عندما ترافع الكتاتني
بقلم: د. عز الدين الكومي
من تابع
مرافعة الدكتور محمد سعد الكتاتني أمام محكمة الجنايات التي تنظر هزلية
وادي النطرون يعلم تماما كيف تتعامل عصابة الانقلاب مع معارضيها حتى بعد أن
زجت بهم في غياهب السجون والمعتقلات، لن تتركهم فيما هم فيه من معاناة
الاعتقال والإهانة والإساءة إليهم وبعدهم عن أهليهم وذويهم إلا فيما تسمح
به من زيارات لا تتجاوز الخمس دقائق بعد معاناة التسجيل وإتلاف الأطعمة
وإفسادها والعبث بها، مما يجعل النفس تتقزز من أكلها، فضلا عن منع الأدوية
الضرورية التي يحتاجها هؤلاء، وجلهم من المرضى أصحاب الأمراض المزمنة.
لذلك
وقف الأسد الهصور في صمود أسطوري وشمم يتلو آيات الله وكله ثقة بالله لأنه
لم يجرم في حق أحد، ولكن جريمته أن ومن معه من الأحرار يأبى الضيم والذل
والخنوع رافع الرأس، لا يعبأ بالمحكمة ولا بما تمارسه من كذب وتهريج ونفاق
وظلم وعسف وتدنٍ أخلاقي ومهني، ومستنقع سقوط ليس له مثيل إلا في محاكم
التفتيش؛ حيث فند الدكتور الكتاتني أباطيل سلطة الانقلاب التي ذهبت راغمة
إليه في السجن لتعرض عليه المصالحة بقبول الدية في شهداء رابعة والنهضة.
وهذا
اعتراف صريح من هذه السلطة المجرمة والتي لم ترع حرمة للدماء ولا المساجد..
ففعلت كل ما فعلت وها هى تطلب من الكتاتني باعترافها بالقتل بأن تدفع
الدية مهما بلغت.
ثم ما
دخل الكتاتني بقبول الديات من عدمه؟ وهل الكتاتني هو ولي الدم عن كل شهداء
رابعة والنهضة؟ إن الكتاتني بحكم أنه رئيس البرلمان هو الممثل الشرعي للأمة
وهذا اعتراف آخر بشرعيته.
وإن هذه
الجريمة هي من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم القتل خارج إطار القانون،
ناهيك عن التمثيل بالجثث وحرقها وإشعال النار في المساجد والإجهاز على
الجرحى والمصابين بالرصاص الحي وجرف الجثث بالجرافات ونقلها إلى مقابر
جماعية في معسكرات الجيش في ألماظة، كما ثبت بشهادة شهود عيان بثتها قناة
الجزيرة مباشر مصر في حينها.
وكان رد
الكتاتني واضحا أنه "لا اختصاص لي بذلك"، وهذا يقودنا إلى الموقف الصلب
لجماعة الإخوان المسلمين والذي أربك حسابات داعمي الانقلاب على المستويين
الإقليمي والدولي والذين تصوروا أن القضاء المبرم على هذه الجماعة لن يحتاج
لأكثر من أسبوعين على الأكثر ولكن هيهات!! كما أربك شركاء الانقلاب في
الداخل وكلهم لا مكان له إلا في ظل حالة الهمجية البربرية تمارسها سلطة
الانقلاب والذين لا مكان لهم إلا في ظل غياب جماعة الإخوان المسلمين ومن
معها في تحالف دعم الشرعية.
كما أن
جماعة الإخوان المسلمين لا يمكن أن تخون شعبها الذي منحها ثقته في كل
الاستحقاقات التي خاضتها والتي كتب من خلالها شهادات الوفاة للأحزاب
الكرتونية والهلامية والتي لا وجود لها إلا في ظل حكم العسكر حتى قال
قائلهم (نار العسكر ولا جنة الإخوان)، ولا تخون دماء الشهداء ولن تقبل إلا
بالقصاص من القتلة مصاصي الدماء، ولن يهدأ لها بال إلا عندما ترى كل عصابة
الانقلاب معلقين على أعواد المشانق، وأنها تعتبر مجرد التفكير في قبول
الدية مهما بلغت خيانة لدماء الشهداء وخيانة للوطن، فضلا عن أنها خيانة لله
وللرسول.
أوضح
الكتاتني خلال مرافعته أن هذه الهزلية هي قضية سياسية مهما حاول النظام
الانقلابي تسويقها على أنها جنائية، مع أن الواقع والأدلة وتسلسل الأحداث
منذ ثورة يناير وحتى وقوع الانقلاب لا تقدم دليلا واحدا على صحة مزاعم
الانقلاب إلا من باب -معزة ولو طارت-.
كما
أوضح من جانب آخر فضيحة من فضائح الشامخ حيث قال ذكر سبب حل الإدارية
العليا لحزب الحرية والعدالة، مؤكدا أنه ليس كما جاء بالصحف من أنه حزب
أُسس على أساس ديني وإنما لأنهم استندوا لما قررت في محضر تحقيقات نيابة
أمن الدولة بأن ما حدث يوم 3 يوليو 2013 هو انقلاب على الرئيس الشرعي، ولا
أعترف بالرئيس المؤقت.
وقال
الدكتور الكتاتني إن المستشار أيمن بدوى جاء سجن طره، في محاولة التشاور
للوصول لحل للاحتقان السياسي الموجود بالبلاد، حيث طلب مني التدخل لقبول
الدية من الدولة في شهداء فض اعتصام رابعة العدوية، مؤكدا أن الدولة تستطيع
أن تدفع أكبر دية ممكنة لفك الاحتقان، وملوحا بأن أهالي الشهداء لن
يستطيعوا الحصول على أي تعويضات من الدولة من خلال القضاء، حيث إنه لن يحكم
لهم بأي تعويضات، هذا كلام قاضٍ من قضاة جهنم حيث أصدر أحكامه بأن الشامخ
سوف يهدر دماء كل الشهداء، ودليل ذلك أنه إلى الآن لم يجر أي تحقيق واحد في
كل الجرائم التي ارتكبت ضد المعتصمين والمتظاهرين منذ الانقلاب المشئوم
وحتى وقتنا هذا.
والسؤال
هنا إذا كانت هذه الجماعة إرهابية ولا بد من القضاء عليها كما توعد بذلك
قائد الانقلاب لماذا يذهب المستشار أيمن بدوى لمقابلة الإرهابي الدكتور سعد
الكتاتني ويطلب منه التدخل لإنهاء الاحتقان وقبول الدية مهما بلغت؟ وهل
يصح مقابلة الإرهابيين والتفاوض معهم وهم ليس لهم إلا القتل والتشريد
والتنكيل؟ ألا يعتبر هذا تناقضا وتخبطا من سلطة الانقلاب والتي أصدرت
تصريحات سابقة على لسان قائد الانقلاب تعهد فيها بالقضاء على جماعة الإخوان
المسلمين.
وهكذا
يستمر أهل الباطل في غيّهم وضلالهم ظنا منهم أنهم كسبوا الجولة، وهذا هو
حالهم في كل زمان ومكان يزينون الباطل ويزخرفونه ويشوهون الحق وينفرون
الناس منه، ماذا تقول لقوم يقتل بينهم ثلاثة من خيرة الشباب تحت سياط
التعذيب فلا ينطق منهم أحد في الوقت الذي مات فيه كلب فراحوا يحشرجون
ويصرخون ويصفون من فعل هذه الفعلة بأنه لا قلب له.
وسوف يذكر التاريخ أن الدكتور الكتاتني الأسير وقف شامخا في وجه أحد أعوان الطاغوت لا يبالي به ولا بوشاحه الأخضر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق