شاهد.. خمس ملاحظات جوهرية على جريمة اغتيال د. محمد كمال و د. ياسر شحاتة
05/10/2016
أثارت جريمة اغتيال الدكتور محمد كمال عضو
مكتب الإرشاد ومرافقه المعلم ياسر شحاتة ردود فعل غاضبة ضد سلطات الانقلاب
العسكري التي تمضي في طريق جر البلاد إلى حرب أهلية خصوصا مع تزايد
معدلات القتل خارج إطار القانون بصورة غير مسبوقة لم تحدث في تاريخ البلاد
بهذه المستوى من قبل.
وأعلنت الأذرع الإعلامية للانقلاب نبأ
اعتقال "كمال وشحاتة" في تمام الساعة العاشرة من مساء الاثنين الماضي 3
أكتوبر الجاري، وبعده بساعتين تماما أعلنت نفس النوافذ الإعلامية خبر
"اغتيال" القياديين بالجماعة بناء على بيان لداخلية الانقلاب زعم أن "كمال
وشحاتة" قتلا في تبادل لإطلاق النار بإحدى الشقق السكنية بمنطقة البساتين
بحي المعادي بالقاهرة!
إزاء هذا المشهد ترصد "الحرية والعدالة" أبرز الملاحظات الجوهرية على جريمة اغتيال الشهيدين محمد كمال وياسر شحاتة.
الاستمرار في سياسة الاغتيالات
تعكس جريمة اغتيال كمال وشحاتة أن سلطات
الانقلاب ماضية في سياسة الاغتيالات خارج إطار القانون خصوصا لأولئك
الفاعلين في مقاومة الانقلاب، وباتت أجهزة السيسي الأمنية بكل تنوعاتها
تتعامل بمنطق المليشيا والعصابات دون مبالاة بردود الفعل الناقدة لهذه
الممارسات المخيفة حتى للموالين للسيسي وسلطاته الانقلابية.
يقول الكاتب محمود سلطان في مقال له تحت
عنوان " هل قتل القيادي الإخواني فعلا في مواجهة مع الشرطة؟": «باتت مصر
البلد الأشهر في القتل خارج القانون، والمسألة هنا لا تحتاج إلى أدلة..
فعندما وُجد طالب الدكتوراه الإيطالي مقتولا وملقى على جانب إحدى الطرق
خارج القاهرة، وعليه آثار تعذيب مروعة، لم يجد الإيطاليون مشقة في تعزيز
شكوكهم في الرواية المصرية.. فقد تطوع المصريون في تقديم كل ما يثبت بأنه
ربما تورط في قتله مسؤولون أمنيون (فالروايات المصرية كانت مضحكة وساذجة،
وثبت كذبها في كل مرة).. ولم تخلُ من أساليب تشير إلى الرغبة في "الطرمخة"،
وبالطريقة المتبعة ذاتها في حال كان الضحية مواطنا مصريا».
ومنذ استيلاء السيسي على الحكم بصناديق
الذخيرة والسلاح في 3 يوليو 2013، اعتمد سياسة القتل في المليان ضد النشطاء
والمعارضين ورافضي الانقلاب العسكري...وهو ما تجلى في فض اعتصامي رابعة
والنهضة الذي راح ضحيته نحو 3 آلاف وفق إحصائيات حقوقية.
وكان مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف
والتعذيب في تقريره "أرشيف القهر في 728 يوما" – فترة حكم السيسي– بداية من
8 يونيو 2014 وحتى 7 يونيو 2016، أشار إلى أن هذه الفترة شهدت أكثر من
1083 حالة قتل خارج إطار القانون من قبل قوات الأمن فيما شهدت أماكن
الاحتجاز وفاة 239 مواطنا، بينما رصد التقرير تعذيب 1031 شخصا، وشهدت أماكن
الاحتجاز 597 حالة إهمال طبي.
ومن أبرز جرائم القتل خارج القانون اغتيال
13 من قيادات الإخوان الوسطى في أحدى شقق مدينة أكتوبر في اليوم الأول من
يوليو 2015. ومقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني والعثور على جثته عليها
آثار تعذيب وحشية في بدايات فبراير 2016م. كما قتلت مليشيا الانقلاب الطالب
إسلام عطيتو بعد أن اختطفته من أمام لجنة الامتحان بكلية الطب جامعة عين
شمس.
كل هذه الجرائم وغيرها الكثير تعكس إصرار
عصابة الانقلاب على التعامل مع الوضع الراهن بمنطق الرصاص وعدم التنازل
مطلقا عن "المعادلة الصفرية" واغتيال المعارضين دون اكتراث بحقوق المواطنين
وحرياتهم أو حتى بنصوص الدستور والقانون الذي وضعوه.
تهديد الثوار خصوصًا مع بدء الإجراءات الاقتصادية المؤلمة
فريق من المحللين والمتابعين يؤكدون أن
جريمة اغتيال كمال وشحاتة هي رسالة تهديد واضحة للثوار والنشطاء عموما
وللإخوان على وجه الخصوص لا سيما مع اقتراب موجة ثورية جديدة في 11 نوفمبر
القادم تحت لافتة "ثورة الغلابة".
وتخشى سلطات الانقلاب وعصابة العسكر من توحد
جديد يجمع الثوار وجموع المواطنين الغاضبين كما حدث في 28 يناير 2011
وذلك على خلفية الأزمة الاقتصادية الطاحنة مع قرب تطبيق الإجراءات التي
تلبي ضغوط ومطالب صندوق النقد الدولي لإبرام قرض ال12 مليار دولار والتي
سوف يترتب عليها ضغوط اقتصادية جديدة سوف تسهم بلا شك في زيادة حالة الغضب
والاستياء بين المواطنين ما يدفع بضخ دماء ثورية جديدة ربما لا تستطيع
مليشيا السيسي مواجهتها أو التصدي لها.
انهيار دولة القانون
باتت مصر في عهد الانقلاب العسكري ومنذ 3
يوليو 2013 والقضاء على أول تجربة ديمقراطية حقيقية تشهدها البلاد غابة
يأكل فيها القوي الضعيف ولا سبيل للمواطنين البسطاء سواء كانوا معارضين
أو حتى موالين لعصابة العسكر في مأمن على حياتهم وأموالهم، وتعكس جرائم
الاغتيال خارج إطار القانون انهيار مفهوم الدولة وتلاشي خصائصها التي
تستوجب التعامل وفق نصوص القانون والدستور.
ميليشيا السيسي تتعامل بمنطق العصابات وقطاع
الطرق ولا قيمة لدستور أو قانون وتنفذ جرائمها في ظل حماية من كبير
العصابة وقائد الانقلاب الذي تعهد في تسريبات متلفزة ألا يقدم أي ضابط
للمحاكمة.
وبحسب سلطان في مقاله «هذه الحوادث..
بالتراكم قد تترك انطباعا، بأن ثمة سياسة رسمية ممنهجة، لتصفية المواطنين
على "الهوية السياسية" وتقسيمهم إلى فئات: منهم من يستحق القتل، ومنهم من
يكفيه الحبس، ومنهم من يستحق فقط الخوض في عرضه والإساءة إليه على منصات
فضائيات رجال أعمال فاسدين.. يرفلون في نعيم الدولة ويتفيؤون حمايتها».
أحمد موسى : " احنا لسه هنقبض ونحاكم؟!... أبو الحقوق على الحريات!!!!"
شاهد بنفسك الرابط:
نحو سيناريو سوريا والعراق
وبحسب مراقبين فإن تزايد معدلات القتل خارج
القانون إنما تهدف إلى جر البلاد إلى سيناريو سوريا والعراق؛ لأن مثل هذه
الجرائم تعزز روح الثأر والانتقام بين مكونات المجتمع وسلطات الانقلاب
الغاشمة.
وبحسب سلطان في مقاله حول جريمة اغتيال كمال
وشحاتة يضيف «في المحصلة، يتولد إحساس طاغ بأننا لسنا لا في دولة ولا شبه
دولة.. لأنه عندما لا يتحكم القانون في السلاح الميري، فأنت إذن أمام
مليشيا وليست شرطة.. وتتقدم خطوة بعد أخرى، صوب احتمال الانزلاق إلى
النموذجين السوري والعراقي».
التغطية على إخفاقاته السياسية والاقتصادية
ويرى فريق من المحللين والمتابعين أن سلطات
الانقلاب وعصابة العسكر تلجأ إلى مثل هذه النوعية من الجرائم للتغطية على
الفشل المتواصل في كافة المجالات خصوصا مع وضوح المؤشرات القوية لانهيار
النظام على الأقل في الملف الاقتصادي مع وصول الدولار إلى مستويات قياسية
وغير مسبوقة في تاريخ البلاد حيث بلغ 14 جنيها حتى كتابة هذه السطور.
كما أن أزمة الدولار ساهمت في خلق أزمة
عاصفة في قطاع الاستيراد ما أسفر عن غلق مئات الشركات التي لم تعد تجد
العملة الأمريكية للاستمرار في نشاطها ولم يبق في السوق سوى الحيتان
الكبيرة القادرة على توفير الدولار مهما كان سعره.
ارتفاع الدولار انعكس على أسعار السلع
والخدمات والتي تضاعفت أسعارها بصورة مخيفة تجعل من الصعوبة أن يوفق
المصريون بين مرتباهم القليلة وغول الأسعار المتوحش يوما بعد يوم. وتأتي
جرائم الاغتيال خارج إطار القانون لخلق حالة من الإلهاء والتغطية على فشل
السلطات في توفير حياة كريمة للمواطنين تلبي على الأقل احتياجاتهم الضرورية
والملحة.
الرابط:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق