الأربعاء، 16 يوليو 2014

مبادرة الخيانة الانقلابية.. وصمود غزة بقلم: د. عز الدين الكومي

مبادرة الخيانة الانقلابية.. وصمود غزة
بقلم: د. عز الدين الكومي
 (وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى، والقيادي بحزب الحرية والعدالة )

تأتي المبادرة المصرية التي تباركها واشنطن وتل أبيب والأنظمة العربية، لوقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية الباسلة في قطاع غزة والكيان الصهيوني، لتكشف عن مدى خيانة وعمالة الانقلابيين في القاهرة، والذين يساندون بكل قوة أسيادهم الصهاينة على حساب أهل غزة والقضية الفلسطينية.
ومن المؤسف بل من العار أن تصف المبادرة ما تقوم بها المقاومة الفلسطينية الباسلة من قصف للعدو الصهيوني بأنها "أعمال عدائية" وتتساوى مع الأعمال الإجرامية للكيان الصهيوني!!.
وقد جاءت هذه المبادرة بعد ثلاثية الرعب "أبابيل الحمساوية"، والتي أربكت حسابات نتنياهو والقادة الصهاينة، وكشفت عن فشل القيادة الصهيونية وأجهزة استخباراتها سواء الموساد أو الشباك، وبعد المفاجآت المدوية للمقاومة الفلسطينية، والتي زلزلت عرش الصهاينة.
وقد ثبت للعالم فشل منظومة القبة الحديدية، والتي اتضح بعد اختراق عشرات الصواريخ الحمساوية لها أنها ليست سوي سياج زنك أو صفيح، ثم جاءت طائرات "أبابيل"، والتي قامت بتنفيذ مهام استطلاعية فوق مبنى وزارة الدفاع الصهيونية، واعتراف العدو بإسقاط طائرة بدون طيار تابعة لحماس.
من أجل ذلك سارع عبد الفتاح السيسي، البطل القومي في نظر الصهاينة، والكنز الاستراتيجي الأعظم لإسرائيل، بطرح مبادرة لوقف إطلاق النار لحفظ ماء وجه الصهاينة، وليس من أجل "سواد عيون غزة".
وخيرًا فعلت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" برفضها لتلك المبادرة قبل اتفاق التهدئة بشروط حمساوية، من أبرزها تعديل وضع المعابر بما فيها معبر رفح، ورفع الحصار الظالم، والذي تساهم فيه مصر بنصيب الأسد بظلم أهل غزة وأطفالها ومرضاها.
واعتبرت "حماس" هذه المبادرة بصورتها الحالية هي مبادرة للركوع، وبالتالي فهي مرفوضة جملة وتفصيلا - حسب بيان كتائب القسام - وهو نفس تصريحات فوزى برهوم، المتحدث باسم حماس، الذي قال إن أية مبادرة دون اتفاق مرفوضة.
وقد كان رد حماس بمثابة صفعة مؤلمة للقيادة الانقلابية المصرية، برفض المبادرة إلا من خلال تهدئة واضحة تشمل وضع المعابر ورفع الحصار، مما أدى لوضع "السيسي" في موقف لا يحسد عليه، حتى قال البعض: لو كان شارون أو رابين حيا لبصق على القيادة العسكرية والاستخباراتية الصهيونية.
المطالع والمتابع لما تكتبه الصحافة الصهيونية يستشعر المأزق الذي استدرج إليه نتنياهو وعصابته. فلم يعد خافيا على أحد أن خطاب المقاومة رفع من وتيرته، وأن أي حديث عن تهدئة مقابل هدنة مرفوض، بل لابد من كسر الحصار الظالم والمفروض على غزة منذ سبع سنوات.
بدليل أنه كانت هناك حفاوة إسرائيلية كبيرة بمبادرة انقلابيي مصر، فقد احتفت النخب السياسية والإعلامية الصهيونية بالمبادرة التي طرحتها سلطة الانقلاب في القاهرة، كمقترح لوقف إطلاق النار بين "إسرائيل" والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ، وقالت الصحف الإسرائيلية ضمنا إن إسرائيل خسرت الحرب.
وأشاد وزير المالية الصهيوني يئير لبيد ببنود المبادرة المصرية، معتبراً أنها تحرم حركة حماس من أية إنجازات حقيقية على الأرض، في حين ضمنت ألا تقدم تل أبيب أية تنازلات. وخلال مقابلته مع القناة العاشرة، قال إن الجانب المصري قد عرض المبادرة بعد التشاور مع الجانب الصهيوني، منوهاً إلى أن المصريين يعملون بشكل وثيق مع الأمريكيين، الذين يحرصون على "عدم مفاجأة حلفائهم الإسرائيليين".
من ناحيته قال أمنون أبراموفيتش، كبير المعلقين في القناة الثانية: "إن نظام الجنرالات في القاهرة أكثر تطرفاً في التعاطي مع حماس من إسرائيل"، مشيراً إلى أن الأمر متعلق بالمصريين عندما تنتهي الحرب ليتم القضاء بشكل مبرم على وجود حماس في القطاع.
ويتضح من خلال الجدل الصهيوني الداخلي أن المبادرة العربية جاءت في ظل تأكيد الكثير من النخب أن إسرائيل منيت بهزيمة خلال هذه الحرب، ففي مقال نشره في "هآرتس" الثلاثاء، اعتبر المفكر الإسرائيلي أوري مسغاف أن "الحرب على غزة قصة فشل".
وركزت الصحف والمفكرون الصهاينة على ضرورة توظيف كل من مصر والسلطة الفلسطينية ضمن دعم دولي لفكرة تجريد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من سلاحها، سيما الصواريخ.
وكشف موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي النقاب عن أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، المسؤولة عن إدارة المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، تقترح تحركاً دولياً وإقليمياً شاملاً يفضي إلى تجريد حماس ليس فقط من مخزونها من الصواريخ، بل أيضاً ضمان عدم تمكينها من إعادة بناء مخزونها من الوسائل القتالية في المستقبل.
وفي مقال نشره في موقع "واللا"، أوضح أيالون أن إسرائيل تستفيد كثيراً من موقف السيسي من جماعة "الإخوان المسلمين" التي تعتبر حماس جزءاً منها، حيث يعتبر "السيسي" الجماعة "تنظيماً إرهابياً يهدد استقرار مصر وأمنها"، حسب مزاعمه.
ومن العار أن ترحب السلطة الفلسطينية بالمبادرة، وتعتبرها بأنها تتوافق مع تطلعاتها التي عملت عليها منذ اليوم الأول للعملية الإسرائيلية.
وصواريخ القسام وطائرات أبابيل فرضت ليس فقط توازن الرعب، بل فرضت الرعب نفسه على سكان تل أبيب. وهنا يأتي دور المواطن الصهيوني الباحث عن الأمن، فإذا بقيادته الخرقاء تجلب له الرعب إلى عقر داره، مما سيعزز نظرية الهجرة العكسية من أرض الميعاد إلى البلدان الأوربية بحثا عن الأمن.
أما الخاسر الحقيقي في هذه المعركة فهو الجانب المصري الذي خرج من المعادلة بالكامل، بعد فرض "حماس" شروطها بعدم قبول الوسيط المصري، واقتصر طلبها على الجانبين القطري والتركي.
والجامعة العربية ليس لها موقف ولن يكون، فقد أعلن على لسان مسؤوليها الموافقة على المبادرة المصرية، وموقف الجامعة واضح منذ تبني خيار السلام الذي طرحته المبادرة السعودية قبل سنوات.
وأرى من وجهة نظري أن الكيان الصهيوني سيرضخ في النهاية لشروط "حماس" وليس العكس، خاصة مع دخول الجانب التركي كوسيط، بالإضافة لقطر، وخروج الجانب المصري المنحاز للكيان الصهيوني، على الرغم من التهديدات التي أطلقها "نتنياهو" اليوم بالتصعيد.
___________________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق