الجمعة، 27 مارس 2015

الظلمة وأعوان الظلمة بقلم: د. عز الدين الكومي



الظلمة وأعوان الظلمة

بقلم: د. عز الدين الكومي

لابد أن نعلم أن مسؤلية الظلم وعواقبه الوخيمة لا تقع فقط على الظالم، ولكن المسؤلية تمتد لتشمل دوائر أوسع، حيث تتوزع المسؤولية في الظلم بين الحاكم والوزارة والأمن والشعب، فالله سبحانه وتعالى حمّل مسؤولية ظلم فرعون إلى فرعون الحاكم وإلى الوزراء وإلى الجيش والأمن لأنهم اشتركوا مع الحاكم في ظلمه.
قال تعالى: (إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين)، وقد أرجع الله سبحانه وتعالى ظلم فرعون ووزارته وجنوده إلى الشعب الذي رضي بالظلم وأطاع الحاكم، قال تعالى: (فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين).

فالظلم ليس مسؤلية الحاكم فقط، بل يشمل الوزراء والجيش والشرطة والإعلام وخطباء السوء، ومن صفقوا ورقصوا وغنوا، والأحزاب والجماعات ومشايخ السبوبة، وكل من لم يتبرأ من الطغاة ومن أفعالهم، ولا يعفى أحد من المسؤلية مهما تذرع بحجج واهية، هى أوهى من خيوط العنكبوت، كقول البعض أنا عبد المأمور أو الحفاظ على مصلحة الشعب.

وعندما قرأت خبر تحويل المستشار زكريا عبدالعزير إلى لجنة الصلاحية، وكنا بالأمس سمعنا عن خبر تعيينه مساعدا للنائب العام، قلت هكذا تكون نهاية من يعين الظالمين على ظلمهم، والطريف أن تهمته هى الاشتغال بالسياسة والتحريض على اقتحام أمن الدولة،هل كان هو عندما تم تعيينه مساعدا للنائب العام لم يكن يعمل بالسياسة ولم يكن يحرض؟.

ولكنها ظهرت بعد التعيين، وعندما يقبل هؤلاء بمعاونة سلطات الإنقلاب كأنهم يعتقدون أنهم لا يساعدونهم فى تثبيت أركان نظامهم وإعانتهم على ظلمهم، خاصة فى مجال القضاء، والذى ظهرت كل سؤاته فى ظل النظام الانقلابى، وهذا حال كثيرين من أمثال زكريا عبد العزيز والهلباوى وحزب النور وغيرهم، والذين قال فيهم أهل العلم من أمثال:

قال ابن حجر الهيثمى فى كتاب "الزواجر عن اقتراف الكبائر" الكبيرة السادسة والسابعة، والثامنة والتاسعة، والأربعون والخمسون بعد الثلاثمائة، ظلم السلاطين والأمراء والقضاة والدخول على الظلمة والسعاية إليهم بالبطل، ثم قال: قال سعيد بن المسيب: لاتملؤوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم لئلا تحبط أعمالكم.

وجاء خياط إلى سفيان الثورى -رحمه الله- فقال: إنى أخيط ثياب السلطان أفترانى من أعوان الظلمة؟ فقال له سفيان: بل أنت من الظلمة أنفسهم ولكن أعوان الظلمة من يبيع لك الإبرة والخيط.

ولما كان الإمام أحمد بن حنبل مسجونا في قضية خلق القرآن، سمعه السجان وهو يقول: أعوان الظّلَمة كلاب جهنم، فقال يا أبا عبد الله: وهل أنا من أعوان الظلمة؟، قال له: لا أعوان الظلمة من يطهون طعامك ويخيطون ثيابك أما أنت فمِن الظلمة أنفسهم.

وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لما كان مسجونا، جاء إليه الجلاد، وقال: يا إمام أغفر لي فأنا مأمور، فقال له: لولاكم أنتم ما ظلموا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق