عبد الناصر عبد العال: 5 دلالات لاستبعاد مصر من مؤتمر فرنسا
29/07/2014 01:01 م
أكد
د. عبد الناصر عبد العال -الخبير الاقتصادي- أن الملف الفلسطيني هو الملف
الأخير والوحيد الذي تتمسك به الخارجية المصرية بعدما أدارت ظهرها لمشاكل
إفريقيا والدول العربية. مشيرًا في تصريحات خاصة لـ"الحرية والعدالة" أن
هناك دلالات كثيرة من عملية استبدال تركيا وقطر بمصر في المؤتمر الدولي
الذي عقد في فرنسا مؤخرًا لبحث وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل.
الدلالة الأولى:
هي انتهاء دور مصر كوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين لعدم تمتعها بشروط
الوسيط الجيد. معتبرًا أن الوسيط الجيد يجب أن يحظي بثقة الطرفين وأن يكون
مستمعا جيدا وصبورا ومعروفا عنه العدل والحيادية وملما بتفاصيل النزاع
وتطوراته على الأرض ومتفهما لطلبات كلا الطرفين, كما يجب أن تكون لديه
القدرة على فرض الاتفاق وتقديم حوافز للطرفين لقبوله، وألا ينتظر مقابل
لوساطته، مؤكدًا أن هذه الشروط تنطبق على قطر وتركيا وتنتفي في الحالة
المصرية؛ مبررًا ذلك بأن النظام المصري تشبث بدور الوساطة بين حماس
وإسرائيل لينال رضا أمريكا وإسرائيل, ويحقق أكبر مكاسب متعلقة بدعم هاتين
الدولتين للانقلاب على الشرعية في مصر.
وقال
عبد العال إن حماس رضيت بالدور المتحيز للوسيط المصري أيام مبارك لأنه كان
يغض الطرف عن مشكلة الأنفاق ولم يأخذ هدمها بجدية، أما السيسي فقد دمر معظم
الأنفاق وأحكم الحصار على غزة. كما أن المبادرة المصرية كانت رديئة ولم
يتم استشارة حماس بها وصُممت على أساس أن حماس هي المعتدي وليس إسرائيل
وأعطت لإسرائيل مزايا المنتصر وليس حماس، وأكد أن المبادرة المصرية كانت
تتاجر بجراح الفلسطينيين ولم تراعِ تطلعاتهم في رفع الحصار. وهو ما أفقد
الوسيط المصري نزاهته.
واعتبر
عبد العال أن نظام السيسي في صراع وجودي مع الاخوان ويعتبر حماس عدوًا له
وامتدادًا للإخوان لذلك فهو يساعد إسرائيل في حربها ضد حماس حتي الرمق
الأخير للقضاء على خصومه من ناحية ولرد الجميل لتأييدهم الانقلاب من ناحية
أخري فكيف تثق به حماس بعد ذلك؟
وأضاف
أن مصر عجزت عن المحافظة على الهدنة الموقعة بين الطرفين عقب عدوان 2012.
كما أنها لم تدن انتهاكات إسرائيل المتكررة لشروط هذه الهدنة. فأي وسيط هذا
الذي لا يستطيع ضمان تنفيذ شروط الهدنة واحترام الاتفاقيات الموقعة؟
مؤكدًا أن الحكومة التركية لديها الجرأة والشجاعة على الوقوف بوجه إسرائيل
إذا خرقت شروط الهدنة.
وتابع
عبد العال: إن قطر وتركيا هما أهم الدول الداعمة للقضية الفلسطينية ماليًا
وإعلاميًا وسياسيًا. فمن مصلحة حماس أن تنتقل هذه المكانة وهذا الدور
للدول التي تثق فيها وتدعمها أملًا في أن يكون لهما دور بارز في الأعمار
والمصالحة. بعد اعتداء 2012، أعلنت قطر عن برنامج لأعمار غزة بقيمة 450
مليون دولار بأيادٍ وموارد بناء مصرية.. لكن العسكر أجهض هذه الخطة. في
المقابل مصر منعت قافلة إغاثة مصرية للوصل إلى غزة وتبرعت بأغذية فاسدة
للفلسطينيين وهو ما يمثل إهانة للفلسطينيين. كما أن من مصلحة حماس أن تنقل
المحادثات إلى قطر أو أنقرة لأن المخابرات المصرية تتجسس على الفلسطينيين
لصالح الشاباك وسي آي إيه. وزارة الخارجية في قطر وتركيا هي من يدير الملف
الفلسطيني، أما في الحالة المصرية فإن المخابرات هي التي تدير هذا الملف.
كما أنها تدير الملف السوداني والملف الليبيي وهذا ما يفسر انتكاسة
العلاقات المصرية مع السودان وليبيا. لذلك رفض خالد مشعل زيارة القاهرة
للتباحث بشأن المبادرة المصرية.
الدلالة الثانية:
هي أن المبادرة أعطت مثالًا آخر لمحدودية الأفق السياسي للسيسي وأعوانه
وسطحية فكرهم وبساطته وانفصالهم عن الواقع. وربما يرجع السبب في ذلك إلى
البيئة العسكرية التي تربوا فيها. المشكلة أن تولي قيادة بهذه المواصفات
لزمام الأمور في مصر سيقزم دورها الإقليمي لدرجة أن دولة بحجم قطر أو دولة
تقع بعيدًا عن بؤرة الصراع مثل تركيا تكونان أكثر فاعلية وأكثر فهمًا
لتشابك وتعقيدات المشاكل العربية.
واستطرد
أنه إذا أضفنا إلى ذلك تجاهل نظام السيسي لمشاكل السودان والأزمة
الصومالية وعدائها للثورة الليبية نجد أنه لم يبقَ لمصر أي دور إيجابي في
المنطقة. فالدبلوماسية التركية أكثر نشاطًا من المصرية في ملف الصومال رغم
تهديد قراصنة الصومال المباشر لحركة الملاحة في قناة السويس. كما كانت قطر
أكثر نشاطًا واهتمامًا بأزمة دارفور من الحكومة المصرية رغم أن تفكك
السودان يمس الأمن القومي لمصر مباشرة.
الدلالة الثالثة:
لجوء الدول الغربية لقطر وتركيا المعروف عنهما دعمهما للربيع العربي ربما
يفتح الباب لدور أكبر لهما في أزمتي مصر وليبيا وسوريا ولا سيما بعدما فشل
انقلاب حفتر وعدم استقرار انقلاب السيسي وعداء نظام السيسي للربيع العربي
في سوريا والعراق وليبيا. فهناك مخاوف من تفكك مصر وليبيا ما يمكن أن يحول
المنطقة إلى جحيم، والعالم لا يمكنه تحمل ذلك.
الدلالة الرابعة:
هي أن الصراع العربي الإسرائيلي، والربيع العربي عمومًا، يتدحرج نحو دول
العالم بعد اشتباك الفرنسيين المؤيدين للفلسطينيين مع المؤيدين لإسرائيل
واندلاع المظاهرات المناهضة لإسرائيل في أنحاء متفرقة من العالم بما فيها
أمريكا وإسرائيل. لذلك دعت فرنسا إلى هذا الاجتماع واستثنت كلا من مصر
وإسرائيل وحماس من الاجتماع لتعنت الثلاثة الأطراف في مواقفهم. فنتنياهو
متشبث بالمبادرة المصرية رغم رفض حماس لها. وهناك تعنت من الجانب المصري،
رغم تأكيده مرارًا أن المبادرة ما زالت على الطاولة، ورغبة مصرية إسرائيلية
مشتركة في نزع سلاح المقاومة. وهذا يثبت أن مصر طرف في النزاع وليست
وسيطًا.
الدلالة الخامسة
كما يراها عبد العال: هي سوء الوضع العسكري لإسرائيل بعد تعذر القضاء على
الصواريخ والأنفاق، وفشل عملية اقتحام غزة بسبب شدة المقاومة الفلسطينية
وفداحة الخسائر الإسرائيلية في الأرواح، وإرغام الإسرائيليين على اللجوء
إلى الملاجئ، وتوقف حركة الملاحة الجوية من وإلى إسرائيل. كما تزايدت حالات
رفض الجنود الإسرائيليين الذهاب إلى غزة. لذلك تحركت فرنسا وأمريكا لإنقاذ
إسرائيل واستثناء مصر لتشبثها بهذه المبادرة البالية وتعنتها مع الجانب
الفلسطيني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق