الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

د. سيف عبد الفتاح ترزية القوانين الاستبدادية


د. سيف عبد الفتاح
 ترزية القوانين الاستبدادية


28/10/2014
واحدة من أهم الأدوات التى ابتدعها النظام الانقلابى تمثلت فى لجنة تسمى "الإصلاح التشريعى"، الإصلاح التشريعى فى عرف المنظومات الانقلابية لا يعنى إلا محاولتها إضفاء حالة من الشرعنة الزائفة والكاذبة على باطلها واغتصابها، وتسويغ استبدادها وسياسات فسادها، هذه اللجنة من حيث وظيفتها الحقيقية تستحق إسم "لجنة ترزية القوانين الاستبدادية"، صياغة الحياة المرغوبة من الانقلاب لعموم الناس من خلال القوانين التى تشكل إدراكاتهم وكذلك أنماط سلوكهم.

 تذكرت كل ذلك في مسار المجلس العسكري الفائت الذى أدار البلاد بتوجيه من "مبارك" المخلوع وقد كتبت فى حينه عن "إعلانه الدستورى المكبل" قبيل تسليم السلطة الى الرئيس المنتخب، والذى تمحور حول امتلاكه سلطة التشريع، هكذا اغتصابا، السلطة التأسيسية التى درسها لنا أستاذنا المرحوم الدكتور حامد ربيع وأكد أنها سلطة الدستور، أما هؤلاء ترزية القوانين فيقولون: إذا اختفى الدستور، كان العسكر هم الدستور. وذهبنا نبحث فى طيات كتب السياسة بمدارسها نبحث عن العسكر كسلطة تأسيسية فلم نجد ذلك إلا فى كتب التغلب والانقلابات العسكرية المقيتة، وكتب صناعة الاستبداد وشبكاته العتيقة، ودهاقنة القانون الكاذب والزائف، الذين يتحدثون عن سيادة القانون، وهم ينتهكونه، والمساواة أمام القانون وهم ينفونها فى انتقائية عجيبة، ودولة القانون التى تستند إلى قوة العسكر فى انقلاب مغطى ناعم يريدون فيه أن يحكموا ويتحكموا من وراء ستار.

وخرج علينا قانونيون من المجلس الاستشارى السابق («المحلل»)، يتحدثون عن العسكري كسلطة تأسيس للسلطات هو سلطة أعلى يذكرنى ذلك بالمؤتمرات الصادرة عنهم وقد كُتبت يافطة عريضة عليها كلمة «المجلس الأعلى»!

إذا قلت لترزية القوانين أنهم يجمعون السلطات فى يد واحدة، هي "سلطة العسكرى" الذي هو بحكم التعريف لا شأن له بما هو سياسي، إلا ما يحدد له من دور، ولا شأن له بالمدني -إلا حماية أمن الناس والشعب- قالوا إنه حامي الحمى، أو خلطوا من كل طريق بين مجلس عسكرى يدير المرحلة الانتقالية وبين قوات مسلحة تحمي الوطن.

 وأطلقوا نكتة أخرى: أن العسكرى هو من يحمي «الدولة المدنية» فإن قلت كيف؟، قالوا هكذا؟ فإن قلنا «هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين» لم تكن هناك من إجابة إلا أنهم يثقون بأن العسكرى هو حامي «المدني»، وهذان فى كتب السياسة نقيضان لا يجتمعان إلا في عقل الكائنات العسكرية من السياسين والمثقفين، وترزية القوانين الجاهزين من باب «أحلام سعادتك أوامر» «وأوامر حضرتك بكرة (غدا) تتنفذ أول أمس»، إنها زمرة العبيد حينما تحيط بسيدها تسوغ له، وتبرر لمزاجه وهواه.

الأمر ليس بعيدا عن هذه الذاكرة القريبة، ترزية القوانين يفصلون ويخيطون القانون على مقاس الحاكم المستبد صاحب السلطة والسطوة، ومتطلبات استقرار سلطته وسلطانه، ولا بأس بحديث التعبئة الممتلئ بالأكاذيب يبرر ويمرر ويزور فهاهو أستاذ أكاديمى حقوقى يضحي بكل الحقوق، الحق الوحيد الذى يدافع عنه حق المستبد فيقول "علينا تنحية "حرية التعبير" جانبًا لمواجهة الإرهاب"، مقايضة عجيبة ومساومة على الحقوق وغطاء لتسويغ الاستبداد وكل سياسات الفساد، وهاهو يبرر قرار المنقلب الرئيس بإشراك القوات المسلحة في حماية وتأمين المنشآت العامة والحيوية بالدولة برفقة الشرطة، يتوافق تمامًا مع الدستور المصري، الذي أتاح للجيش مشاركة الشرطة في حفظ الأمن والأمان في البلاد. وأن إحالة الجرائم ضد المنشآت العامة والحيوية للنيابة العسكرية، هو أمر دستوري بحت، بحكم المادة 204 من الدستور، والتي تجيز إحالة مرتكبي الاعتداءات ضد منشآت أو أفراد أو ذخائر القوات المسلحة للنيابة العسكرية، مشيرًا إلى أن القرار الأخير بتأمين القوات المسلحة للمنشآت العامة، جعل أي اعتداء عليهم جريمة تستوجب الإحالة للنيابة العسكرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق