الاثنين، 12 يناير 2015

زينب عبد العزيز : الفاتيكان وجرائمه ضد الإنسانية

الفاتيكان وجرائمه ضد الإنسانية
زينب عبد العزيز

"الفاتيكان كيان إجرامي دولي" بهذه العبارة المرعبة بكل ما تتضمنه من معاني إدانة مهينة، قرَّرت محكمة العدل الدولية لقانون الأعراف (ICLCJ) في بروكسل، والمتضامنة مع المحكمة الدولية ضد جرائم الكنيسة والدولة (ITCCS)، وأعلنت حكمها في واحدة من أخطر وأقبح قضايا العصر إجراماً وبشاعة، والتي تم ويتم التعتيم عليها بصورة فاضحة لكيفية تعامل الغرب الصليبي المتعصب مع بعض الحقائق التاريخية والعصرية.
ونظراً لأهمية مثل هذا الموضوع وكل ما يتضمنه أو يشير إليه من حقائق تاريخية جسيمة مهولة وممتدة؛ يتم التعتيم عليها منذ بضعة قرون، فلا يسعني إلا أن أبدأ بترجمة قرار الإدانة هذا.
وفيما يلي نصُّه: "في 25 فبراير 2013م تم الاعتراف قانوناً بأن الكنيسة الكاثوليكية الرومية وقياداتها العليا اقترفوا جرائم ضد الإنسانية والتآمر الإجرامي الدولي لتسهيل وتشجيع تجارة الأطفال".
وهذا القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية لقانون الأعراف قد أثبت أن الكنيسة الكاثوليكية ومقرها الإداري، بما في ذلك الفاتيكان، عبارة عن كيان إجرامي وفقاً للقانون الدولي.
جاء هذا الكلام الذي لا يتصوره عقل في التقرير الصادر عن المحكمة ووقع عليه الأمين العام، السيد جورج دوفور George Dufort بتاريخ 4 أغسطس 2013م.
ويواصل التقرير: "وفي 11 يوليو 2013م قام البابا فرانسيس يورج برجوليو بتأكيد الكيان الإجرامي للكنيسة، وذلك بإقرار قوانين كنسية جديدة تنصح أتباعها ورجال الدين والعاملين بها وتحثهم على الإجرام. فهذه القوانين والوضع العام للبابا يؤكد وجود قانون كنسي يحمي اغتصاب الأطفال والمحاولات الإجرامية، وذلك بدفع الكاثوليك إلى محو الآثار الدالة على اغتصاب الأطفال والاتجار بهم عن طريق الكنيسة، وتهديد كل من يقوم بكشف هذه الأدلة. خرق القوانين ووِفقاً لهذه الملاحظات والقوانين، فإن البابا فرانسيس لم يأمر فحسب أتباعه بخرق القانون، وإنما بالقيام بخيانة بلدانهم، وذلك بخرق قوانين حماية الأطفال وتقويض عمل أقسام البوليس".
الجذور والخلفيات الإجرامية
كلما بحثنا ونقبنا في الوثائق والأحداث التاريخية أدركنا أن الأسس العميقة لآفة الإنسانية الممتدة ونشأة الاستعمار ترجع، بلا شك، إلى العقائد المحرَّفة والغش الذي يسود العالم الغربي الصليبي المتعصب، المنبثق أساساً من عقائده المنسوجة عبر المجامع ونصوصه المغرضة ووثائقه المشينة عبر القرون، ومن أهم هذه الوثائق الكنسية الخطاب البابوي المعنون بابا روما Romanus pontifex، الذي أصدره البابا نيكولا الخامس عام 1455م؛ والخطاب البابوى المعنون من بين الأعمال، الذي أصدره البابا إسكندر السادس عام 1493م، ونطالع فيهما:
في خطاب بابا روما يقول نيقولا الخامس: مع مراعاة أنه منذ أن سمحنا للملك ألفونس في خطابات سابقة ومنحناه، ضمن أشياء أخرى، الحق الكامل والتام للهجوم وغزو وأسر وهزم وسحق وإخضاع كل المسلمين والوثنيين وأي أعداء أخرى للمسيح أينما كانوا، والاستيلاء على ممالكهم، وضياعهم، ومقاطعاتهم، ومناطق نفوذهم، وملكياتهم من عتاد وبيوت، وكل ما يمتلكونه أو حصلوا عليه وإخضاع شخوصهم إلى العبودية الدائمة، وحق الاستيلاء لنفسه -أي للملك ألفونس- ولمن يرثه، على الممالك والضياع والإمارات وكل ملكياتهم وأموالهم، وتنصيرهم واستخدامهم لمصلحته، وباقي الخطاب يقر ما قام به الغزاة الإسبان والبرتغال للاستيلاء على أراضي السكان الأصليين، ويعرب عن أمنيته في أن يتم تنصيرهم وإخضاعهم، كما يعلن الحرب على المسلمين وكل الوثنيين أو غير المسيحيين، ويختتمه قائلاً: وأن هذا الخطاب ساري المفعول إلى الأبد!
وفي خطاب من بين الأعمال يقول إسكندر السادس: إن العقيدة الكاثوليكية والديانة المسيحية في زماننا تحديداً يجب أن يتم تمجيدها، وأن يتم نشرها في كل مكان، والاهتمام بالوضع الديني للشعوب الوثنية وإسقاطها وإخضاعها للعقيدة المسيحية، وبموجب هذا الخطاب نمنحكم السلطة للاستيلاء على أي أراضٍ أو جزر تجدونها وتكون لغير مسيحيين فتكون ملكاً لكم ولذريتكم إلى الأبد.
وقد أقام هذا الخطاب البابوي الأسس الدينية والشرعية للاستعمار الغربي المسيحي منذ أواخر القرن الخامس عشر حتى يومنا هذا. فاستخدام عبارات من قبيل يغزو، و يهزم، و يُخضع، و يستولي، و يُجبر على التنصير، تؤكد أن هذه الخطابات البابوية وغيرها من نصوص تؤسس الإطار العالمي للاستعمار والغزو والعنف والسيطرة والتنصير الإجباري الذي يمارس حتى الآن، ففي كل خطاب يمدح البابا الغزوات التي تقوم بإخضاع المسلمين وكل من هم غير مسيحيين والاستيلاء على أراضيهم ومواردهم وثرواتهم وتنصيرهم قهراً.
عقيدة الاكتشاف وقد نجم عن هذه الوثائق المجحفة وغيرها أساس انتهاك حرمة أراضي المسلمين والسكان الأصليين للأمريكتين، وذلك بزعم أن أي إنسان غير مسيحي يُعد عدماً ولا يساوى شيئاً، وأي أرض مملوكة لغير مسيحي تعد أرضاً لا صاحب لها، وقد تم بعد ذلك إدماج هذه العقيدة سراً وبالتحايل والتزوير في التشريعات والسياسات القومية والدولية سواء الأمريكية أو الغربية، وهي أصل انتهاكات حقوق الأفراد والجماعات لغير المسيحيين، وسمحت للدول الغربية الصليبية بالاستيلاء على أراضيهم، ثرواتهم الطبيعية وممتلكاتهم، بل هي السبب الأساس في عمليات القتل العرقي سواء للمسلمين والسكان الأصليين للأمريكتين أو ما يدور من اقتلاع لمسلمي ميانمار والفلسطينيين أو في قطاع غزة وغيرها.
نصوص سابقة ولاحقة ومن أشهر النصوص الكنسية التي سبقت هذين الخطابين أو بعدهما وأدت إلى ترسيخ الاستعمار وإلى القتل العرقي، لا للهنود الحمر سكان الأمريكتين الأصليين فقط، وإنما لكل شعب قام الصليبيون بغزوه واحتلاله والعمل على إخضاعه للتنصير أو إبادته عرقياً، نطالع ما يلي:
- الخطاب البابوي الذي أصدره إينوسنت الرابع في 15 مايو 1252م بعنوان لاقتلاع Ad extirpanda الذي يبيح فيه البابا التعذيب في محاكم التفتيش ويبرر فيه ضرورته.
- مقولة أحد جهابذة المسيحية: إذا لم يتب غير المؤمن فمن واجب الكنيسة ومهمتها أن تنقذ الأمة -يقصد المسيحية- وأن تطرد هذا الهرطقي من العالم بقتله (توما الإكويني 1267م).
- لا توجد إلا كنيسة واحدة مقدسة كاثوليكية والخارج عنها لا يوجد أي خلاص، فالكنيسة تمسك بيديها سيفاً الدين والدنيا، ومن الضروري من أجل سلامة الكل، الخضوع كلية لسلطة بابا روما (البابا بونيفاس الثامن 1302م).
- الغزو والتنقيب والبحث عن واعتقال وهزم وإخضاع كافة المسلمين والوثنيين أياً ما كانوا، وكل أعداء المسيح أينما كانوا، وتحطيم كيانهم إلى درجة العبودية الدائمة (البابا نيقولا الخامس 1455م).
- وأيام العصر الروماني -الذي تولدت فيه المسيحية- فإن قرار غزو الآخر الصادر عن أكثر من بابا، كان يعطي الحق للصليبي المعتدي الملكية المطلقة على البلدان والشعوب التي يغزوها، وكان عليه أن يُفقدها كيانها وحقوقها وملكياتها ويفرض عليها العبودية الدائمة، وقد تزايدت هذه السلطة بسبب وثيقة ثبت تزويرها، معروفة باسم وثيقة هبة قسطنطين التي منحت زوراً كل أراضي الإمبراطورية الرومانية إلى الكنيسة الكاثوليكية.
- الخطاب البابوي للبابا أوربان الثاني الذي أعلن الحروب الصليبية عام 1095م باسم المسيح والصليب، وفرض وضعه على كل شيء من ثياب وعتاد، قد أعلن أن كل الجرائم التي يقوم بها الصليبيون ستمحو ذنوبهم وتطهرهم بقتل المسلمين، وتوالت الخطب والقرارات التي لا تكف عن إباحة قتل الآخر واقتلاعه.
المصدر: مجموعة علي البطيح الإخبارية
التصنيف: اليهودية والنصرانية - أحداث عالمية وقضايا سياسية
تاريخ النشر: 15 ربيع الآخر 1435 (15/2/2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق