الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

تفجيرات الانقلاب.. متآمر وغبي كاميرات الإعلام ترقب التفجير المنتظر


 تفجيرات الانقلاب.. متآمر وغبي

كاميرات الإعلام ترقب التفجير المنتظر


تنفس مشاهدو التليفزيون المصري –إن كان هناك مشاهدون- الصعداء في أعقاب نفي مراسل الداخلية الهُمام وقوع انفجار في قسم «بولاق»، بعدما قطع «ماسبيرو» بثه على حين غفلة ليذيع الخبر العاجل، وتهللت أسارير لاعقي البيادة من السيطرة الأمنية المحكمة على المنشآت الشرطية ومواجهة الإرهاب الأسود بقوة وحزم.

30 دقيقة آخري، كانت كافية لآن يخرج ذات المراسل وعلي نفس القناة –ذات المصداقية العالية- ليعلن أن الانفجار قد وقع، نعم الانفجار الأسود وقع في القسم، الذي لم يكن قد وقع فيه منذ قليل..ولكنها تجليات الانقلاب ونبؤات قواده ياسادة.

متآمر وأهبل

هنا جامعة القاهرة.. حيث منبع الحركة الوطنية والحراك الطلابي في وجه الطغاة، ومع تنامي الغضبة الطلابية في العام المنصرم ضد الانقلاب العسكري، وقفت داخلية الانقلاب عاجزة تماما عن السيطرة على الأوضاع داخل الحرم الجامعي، قفررت أن تلجأ إلى حيلة قديمة جديدة يستعين بها الانقلاب في كل زمان ومكان، للخروج بأكبر المكاسب، والتي تتمثل في ترسيخ فكرة الحرب على الإرهاب في أذهان أنصاره، وتمرير وتبرير تصرفاته الدموية تجاه المعارضين، وإشباع رغبته في إراقة مزيد من الدماء.


وهكذا تراصت كاميرات القنوات الفضائية والصحفيين، وتوجهت العدسات تباعا ليس صوب الحراك الطلابي أو بوابات الجامعة لرصد مظاهرات الطلاب، وإنما كان الجميع يترقب المشهد المنتظر، ومن الخلف بدا أن صوتا أمنيا قد بدأ في العد تنازليا على طريقة سينما الستينيات، 3-2-1، ثم وقع الانفجار .. بوووووووووووووووم!


خبير إعلامي: تفجيرات الجامعة تكشف غباء وإفلاس سلطات الانقلاب
لأنه متأمر وغبي .. ولأنه يدرك كذلك أن أنصاره قد بلغ منهم التسليم الذهني مرحلة اللاعودة وأصبحوا مهيئين لتصديق أن قائد الانقلاب السيسي هو «المسيح المخلص» أو هو من بعثه الله إلى جوار شقيقه في الانقلاب محمد إبراهيم كما بعث موسى وهارون.. لذلك لم يجد العسكر أدنى مشكلة في أن تفضح تصرفات رجاله الغبية وسوء إخراج المشهد حقيقة التفجيرات، لأن هناك دائما من يصدق ويبرر ويحلل، وكذلك هناك دائما من يتحمل المسئولية كاملة.


5 مشاهد تكشف حقيقة التفجيرات التي وقعت في زمن الانقلاب:

المشهد الأول
ربما يحتاج الأمر إلى أن نعود بالذاكرة قليلا من أجل إيجاد تأصيل لهذا المبدأ التفجيري المتعفن لدي الانقلاب وقواده، ولأن الحديث من الأصل عن الانقلاب يقودنا ولا شك إلى يوليو 52، عندما استولى العسكر على الحكم وبدأوا في ترسيخه وتوريثه رتبة خلف رتبة.

في مذكرات خالد محيي الدين -أحد الضباط الأحرار- كشف أن قائد انقلاب يوليو 52، جمال عبد الناصر طلب من أعضاء مجلس الثورة تكوين تنظيم سري للتخلص من الإخوان والشيوعيين وطبقة الباشوات "الرجعية".

واعترف محيي الدين في كتابه «الآن أتكلم»أن عبد الناصر هو الذي دبر الانفجارات الستة التي حدثت في الجامعة وجروبي ومخزن الصحافة بمحطة سكة حديد القاهرة، وهو الأمر الذي كشفه ناصر بنفسه في جلسة جمعته مع عبداللطيف البغدادي وكمال حسين وحسن إبراهيم، معللا تفجيراته المصطنعة لإثارة مخاوف الناس من الديمقراطية وللإيحاء بأن الأمن سيهتز وأن الفوضى ستسود إذا مضوا في طريق الديمقراطية، وأن تلك التفجيرات وما تبعها من أحداث مفتعلة كلفته 4 آلاف جنيه.. وهي الرواية التي أكدها البغدادي في مذكراته.

المشهد الثاني
نجح المخلوع مبارك طوال فترة رئاسته في تسكين الحراك الطلابي، وتقويض التيار الإسلامي بقضايا وأحكام مفبركة –تحت ذريعة محاربة الإرهاب في التسعينيات- إلا أنه ومع تقدمه في العمر، ورغبته الجامحة في بقاء الحكم في آل مبارك وتوريث نجله جمال، نبتت بذرة النضال مجددا وظهرت حركات "كفاية" و"6 إبريل" و"الجمعية الوطنية للتغيير" مع استمرار نضال الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي ضد الطاغية" واكتساب التيار شعبية كاسحة في ربوع الوطن كشف عنها برلمان 2005.

ولأن النظام العسكري لا يرغب في سحب الحكم من تحت بيادته، ولأن العقلية الدموية لا تتجدد ولا تستحدث من العدم، قرر نظام المخلوع وذراعه الأمني حبيب العادلي تدبير تفجيرات كنيسة القديسين في الإسكندرية، من أجل ذرع الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن، وقام باتهام الشاب سيد بلال بالتفجير وتم قتله تحت وطأة التعذيب، لإلصاق التهمة بالتيار الإسلامي وخلق فزاعة عند الشعب.. وكاد هذا التفجير وفاعله الحقيقي أن يمر دون فضحه لولا ثورة 25 يناير التي كشفت المستور.

المشهد الثالث
في أعقاب انقلاب يوليو 2013 –وكأن يوليو شهر انقلابات مصر- وخيانة السيسي لقائده العام للقوات المسلحة، قرر العسكر تمرير الانقلاب في صورة «شيك» والاستعانة برجل «صامت» كان دوره في سيناريو المشير أن يلعب دور «الطرطور» لحين تسليم السلطة في صورة تبدو ديمقراطية وللحق أجاد الرجل دوره بامتياز، إلا أنه كان لابد من وضع بعض الرتوش للمشهد حتى يبدو وكأن القائد مهيب الركن أنقذ مصر من حكم الدواعش، وأن مصر كانت «هتبقى زي سوريا والعراق».

فكانت البداية في أعقاب مجزرة رابعة العدوية بحرق الكنائس، وللعجب أن الكنائس تحرق دون إصابة القساوسة أو الراهبات أو الأمن الخارجي –وهو من الداخلية- أو الأمن الداخلي –من أبناء الكنيسة، وكأن الأرهاب الأسود يخطر القساوسة مسبقا بموعد الحريق حفاظا على سلامتهم.


خبير تربوي: تفجيرات الجامعة هدفها تشويه الحراك الطلابي
ثم كانت مرحلة التفجيرات، والتي تمت بصورة عشوائية وبدون دراسة محكمة أو إخراج متقن، باستهداف مبنى مهجور للمخابرات الحربية في رفح، ثم كانت كوميديا تفجير موكب وزير داخلية الانقلاب والذي لعب دور البطولة فيه «المراسل أبو بيجامة» الذي –وللمصادفة- تواجد في الحادث قبل وقوعه.

وفي الشرقية اختلط المشهد الدرامي بكثير من الكوميديا السوداء التي لم يفهمها مشاهدو عمرو أديب "الأغبياء" –بحسب تعبيره- عندما تنبأ الإعلامي بحدوث انفجار في الشرقية قبل 5 أيام من حدوثه، لتستيقظ مصر على خبر تفجير مبنى المخابرات بإنشاص.

ورغم توالي التفجيرات المخابراتية العبيطة، ظل الانقلاب يؤكد الاستقرار الأمني، ولمعادلة النتيجة بين مباني العسكر والداخلية، جاء الدور على تفجير مديرية أمن الدقهلية، والتي أكد العسكري المختص بتأمينها أن كمائن الداخلية تم إزالتها يوم الحادث، وأن المبنى القابع في المنصورة تم تفريغه قبيل الحادث بوقت كاف من أصحاب الرتب، وكأن قلوب الضباط قد شعرت بما سيحدث، ثم كان تحليل الخبراء وشهادة الشهود بأن الأثر الأكبر في المبنى أصاب الأدوار العليا وهو ما يثبت أن القنبلة كانت في الداخل وليس الخارج.


عمرو أديب يتنبأ بانفجار الشرقية قبل حدوثه بـ 5 أيام
ومع مزاعم وزير داخلية الانقلاب بتأمين المنشآت الشرطية بشكل كامل وتوعد من يفكر في الاقتراب منها بالويل والثبور وعظائم الأمور، كان استهداف مبنى الداخلية الأهم في العاصمة بعد الوزارة، وهو مديرية أمن القاهرة، وللعجب لم تكشف كاميرات المراقبة بالمديرية أو تلك المتراصة على جدران المتحف الإسلامي عن أي شيء، واللافت أن في كل مرة كان للتفجير كيان يتحمل مسئوليته سواء باتهام مسبق من الإعلام للإخوان، أو توجيه أصابع الإتهام لقادة حماس وتضمين لائحة الإتهام قادة استشهدوا أو قابعين أسري في سجون الاحتلال، أو تبني جماعة بيت المقدس "الغامضة" مسئولية التفجير.


المشهد الرابع
مرحلة ما بعد الرئيس المُغتصب، بعد رحيل «الطرطور» استولى قائد الانقلاب على القصر الجمهوري بعد مسرحية هزلية وفاصل من الرقص الماجن أمام لجان الانتخابات، إلا أنه هذه المرة كان عليه أن يبرهن للغرب أن ما فعله ليس انقلابا –يمكن مراجعة تعريف اللواء أحمد وصفي قائد الجيش الثاني السابق عن ماهية الانقلابات- لذلك كان لابد من إبراز صورة البطل الذي يكافح الإرهاب وينقذ مصر من مصير سوريا والعراق.

وهي مرحلة عامرة بالتبؤات، ففي مشهد نهار خارجي .. وأمام بوابات قصر الاتحادية ظهر المجند يجر كلبا مختصا في الكشف عن المفرقات، وأمامه رجل بزي مدني يعبث في عبوة ناسفة بقلم رصاص!، وجمهور من المتفرجين حول العبوة دون كردون أمني كما هو متعارف عليه عالميا، وفجأة دوى الانفجار ومات الكلب وقُتل ضابط المفرقعات، إلى هنا تبدو القصة التي نقلتها وسائل الإعلام واقعية للكشف عن الإرهاب الأسود، إلا أن المدقق يرصد أن تنظيم "بيت المقدس" أعلن قبل الواقعة بـ9 أيام عن تسلل عناصره بين رجال الشرطة وقاموا بزرع عبوات ناسفة خلف الكمين الأمني، وأن الشرطة وطوال 9 أيام من المراقبة لم تكتشف وجود القنابل حتى تم الانفجار وسقط عنه قتلى.

ومع المرور من وقت لآخر بتفجيرات على استحياء هنا وهناك لا يسقط فيها سوى غلابة المجندين أو بسطاء الشعب، أو كوميديا زرع 6 قنابل متفرقة في 5 محطات لمترو الأنفاق أسفرت عن إصابة 5، وكأن الإرهابيين يستخدمون «بمب العيد»، إلا أن ذروة الأحدث وقمة الروحانية وفتح المندل على مصراعيه ونزول الوحل، كان هذه المرة على وزير داخلية الانقلاب وليس لميس الحديدي كما في واقعة حرق المجمع العلمي أو زوجها في تفجير المنصورة، أو المراسل أبو بيجامة في تفخيخ موكب الوزير.

وزير أمن الانقلاب إبراهيم أبهر العالم بحسه الأمني، عندما خرج على الملأ أمس الأربعاء، ليؤكد أن «هناك مخططا جديدا للإخوان سيتم تنفيذه بعد قليل، وسيتم التعامل معه بمنتهى الحزم»، ثم دوى الانفجار بعد ساعتين فقط أمام جامعة القاهرة –وجامعة القاهرة تحديدا- ليسفر عن إصابة 10 أشخاص، ثم تخرج الداخلية ببيان القبض عن عناصر من الإخوان بتهمة الكشف عن «نيتهم» لتخريب الجامعة.

المشهد الخامس
ردود الأفعال.. في كل مرة ومع دوي كل انفجار يظن الانقلاب أن به يثبت أقدامه، كانت ردة فعل الإعلام تخرج لتتهم الإخوان وتنعي المصابين على وقع نغمات جنائزية، إلا أن هذه المرة ربما بدا الوضع مختلفا ليس فقط بسبب تصريحات الوزير التنبؤية، ولكن لأن محيط جامعة القاهرة تحت سيطرة مطلقة لأمن الانقلاب ولا مجال لمرور "نملة" دون علمهم.

الإعلام لم يترك الإخوان في تلك الحادثة، ولكنه أبدى انزعاجه –نعم انزعاجه- من الأداء الأمني، فيما دوت منصات التواصل الاجتماعي بالسخرية من غباء الانقلابيين، ونبوءة الوزير الملهم، فقالت الدكتورة عزة الجرف-القيادية بجماعة الإخوان- "وزير الداخلية الانقلابي يتنبأ بتفجير القاهرة قبل حدوثه بساعتين.. الانقلابي المفضوح"، وتبع ناشط آخر: "الوزير فضحنا، ده لو قاصد يقول إننا هنحط قنبلة في جامعة القاهرة مش هيقول كده".

من جانبه، وصف د. حسان عبد الله -الخبير التربوي- تفجيرات جامعة القاهرة بالتفجيرات الوهمية والمصطنعة، مشيرًا أن الهدف منها هو شيطنة وتشويه الحراك الطلابي ووصمه بالعنف أمام الرأي العام في الداخل والخارج.

وأكد في تصريحات خاصة لـ"الحرية والعدالة" أن لجوء الانقلابيين إلى التفجيرات كوسيلة لمواجهة الحراك الطلابي الفاعل, يؤكد فشل كل وسائل الانقلابيين في إخماد الحراك الطلابي الملتهب في كافة الجامعات على الرغم من اعتماده على ثلاث قوى أمنية كبرى في مواجهته وهي الجيش الشرطة والأمن الخاص.

بدورها، قالت الدكتورة نرمين عبد السلام -الأستاذ بكلية الإعلام بجامعة القاهرة- إن الهدف المباشر لسلطة الانقلاب من وراء هذه التفجيرات، هو إيجاد مبرر للتوسع في الإجراءات القمعية ضد الطلاب كعمليات الاعتقال العشوائي والفصل التعسفي وغيرهما من الممارسات القمعية، مشيرة إلى أن استهداف جامعة القاهرة على وجه التحديد بهذه التفجيرات، يؤكد رغبة الانقلابيين في التسويق لهذه الأكذوبة داخليا وخارجياً، بهدف تشوية الحراك الطلابي الذي أصبح يكشف ويفضح حجم المعارضة لهذا النظام الانقلابى في مصر.

توالت التعليقات الساخرة، وأصاب الإعلام خرس جزئي، وتعالت مطالب داخل الوزارة تطالب بمحاسبة شريك الانقلاب، إلا أن السؤال الأهم.. متىيتم إقالة وزير داخلية حدثت في عهده عشرات التفجيرات وأسفرت عن مقتل وإصابة الكثير من المجندين والمواطنين؟ أم أن رجل النبوءات "ماسك على قائد الانقلاب ذلة"؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق