الاثنين، 2 مارس 2015

أصل مشكلة الإخوان بقلم : أحمد طه

أصل مشكلة الإخوان

بقلم: أحمد طه
أصل مشكلة الإخوان
في سؤال مذيع قناة مكملين أمس ( 26 /11/2014 م) للشيخ وجدي غنيم، تعقيبًا على قول الشيخ وجدي بكفر وردة السيسي.. قال المذيع: أليس الإخوان تعاملوا مع حسني مبارك، والمجلس العسكري، أليس من عيّن السيسي هو الرئيس مرسي.. فكيف يستقيم قولك هذا مع مشاركة الإخوان لهم الحكم والحياة السياسية ؟!!
فأجاب الشيخ وجدي بأنه يُكفر كذلك حسني مبارك.. ثم قال عن السيسي: إنه جاء إلى الرئيس مرسي وخلع رتبته العسكرية من على كتفه، ووضعها على مكتب الرئيس وقال له رتبتي وحياتي فداء للمشروع الإسلامي!! وأردف الشيخ وجدي قائلاً: "من خدعنا بالله، انخدعنا له" ثم قال أيضًا: أنه لا يجوز للمسلم أن يلدغ من جحر مرتين! وعلى القيادات التنحي وترك الأمر للشباب.
فهل حقًا هذه هي المشكلة: "من خدعنا بالله، انخدعنا له" ؟!
يحسب كل أعضاء جماعة الإخوان، وتحسب الغالبية العظمى من الحركة الإسلامية.. والرافضين للانقلاب أن القضية مسألة "شخص" خدعنا بالله.. والحقيقة المسألة أشد خطورة وفداحة من ذلك بكثير، ولعل هذا التصور الساذج المحدود هو الذي يجعل الإخوان تكرر نفس أخطائها بطريقة مطردة ثابتة "نسخة كربونية" ولعل هذا الخطأ هو "أصل المشكلة" كلها !!
فالقضية ليست في "شخص" وليست في مسألة "خداع".. إذن ماذا هي القضية وأصل المشكلة؟!
دعونا نُبين تاريخ موقف الإخوان من الحكومات:
- في فترة عبدالناصر: ورغم وحشية هذا الطاغوت، وفتكه بالإخوان.. إلا أن الإخوان لم تُكفره ! بل وترحمت عليه عند موته !
-  في فترة السادات: ورغم أنه كان قاضيا عسكريًّا في فترة الطاغوت عبدالناصر.. وحكم على كثير من الإخوان بالإعدام.. إلا أن الإخوان دخلت معه في "اللعبة السياسية".
 - في فترة حسني مبارك: ورغم أن هذا الملعون الطاغوت.. أفسد كل شيء في مصر، والخادم الأوفى لليهود، قال عنه المرشد: إنه أب لكل المصريين، ولم يروا غضاضة في ترشيح جمال مبارك، طالما سيأتي من خلال الصندوق !!

- في فترة المجلس العسكري: ورغم أنه مجلس عسكر خادم اليهود مبارك.. وأنه قتل ما قتل من الشباب، وسرق ما سرق من احتياطي البنك المركزي، فضلاً عن أنه يسرق نصف الاقتصاد المصري، ويستعبد شباب مصر لخدمته.. قالوا عنه: إن الجيش حمى الثورة، والجيش والشعب إيد واحدة !!
- في فترة السيسي: ورغم المجازر الوحشية التي ارتكبها هذا الطاغوت المُهان، وحشية لم تعرفها مصر من قبل.. حُرّق فيها الناس أحياء، وقُتل الرضع والأطفال، ودنست المصاحف، وهدمت المساجد.. خرج الإخوان بتصريح رسمي بعد المجزرة بعشرة أيام يقولون فيه عن السيسي وزمرته: "إخواننا بغوا علينا" والقضية ليست لها علاقة بالإيمان والكفر !!
إذن المسألة ليست في "شخص" بل هي مطردة تأتي من عقيدة.. فما هذه العقيدة؟! نترك المرشد يتكلم بنفسه عن هذه العقيدة:
"سأل عمرو الليثي - في برنامج "90 دقيقة" - مرشد الإخوان فيقول: "في بعض الأصوات من داخل  الإخوان كفروا الليبراليين"..
فأجاب المرشد محمد بديع نصًا: "لا يمكن.. هأقول لحضرتك على حاجة، أي إنسان من الإخوان يلفظ بهذه الكلمة، مردودة عليه بحكم الله، إن قالها لأخيه.. فقد صارت إليه، إن لم تكن فيه..
إنما أنا بقول على حتة للتاريخ.. أنا شاهد عليها، في واحد قال: "لو ربنا نزل من السماء هأحطه في زنزانة وأقفل عليه".. والله هذا حدث، هأقولك بقى (كفروه بعض إخوانا) طبعًا.. شمس بدران، وحمزة البسيوني، وصلاح نصر.. نماذج فَجرت، قتلت، عذبت الأطفال أمام آبائهم، ضربت النساء بالكرابيج.. أدخلت الكلاب مع الشيخ محمد الأودن عالم من علماء الأزهر الشريف - رحمة الله عليه - اتنين وتمانين سنة، تملأ زنزانته بالميه، وتدخل معاه الكلاب ! ويعيش على هذا الحال..
هذه النماذج لما قالت هذه الكلمات: "لو ربنا نزل من السماء هأحطه في زنزانة وأقفل عليه" الإخوان اللي سمعوا الكلمتين دول، راحوا للأستاذ المرشد في المستشفى في السجن، وقالوا له: "الناس دي كفرت" قال لهم - أي المرشد - : "بس، أقف عندك ! هذا قول كفر، أو عمل كفر.. أما صاحبه فليس بكافر.. هذه ليست لك، الذي يحكم عليها هو الله" فهل يعقل إن الإخوان تطلع كتاب اسمه "دعاة لا قضاة" أنا كنت واحدة من الأربعة اللي كتبوه بخط إيديهم... واللي بعت النسخة الأولى بتعته الأستاذ الهضيبي المرشد الثاني لجماعة الإخوان المسلمين الأستاذ حسن الهضيبي.. هذا الذي رفض أن يُكفر من قتلنا، وسجننا، وعذبنا، أيكفر آخر على رأي؟" )) ا.هــ المصدر: [ التفريغ النصي للقاء مرشد الإخوان مع عمرو الليثي في برنامج "90 دقيقة" بتاريخ 05/12/2011.. من الدقيقة: ( 1:12:11 إلى 1:14:01) ] رابط الفيديو: [https://www.youtube.com/watch?v=ePZALfiojRw]
وقولهم هذا: "هذا قول كفر، أو عمل كفر.. أما صاحبه فليس بكافر" هو نفس عقيدة غلاة المرجئة، والجهمية.. إذ أنهم يشترطون للكفر الأكبر الجحود والتكذيب القلبي والاستحلال !! فعندهم يوجد كفر لكن لا يوجد كفار حتى ننظر في قلب كل مرتكب للمكفرات !! فخالفوا اعتقاد أهل السنة في ذلك.
وما قاله المرشد - وما يعتقده الإخوان - هو عقيدة أهل البدع من "غلاة المرجئة والجهمية" وهذه العقيدة للأسف التي عليها الغالبية العظمى من الحركة الإسلامية - "قيادات وأتباع" - وعليها كذلك غالبية أهل مصر !! وهي السبب في ما نحن فيه الآن ! بل إن هذه العقيدة الخطيرة البدعية تتطور أحيانًا لاعتبار النصارى ليسوا كفارًا!! لأنهم مصريين !
ولعل طبيعة عقيدة الإرجاء.. تتناسب مع طبيعة أهل مصر المسالمين.. الذي يتجنبون الصدام، ويميلون إلى الموادعة، والملاطفة، والتوافق.. فصادفت هذه العقيدة البدعية ما عليه القوم.. ولعل هذه الموادعة والمسالمة أتت من طول فترة الفرعونية والاستبداد الطاغوتي الوحشي الذي كان يفتك بالمصريين بلا رحمة، ولما لم يجدوا أمامه حيلة وعجزوا عن مقاومته وصده، تم التكيف معه، وقبوله، والتعايش معه، ثم "التبرير" له، ثم "التعلق" به، ثم "حبه ونصرته"، ثم "الإحسان" إليه..!
وأصبح عند المصريين كل دعوة للكفر بالطاغوت وجهاده هي: "غلو - تطرف - تكفير - عنف - إرهاب" هو شيء غريب على "الروح المصرية، والعقيدة المصرية، والطبيعة المصرية" فأصبح المصرين هم حماة الطواغيت، وخدمهم !!
عقيدة الإرجاء عند الإخوان مثلت لهم أعقد إشكالية يعجز الناظر إليهم أن يفهمها !
إن عقيدة الإرجاء: هي عقيدة التفلّت من الفروض، وفعل الذنوب.. طالما أن الشخص سيظل مؤمنًا مهما فعل - حسب عقيدة الإرجاء - وأن عمله لن يقدح في إيمانه.. وهي دين الملوك، ودين كهنة السلطان، وهي من أشد البدع خطورة على الدين.. ولكن الإخوان لا تتفلت من الفروض، ولا هي تخضع للملوك.. ولا هي تجاهدهم كذلك ! إنها "تتصارع معهم سياسيًّا وبرجماتيًّا" فتارة توافقهم، وتارة تنافسهم، وتارة تنقم عليهم، وتارة ترفع قدرهم.. ويقولون: "إنها السياسة المتغيرة.. والسياسة فن الممكن" !!
هنا أصل المشكلة كلها! وهنا موطن التناقض العجيب والغريب بل والفريد في الشخصية الإخوانية:
فهم من حيث المعتقد: عقيدة غلاة المرجئة والجهمية.
ومن حيث العبادات: عمل أهل السنة.. فيلتزمون الفرائض من صلاة وصيام وعبادة.. بل والنوافل.
ومن حيث السياسة: برجماتية قذرة.. لم تفلح يومًا في شيء! "إرجاء سياسي خطير"، بالإضافة إلى سلوك "المسار الديمقراطي" وهو - ولا شك - راية جاهلية ما أنزل الله بها من سلطان.
ولهذا تجد تضحيات الإخوان ليس لها مثيل: 15 ألف سنة سجن لأعضاء الإخوان.. كانت كافية أن تبني عشرات الحضارات! وفي نفس الوقت.. لا قيمة ولا أثر ولا نتيجة لهذه التضحيات لأن "الإرجاء السياسي والإيماني" والبرجماتية تمحق كل ذلك.. وتجعلهم في حلقة مفرغة من محطة دائمة لا تتوقف لتفريغ الطاقات.. وحرق الشباب والأجيال والثروات! وكثرة التضحيات لن تصحح المعتقد الفاسد، ولن تُبلغ الطريق! بل البداية هي في القلب والعقل.. البداية في: التوبة من بدعة الإرجاء، والتوبة من الإيمان بالطاغوت.
والأخطر من ذلك.. أنه رغم عظيم المصائب التي فيها الإخوان، ورغم السيناريو المتكرر لها.. إلا أنهم لا يرون "أصل المشكلة" ولا يدركون "سبب المرض".. يحسبون أن القضية في "شخص" "خدعهم"!! وهذه مسألة خطيرة تؤكد أن الإخوان - إذا ظلوا دون توبة وتصحيح للعقيدة - أنهم في انتظار "الشخص المخداع" الجديد الذي سيكرر معهم نفس الخديعة المستمرة طوال تاريخهم !
إن القضية ليست في الاجتهاد في تكفير شخص ما! القضية هي الكفر بالطاغوت.. كل الطاغوت.. القضية هي أن الحُكام هم مخلفات الاحتلال الصليبي.. وخدمه وعبيده، وفي حالة من "الكفر البواح" سواء أحسن هذا الحاكم لشعبه أو لا..
والقضية كذلك ليست مجرد تغيير قيادات الإخوان الحالية واستبدالها بالشباب، فإذا كان الشباب على نفس عقيدة القيادات، فالفشل والكوارث والخسارة هو النتيجة الحتمية ولا شك.
القضية هي الكفر بالطاغوت.. والإيمان بالله وحده لا شريك له، إيمانًا خالصًا من "المصلحة" الخاصة بالجماعة، وخالصًا من "العصبية الجاهلية" للحزب، وخالصًا من "أهواء" البشر، وتوهمات الفكر، وخالصًا من لوثة "العلمانية" الضاربة في قلوب وعقول المصريين !
القضية أنه لا حل إلا بـ "الجهاد في سبيل الله" لتحطيم الطاغوت وقوى الطاغوت ! ولكن ما أن يسمع المصريون كلمة "الجهاد" إلا ويصطدم ذلك بتاريخ وطبيعة الشخصية المصرية التي تميل إلى الموادعة والمسالمة.. الشخصية العاطفية الغارقة في الانحراف العاطفي التي تأسى على الجلاد، وتحزن لموت الطاغية !!
القضية هي أن الجهاد حتى يقوم لا بد وأن يتطهر العقل المصري من "عقيدة الإرجاء" حتى يمكنه المعتقد الصحيح من "الكفر بالطاغوت" فطالما هو مؤمن بالطاغوت.. يستحيل عليه أن يجاهده ويقاتله، بل وحتى مقاومته سلميًّا !
القضية ليست في استضعاف، ولا تسليح، ولا كوادر، ولا مال.. فتعداد الإخوان بالمحبين والمناصرين يصل في مصر إلى حوالي 5 ملايين.. منهم مليون شخص منتظم ويدفع اشتراكات !! وهذا العدد كافي لتحرير الأمة كلها وليس مصر فحسب!
القضية في الأصل.. القضية في الجذور.. القضية في أصل الدين.. القضية في "الإيمان بالطاغوت.. ومشاركة الطاغوت، ومداهنة الطاغوت.. والسلمية مع الطاغوت" فتكون النتيجة: إعطاء الشرعية للطاغوت.. واستمراره، وبقائه من جانب، وازدياد تضحيات الإخوان وعبث الإخوان.. وحرق طاقات الشباب.. الأمر المطرد منذ أكثر من 60 سنة !
والحل: هو التوبة من عقيدة أهل البدع.. أهل الإرجاء، والكفر بالطاغوت.. كل الطاغوت، والإيمان بالله وحده لا شريك له، ثم الجهاد في سبيل الله لقتال الطاغوت وجنده، وإقامة دين الله وشرعه وحدوده.
ولا بد من تبديد الظلمات:
ظلمات العصبية الجاهلية: التي تعمي المرء عن رؤية شيء.
ظلمات تقديس الجماعة: واعتبرها حامية حمى الإسلام.
ظلمات فساد العقيدة: عقيدة الإرجاء التي تعتبر الطواغيت إخوة لهم.
ظلمات الاختراق الفكري: وتعطيل الجهاد.. والإيمان بالديمقراطية.
ظلمات الاختراق الأمني: والعبث بهم.. من أصغر لأكبر أجهزة الاستخبارات.
ظلمات القومية: والإيمان بالحدود، ومخلفات سيكايس بيكو، واحترام قوانين الصليب الدولي.
ظلمات الاستضعاف: والعيش في اللطميات والبكائيات والتلذذ بالخضوع للأقوى، والتزلف له.
{ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ } [النور : 40]
*  *  *
وأخيرًا: أخشى أن يكون لقاء الشيخ وجدي غنيم على قناة مكملين.. هو نوعًا من "البرجماتية السياسية" أيضًا.. كأن يكون كلام الشيخ مقصودًا به عندهم ليس البحث عن الحقيقية، وإحقاق الحق.. وإبطال الباطل.. وإنما نوعًا من "التسخين" اللازم بعد البرودة الملحوظة في حراك "تحالف الشرعية" !!
فاللهم اهد شباب الإخوان، وبصرّهم طريق الحق.. واجعلهم على صراطك المستقيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق