الحقيقة وراء خطف المسيحيين في ليبيا.. 4 مشاهد موجعة في سيناريو الانقلاب
09/01/2015
أثار
اختطاف 13 قبطيا في ليبيا حالة من الجدل الواسع ليس فقط في الداخل المصرى
وإنما في الجوار الليبي المشتعل أيضا في ظل حالة من الضبابية المتعلقة
بالجهة التي تقف وراء اختفاء المصريين والدوافع المرتبطة بالحادث، فضلا عن
الموقف الرسمى المتراخى لسلطات الانقلاب والتي تكتفى بعبارات مطاطة لا تخرج
عن الشجب المقيت أو المناشدات البائسة.
اقتحام
مسلحين ملثمون لمجمع سكني بمنطقة الشعبية بمدينة سيرت غربي العاصمة الليبية
طرابلس، واقتياد 13 قبطيا إلى جهة غير معلومة حتي الآن، رفع عدد المسيحيين
المختطفين في بلد الجوار إلى 20 مسيحيا في 7 أيام، فضلا عن مقتل أسرة
مسيحية في ظروف غامضة.
الأحداث
المتلاحقة في بلد ثورة 17 فبراير، والصراع العنيف بين الثوار ومليشيات
الانقلاب بقيادة اللواء المخبول خليفة حفتر والدائر رحاه شرقا وغربا وسط
تفوق كاسح لرجال الثورة، رغم الدعم اللوجيستى والمادى والعسكري من عرّاب
الانقلابات محمد بن زايد وتابعه المصرى السيسي، عقد المشهد كثيرا في ليبيا
وألقى بعشرات الأسئلة حول الغاية من استهداف المسيحيين المصريين تحديدا،
وغرابة ردود الأفعال هنا وهناك.
وقبل
الحديث عن السيناريوهات الأهم التي قد تفسر "الحقيقة وراء خطف المسيحيين"
لا يمكن بحال تجاهل الموقف المصرى المتخاذل والذى لم يحمر وجهه لدماء
وأرواح أبناءه في ليبيا، وأكتفى بتصريحات متراخية على لسان بدر عبد العاطى
المتحدث باسم خارجية الانقلاب حول إن إجراء اتصالات مكثفة مع السلطات
الليبية، بهدف الوقوف على حقيقة اختطاف العمال المصريين والتعرف على
ملابسات الحادث.
وما بين
غموض ليبي وترهل مصري وغضب كنسي على استحياء، يمكن الحديث عن 4 سيناريوهات
ترجح أسباب خطف المصريين في ليبيا دون أسباب واضحة:
التدخل العسكري
منذ
انقلاب 3 يوليو على الرئيس الشرعى محمد مرسي والحديث لا يتوقف عن ضرورة
التدخل العسكري المصرى في ليبيا من أجل دعم انقلاب حفتر وتأمين الجبهة
الغربية والسيطرة على المد الإسلامى في بلد الثورة –بحسب مزعم العسكر-.
وعلى
الرغم من كشف وسائل الإعلام الأمريكية في أكثر من مناسبة عن تورط الانقلاب
المصرى في شن غارات مدفوعة الأجر ضد معاقل الثوار في ليبيا، وإعلان قوات
ثورة 17 فبراير عن القبض على جنود مصريين غرب البلاد تقاتل إلى جانب
مليشيات حفتر، إلا أن النظام الانقلابى تمسك بنفيه الواهن للمشاركة
العسكرية حتى الأن.
ولأن
الأوامر الغربية والضغوط الخليجية تستوجب التدخل المصرى الفورى في ليبيا من
أجل إنقاذ قوات حفتر البائسة وحفظ ماء وجه عمليات الكرامة المزعومة، وجب
معها أن يجد الانقلاب في مصر ذريعة قوية للدفع بقواته في مستنقع القتال
الليبي المتشعب ما بين ثورة وانقلاب وقبائل وعشائر، لذلك جاءت عمليات الخطف
الغامضة وللمسيحيين تحديدا لتمنح السيسي الفرصة لضرب كل العصافير بذات
الحجر، حيث ضرورة التدخل العسكري لانقاذ المصريين وتلفيق التهمة للثوار
باعتبارهم إرهابيين عنصريين يخطفون المسيحيين ويضيقون على أهل الديانات
الأخرى.
التنصير
أرجعت وسائل إعلام ليبية عمليات الخطف والملاحقة بحق عدد من المصريين منذ عام 2013 إلى
عمليات التنصير الواسعة التي تقوم بها الكنيسة المصرية في ليبيا، مستغلة
الأوضاع الدامية المسيطرة على البلاد لإيجاد موطأ قدم في بلد يخلو من
النصارى.
وأوضح
خبراء ليبيون أن مزاعم التنصير التي ساقتها وسائل الإعلام وجدت ما يدعمها،
بموقف الكنيسة المصرية التي اكتفت بتحذير رعايها في ليبيا من عمليات الخطف
المتكررة، دون أن تطالبهم بالعودة إلى البلاد، بل إن الأنبا بولا خرج
ليطالب المسيحيين بالبقاء في ليبيا بزعم أن الطرق غير مؤمنة وأنهم معرضون
لمزيد من التعقب حال ترك بيوتهم.
ائتلاف
"أقباط مصر" سخر من مزاعم التنصير التي ساقها الجانب الليبي مؤكدا أن ما
هؤلاء المختطفين ذهبوا إلى ليبيا من أجل لقمة العيش، وحمل الحكومة المصرية
المسؤولية عن قتل الأسرة المسيحية في ليبيا، متهما النظام بالتراخي
والتباطؤ والاستهتار بحقوق المصريين في الخارج.
ويعد
التنصير في ليبيا جريمة يعاقب عليها القانون؛ حيث أكد المتحدث باسم جهاز
الأمن الوقائي في ليبيا الحسين بن حميد في وقت سابق، أن التنصير مجرّم في
ليبيا، موضحا أن بلد كل سكانه من المسلمين تؤثر عمليات التنصير على أمنه
الوطني.
وهى
التصريحات التي أدلى بها العام المنصرم على وقع اعتقال مصرى إلى جانب ثلاثة
أخرين بتهمة التنصير وطباعة آلاف الكتب التي تدعو إلى اعتناق المسيحية،
وهذا فيما يتعلق بالرد الرسمى للدولة آنذاك إلا أنه في حالة اللا دولة التي
تعيشها ليبيا الآن يبقى الأمر متروكا لردة فعل الشعب الغاضبة.
محاولات حفتر
ربما لا يتعلق الأمر برغبة مصرية حقيقية في التدخل في ليبيا أو حتى تراجع الحماسة الانقلابية عن دعم
حفتر في ليبيا في ظل توالى الأزمات المحلية وتراجع الدعم الخليجى نسبيا
على وقع انهيار أسعار البترول، وإنما يحاول قائد الانقلاب الليبي جر
المصريين إلى مساندته في القتال مع الثوار بعدما تكبد خسائر فادحة في
المعارك وعجز حتى سلاح الطيران الذى دخل مؤخرا طرفا في معادلة الصراع في
ترجيح كفته.
لذلك
حاول حفتر اللعب على وتر الطائفية ومحاولات إظهار عناصر الثورة وأكثرها من
الإسلاميين في ثوب المتشددين الذين يلاحقون الأقباط، مستغلا ضغط الكنيسة
صاحب الدور البارز في الانقلاب المصرى، لإجبار السيسي على الدفع بجنوده في
ليبيا.
لذلك
جاءت تصريحات رجال الحكومة المنحلة الداعمة لحفتر في هذا الاتجاه، والتي
تزعم أن مصر تدفع ثمن محاربة الإرهاب، وهو ما أصر عليه المحلل السياسي
الليبي منصور عبيدي بإن ما يحدث للمصريين في ليبيا ليس استهدافًا على أساس
ديني أو طائفي، كما يعتقد البعض، وإنما ضريبة دعم السيسي للجيش الليبي
بقيادة اللواء خليفة حفتر، ومجلس النواب الليبي؛ وبالتالي يتعرض المصريون
هناك لعمليات انتقامية بسبب موقف بلادهم.
وهو ما
سار عليه وزير الإعلام والثقافة الليبي عمر القويري بإن مدينة سرت خارجة عن
سيطرة الحكومة الليبية منذ عاميين، وتسيطر عليها جماعة إرهابية تُسمى
"أنصار الشريعة الإسلامية". –بحسب وصفه-، ثم زاد سفير الانقلاب الليبي
بالقاهرة محمد فايز جبريل من الشعر بيت، بأن مدينة "سرت" تخضع لانتشار
مليشيات مسلحة ومجموعات دينية متطرفة، مشيرًا إلى أن اختطاف المصريين في
بلاده يصنف ضمن الحوادث الإرهابية التي تهدد الوطن العربي كله.
انتقام ثوري
ربما هو
السيناريو الأبعد عن الواقع والأقرب إلى خيال الانقلابيين إلا أنه يبقى
مطروحا، في ظل غضب شعبى ليبي عارم من الموقف المصرى من الثورة الليبية
ودعمها لعملاء القذافى ومرتزقة خليفة حفتر للقضاء على مكتسبات ثورة 17
فبراير كما حدث من قبل وقتل ثورة 25 يناير.
غارات
الطيران المصرية والهجوم البحرى في وقت سبق واعتقال جنود مصريين، هى
الأخبار التي كشفها ثوار ليبيا على مدار الأشهر الماضية، وربما وجدوا ضرورة
معاقبة النظام المصرى على جرائمه بحق الشعب الليبي، بل أن بعض الخبراء
غالى في وصف أن ما حدث انتقام من الأقباط لدعمهم الانقلاب المصرى ومحاربة
التيار الإسلامي.
إلا أن
استنكار الفصائل الثورية في ليبيا لتلك المزاعم ورفضها عمليات الخطف التي
حدثت بحق المصريين، يدحض تلك الدعاوى الفارغة من مضمونها، خاصة مع عدم
إعلان أى جهة عن تبنيها لتلك الحوادث أو التفاوض بشأن الإفراج عن
المختطفين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق