بلال فضل :
وما زال الدم يجري!
يضع صديق رابط الخبر معلقا عليه "مأساة جديدة: 15 شهيداً في سيناء.. الغلابة وحدهم يدفعون الثمن"، ليرد صديق آخر برابط يقول أن الإذاعة أعلنت أن عدد الشهداء ستة فقط، طالبا التوقف عن ترويج الإشاعات، ووسط اشتباك الإثنين معا، يدخل صديق ثالث برابط جديد يؤكد ارتفاع العدد إلى 21 شهيد، ليدخل رابع بعد قليل لاعنا الجميع بلا استثناء لأن العدد أصبح رسميا 28 شهيدا و26 مصابا.
قبل أن يجف الدم، سيبدأ كل عازف في أوكسترا الشحن الإعلامي في عزف دوره في سيمفونية الإصطفاف خلف قيادة البلاد وسحق كل من يعارضها، ستكون طبعا هناك مساحات متروكة للتجويد، ليبكي هذا المذيع بحرقة مطالبا بإعدامات فورية دون محاكمات، ولتطالب تلك المذيعة بمحاكمة كل من يتحدث عن المسئولية السياسية التي كانت تضعها لبانة لا تغادر فمها طيلة عهد سيئ الذكر محمد مرسي، أما ذلك الخبير الإستراتيجي الذي كان منذ يا دوبك يومين يبشر المصريين بتمكن الجيش من سحق الإرهاب، هاهو الليلة يضرب ترابيزة الاستديو بقوة مطالبا بتهجير أهالي قرى سيناء ليقصفها الجيش عن بكرة أبيها، لينظر مدير إنتاج البرنامج إلى زجاج الترابيزة بقلق مقررا خصم ثمنها إذا انكسرت من مكافأة الخبير القابعة في الظرف.
أما ضابط أمن الدولة الذي لن ينسى أبدا "حرقة" هروبه في الشارع بالفانلة والكلسون يوم 28 يناير، فلا زال وسيظل في حالة اجتماع مستمر مع "صوابعه" الإعلامية لاستغلال الفرصة الدامية للتحريض على كل ثائر كدّر صفو جهازه السيادي خلال السنين الماضية، ليحملهم مسؤولية فشل الذين أعادوه إلى الخدمة، وعندما يتعب كل اللابدين في الاستديوهات من نفخ نيران التحريض في كل اتجاه، سيتم أخيرا فتح التليفونات لكي تنفث الجماهير "المستويّة" نيران الهستيريا التي أحرقت صدورهم، مطالبين بإحراق كل من جاب البهوات سيرته بسوء، لكي تستقر مصر وتدور العجلة.
بعيدا عن النيران والرصاص والغضب، يجتمع القائد المنقذ عبد الفتاح السيسي مع مساعديه الأشاوس في القصر الجمهوري ليكرروا ما يقولونه عقب كل فشل: "سنثأر.. سنضرب بيد من حديد.. لن نرحم.. مصر لن تركع"، باحثين في ذات الوقت عن نصر سريع يتم رشه لتبريد نار الجماهير المشتعلة قلقا، حتى لو كان نصرا وهميا، فلن يكون هناك مشكلة، فهم "ضامنون" أنه لن يطلع حينها سياسي عنتيل أو إعلامي جرئ ليطالب بمحاكمتهم أو إقالتهم. خلصت خلاص، هناك عبارات لم يعد الناس يسمعونها ولن يسمعوها أبدا، عبارات مثل "المسؤولية السياسية.. طول ما الدم المصري رخيص يسقط يسقط أي رئيس.. ارحل يا فاشل"، لذلك لن يشير أحد إلى الخبر الذي نشرته صحف الموالاة أول أمس عن استقبال كبار قادة الجيش للسيدة الأولى خلال زيارتها لموقع قناة السويس، ولن يسأل أحد عن علاقة قادة الجيش بزيارة اجتماعية كهذه، ولن يجرؤ أحد على مطالبة السيسي بأن يعلن أسماء المتسببين في مذبحة رفح الأولى التي قيل مرارا أن مرسي كان يخفيها، ولن يسأل أحد متى ستتم محاكمة الذين وعدوا بأن تعود سيناء متوضئة خلال أسبوعين، ولا من أساؤوا إلى سمعة الجيش المصري بمغامرات الإيدز المتحول لكفتة وأحلام المليون شقة وأوهام تفجير سد النهضة، ولن يجرؤ أحد حتى على المطالبة بمحاكمة كبش فداء فاشل مثل محمد ابراهيم لأن الكل يعلم أن ذلك سيستدعي محاكمة عدلي منصور والسيسي معه وقبله.
على شبكات التباغض الإجتماعي ستستمر الحروب الجوفاء، سيتذكر أنصار الإخوان فجأة أهمية المسؤولية السياسية ومحاكمة الفشلة، بعد أن كانوا لا يتحدثون أيام مذبحة رفح الأولى إلا عن ضرورة إعطاء الفرصة والتكاتف صفا واحدا خلف القيادة، وسينفجر شرفاء غاضبون معلنين موت السياسة ومنادين بضرورة ألا ينطق سوى السلاح "من هنا ورايح"، كأننا كنا نفعل شيئا منذ عام ونصف غير قتل السياسة. وفي أجواء كهذه ستتحول إلى داعم للإرهاب، إذا تحدثت عن خطورة الممارسات القمعية الغبية التي تغلق أبواب التغيير السلمي، كأنك لا يمكن أن تدين الإرهاب وتدين في نفس الوقت من يساهمون في توسيع قاعدة دعمه كل يوم، ولن يعدم الأمر من يطالبون بتوسيع نطاق المعركة التي يظنون أن نيرانهم لن تطالها طالما ظلوا لابدين في حضن الدولة الباطشة الفاشلة، وحين تتوالى صور نعوش الشهداء وأمهاتهم الثكالى وآباءهم المغلوبون على أمرهم، سيتبارى جنرالات الإعلام في استخدامها لصب المزيد من الزيت على وقود الحرب التي لا تنتج إلا المزيد من الأمهات الثكالى، وحين يسود الصمت عقب انفضاض المولد وأداء كل عازف لدوره، ستختلي الأمهات وحدهن بحزنهن المرير المضني على كل "ضنا" راح ضحية الإجرام والفشل.
ارحمنا برحمتك يا رب.
وما زال الدم يجري!
يضع صديق رابط الخبر معلقا عليه "مأساة جديدة: 15 شهيداً في سيناء.. الغلابة وحدهم يدفعون الثمن"، ليرد صديق آخر برابط يقول أن الإذاعة أعلنت أن عدد الشهداء ستة فقط، طالبا التوقف عن ترويج الإشاعات، ووسط اشتباك الإثنين معا، يدخل صديق ثالث برابط جديد يؤكد ارتفاع العدد إلى 21 شهيد، ليدخل رابع بعد قليل لاعنا الجميع بلا استثناء لأن العدد أصبح رسميا 28 شهيدا و26 مصابا.
قبل أن يجف الدم، سيبدأ كل عازف في أوكسترا الشحن الإعلامي في عزف دوره في سيمفونية الإصطفاف خلف قيادة البلاد وسحق كل من يعارضها، ستكون طبعا هناك مساحات متروكة للتجويد، ليبكي هذا المذيع بحرقة مطالبا بإعدامات فورية دون محاكمات، ولتطالب تلك المذيعة بمحاكمة كل من يتحدث عن المسئولية السياسية التي كانت تضعها لبانة لا تغادر فمها طيلة عهد سيئ الذكر محمد مرسي، أما ذلك الخبير الإستراتيجي الذي كان منذ يا دوبك يومين يبشر المصريين بتمكن الجيش من سحق الإرهاب، هاهو الليلة يضرب ترابيزة الاستديو بقوة مطالبا بتهجير أهالي قرى سيناء ليقصفها الجيش عن بكرة أبيها، لينظر مدير إنتاج البرنامج إلى زجاج الترابيزة بقلق مقررا خصم ثمنها إذا انكسرت من مكافأة الخبير القابعة في الظرف.
أما ضابط أمن الدولة الذي لن ينسى أبدا "حرقة" هروبه في الشارع بالفانلة والكلسون يوم 28 يناير، فلا زال وسيظل في حالة اجتماع مستمر مع "صوابعه" الإعلامية لاستغلال الفرصة الدامية للتحريض على كل ثائر كدّر صفو جهازه السيادي خلال السنين الماضية، ليحملهم مسؤولية فشل الذين أعادوه إلى الخدمة، وعندما يتعب كل اللابدين في الاستديوهات من نفخ نيران التحريض في كل اتجاه، سيتم أخيرا فتح التليفونات لكي تنفث الجماهير "المستويّة" نيران الهستيريا التي أحرقت صدورهم، مطالبين بإحراق كل من جاب البهوات سيرته بسوء، لكي تستقر مصر وتدور العجلة.
بعيدا عن النيران والرصاص والغضب، يجتمع القائد المنقذ عبد الفتاح السيسي مع مساعديه الأشاوس في القصر الجمهوري ليكرروا ما يقولونه عقب كل فشل: "سنثأر.. سنضرب بيد من حديد.. لن نرحم.. مصر لن تركع"، باحثين في ذات الوقت عن نصر سريع يتم رشه لتبريد نار الجماهير المشتعلة قلقا، حتى لو كان نصرا وهميا، فلن يكون هناك مشكلة، فهم "ضامنون" أنه لن يطلع حينها سياسي عنتيل أو إعلامي جرئ ليطالب بمحاكمتهم أو إقالتهم. خلصت خلاص، هناك عبارات لم يعد الناس يسمعونها ولن يسمعوها أبدا، عبارات مثل "المسؤولية السياسية.. طول ما الدم المصري رخيص يسقط يسقط أي رئيس.. ارحل يا فاشل"، لذلك لن يشير أحد إلى الخبر الذي نشرته صحف الموالاة أول أمس عن استقبال كبار قادة الجيش للسيدة الأولى خلال زيارتها لموقع قناة السويس، ولن يسأل أحد عن علاقة قادة الجيش بزيارة اجتماعية كهذه، ولن يجرؤ أحد على مطالبة السيسي بأن يعلن أسماء المتسببين في مذبحة رفح الأولى التي قيل مرارا أن مرسي كان يخفيها، ولن يسأل أحد متى ستتم محاكمة الذين وعدوا بأن تعود سيناء متوضئة خلال أسبوعين، ولا من أساؤوا إلى سمعة الجيش المصري بمغامرات الإيدز المتحول لكفتة وأحلام المليون شقة وأوهام تفجير سد النهضة، ولن يجرؤ أحد حتى على المطالبة بمحاكمة كبش فداء فاشل مثل محمد ابراهيم لأن الكل يعلم أن ذلك سيستدعي محاكمة عدلي منصور والسيسي معه وقبله.
على شبكات التباغض الإجتماعي ستستمر الحروب الجوفاء، سيتذكر أنصار الإخوان فجأة أهمية المسؤولية السياسية ومحاكمة الفشلة، بعد أن كانوا لا يتحدثون أيام مذبحة رفح الأولى إلا عن ضرورة إعطاء الفرصة والتكاتف صفا واحدا خلف القيادة، وسينفجر شرفاء غاضبون معلنين موت السياسة ومنادين بضرورة ألا ينطق سوى السلاح "من هنا ورايح"، كأننا كنا نفعل شيئا منذ عام ونصف غير قتل السياسة. وفي أجواء كهذه ستتحول إلى داعم للإرهاب، إذا تحدثت عن خطورة الممارسات القمعية الغبية التي تغلق أبواب التغيير السلمي، كأنك لا يمكن أن تدين الإرهاب وتدين في نفس الوقت من يساهمون في توسيع قاعدة دعمه كل يوم، ولن يعدم الأمر من يطالبون بتوسيع نطاق المعركة التي يظنون أن نيرانهم لن تطالها طالما ظلوا لابدين في حضن الدولة الباطشة الفاشلة، وحين تتوالى صور نعوش الشهداء وأمهاتهم الثكالى وآباءهم المغلوبون على أمرهم، سيتبارى جنرالات الإعلام في استخدامها لصب المزيد من الزيت على وقود الحرب التي لا تنتج إلا المزيد من الأمهات الثكالى، وحين يسود الصمت عقب انفضاض المولد وأداء كل عازف لدوره، ستختلي الأمهات وحدهن بحزنهن المرير المضني على كل "ضنا" راح ضحية الإجرام والفشل.
ارحمنا برحمتك يا رب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق