السبت، 28 فبراير 2015

في الذكرى الرابعة لرحيل الأستاذ نجم الدين أربكان بقلم: هيثم العابد



في الذكرى الرابعة لرحيل الأستاذ نجم الدين أربكان
  
بقلم: هيثم العابد
في 27 فبراير 2011 ترجّل الفارس الملقّب بأبو الإسلام السياسي في تركيا وأول رئيس حكومة إسلامي في تاريخها الحديث الذي ظل لسنوات أبرز رجل سياسي إسلامي في العالم.
 
وكان سر تميّز أربكان في كونه أكثر الساسة الإسلاميين جرأةً، وأكثرهم مباشَرةً في تعاطيه مع إسلاميّته.
ولد نجم الدين أربكان في 29 أكتوبر لعام 1926م في مدينة "سينوب" على ساحل البحر الأسود، وأنهى دراسته الثانوية سنة 1943م ثم تخرج في كلية الهندسة الميكانيكية بإسطنبول سنة 1948م، وكان الأول على دفعته فاشتغل معيدًا في نفس الكلية ثم أرسلته جامعته في بعثة علمية إلى جامعة "آخن" الألمانية وقد ابتكر عدة ابتكارات وهو يدرس في ألمانيا لتطوير محركات الدبابات.
 
عاد أربكان إلى تركيا وعمِل أستاذًا بجامعة إسطنبول، كما كان عضوًا بارزًا في حزب العدالة برئاسة سليمان ديميريل، وكذلك لمع اسمه كواحد من رجال الصناعة في تركيا بعدما تولى عددًا من المناصب التجارية والاقتصادية خلال عقد الستينيات من القرن الماضي، ولم يُخْفِ الرجل حينها ميوله الإسلامية -كالعادة المتبعة في هذه الفترة- التي أثارت حوله جدلاً واسعًا من قبل العلمانيين الأتراك الذين بدءوا حينها حربًا إعلامية ضده، مما جعل ديميريل يرفض إدراج اسمه على قوائم الحزب الانتخابية في انتخابات 1969م تأكيدًا على الطابع العلماني لحزب العدالة، بعدما شعر بتنامي قوة المجموعة ذات التوجه الإسلامي داخل حزبه
 
وفاة أربكان
وفي 27 فبراير 2011 توفي الأستاذ أربكان وقد شيع مئات الآلاف من الأتراك الزعيم نجم الدين أربكان مؤسس التيار الإسلامي السياسي التركي في مدينة إسطنبول، وتقدم المشيعين الرئيس التركي عبد الله جول ورئيس الوزراء رجب طيب أردوجان وكبار ضباط الجيش وممثلون لأكثر من ستين دولة.
وأقيمت صلاة الجنازة يوم الثلاثاء 1 مارس 2011م بمسجد الفاتح الذي شيد في القرن الخامس عشر الميلادي، بينما هتف المشيعون "الله أكبر".. لتنتهي بذلك حياة رجل عظيم ستظل إسهاماته الجليلة في الحقل الإسلامي باقية ويُنتفع بها لعقود طويلة من الزمان.. 
 
وهكذا رحل الفارس النبيل بعد حياة مليئة بالكفاح، نذر نفسه لخدمة الإسلام ولقي فيها حربا شعواء من ملاحدة تركيا، ومن الصهيونية العالمية التي حارب نفوذها في تركيا وحاول أثناء رئاسته للحكومة إغلاق محافلها من أندية الروتاري والليونز، وهو الذي سبق له أن قدم مشروع قانون إلى الجمعية الوطنية التركية عام 1980 يأمر الحكومة التركية بقطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، كما قدم في نفس العام مشروع قانون بحظر المحافل الماسونية في تركيا؛ ولعل هذا من أسباب الانقلاب العسكري عليه في نفس العام.
 
لقد كان أربكان شخصية لا تنسى، تشعر معه بألفة غريبة وكأنك تعرفه من سنين، بل وكأنك تعرفه من قبل أن تراه. وليس هذا غريبا ففي الحديث: “الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف" (البخاري من حديث عائشة، ومسلم من حديث أبي هريرة واللفظ له). وبالنسبة لملايين الناس في تركيا وخارجها سيظل أربكان رمزا لنضال مستمر وأملا في مستقبل أفضل {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ}. (١٧الرعد-١٣).
رحمه الله رحمة واسعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق