الأحد، 2 أكتوبر 2016

"جاستا" يهدد عرش السعودية.. والكونجرس يلوِّح بالتراجع

"جاستا" يهدد عرش السعودية.. والكونجرس يلوِّح بالتراجع

02/10/2016 
 
بعد ساعات من إقراره سارعت أرملة أحد ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001، للاستفادة من قانون "جاستا" المثير للجدل والذي يسمح بمقاضاة السعودية تحت ذريعة الحرب على الإرهاب. وقامت الأرملة بالذهاب إلى مقر البنتاجون ورفع دعوى قضائية ضد السعودية .
 
وبحسب وكالة بلومبرغ الأمريكية، فقد تقدمت السيدة ستيفاني روس بدعوى قضائية في واشنطن تتهم فيها السعودية بتقديم الدعم المادي لمنفذي الهجمات الإرهابية والتسبب في مقتل زوجها الضابط البحري باتريك دون، إذ كانت حاملا عندما لقي زوجها حتفه في الهجمات.
 
كما ذكرت بلومبيرغ أن لجنة أمريكية قامت بالعديد من التحقيقات في عام 2004 أثبتت عدم صلة السعودية بالهجمات إلا أن اللجنة الأخرى التي شكلها الكونغرس أشارت إلى احتمال تلقي منفذي هجمات 11 سبتمبر دعما من أحد المسؤولين السعوديين مما أتاح للكونغرس أن يمرر قانون مقاضاة السعودية على الرغم من اعتراض البيت الأبيض.
 
تراجع الكونجرس
 
وقد تراجع الكونجرس الأميركي عن موقفه تجاه فيتو الرئيس باراك أوباما ضد قانون "جاستا"، إذ أبدى كل من زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكوونل، ورئيس مجلس النواب، بول رايان، استعدادهما لإجراء بعض التعديلات على القانون لحماية الجنود والدبلوماسيين الأميركيين من التعرض لملاحقات قانونية في الدول الأجنبية.
 
وقال ماكوونل "أعتقد أنّه من المفيد إجراء مزيد من النقاشات لتفادي التداعيات المحتملة للقانون"، فيما شدد رايان على الكونغرس بضرورة تعديل القانون لحماية القوات المسلحة الأميركية بشكل خاص.
 
وتوقّع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، بوب كوركر، أنّ يعقد الكونجرس جلسة لتعديل القانون بعد الانتخابات الأميركية في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مشيراً إلى أنّه حاول إجراء تسوية مع إدارة أوباما، حول صيغة مقبولة للطرفين لكن البيت الأبيض رفض عقد اجتماع.
 
في المقابل، سخر المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش ارنست، من موقف أعضاء الكونغرس، معتبراً أنّهم خلال دقائق غيّروا مواقفهم من إسقاط الفيتو الرئاسي، إلى القبول بتعديل القانون.
 
أما السيناتور الديمقراطي عن نيويورك، وعرّاب قانون مقاضاة السعودية، شوك شومر، فلفت إلى أنّه كان منفتحاً على إعادة النظر بالقانون، معرباً عن استعداده لبحث أي اقتراح لا يلحق ضرراً بضحايا هجمات سبتمبر/أيلول.
 
كما أكد شومر أنّه سيرفض اقتراحاً بحصر القانون بهجمات 2001 على واشنطن ونيويورك، مشيراً إلى أنّ ذلك يعني القول للسعوديين، افعلوها مرة أخرى ولن نعاقبكم.
 
جاستا في 10 نقاط
 
ولكي يتسنى للقارئ فهم القانون نقدم 8 معلومات مهمة عنه:
 
1ـ يستند داعمو القانون إلى أن مواطنين سعوديين كانوا ضمن خاطفي الطائرات التي هاجمت الولايات المتحدة في أحداث 11 سبتمبر، إلا أنه حسب لجنة التحقيقات الأمريكية المستقلة التي حققت في الهجمات لا دليل يثبت ضلوع الحكومة السعودية أو أي من مسؤوليها في تمويل الإرهاب.
 
2 ـ رفض الكونجرس الأمريكي، بأغلبية ساحقة الفيتو الذي استخدمه الرئيس باراك أوباما ضد القانون، وهو أول فيتو يتم إسقاطه خلال فترة حكم أوباما.
 
3ـ يحمل القانون الجديد صمام أمان، حيث يسمح للنائب العام الأمريكي بالتدخل لوقف متابعة أي قضية بموجبه إذا شهد وزير الخارجية على أن الولايات المتحدة تجري محادثات بحسن نية مع الدولة المتهمة، ومثل هذا البند يوفر "القدرة على وقف دعاوى قضائية محددة".
 
4 ـ   القانون سيفتح أبوابا كثيرة أمام قوانين مشابهة ستطال الولايات المتحدة ودول أخرى، وسيكون من الصعب أن تصمد هذه الإجراءات أمام العلاقات والمصالح الاستراتيجية للدول.
 
5ـ من شأن قانون "جاستا" الجديد أن يضع دولا كثيرة في مرمى دعاوى التعويضات الأمريكية دون أن يكون لهذه الدول أي علاقة بجماعات أو أفراد متهمين في أعمال إرهابية. وليست الولايات المتحدة فقط التي يمكن أن تتورط في هذا الشأن فالعديد من الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا لديها عمليات خارج حدودها، كما أن روسيا المتورطة في حرب مباشرة في سوريا دون قرار من مجلس الأمن، تدخل ضمن ذات السياق.
 
6 ـ . يخالف القانون الجديد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، وأسس العلاقات الدولية القائمة على مبدأ المساواة في السيادة، وحصانة الدولة والاحترام المتبادل وعدم فرض القوانين الداخلية على الدول الأخرى.
 
7 ـ مدير المخابرات المركزية "سي. آي. أيه" جون برينان، حذر من أن القانون سيكون له "تداعيات خطيرة" على الأمن القومي الأمريكي، وقال "النتيجة الأشد ضررا ستقع على عاتق مسؤولي الحكومة الأمريكية الذين يؤدون واجبهم في الخارج نيابة عن بلدنا، فمبدأ الحصانة السياسية يحمي المسؤولين الأمريكيين كل يوم وهو متأصل في المعاملة بالمثل".
 
8 ـ بإمكان السعودية الرد على القانون بأساليب كثيرة من شأنها أن تضع مصالح الولايات المتحدة، بحسب الخبراء، مثل منع السماح وإجازة التحليق بين الأجواء الأوروبية والآسيوية واستخدام قواعد عسكرية في المنطقة تعد ضرورية لعمليات الجيش الأمريكي في أفغانستان والعراق وسوريا.
 
كما يمكن للسعودية تجميد الاتصالات الرسمية وسحب مليارات الدولارات من الاقتصاد الأمريكي وإقناع أشقائها في مجلس التعاون الخليجي على الحذو حذوها واتباع سياستها التي قد تشمل تجميد التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادي والاستثمار والسماح للقوات المسلحة الأمريكية باستخدام قواعد المنطقة العسكرية.
 
وكان معهد باترسون للاقتصاديات الدولية أن حجم الأصول الرسمية السعودية في الولايات المتحدة بين 500 مليار دولار وتريليون دولار. وتمتلك المملكة 96.5 مليار دولار في أصول تحت إدارة وزارة الخزانة تجعل منها المستثمر رقم 15 في لائحة مالكي أصول الخزانة الأمريكية، كما تملك الحكومة السعودية سندات من ديون الخزانة الأمريكية قيمتها 117 مليار دولار، ويرجح امتلاكها أصولا إضافية غير مدرجة في البيانات المودعة لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك.
 
خيارات السعودية
 
ويقول الباحث في العلاقات الدولية سالم اليامي إن أكثر الخيارات المطروحة هو تخفيف التعاون الأمني بين الجانبين، والذي شهد تناميا وتنسيقا عاليا في السنوات الماضية خصوصا في مكافحة الإرهاب.
 
كذلك بإمكان السعودية تقليص التعاملات التقليدية في الاستثمار والتجارة، والاعتماد على منتجات دولية ومحلية، وهو أمر مبرر بعد أن "فقدت العلاقات بين البلدين وديتها ومرونتها".
 
كما يعتقد أن صانع القرار السعودي قد يلجأ إلى أدوات مفاجئة، خصوصا أن الرياض قد لوحت خلال مناقشة القانون في إبريل الماضي بسحب أرصدتها من النظام المالي الأميركي.
 
وتبدو الخيارات كثيرة أمام السعوديين، لكن الواقعي منها محدود من وجهة نظر المحلل والكاتب السياسي خالد باطرفي.
وأول هذه الخيارات "المضي في تنويع شراكاتها وتحالفاتها الدولية والتي أثارت الحساسية الأميركية في السابق وربما ساهمت في اللجوء إلى هذا القانون للابتزاز ومحاولة السيطرة، فالاتجاه شرقا وشمالا يعني مزيدا من بناء الجسور مع القوى العالمية العريقة والصاعدة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق