هاني الشناوي.. صائم عَبَر بـ"مخه" للجنان في أربعينية أكتوبر
07/10/2016
لم يشأ الانقلاب إلا أن يلوث ذكرى 6 أكتوبر، فبات أكتوبر العبور والانتصار هو نفسه أكتوبر الذي وقف فيه عتاة الإجرام يرتدون زي الجيش، يفجرون فيه أدمغة من يحبون وطنهم ويفدونه بما غلا عندهم من أرواحهم.
ففي الذكرى الـ43، استعاد المئات مخ هاني الشناوي، الشهيد الصائم، الذي فجره النظام البائد، لا سيما من شارك في مسيرة شارع التحرير بمنطقة الدقي، في 6 أكتوبر 2013، وجميعهم هاله جلجلة "الجرينوف"، وبعضهم – ومنهم هاني الشناوي- خطفته إحداها لتفصل مخه عن جمجمته.
هو هاني محمد حسن الشيخ، خريج كلية العلوم دفعة 1996 قسم الفلك، شيعت جنازته من مسجد الرحمة بالطالبية بمحافظة الجيزة.
جنازة مهيبة شارك فيها الآلاف، زفوا الشهيد الشناوي، 40 سنة، مسؤول جماعة الإخوان المسلمين بالطالبية، إلى جوار ربه، شاكيا عسكر مصر الذين شطروا رأسه، تزاحم المشيعون، لم يرهبهم هول ما رأوا من المشاركة، ومؤازرة زوجة ثكلى وأبناء باتوا أيتاما، صورهم تكفي للتعبير عن الفجيعة، ونفوسهم لا تنفك بحثا عن أبيهم الحنون طالب الجنان.
يوم عصيب
صفحات منها رابطة الإخوان بالعالم نعت الشهيد، وقال أدمن الصفحة "أشهد الله أني ما رأيت صاحب هذا #المخ إلا وهو يستخدمه في التفكير لدين الله.. والعمل على نصرة شرع الله.. وتذكير إخوانه بطاعة الله.. وقضاء حوائج الناس ابتغاء مرضاة الله".
أما ياسر حسن فقال: "هو أصعب يوم عشته في حياتي، ترك في نفسيتي آلاما شديدة وانهيارا شديدا في كل القيم، يومها قررت العزلة عن الناس، ولم أتحمل أبدا أن أرى بعيني مخ إنسان اتفجر وهو بين أيدي إخوانه، سأله أخوه يوم استشهاده وهو صائم، ماذا سنفطر اليوم؟ فقال يا ترى أهل رابعة ماذا يفطرون اليوم؟ فلقى ربه شهيدا صائما، وترك هذه الدنيا الكاذبة إلى حياة الصادقين، لم أعش معه طويلا ولكني لم أره سوى إنسان زاهد في هذه الحياة طيب الخلق".
عاصر نشاطه
يحكي الصحفي أحمد زين، خريج دار العلوم، عن أن هاني الشناوي كان من أنشط طلاب جامعة القاهرة نشاطا طلابيا، في التسعينيات، يذكره مسؤولو العمل الطلابي بقولهم: "خلاص هاني هيعملها"، فكان هاني الشناوي موجودا في "تجهيز صوتيات لمسيرة طلابية"، و"حجز أتوبيس رحلات"، و"إعداد وجبات لمعتصمين"، و"نشاط للجوالة، وتركيب خيام وتجهيزات تحتاج فحت وردم".
وعن مصريته يقول "زين" عنه: "شاب أسمر، نحيل الجسد، متوسط القامة، له شارب صعيدي، وملامح هادئة ومصرية".
ويضيف "كان هاني الشناوي يبدو مشغولا ومهموما دائما، لكن بمجرد أن تبتسم له، ستتسع ابتسامته صافية رقيقة هادئة.. كان يعمل نجارا ويأكل من عمل يده، وأن مهاراته الفنية واليدوية تعكس موهبة متفردة".
وعن زهد الظهور، يقول أحمد زين: "بينما كان بعض نجوم العمل العام في الجامعة يستعدون لإلقاء كلمات أو مقابلة العمداء أو التفاوض مع رجال الأمن، كان هاني الشناوي يجري هنا وهناك على الأرض، يحل مشكلة، وينظم الصفوف، ويتأكد أن العمل يجري على أتم وجه مع من كانوا مثله في الصفوف الخلفية"، فهؤلاء برأيه "شغيلة وأشداء ومنجزين، لكنهم كانوا الروح الحقيقية للعمل بعيدا عن خاطفي الأضواء".
وعن إصراره على تجويد العمل، يقول: "لم تسند مهمة لهاني يوما ورفضها، ولم أسمع عن مهمة تخصه فشلت، كان ينجزها على أتم وجه.. لم أر هاني ولم أسمع منه منذ العام 1998، لكن في مسيرة يوم 6 أكتوبر 2013 رأيت صورة لشاب يحمل مخا بشريا بيديه، علمت أن هذا ما تبقى من رأس هاني الشناوي زميلي القديم".
وبمشاعر من الحنق على القاتل، يصف أحمد زين، مآلات مقتل هاني الشناوي، فمن قتله "مجرم يرتدي زيا عسكريا، برصاصة يتساوى أثرها مع دانة مدفع صغيرة"، ولماذا مات؟ فيجيب: "مات وهو يعترض على السفاح الذي يحكم مصر، لم يلق طوبة ولم يتهاوش مع عسكري، خرج لا يملك إلا كلمة الحق التي أطلقها بصوته الأعزل، ومات لأنه قال كلمة حق عند سلطان جائر وغشوم".
ثم يقر أحمد زين حقيقة، أنه "بمثل هاني الشناوي لا يزال العالم بخير، الذي يخرج لقول الحق رغم أن النظام الغاشم إذا سقط فأنا متأكد أن هاني لم يكن ليصبه شيء من حظوظ الدنيا، لن يكون وزيرا ، ولا مديرا كبيرا، سيظل مع الناس العاديين يدعمهم ويشد من أزرهم ويساعدهم ويخدمهم".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق