السبت، 4 أكتوبر 2014

قنديل: مصر الانقلابية تعيش حالة من التهتك تجعلها تحتقر تاريخها

قنديل: مصر الانقلابية تعيش حالة من التهتك تجعلها تحتقر تاريخها

الكاتب الصحفى وائل قنديل
04/10/2014
أكد الكاتب الصحفى وائل قنديل رئيس تحرير جريدة "العربي الجديد" أن مصر الانقلابية تعيش حالة من التهتك الحضاري والأخلاقي تجعلها تحتقر تاريخها وتاريخ أمتها الحقيقي، مؤكدًا أن مصر الحقيقية تقاوم هذا الهلاك الثقافي.
 
وقال قنديل في مقاله اليومي بجريدة "العربي الجديد" إن دخول التاريخ أصبح متاحًا في مصر الآن لأصحاب العضلات وحاملي السكاكين والمولوتوف، وحائزي شاشات تلفزيونية تعمل بطاقة الحناجر البذيئة فقط، كل من شارك في الثورة المضادة يريد صفحة في مناهج التاريخ المقررة على تلاميذ المدارس بعد الانقلاب العسكري الذي بدأ معه تاريخ جديد للانحطاط الحضاري في مصر.. والحاصل أن صفحات كتاب التاريخ تحوي من المهازل والمساخر حدًا يجعل رفات "هيرودوت" تصرخ في قبره معلنة براءته من أبوته للتاريخ، حتى إن الصحف المحسوبة على الانقلاب نفسها أفردت مساحات مزروعة بمحصول وفير من علامات التعجب والدهشة.
 
وتابع قنديل: عند التأريخ لثورة 25 يناير مثلا يختفي أي أثر للدكتور محمد البرادعي، إذ يعلم القاصي والداني أن ظهور الرجل كان قطرة الزيت التي أوقدت شعلة الثورة، على الرغم مما يمكن توجيهه من انتقادات كثيرة لانسحابه بعدها ودخوله في مرحلة كمون سياسي لم يقطعها سوى حضوره المؤسف في الثورة المضادة.
 
في المقابل تحتل أسماء صبية الثورة المضادة المصنوعين في مطابخ العسكر صفحات في كتاب يحوي أحداثًا تاريخية لم يمر على وقوعها سوى عام واحد، الأمر الذي جعل بارونات الشعوذة في فضائيات أسستها ورعتها سلطة الانقلاب يستشيطون غضبًا من عدم حصولهم على حصة في منهج التاريخ الذي يتعلمه التلاميذ في المدارس، ويتوعدون وزير التربية والتعليم بالويل والثبور ويهددونه بإزاحته من فوق كرسي الوزارة عقابا له على غلطته الشنيعة في حق رموز عصر الانحطاط والتردي
ويسرد قنديل في ختام مقاله قصة لطفلة صغير يقول عنها: وفي وسط هذه العتمة تسطع حكاية تلميذة اسمها مريم لقّنت معلمها الأجنبي في المدرسة الألمانية بالإسكندرية درسًا في تاريخ أمتها وجغرافيتها.. يقول والدها الأستاذ الجامعي إنه خلال درس الجغرافيا وأثناء شرح المدرس لبعض المعلومات عن الشرق الأوسط، سألها ما اسم هذه الدولة؟ فأجابت فلسطين. فنهرها المدرس، وقال لها اسمها إسرائيل، ولا توجد دولة اسمها فلسطين. افتحي أي أطلس ولن تجدي ما تطلقون عليه فلسطين.
 
ردّت مريم بثقة: اسمها فلسطين. على الرغم من أن أي أطلس مطبوع في بلادها المنكوبة يضع إسرائيل مكان فلسطين. ثم هاج المعلم الألماني وماج، فدافعت عن مريم بعض صديقاتها، فطلب منهن بغضب أن تقدم كل واحدة منهن بحثًا "عما تسمونه فلسطين" هكذا قال، فقدمت البنات في الحصة التالية مرصعة باسم ومعالم فلسطين، ولم يرد عليهن أو يناقشهن فيها إلى اليوم. 
بمثل مريم وصديقاتها ستبقى لمصر ذاكرة وتاريخ محترم، يختلف عن مناهج أوغاد اللحظة الراهنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق