الخميس، 10 ديسمبر 2015

وماذا عن "عزيزي وحليفي نتنياهو" أيها المتصهينون؟ بقلم: د. سيف الدين عبد الفتاح

وماذا عن "عزيزي وحليفي نتنياهو" أيها المتصهينون؟


بقلم: د. سيف الدين عبد الفتاح


انقلبت الدنيا ولم تقعد حين سرب مصدر مخابراتي (مطلع) أن رئيس الدولة المنتخب قد أرسل خطابا - لم يتحدث أحد عن مضمونه - إلى رئيس الكيان الصهيوني وفيه عبارة "عزيزي بيريز".. وتم إنتاج لبانة انقلابية بهذا العنوان كأنما هو تسريب فاضح وكأن الرئاسة قد ضبطت متلبسة بعمل غير أخلاقي.

برر المتحذلقون والتافهون ساعتها هذه الحملة المدبرة واللبانة المصنعة بأن الدكتور مرسي والإخوان والإسلاميين يدعون في العلن عداوة إسرائيل وهذه العبارة تنسف ذلك وتكشف الكذب وتوضح حقيقة الصداقة الإخوانية مع الكيان الصهيوني. وحين رد عليهم ساعتها بأسئلة من قبيل: وماذا عن مواقف مبارك وقبلاته واستقبالاته وتنسيقه الأمني وتعاونه على المكشوف في ضرب المقاومة وتمكين الصهيونية بما لا تحصى شواهده ولا تعد مظاهره الفجة..؟ ، قالوا: إنه لم يدعِ العداوة لإسرائيل.

المشكلة في ادعاء العداوة وإخفاء الصداقة.. إلى آخر هذه الوقاحات والبجاحات التي لا نهاية لها عملا بالحكمة النبوية: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت).

ثم دارت الأيام وجاء بطل الانقلاب الهمام مخلص الوطن وطبيب الفلاسفة ومنقذ الأنام من الإخوان والإسلاميين وأدعياء الثورة والحرية اللئام.. ادعت أجهزته الخائبة أن الشباب تدربوا في الخارج على مؤامرة يناير كما يروجون عنها، وأن حروب الجيل الرابع عشر والرابع بعد المائة.. وراءها مؤامرة أمريكية صهيوينة على الوطنية السيسية، الناصرية الساداتية، القومية الخليجية، الإسلامية العلمانية، السلفية الصوفية، السنية الشيعية، الملوخية المهلبية.. وأن البطل المغوار يقف لهم بالمرصاد يحمي البلاد والعباد من مكر يهود وصليبيين و... إلى آخر هذه الهرتلة المتواصلة.. ولعب الذراع الإعلامي للانقلاب دور المنافح عن الوطنية وصور للناس أن الإخوان صهاينة وكذلك حماس.. إي والله: حماس، وداعش، والقاعدة، وأن الجيش والشرطة والمخابرات والإعلام و.. في مواجهة خطة صهيونية جبارة تريد أن تعيد محمد مرسي للحكم لتنفيذ المؤامرة العالمية الكوكبية الكونية الوجودية ضد المخلص الغلبان.

وبنفس الطريقة جرت عملية كبيرة من تعمية الأنباء على دراويش الإعلام الانقلابي ومهاطيله –على فكرة: منهم أساتذة جامعيون وأساتذة علوم اجتماعية وسياسية وغيرها يعتبرون المفكر الاستراتيجي والخبير العالمي مفجر ثورة يونيو توفيق عكاشة مصدر معلومات وتحليلات جديرة بالمتابعة-.. إي والله (زمبؤلك كدة). فلم يعرضوا عليهم موقف المنقلب من أمريكا التي هي الراعي الرسمي وغير الرسمي له وليس لها مشكلة معه كمنقلب –بحسب تصريحه المبكر للواشنطن بوست- إلا مشكلة قانونية شكلية أكد أنها ستزول مع الوقت، وهو ما كان، وأنها مهما أهملته وأدارت ظهرها إليه فهو مستمسك بها ولن يدير ظهره إليها، وكما قال لهم بالصوت والصورة والابتسامة البلهاء: ابعثوا أنتم الطائرات (بس).. ولم نذهب بعيدا؟ لم يعرضوا عليهم كلام العصار في أمريكا يوليو 2011 عن "ولاء الجيش المصري لأمريكا"، ولم يكرروا عليه كلام نبيل فهمي عن العلاقة المصرية-الأمريكية وأنها علاقة زواج ولم تكن علاقة ليلة وانتهت!! وغيرها من المخازي والمهازل التي يروجون أنها حرب إعلامية على انقلابهم المقدس.

أما الطوام الكبرى والمخازي العظمى فهي العلاقة السيسية-الصهيونية على مرأى ومسمع من الأجهزة التي تصف نفسها زورا بالسيادية والوطنية وأنها حامية الأمن القومي المصري، لكنها تكتب اليوم شهادة وفاتها مختومة موقعة مصدقة من كل حدب وصوب. فالمنقلب بطل قومي لليهود بعد الكنز الاستراتيجي، بينما مرسي كان خطرا وعدوا وتهلل تل أبيب وطغمها لرحيله، والمياه عادت لمجاريها بفضل الانقلاب، والتنسيق الأمني على أشده، والمنقلب يعلنها صريحة مريحة أنه مسؤول عن أمن الجيران وبالاسم (إسرائيل)، وهو يعتقل غزة العزة ومقاومتها ويرعى حملة تشويه وكراهية ضدها لم ينجح فيها الصهاينة من قبل.. ويوعز إلى قضائه المتسافل ليعلن حماس حركة إرهابية، ويبرئ ساحة الخونة سارقي الغاز المصري لصالح الصهاينة ويعيد ترسيم الحدود البحرية بحجة التنقيب عن الغاز لصالح الصهاينة، ويقتل سيناء ويحطم بنيتها لصالح الصهاينة، ويطارد ويقتل الإسلاميين وغيرهم من الأحرار لصالح الصهاينة، ثم يعقد اتفاقيات استيراد غازنا المسروق مع الصهاينة ولصالح الصهاينة.. في مخزاة ومأساة وملهاة لم يشهد تاريخ الخيانة في ديارنا مثلها.

واليوم يأتينا هذا الخبر الكبير من قبل الصهاينة: لقد تصافح البطل الوطني الهمام مع العم سام وممثله النتن ياهو في قمة المناخ بباريس.

وبالطبع لم يذكر إعلام الانقلاب هذا الخبر السعيد، ولم تصوره كاميراته، ولم يعلق عليه أحد من مدرسة (عزيزي بيريز)، ولن يفعلوا.. ألم يتحدث إعلامهم عن شهداء إسرائيل وعن أن الانتفاضة وسكاكينها المدافعة عن الأقصى إرهاب؟

لكن ماذا عن البيان الصهيوني عن المصافحة الميمونة؟

تعلن الإذاعة العبرية وواحد من أهم مراكز التفكير الاستراتيجي الصهيوني في تل أبيب ما يلي:

- نتنياهو يثبت للرأي العام الإسرائيلي والدولي أن سياساته المتشددة تجاه الفلسطينيين لا تؤثر سلبا في العلاقات الاستراتيجية مع الدول العربية، سيما مصر.

- نتنياهو يحرص بتصميم شديد على جعل علاقاته "الدافئة والحميمة جدا" مع السيسي بعيدة عن الجدل الإعلامي، وأقدم على هذه الخطوة لمواجهة الانتقادات التي توجهها له المعارضة اليسارية التي تتهمه بأنه مسؤول عن العزلة الدولية التي تعانيها إسرائيل.

- إسرائيل شرعت بالفعل في توظيف علاقاتها الدافئة مع نظام السيسي والأردن ودول عربية أخرى دعائيا، لمواجهة حركة المقاطعة الدولية "BDS".

- موظف كبير مقرب من تسيفي هاتوبلي القائمة بأعمال وزير الخارجية، يقول: "رسالتنا للنخب الأوروبي والأمريكية واضحة وبسيطة؛ أنه لا يمكنكم أن تكونوا أكثر حرصا على الفلسطينيين من الدول العربية، التي تحرص على تعزيز التعاون والتنسيق معنا، حتى في ظل الأحداث التي تشهدها الضفة الغربية والقدس".

- اعتبر "مركز أبحاث الأمن القومي" -الذي يعتبر أهم محافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب- السيسي أكثر الزعماء في المنطقة حماسا للتعاون مع إسرائيل، من أجل تعزيز نظامه ولتحسين قدرته على مواجهة الإسلاميين، سيما جماعة الإخوان المسلمين.

- وفي دراسة طازجة، شدد المركز، على أن "تعزيز وترسيخ النظام المصري وتمكينه من القضاء على الإرهاب الإسلامي هو مصلحة إسرائيلية صرفة، ناهيك عن تقاطع مصالح الطرفين في كل ما يتعلق بقطاع غزّة".

- وأشار المركز إلى أن اعتماد مصر على الغاز الإسرائيلي سيسهم فقط في تعزيز مكانة إسرائيل لدى النظام الحالي في القاهرة، ويزيد من مسوغات التعاون والتحالف معها.

- وشدد المركز على أن نخب الحكم المعادية للإسلاميين في العالم العربي وجدت في إسرائيل حليفا مهما جدا، بعد تراجع دور الولايات المتحدة في المنطقة، وهذا ما دفعها لتعزيز التعاون معها بشكل كبير.

- وأكد المركز أن التحالف الواقعي الذي يربط إسرائيل بكل من مصر وقبرص واليونان، قد حسن البيئة الإقليمية والاستراتيجية للدولة العبرية.

- وأوضح المركز أن طابع التعاون الأمني والاستخباري والعسكري بين إسرائيل وبين الدول التي تطل على البحر الأبيض المتوسط، قد حسن الميزان الاستراتيجي بشكل غير مسبوق.

وبعد، لقد انتفض الأفاكون من أجل رسالة مهرت بعزيزي بيريز، لا غير، ولم يذكروا شيئا غيرها في أدلة التحالف الإخواني والثوري مع الصهيونية.. وروجت الدولة الخليجية المارقة الآبقة أنهم صهاينة بينما ضاحي خلفان يعلن على الملأ استعداده ووجوب أن يعمل مخبرا علنيا لا سريا لصالح الأمن الصهيوني .. فماذا ستفعلون أيها الصهاينة العرب مع (عزيزي نتن ياهو)؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق