نرصد تفاصيل مذبحة "النصب التذكاري" في ذكراها الأولى
28/07/2014 12:16 ص
•200 شهيد وأكثر من 4500 مصاب حصيلة مجزرة أحداث المنصة
يأتي
يوم 26 من يوليو حاملا معه آلاما وأوجاعا لا يمكنها أن تندمل مع مرور الوقت
أو تدخل في طي النسيان ففي مثل هذا اليوم ومنذ عام سُطرت مجزرة جديدة من
المجازر التي ترتكبها ميليشيات قائد الانقلاب الدموي عبد الفتاح السيسي ضد
مؤيدي الشرعية ورافضي الانقلاب وهي مجزرة "أحداث المنصة" أو "النصب
التذكاري"، حيث استخدمت خلالها قوات الشرطة وبمعاونة مجموعة من البلطجية
الرصاص الحي والخرطوش وقنابل الغاز المسيلة للدموع وزجاجات المولوتوف
لإزهاق أرواح أولئك المتظاهرين السلميين، وراح ضحيتها 200 شهيد وأكثر من
4500 مصاب.
بداية الأحداث
تعود
بداية الأحداث إلى أنه كانت هناك دعوات لتظاهرات حاشدة لمؤيدي الشرعية في
هذا اليوم، وخرجت حشود غفيرة في كافة الميادين تطالب بعودة الرئيس الشرعي
للبلاد الدكتور محمد مرسي، لدرجة أن زيادة أعداد هؤلاء المتظاهرين قد جعل
موقع الاعتصام يمتد من ميدان رابعة العدوية حتى طريق النصر.
وفي
مساء ذلك اليوم خرجت مسيرة حاشدة من ميدان رابعة العدوية في طريقها إلى أول
كوبري 6 أكتوبر وبمجرد وصولها إلى منطقة النصب التذكاري قابلتها قوات
الداخلية ومعها مجموعة من البلطجية والتي كانت ترافقها أمام جامعة الأزهر
بـ4 مدرعات وقام ضباط الداخلية بعمل كماشة من شارعي النصر ومبنى أمن الدولة
ثم قاموا بإطلاق الرصاص الحي بكميات كثيفة عن طريق "القناصة" وقاموا
بإلقاء قنابل الغاز المسيلة للدموع بكثافة شديدة على المسيرة، وكذلك زجاجات
المولوتوف على المتظاهرين السلميين، ما أسفر عن سقوط عدد كبير من الشهداء
والجرحى.
اندلعت
الاشتباكات على طريق النصر بالقرب من تقاطع كوبري 6 أكتوبر في القاهرة،
وذلك في حوالي الساعة 10:45 من مساء يوم الجمعة 26 يوليو بعد أن قامت قوات
الأمن المركزي بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين القادمين
باتجاه الكوبري، مما دفعهم للتوجه شرقًا على طول طريق النصر الذي يبعد عن
الميدان بنحو 2 كم تقريبا.
قوات الشرطة أمطرت المتظاهرين بوابل من الرصاص الحي والخرطوش وقنابل الغاز المسيلة للدموع |
لقد
استُخدمت 4 عربات مصفحة (مدرعات) بالإضافة إلى المشاة من قوات الأمن في
مواجهة المتظاهرين وفض تظاهراتهم، وأشارت الكثير من الفيديوهات والصور إلى
ضلوع رجال بملابس مدنية يساندون قوات الأمن في الاعتداء على مؤيدي الرئيس
مرسي وكانوا يقوموا بإلقاء الحجارة على المتظاهرين وكان بعضهم مسلحا بأدوات
حادة.
وأكد
العاملون في المستشفى الميداني أن أول الحالات المصابة في أعقاب أحداث تلك
الليلة قد وصلت بحلول الساعة 11 مساء؛ كانت معظمها تعاني من إصابات ناجمة
عن الاختناق بالغاز المسيل للدموع، فيما أُصيب البعض الآخر بطلقات الخرطوش.
استمرار الاشتباكات لـ10 ساعات
المجزرة ارتكبت مساء يوم 26 من يوليو استمرت الاشتباكات لأكثر من 10 ساعات |
وسعى
المتظاهرون إلى الحيلولة دون تقدم قوات الأمن والعربات المصفحة باتجاه
منطقة الاعتصام الرئيسة في ميدان رابعة العدوية، وذلك من خلال نصب المتاريس
والحواجز المكونة من حجارة الأرصفة وما قُذف باتجاههم من حجارة على طريق
النصر.
واستمرت
الاشتباكات لساعات بالقرب من جامعة الأزهر بطريق النصر، وكذلك عند النصب
التذكاري للجندي المجهول في الطريق ذاته، وأفاد شهود عيان حينها أن قوات
الأمن ورجال بملابس مدنية استخدموا أيضا حرم جامعة الأزهر كقاعدة لإطلاق
النار عليهم.
زادت
الأوضاع سوءا وكانت هناك حالة من الكر والفر، ووصلت أول حالة وفاة ناجمة عن
الإصابة بطلق ناري حي حوالي الساعة الواحدة من النصف صباحا، واستمرت
الاشتباكات حتى العاشرة صباحا تقريبا وكانت الفترة ما بين السادسة والسابعة
صباحًا هي الفترة التي شهدت الإبلاغ عن وقوع أكبر عدد من الإصابات
والوفيات، وذلك على إثر زيادة أعداد أنصار الرئيس مرسي ومحاولة البعض منهم
التقدم نحو طريق النصر باتجاه كوبري 6 أكتوبر، ولقد ردت قوات الأمن حينها
بوابل من النيران الكثيفة، وانسحبت قوات الداخلية من أماكن الاشتباكات
بعدما أنهت مذبحتها تجاه المعتصمين والمتظاهرين تاركة المتظاهرين غارقين في
بحور دماء إخوانهم المصابين والشهداء التي خلفتها تلك المجزرة.
طلب التفويض
قام
السيسي بارتكاب هذه المجزرة تحت ستار التفويض الذي دعا الشعب المصري إليه
لمواجهة أنصار الشرعية بدعوي محاربة الإرهاب، ففي يوم 24 من يوليو الذي
وافق يوم الأربعاء أي قبل حدوث المجزرة بيومين دعا عبد الفتاح السيسي الشعب
المصري للنزول إلى الميادين يوم الجمعة لتفويض القوات المسلحة لمواجهة
العنف والإرهاب، وقال في كلمة ألقاها خلال حفل تخريج الدفعة 64 بحرية
والدفعة 41 دفاع جوي بمقر كلية الدفاع الجوي بالإسكندرية "إن خارطة الطريق
لن يتم التراجع عنها للحظة ولا يظن أحد في ذلك، وقلنا للجميع إننا نريد
بالفعل انتخابات حرة ونزيهة، وأقول للمصريين نحن كنا تحت حسن ظنكم وأنا
أطلب منهم طلب يوم الجمعة القادم لا بد من نزول كل المصريين الشرفاء حتى
يعطوني تفويضا وأمرا بمواجهة العنف والإرهاب وحتى تذكر الدنيا أن لكم قرارا
وإرادة وإنه لو تم اللجوء للعنف والإرهاب يفوض الجيش والشرطة لمواجهة هذا
العنف والإرهاب."
وأضاف:
"إن القوات المسلحة تعاملت بعد تسليم السلطة في 30 يونيو إلى قيادة مدنية
منتخبة بإخلاص وأمانة وشرف"، مشددا على أن الجيش المصري في غاية الاحترام
ووصفه بأنه "أسد" وأن الأسد لا يمكن أن يأكل أولاده.
وتابع
قائلا "يوم الجمعة ميعادنا مع كل المصريين، والجيش والشرطة مفوضين لتأمين
المظاهرات"، مضيفا "هذا لا يعني أنني أريد أن يكون هناك عنف أو إرهاب".
واختتم قائلا "مصر أم الدنيا وهتبقى قد الدنيا"!
تظاهرات شعب السيسي
السيسي طالب الشعب بتفويضه لمحاربة الإرهاب متخذا التفويض غطاء لارتكاب ما يشاء من مجازر |
صبيحة
يوم المذبحة كان الشارع المصري يغلي، فميدان التحرير توافد إليه شعب السيسي
استجابة لدعوته لهم بتفويضه وفي جمعة "لا للإرهاب" كما أسموها، وفي
المقابل أنصار الشرعية يملأون كافة الشوارع وميداني رابعة العدوية والنهضة.
وفي
الوقت الذي كان يقتل فيه مؤيدو الشرعية كانت الطائرات الحربية تحلق فوق
سماء ميدان التحرير لتحيي المتظاهرين، وانتشرت الدبابات والمدرعات التابعة
للجيش لتأمين جميع المداخل والمخارج وبوابات الميدان. كما ألقت مروحيتان
تابعتان للجيش المصري، بعد ظهر الجمعة، بطاقات بألوان علم مصر مكتوبا عليها
كلمة "شكرًا" على المتظاهرين المؤيدين للانقلاب والمحتشدين في ميدان
التحرير وأمام قصر الاتحادية.
تضارب تصريحات الصحة
أعلنت
الدكتورة مها الرباط، وزيرة الصحة والسكان آنذاك إن إجمالي ضحايا اشتباكات
"النصب التذكاري"، التي وقعت، فجر السبت، بين قوات الأمن وأنصار الرئيس
محمد مرسي، بلغ 80 قتيلًا و299 مصابًا. في حين أن المستشفى الميداني برابعة
العدوية قد أعلنت عن ارتقاء 200 شهيد وإصابة ما يزيد عن 4500 مصاب وهو ما
يبين زيف وخداع وزارة الصحة.
كذب وزير الداخلية
وتعليقا
على هذه المجزرة ودون خجل أو استحياء قال محمد إبراهيم وزير داخلية
الانقلاب إن متظاهري رابعة العدوية أطلقوا على قوات الأمن رصاصا حيا
وخرطوشا أثناء محاولة تفريقهم بقنابل الغاز المسيل للدموع لدى توجههم
لكوبري أكتوبر. وأضاف خلال مؤتمر صحفي عقده عقب هذه المجزرة: "إن صفوت
حجازي دعا المتظاهرين المعتصمين في ميدان رابعة العدوية بالتوجه إلى كوبري
أكتوبر لاحتلاله وقطع الحركة المرورية واشعال إطارات السيارات فوقه ولأن
الكوبري مبني على كابلات فإان أي سخونة عليه ستؤدي إلى انهياره، لذلك قامت
قوات الأمن بتفريقهم عن طريق قنابل الغاز المسيلة للدموع".
وزير الداخلية أنكر قيام قوات الأمن بقتل المتظاهرين واتهم مؤيدي الشرعية بإطلاق النار عليهم |
وزعم
وزير الداخلية أن هناك عددا من الضباط والمجندين أصيبوا بجروح في أحداث
طريق النصر بينهم ضابطان حالتهما الصحية خطيرة في مستشفى مدينة نصر، جراء
الإصابة بطلقات في الرأس والعين. وتابع قائلا "إن الشرطة لم ولن توجه أي
سلاح ناري في صدر أي متظاهر"، وادعى أن هناك عمليات تعذيب تحدث داخل
الاعتصامات.. مشيرا إلى أن ميدان النهضة خرج منه 6 جثث خلال الفترة الماضية
بالإضافة إلى 3 حالات تعذيب داخل المستشفيات في حالة خطرة، بينما اعتصام
رابعة العدوية قامت جماعة الإخوان بتعذيب 10 أشخاص بينهم 3 حالات تعذيب أدت
إلى الوفاة.
ولعل
تقرير الطب الشرعي يؤكد كذب وزير الداخلية وافتراءاته بعدم استخدام الشرطة
للرصاص الحي في مواجهة تظاهرات مؤيدي الشرعية، إذ استقبلت مشرحة زينهم 80
جثة وأظهرت نتائج التشريح التي أُجريت على 63 جثة أن سبب الوفاة في 51 منها
كان جراء الإصابة بعيارات نارية.
كما
أُصيبت ثمانٍ جثث أخرى إصابات قاتلة بالخرطوش فيما تعرضت ثلاثة جثث لإصابات
بالرصاص والخرطوش معًا، كما توفي رجل جراء إصابته بكسر في عظام الجمجمة،
وتضمنت الذخائر المستخرجة من جثامين ثمانية من الشهداء رصاص مسدس من عيار 9
ملم وكذلك ظروف لطلقات البنادق. هذا بخلاف ما أعلنته المستشفى الميداني
برابعة العدوية عن أن أغلب الحالات المتوفاة كانت نتيجة إصابات بالرصاص
الحي في الرأس والصدر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق