتس ووتش"، في بيان، عن صحة الفيديو المسرب، وطالبت بالتحقيق في التسريب، ودعت أمريكا ودولا أخرى إلى وقف المساعدات العسكرية لمصر بعد ثبوت استخدام أسلحة أمريكية في "إعدامات الجيش الميدانية في سيناء".
واتهمت المنظمة الدولية "مليشيات محلية"- في إشارة إلى "صحوات سيناء" تعمل بناء على طلب من الجيش المصري- بقتل ما بين 2 إلى 8 مدنيين في التسريب الأخير، مشيرة إلى وقوف "عضو في جهاز المخابرات العسكرية يراقب ويوجه عملية الإعدام الأولى".
وقالت المنظمة، إن "الجنود استخدموا سيارات "همفي" التي قدمتها الولايات المتحدة لنقل المحتجزين"، داعية "الدول التي توفر أسلحة أو تدريبا للجيش المصري إلى أن تعلق كل هذه المساعدات ما دامت القوات المسلحة المصرية مسئولة عن الانتهاكات الواسعة والخطيرة لحقوق الإنسان" بحسب البيان.
وقال "جو ستورك"، نائب مدير الشرق الأوسط في هيومان رايتس ووتش: "إن عمليات القتل الفظيعة هذه تؤكد أن حملة مكافحة الإرهاب في سيناء خارج السيطرة"، وتابع: "لا يمكن لحلفاء مصر أن يتركوا الجهل بهذه الانتهاكات الفتاكة".
وعلق الصحفي البريطاني "ديفيد هيرست" على الفيديو المسرب- في تقرير نشره بموقع "ميدل ايست أي"- قائلا: "هل هذا ما كان يقصده ترامب عندما قال إن السيسي مسيطر؟!".
https://twitter.com/davidahearst/status/855186635478249472
وسبق أن أصدرت منظمة "رايتس ووتش"، في 16 مارس الماضي، تقريرا عما وصفته بأنه "إعدامات غير قانونية محتملة في سيناء"، قالت إنه "معتمد على عدة مصادر، منها وثائق ومقابلات مع أقارب القتلى، بالإضافة إلى فيديو عن المداهمة المفترضة خضع للمونتاج ونشرته السلطات".
جدل حول الفيديو
وأظهر الفيديو- الذي بثته قناة "مكملين" المناهضة للسلطات المصرية- قيام عدد من الرجال وهم يرتدون الزي العسكري المصري، ويحملون أسلحة كلاشينكوف، بإنزال عدد من الرجال بزي مدني، قيل إنهم في سيناء، من إحدى سيارات الجيش، ثم ظهر في الفيديو 3 جثث ملقاة على الأرض.
وظهر أحد الجنود وهو يطلق النار بشكل مباشر على رأس أحد الأفراد الذين كانوا في قبضتهم، وقام شخص آخر بتصويره.
وأثار ظهور صورة لأحد الشباب الثلاثة الذين تمت تصفيتهم في الفيديو المسرب على الصفحة الرسمية للمتحدث باسم الجيش بتاريخ 6 ديسمبر 2016 جدلا، وأثار عدة استفسارات حول: هل تاريخ الفيديو قديم؟ و ما علاقته بما نشره المتحدث العسكري بنفس صور القتلى، وتضمن أنهم إرهابيون قتلهم الجيش في عمليات عسكرية بينما هي تصفية خارج القانون؟.
وأظهرت الصور التي عرضها الفيديو لهذه "العناصر التكفيرية" خلال المقطع الممتد من الثانية (34) إلى الثانية (44)، صورة لأحد الشباب الذين تمت تصفيتهم في الفيديو المسرب بالفعل.
وأثار التسريب مجموعة من التساؤلات، وألقى بمزيد من الشكوك حول طبيعة الحرب التي يخوضها الجيش ضد "الإرهاب" في سيناء، وممارساته هناك، وإلى أي مدى حقق إنجازات أشاد بها قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، في ضوء صدور بيانات عسكرية تشير إلى قتل قرابة ألف مسلح، بينما تصريحات قيادات مصرية تقدر عدد أفراد تنظيم ولاية سيناء بـ500 مسلح فقط.
من سرّب الفيديو ومن فبركه؟
وتساءل نشطاء عن صاحب تسريب هذا الفيديو لقناة مكملين، وهل هي نفس المصادر التي سربت مكالمات سابقة للسيسي ومدير مكتبه عباس كامل وقيادات أمنية، أم أحد المتعاونين مع الجيش ممن يكون قد تسرب للصحوات لكشفهم، أم أن التسريب في إطار صراعات الأجهزة.
وطرح بعضهم فرضية تورط أحد ضباط الجيش أو مجموعة منهم، ممن يعارضون سياسة النظام ولا يقبلون بسياساته، في تسريب الفيديو، خاصة أن بعضهم من المجندين العاديين الذين يقضون فترة تجنيد، ويشكون من قتل زملائهم على يد مسلحي سيناء، أو من المعارضين لإقحام الجيش في العملية السياسية منذ يوليو 2013.
ويرجح نشطاء أن يكون الاحتمال الأكبر في تسريب الفيديو من جانب جناح في السلطة معارض للسيسي، وأن التسريب يأتي في إطار موجة التسريبات التي نشطت منذ الانقلاب على الرئيس محمد مرسي 2013 وحتى الآن، وكان من أبطالها حتى الآن السيسي ومدير مكتبه ووزير الدفاع ومسئول بالمخابرات العامة.
مزاعم الفبركة
وتحدث نشطاء حول مزاعم بفرضية فبركة تنظيم داعش (ولاية سيناء) للفيديو؛ بهدف تشويه صورة الجيش المصري، بدليل نشر التسريب صور قتلى سبق أن نشرها المتحدث باسم الجيش في فيديو سابق، في 6 ديسمبر 2016، واللهجة البدوية واضحة في تصريحاتهم، وظهور مجند بلحية خفيفة بما يتناقض مع التقاليد العسكرية التي تمنع تربية اللحى.
وقالوا إن "ولاية سيناء" سبق أن استولى على ملابس جنود مصريين وعتاد في غاراته على كمائن مختلفة، كما أنهم حذروا المتعاونين من الجيش من القتل، ولكن ظاهرة المسلحين الملثمين المدنيين لم تختف، فأراد التنظيم تشويههم وتشويه صورة الجيش بهذا الفيديو.
أدلة عدم الفبركة
وقال آخرون إن مسلحي تنظيم داعش لا يظهرون وجوههم في أي فيديو، وإلا تم التعرف عليهم وعلى عائلاتهم وقتلهم بسهولة، واستبعدوا بذلك فرضية فبركة داعش للفيديو؛ لأن كشف وجوههم، ولو لغرض دعائي، يعرضهم للخطر، حيث ظهرت صور الجنود واضحة، كما ظهرت مركبات عسكرية في الفيديو لم يمتلكها "داعش".
ويقول اللواء سمير راغب، الخبير العسكري والاستراتيجي: إن "ما يجري في سيناء هو حرب غير متماثلة بين جيش نظامي وعصابات".
المؤيدون لصحة الفيديو المسرب، ونسبِه لانتهاكات يقوم بها الجيش أو المتعاونون معه، أشاروا إلى أن هذه ليست الواقعة الأولى، وهناك تقارير حقوقية وشهادات لأبناء سيناء عن انتهاكات وقتل خارج نطاق القانون، كنوع من الانتقام من المسلحين، وما حدث سابقا في رابعة والنهضة.
وربط بعضهم بين ذلك وبعض حالات التصفية الجسدية التي ارتكبت بحق الأهالي هناك على مدار الأعوام الماضية، وآخرها حادث "تصفية" 10 من شباب العريش، فبراير 2017، على يد الشرطة المصرية في العريش، بعد اتهامهم بالتورط في تفجيرات وهجمات، ثم كشف أهاليهم ومنظمات حقوقية أنهم كانوا معتقلين ومختفين قسريا منذ عدة أشهر.
وقال تقرير أخير لـ"منظمة سيناء لحقوق الإنسان"، إن الربع الأول من عام 2017 شهد ارتفاعا مقلقا في عدد الانتهاكات الواقعة على المدنيين في سيناء المصرية، ورصدت وقوع ما لا يقل عن 260 انتهاكا، وتوثيق مقتل ما لا يقل عن 107 مدنيين، وإصابة نحو 111 آخرين.
المدافعون عن السيسي
انقسم النشطاء والمغردون المدافعون عن جيش السيسي لفريقين: (الأول) ينفي صحة نسب الفيديو للجيش، ويؤكد أنه "مفبرك" لتشويه صورته، ويتهم جهات محلية وأجنبية بفبركته، ويزعم أنه مفبرك لتبرير التدخل الأمريكي في سيناء.
والفريق (الثاني) يعترف أنه صحيح 100%، ويبرر قتلهم بأنهم "إرهابيون" ويجوز قتلهم؛ لأنهم يقتلون الجنود وأهالي سيناء بنفس الطريقة.
وشارك في الدفاع عن صحة الفيديو ودعم عمليات القتل خارج نطاق القانون الرائد خالد أبوبكر، المتحدث الإعلامي لصفحة "الجيش الإلكتروني المصري"، معتبرا أن "التصفيات شيء طبيعي"، ثم حذفه، قبل أن يلتقطه نشطاء ويعيدون نشره.
لماذا لم يُصدَر بيان رسمي؟
بالمقابل طالب العديد من النشطاء بضرورة إصدار بيان رسمي يوضح مدى صحة الفيديو من عدمه، مشيرين إلى أن الأمر يخص الرأي العام بصورة كبيرة، واعتبروا أن هذا دليل على صحة الفيديو الذي أربك السيسي وعقد لسان المتحدث العسكري وكشف كذب بياناته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق